التحول الرقمي يفاقم تحديات الأحزاب في المغرب    رئيس "الفيفا" يعاين تقدم أشغال ملعب طنجة الكبير ويُشيد بالكفاءات المغربية    يوسف العربي ينقذ نانت في وقت حاسم    أخنوش: قطاع الصحة يتصدر الأولويات .. وسنواصل تنزيل المشاريع الكبرى    "مسار الإنجازات".. فاطمة الزهراء عمور تعلن أرقاما قياسية جديدة حققها القطاع السياحي ببلادنا    النادي المكناسي يهزم الفتح بهدفين    الكاف يحدد موعد ومكان السوبر الإفريقي بين بيراميدز ونهضة بركان    ريال مدريد يحقق حلم الطفل أوحيدا    وفاة شخص بعد اصطدام زورق محمل بالحشيش بدورية للحرس المدني الاسباني        محمد ولد الرشيد: المغرب عصي على الاستهداف وقادر على تحويل التحديات إلى فرص        اضطرابات في مطارات أوروبية بسبب خلل إلكتروني أصاب أنظمة تسجيل الركاب    "ثورة المستشفيات".. دعوات للاحتجاج ضد تردي الخدمات الصحية تعم وسائط التواصل الاجتماعي والسلطات في تزنيت وطاطا تحذر        بورتريه: أندري أزولاي.. عرّاب التطبيع الصامت    عبد اللطيف العافية رئيسا للعصبة الجهوية طنجة تطوان الحسيمة لولاية سادسة    فتاة في طنجة تسرق أموالا من حسابات بنكية بعد "تحويلات مشبوهة    "الغد كان هنا" منجية شقرون تقيم معرضا شاعريا بين الذاكرة والضوء    الشرادي يتغنى بالصحراء المغربية في قلب موريتانيا    مشاكل تقنية تمنع إبحار السفينة المغربية الثانية ضمن "أسطول الصمود"    المقاطعة الثقافية لإسرائيل تتسع مستلهمة حركة مناهضة الفصل العنصري    الانبعاثات الكربونية في أوربا تبلغ أعلى مستوى منذ 23 عاما (كوبرنيكوس)    انخفاض الحرارة يبدأ الثلاثاء بالمغرب        "على غير العادة".. بريطانيا تفتح المجال لتجنيد جواسيس حول العالم بشكل علني    مالي تضع النظام العسكري الجزائري في قفص الاتهام أمام محكمة العدل الدولية    هجوم سيبراني يربك حركة السفر في عدة مطارات أوروبية رئيسية    حموشي يجري زيارة عمل إلى أنقرة بدعوة رسمية من السلطات التركية (بلاغ)        وزير خارجية الصين: المغرب كان سبّاقاً لمدّ الجسور معنا.. وبكين مستعدة لشراكة أوسع وأعمق    الزلزولي بعد اختياره رجل مباراة بيتيس ضد سوسيداد: "لا يهم إذا لم يُحتسب باسمي الهدف المهم أننا سجلنا وفزنا"    دراسة.. النحافة المفرطة أخطر على الصحة من السمنة    "بشرى لساكنة إقليم وزان".. انطلاق أشغال بناء سوقين لبيع الخضر والفواكه واللحوم    العزلة تفاقم معاناة ساكنة بني جميل مع النقص الحاد في أعداد سيارات الأجرة    قيوح يجتمع بنظيره الدنماركي لتعزيز شراكة تتعلق بالنقل البحري    انفصال مفاجئ لابنة نجاة عتابو بعد 24 ساعة من الزواج    فيفا: 4.5 ملايين مشجع شاركوا في المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    قانون جديد يكرس مهام مرصد الإجرام        التوظيف الإيديولوجي لحقوق الإنسان يضع البوليساريو تحت مجهر ندوة دولية    كيوسك السبت | الحكومة تتجه نحو الحد من تغول الوسطاء في أسواق المنتجات الفلاحية    ولاية أمن الدار البيضاء تتفاعل مع اتهامات سائح لسائق "طاكسي"    تأهب داخل الحلف الأطلسي.. روسيا تنفي انتهاك مقاتلاتها المجال الجوي الإستوني    موسكو تُعيد رسم معالم النقاش حول الصحراء وتُضعف أطروحة الجزائر    الرسالة الملكية في المولد النبوي    "الملجأ الذري" يصطدم بنجاح "لا كاسا دي بابيل"    مساء اليوم فى برنامج "مدارات" : صورة حاضرة فاس في الذاكرة الشعرية    تقنية جديدة تحول خلايا الدم إلى علاج للسكتات الدماغية        تسجيل 480 حالة إصابة محلية بحمى "شيكونغونيا" في فرنسا    الذكاء الاصطناعي وتحديات الخطاب الديني عنوان ندوة علمية لإحدى مدارس التعليم العتيق بدكالة    خبير: قيادة المقاتلات تمثل أخطر مهنة في العالم    مدرسة الزنانبة للقرآن والتعليم العتيق بإقليم الجديدة تحتفي بالمولد النبوي بندوة علمية حول الذكاء الاصطناعي والخطاب الديني    رسالة ملكية تدعو للتذكير بالسيرة النبوية عبر برامج علمية وتوعوية    الملك محمد السادس يدعو العلماء لإحياء ذكرى مرور 15 قرنًا على ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أنت بقارئٍ، فأنَّى لك أن تَكتُب ما يُقرأ!
نشر في هسبريس يوم 16 - 11 - 2009

أنْ تَكتُب، فهذا معناه أن تُفكر وتُعبر على نحو يختلف -بهذا ٱلقدر أو ذاك- عن ٱلنحو ٱلعادي وٱلشائع لممارسة ٱلتفكير وٱلتعبير. فالكتابة ليست، كما يَظُنُّ كثير من أصحاب ٱلْأقلَام، مجرد تنزيل عفوي لمجموع خواطرنا على ٱلورق، وإنما هي عملٌ منهجي وفني يقوم على إعادة صياغة تجاربنا ومكتسباتنا، كما تتم في واقع ٱلممارسة الفعلية، وَفْقَ ما يسمح به نظام ٱلفكر ونظام ٱللغة، بما هما نظامان خاصَّان يتميزان في طبيعتهما عن ٱلواقع ٱلعيني لوجود ٱلْأشياء وٱلْأحداث في هذا ٱلعالم. ذلك بأن ٱستعمال ٱللغة يتم إما بواسطة كلَامٍ شِفَاهِي (عفوي، ذاتي، طَبْعِي، طارِئ، متفلت، متغير) وإما بواسطة كلَامٍ كِتَابي (مقصود، موضوعي، صِنَاعي، مستقر، ثابت). ولهذا، فإن ٱلكتابة عمل مضاعف لغويا وفكريا، حيث إن كل فعلٍ كتابي يَفترض أن تُعالَج ٱللغة ٱنعكاسيا بكثير من ٱلتَّرَوِّي وٱلتأمل بعيدا عن دوافع ٱلِاستعجال ومزالق ٱلِاستسهال. ""
وٱللَّافت للنظر أن ٱلكُتَّاب ٱلعرب، في معظمهم، يكتبون كما يتكلمون، ويكتبون دون أن يقرأوا بما فيه ٱلكفاية، بل من دون أن يُعيدوا قراءة ما يكتبون قراءةً تزيدهم تَمَكُّنا مما يكتبون. ولعل هذا أحد أهم ٱلْأسباب في كون ٱلفكر ٱلعربي يتسم، عموما، بالضحالة وٱلجمود وفُشُوِّ ٱلتقليد مقارنةً بالفكر ٱلعالمي، وخصوصا ٱلفكر ٱلغربي. وما يَعنينا، هنا، إنما هو أحد جوانب فن ٱلكتابة يَستخِفُّ به ٱلكتاب ٱلعرب إلى حدِّ ٱلْإهمال ٱلشائن. ويتعلق ٱلْأمر بعلَاماتِ ٱلوقف، إذ يُوجب فن ٱلكتابة على ٱلكاتب، حتى يكون مُجِيدًا، أن يَحْرِص على توقيف مكتوبه على ٱلنحو ٱلذي يُمَكِّنه من ضبط مقاصده وتأكيد معانيه بالنسبة لقارئه ٱلمحتمل. لكن كون ٱلكاتب ٱلعربي، في معظم ٱلْأحيان، ليس بقارئ منتظم يجعله ينتهي إلى "مُتَكَاتِب" (متظاهر بالكتابة) يتعاطى ما لَا يُحسن، فيُسيء بذلك أيَّما إساءة في عمله ٱلذي يأتي أقرب إلى ٱلعبث.
إن مَسْأَلَةَ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ تُعَدُّ ضَرُورِيَّةً، لِأَنَّ ٱلْكَلَامَ لَا يَأْتِيهِ ٱلنَّاسُ بِشَكْلٍ خَطِّيٍّ لَا ٱنْقِطَاعَ فِيهِ أو عَلَى نَحْوٍ مُسْتَقِيمٍ بِغَيْرِ ٱلْتِوَاءٍ. وإلَّا، فكَيْفَ يُمْكِنُ ذَلِكَ وَٱلْكَلَامُ بَِضْعَةٌ مِن "ٱللِّسَانِ" بِمَعْنَاهُ ٱلْمُزْدَوِجِ ("ٱللسان" كعَضَلةٍ متحركة في فم ٱلناطق، و"ٱللسان" كإمكانات لَامُتناهية بين يدي مستعمل ٱللغة)؟ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنْ تَجِدَ ٱلنُّصُوصَ، في ٱلعالم ٱلعربي، تُنْشَرُ مِنْ دُونِ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ ؛ وَحَتَّى إِنْ وُضِعَتْ، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ تَبَيُّنَ عِلَّةٍ لِوَضْعِهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلْكُتَّابَ -فِي مُعْظَمِهِمْ- يَجْهَلُونَ كَيْفِيَّةَ ٱلْوَضْعِ أَوْ يَتَجَاهَلُونَ، بِبَسَاطَةٍ، أَهَمِّيَتَهَا فِي تَسْهِيلِ فَهْمِ ٱلْكَلَامِ وَإِدْرَاكِ مَقَاصِدِ ٱلْكَاتِبِ بالنسبة لقارئ مقطوع عن أهم ٱلقرائن ٱلحالية وٱلمُحددات ٱلسياقية ٱلتي تُحدِّد، في ٱلواقع، سيرورة ٱلتفكير وٱلتعبير.
ولعل أوَّلَ مشكلةٍ تُواجهنا هي ٱسمُ "عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ" نفسه (punctuation marks/signes de ponctuation). فهذه ٱلعلَامات هيَ ٱلتِي مِنَ ٱلشَّائِعِ أَنْ تُسَمَّى "عَلَامَاتِ ٱلتَّرْقِيمِ". لَكِنَّ صِلَةَ لَفْظِ "ٱلتَّرْقِيمِ" بِمُصْطَلَحِ "ٱلرَّقْمِ" (chiffre, numéro) يَجْعَلُنَا نُضْطَرُّ إلى حصر "ٱلتَّرْقِيمَ" (digitalisation/numérisation) بمعنى "جَعل ٱلشَّيْء رَقْمِيًّا". وَلَكَمْ صِرْنا نَحْتَاجُ إِلَى هَذَا ٱلْمُصْطَلَحِ ٱلْآنَ بعد أن أصبح كل شيء "رَقْمِيًّا"، بما في ذلك ٱلكتابة ذاتُها بواسطة ٱلحاسوب.
إِنَّ "عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ" لَيْسَتْ زِيَانًا أَوْ زُخْرُفًا يُوَشَّى بِهِ ٱلْكَلَامُ، بَلْ هِيَ عَلَامَاتٌ كِتَابِيَّةٌ يُصطلح عليها لتعيين أَنْوَاعَ ٱلْوَقْفِ في ٱلكلَام ٱلمكتوب، بتبيان نهاية ٱلْجُمْلةِ (جملة ٱلْألفاظ أو ٱلكلمات ٱلتي تُفيد معنًى تامًّا)، وللتمييز بين عناصرها (إذا كانت جملة بسيطة) وبين ٱلْأقوال ٱلمُكَوِّنة لها (إذا كانت جملة مركبة)، مع ٱلْإشارة إلى أهم ٱلقرائن ٱلحالية ٱلتي ترتبط بها وٱلتلْوِينَاتِ ٱلسِّيَاقِيَّةِ ٱلتي تُحيط بها، على شكل نَبْرٍ يُعبِّر عن سؤال أو تأثُّر أو إنكار أو أمر أو نهي. وهذا كُلُّه يُفِيدُ فِي تَحْدِيدِ ٱلبنية ٱلتركيبية لِنَصٍّ من ٱلنصوص بتبيان أقسامه ٱلمُكَوِّنة في تَعَالُقِها وترابطها. ولذا، فإن ٱلنَّص -بما هو بِنْيَةٌ تركيبية- لَا يحمل في ثناياه ٱلمضمون ٱلدلَالي، ٱلذي يُعبِّر عن مقاصد كاتبه، إلَّا بقدر ما يتم توقيفه أو تقييده كِتابيا بواسطة ٱلِاستعمال ٱلمُحْكَم لعلَامات ٱلوقف ٱلمُتعارَفَة.
وَمن ثم، فإنه يجدر بمن يتعاطى ٱلكتابة أن يعرف أن هناك علَاماتٍ للْوَقْفِ يستعملها ٱلكُتَّاب في أبرز لغات ٱلعالم كأدوات مُساعدةٍ على إظهار أساليبهم في ٱلتفكير وٱلتعبير، فيسعى بدوره، ومن فَوْرِه، إلى إحكام ٱستعمالها كما يقتضي عمل ٱلكتابة. وعلى ٱلرغم من أن ٱلْأمر يتعلق بمجموعةٍ من ٱلعلَامات ٱلِاصطلَاحية، فإنه يمكن ٱلقول بأن ٱستعمالها يخضع لجملةٍ من ٱلضوابط ٱلمتفق عليها عالميا، مما لَا يترك ٱلمجال فسيحا أمام أي كاتب لكي يتهاون في ٱلتزامها أو يَدَعَ هواه يتصرف في وضعها من غير ضبط.
وعموما، فإن ٱلِاستعمال ٱلمتعارف لعلَامات ٱلوقف يسمح بتأكيد أنَّ:
1- ٱلنُّقْطَةَ (.) تُوجِبُ وَقْفًا طويلًا في نهاية ٱلجملة لِتَمَامِ ٱلْكَلَامِ: «إنما ٱلْأعمالُ بالنيات. وإنما لكل ٱمرئ ما نوى.» ؛
2- ٱلْفَاصِلَةَ (،) تُشِيرُ إِلَى وَقْفٍ قَصِيرٍ داخل ٱلجملة، وهي أكثر علَامات ٱلوقف ٱستعمالًا. إذ تكون:
أ- للتمييز بَيْنَ عناصرَ (أسماء أو نعوت أو أفعال) في تَعْدَادٍ معين، وقد يُعطف ٱلعنصر ٱلْأخير ب"وَ": «بِٱسْمِ ٱللَّهِ، ٱلرحمان، ٱلرحيم. ٱلحمد لِلَّهِ، رب ٱلعالمين، ٱلرحمان، ٱلرحيم، ملك يوم ٱلدين.» (ٱلفاتحة: 1-4) ؛ «صُمٌّ، بُكْمٌ، عُمْيٌ ؛ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ.» (ٱلبقرة: 18) ؛ «ٱلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلْأَرْضِ ؛ أُولَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ.» (ٱلبقرة: 27) ؛ «دخل أحمد، هند، علي وسارة.» ؛
ب- قبل أو بعد قولٍ لِإضافةِ بيانٍ أو تفسيرٍ له: «ذلك ٱلكتاب، لَا ريب، فيه هدى للمتقين،...» أو «ذلك ٱلكتاب، لَا ريب فيه، هُدًى للمتقين،...» (ٱلبقرة: 1) ؛ «إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ، لَا يُؤْمِنُونَ.» (ٱلبقرة: 6) ؛ «ربِّي، إياك أعبد وإياك أستعين.» ؛ «إليكم، أيها ٱلناس، أتوجه.» ؛ «أخبرني ٱلحقيقة، يا زيد.» ؛ «عَمْرٌ، صديقي، رجلٌ طيب» ؛ «ٱلحقيقة، كما يظن كثير من ٱلناس، لَا يمكن أن تكون إلَّا واحدةً» ؛ «ٱلْأمر، ٱلذي أُحَدِّثُك فيه، مُهِمٌّ.» ؛
ت- للتمييز بين عددٍ من ٱلْأقوال تقترن برابط مثل "ولَكن"، "ف"، "بل"، "إذن"، "إلَّا"، "أيْ"، "يعني": «أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ، وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ.» (ٱلبقرة: 12) ؛ «وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ،...» (ٱلبقرة: 23) ؛ «لَا يكفي أن تكون قَوَّالًّا لكي تكون مُحِقًّا، بل لَا بُدَّ أن تعمل بما تقول» ؛ «لو كان في ٱلسماوات وٱلْأرض آلهة غير ٱلله، إذن لفسدتا.» ؛ «ٱلْإنسان ظَلُوم جَهُول، إلَّا من رحم ربك.» ؛ «ٱلنظر، أي ٱلفكر، لَا بُدَّ له من ٱلعمل حتى يستقيم.» ؛ «ٱلحيوان، يعني ٱلجسم ٱلمتغذي ٱلنامي ٱلميت، أنواعٌ مختلفة.» ؛
ث- لتمييز لفظ أو قول ٱستهلَالي يُحدِّدُ بقيةَ ٱلجملة: «عمومًا، يُقال إن ٱلْإنسان حيوانٌ عاقلٌ.» ؛ «عادةً، لَا يَنظُر ٱلناس إلَّا فيما ينفعُهم في ٱلعاجل.» ؛ «حقا، ليس للْإِنسان من عمله إلَّا ما أحسن.» ؛
3-ٱلنُّقْطَةَ-ٱلْفَاصِلَةَ (؛) تُوجب وقفًا أطول من وقف ٱلفاصلة، وتَفْصِلُ بَيْنَ ٱلْأَقْوَالِ أَوِ ٱلْقَضَايَا في جملةٍ مُركَّبةٍ تعبر عن فكرة واحدة تتكون من عدة عناصر: «إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ، لَا يُؤْمِنُونَ ؛ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ؛ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ؛ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.» (ٱلبقرة: 6-7) ؛ «أَبُوهُ سائقٌ بالليل ؛ وأما أمه، فَرَبَّةُ بيت تعتني بأربعة أطفال.» ؛
4- ٱلنُّقط ٱلثلَاث ٱلمتتابعة (...) تَدُلُّ عَلَى ٱلْحَذْفِ في تعداد يُمكن أن يستمر أو في قول غير تام أو في قول مقتبس بُتِرَ بعضُه (في هذه ٱلحالة، قد تُوضع ٱلنقط ٱلثلَاث بين قوسين أو معقوفين)، وهي ثَلَاثٌ فقط: «للِاسم في ٱلعربية صِيَغٌ صرفية عديدة، منها: فِعْلٌ، فَعْلٌ، فِعَلٌ، فَعَلٌ، فَعِلٌ، فُعُولٌ، فُعُولَةٌ، فَعِيلٌ، فَعَالٌ،...» ؛ «إنما ٱلْأعمالُ بِالنِّيَات. [...]» ؛
5- النُقْطَتَينِ ٱلمُتَراكبِتَينِ (:) تَدُلَّان على ٱلتَّفْسِيرِ أو تَتْبَعَانِ فِعلَ ٱلقول أو تَسْبِقان ٱلتعداد أو إيراد ٱلْأمثلة: «ٱللَّهُ: ٱلكائن ٱلذي له كل صفات ٱلكمال» ؛ «قُلْ: "هو ٱللَّه أحد، ٱللَّه ٱلصمد، لم يَلِد ولم يولد، ولم يكن له كُفؤا أحد."» (ٱلْإخلَاص: 1-4) ؛ «إذا مات ٱبن آدم، ٱنقطع عمله، إلَّا من ثَلَاثٍ: صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم يُنتفع به.» ؛ «صيغةُ "فِعْلَة" تدل على ٱسم ٱلهيئة: جِلْسة، سِيرَة، هِجرة، إلخ.» ؛
6- عَلَامَةَ ٱلسُّؤَالِ (؟) تدل على نَبْرٍ يُفيد ٱلطَّلَب وتُسْتَعْمَلُ مُفْرَدَةً: «هل أتاك حديث ٱلغاشية؟» (ٱلغاشية: 1) ؛ «عَمَّا يتساءلون؟» (ٱلنبأ: 1-1) ؛
7- عَلَامَةَ ٱلتَّأثُّر (!) تدل على نَبْرٍ يُعَبِّرُ عن شعور قوي (تعجب، فرح، غضب، إنكار، أمر، نهي) وتُستعمل مفردة: «سبحان ٱللَّه عَمَّا يصفون!» (ٱلصافات: 159) ؛ «هَيْهات لِمَا تُوعدون!» (ٱلمؤمنون: 36) ؛ «وامعتصماه!» ؛ «إياكم وٱلْغُلُوَّ في ٱلدين!» ؛ «قال: "خُذْهَا ولَا تَخَفْ!"، سَنُعيدُها سيرتَها ٱلْأُولى.» (طه:21) ؛
8- ٱلْخَطَّ ٱلْمَائِلَ (/) يدل عَلَى ٱلْعَطْفِ ٱلْوَصْلِيِّ بَيْنَ لَفْظَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَيْنَهُمَا قِسْمَةٌ وَٱشْتِرَاكٌ: "ٱلنظر/ٱلفكر"، "ٱلعملُ/ٱلممارسةُ"، "ٱلحق/ٱلْواجبُ"، "ٱلعدلُ/ٱلْإِنصافُ" ؛
9- ٱلْوَاصِلَةَ (-) تَجْمَعُ بَيْنَ لَفْظَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مُرَكَّبٍ ٱسْمِيٍّ أو تُبرِزُ جُزءًا صرفيا في لفظ: "ٱلْوُجُودُ-فِي-ٱلْعَالَمِ" ؛ "ٱلِاست-فهام"="طلب ٱلفهم" ؛ "واقع-ة"="واقع مؤنث" ؛
10- ٱلْعَارِضَتَيْنِ -...- وٱلْقَوْسَيْنِ (...) وَكَذَلِكَ ٱلْمَعْقُوفَينِ [ ] نَضَعُ بينهما جُمْلَةً أَوْ كَلِمَةً أَوْ قَولًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ إِضَافِيٌّ أَوْ لِإِدْخَالِ عُنْصُرٍ ثَانَوِيٍّ يَقْطَعُ بِنَاءَ ٱلْجُمْلَةِ، لَكِنَّه يُغْنِي مضمونها ٱلدلَالي ؛
11- ٱلْحَاضِنَتَيْنِ {} تَجمعان –خُصوصًا فِي ٱلِاسْتِعْمَالِ ٱلْعِلْمِي- بَيْنَ مُرَكَّبَاتٍ أَوْ مَجْمُوعَاتٍ: {أبصر، نظر، رأى، لَاحظ، شاهد، عاين، رمق} ؛
12- ٱلْهِلَالَينِ ٱلْمُزْدَوِجَينِ أَوْ عَلَامَتي ٱلتَّنْصِيصِ «...» "..." ’’...‘‘ يُستعملَان لِعزْلِ لَفْظٍ أَوْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ ٱلْأَلْفَاظِ ٱلْمُقْتَبَسَةِ أَوِ ٱلْمُسْتَعَارَةِ أَوِ ٱلْمُرَادِ إِبْرَازُهَا أَوِ ٱلتَّحَفُّظُ مِنْهَا.
وَيَجْدُرُ، كَذَلِكَ، تَأْكِيدُ أَنَّ كُلَّ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ تُكْتَبُ، في ٱلرِّقَانة ٱلمعاصرة، مُبَاشَرَةً بَعْدَ ٱلْحَرْفِ ٱلَّذِي يَسْبِقُهَا وَتَتْلُوهَا فُرْجَةٌ، إِلَّا في ٱلكتابة ٱلفرنسية (ومن تَبِعها)، حيث تُستعمل بعض علَامات ٱلوقف (ٱلنُّقْطَةُ-ٱلْفَاصِلَة وَنُقْطَتَي ٱلتَّفْسِيرِ وَعَلَامَتي ٱلسُّؤَالِِ وَٱلتَّأثر وَٱلْهِلَالَينِ ٱلْمُزْدَوِجَينِ) مَسْبوقةً وَمتبوعةً بفُرْجَةٍ (space, espace).
وبناء على كل هذا يبقى أمامك أَنْ تَجْهَدَ وتَكِدَّ كثيرا لِإِدْرَاكِ مَعنَى تَكْرَارِ ٱلنُّقْطَةِ (..) أَوْ تَثْلِيثِ ٱلْفَاصِلَةِ (،،،) وَعَلَامَة ٱلسُّؤَالِ (؟؟؟) وَعلَامة ٱلتَّأثر (!!!)، كَمَا فَشَا به ٱلخَطْبُ عِنْدِ كَثِيرٍ مِنَ ٱلشَّعَارِيرِ وَٱلْمُتَرَسِّلِينَ ٱلعرب! وإن هذا ٱلفعل لَيَدُلُّ، إن كان يدل أصلًا على شيء، على أن هؤلَاء لَا يعنون، في حقيقة ٱلْأمر، ما يفعلون!
وَهَكَذَا تَرَى أَنَّ كُلَّ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ لَا تُسْتَعْمَلُ ٱعْتِبَاطًا وَلَا تُتْرَكُ تَفْرِيطًا، لِأَنَّهَا وَثِيقَةُ ٱلصِّلَةِ بِفَنِّ ٱلْكِتَابَةِ. وَكُلَّمَا أَحْكَمَ ٱلْكَاتِبُ تَوْقِيفَ ٱلنَّصِّ، أمكنه أن يَجعل خِطَابَهُ قَابِلًا لِلْقِرَاءَةِ وَٱلْفَهْمِ.
إِنَّ ٱلحديث، هنا، عن عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ يُرَادُ بِهِ تَأْكِيدُ أَنَّ هُنَاكَ إِمْكَانَاتٍ لِلرُّقِيِّ بِفَنِّ ٱلْكِتَابَةِ، فِي ٱللِّسَانِ ٱلْعَرَبِيِّ، لَا تَزَالُ مُهْمَلَةً أَوْ مُضَيَّعَةً. وإنَّ عدم ٱلِاعتناء بهذا ٱلْأمر، حتى من قِبَل مُعلمي ٱلْإنشاء، لَيُقَلِّصُ جِدًّا مَدَى ٱلْمُحَاوَلَاتِ ٱلرَّامِيَّةِ إِلَى ٱلِاسْتِكْثَارِ مِنْ فَوَائِدِ ٱلْكِتَابَةِ ٱلْعَرَبِيَّةِ، فِي مُخْتَلِفِ مَجَالَاتِ ٱلْإِبْدَاعِ. ويُمكننا، من ثم، أن نتبين أن ذلك من ٱلْأسباب ٱلتي تَحُدُّ كل عمل يطمح إلى إِنْتَاجِ خِطَابَاتٍ فِكْرِيَّةٍ وَنَقْدِيَّةٍ تَحْظَى بِرِضَى ٱلْمُهْتَمِّينَ وَتَفْرِضُ نَفْسَهَا فِي سُوقِ مَا يُعْرَضُ، مَحَلِّيًّا وَعَالَمِيًّا، لِلْقِرَاءَةِ وَٱلتَّدَاوُلِ.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.