قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    جهة الداخلة-وادي الذهب.. الوزير البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    ولادة طفلة "بلا دماغ" بقطاع غزة ومطالب بالتحقيق في الأسلحة المحرمة التي تستعملها إسرائيل (فيديو)    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    حادثة سير بين بوعرك وأركمان ترسل سائق "تريبورتور" ومرافقه للمستعجلات    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    شركة FRS DFDS تعلن عن موعد توقف استغلالها لخط "طريفة – طنجة المدينة"    بعد مقال "شمالي".. مجلس جماعة طنجة يؤجل التصويت على منح 45 مليون سنتيم لجمعية مقرّبة من نائبة العمدة وهذه أبرز النقاط المصادق عليها    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    هل يتجه حزب العدالة والتنمية إلى الحظر بعد أن تحول إلى جماعة إسلامية حمساوية    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أنت بقارئٍ، فأنَّى لك أن تَكتُب ما يُقرأ!
نشر في هسبريس يوم 16 - 11 - 2009

أنْ تَكتُب، فهذا معناه أن تُفكر وتُعبر على نحو يختلف -بهذا ٱلقدر أو ذاك- عن ٱلنحو ٱلعادي وٱلشائع لممارسة ٱلتفكير وٱلتعبير. فالكتابة ليست، كما يَظُنُّ كثير من أصحاب ٱلْأقلَام، مجرد تنزيل عفوي لمجموع خواطرنا على ٱلورق، وإنما هي عملٌ منهجي وفني يقوم على إعادة صياغة تجاربنا ومكتسباتنا، كما تتم في واقع ٱلممارسة الفعلية، وَفْقَ ما يسمح به نظام ٱلفكر ونظام ٱللغة، بما هما نظامان خاصَّان يتميزان في طبيعتهما عن ٱلواقع ٱلعيني لوجود ٱلْأشياء وٱلْأحداث في هذا ٱلعالم. ذلك بأن ٱستعمال ٱللغة يتم إما بواسطة كلَامٍ شِفَاهِي (عفوي، ذاتي، طَبْعِي، طارِئ، متفلت، متغير) وإما بواسطة كلَامٍ كِتَابي (مقصود، موضوعي، صِنَاعي، مستقر، ثابت). ولهذا، فإن ٱلكتابة عمل مضاعف لغويا وفكريا، حيث إن كل فعلٍ كتابي يَفترض أن تُعالَج ٱللغة ٱنعكاسيا بكثير من ٱلتَّرَوِّي وٱلتأمل بعيدا عن دوافع ٱلِاستعجال ومزالق ٱلِاستسهال. ""
وٱللَّافت للنظر أن ٱلكُتَّاب ٱلعرب، في معظمهم، يكتبون كما يتكلمون، ويكتبون دون أن يقرأوا بما فيه ٱلكفاية، بل من دون أن يُعيدوا قراءة ما يكتبون قراءةً تزيدهم تَمَكُّنا مما يكتبون. ولعل هذا أحد أهم ٱلْأسباب في كون ٱلفكر ٱلعربي يتسم، عموما، بالضحالة وٱلجمود وفُشُوِّ ٱلتقليد مقارنةً بالفكر ٱلعالمي، وخصوصا ٱلفكر ٱلغربي. وما يَعنينا، هنا، إنما هو أحد جوانب فن ٱلكتابة يَستخِفُّ به ٱلكتاب ٱلعرب إلى حدِّ ٱلْإهمال ٱلشائن. ويتعلق ٱلْأمر بعلَاماتِ ٱلوقف، إذ يُوجب فن ٱلكتابة على ٱلكاتب، حتى يكون مُجِيدًا، أن يَحْرِص على توقيف مكتوبه على ٱلنحو ٱلذي يُمَكِّنه من ضبط مقاصده وتأكيد معانيه بالنسبة لقارئه ٱلمحتمل. لكن كون ٱلكاتب ٱلعربي، في معظم ٱلْأحيان، ليس بقارئ منتظم يجعله ينتهي إلى "مُتَكَاتِب" (متظاهر بالكتابة) يتعاطى ما لَا يُحسن، فيُسيء بذلك أيَّما إساءة في عمله ٱلذي يأتي أقرب إلى ٱلعبث.
إن مَسْأَلَةَ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ تُعَدُّ ضَرُورِيَّةً، لِأَنَّ ٱلْكَلَامَ لَا يَأْتِيهِ ٱلنَّاسُ بِشَكْلٍ خَطِّيٍّ لَا ٱنْقِطَاعَ فِيهِ أو عَلَى نَحْوٍ مُسْتَقِيمٍ بِغَيْرِ ٱلْتِوَاءٍ. وإلَّا، فكَيْفَ يُمْكِنُ ذَلِكَ وَٱلْكَلَامُ بَِضْعَةٌ مِن "ٱللِّسَانِ" بِمَعْنَاهُ ٱلْمُزْدَوِجِ ("ٱللسان" كعَضَلةٍ متحركة في فم ٱلناطق، و"ٱللسان" كإمكانات لَامُتناهية بين يدي مستعمل ٱللغة)؟ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنْ تَجِدَ ٱلنُّصُوصَ، في ٱلعالم ٱلعربي، تُنْشَرُ مِنْ دُونِ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ ؛ وَحَتَّى إِنْ وُضِعَتْ، فَلَنْ تَسْتَطِيعَ تَبَيُّنَ عِلَّةٍ لِوَضْعِهَا. ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلْكُتَّابَ -فِي مُعْظَمِهِمْ- يَجْهَلُونَ كَيْفِيَّةَ ٱلْوَضْعِ أَوْ يَتَجَاهَلُونَ، بِبَسَاطَةٍ، أَهَمِّيَتَهَا فِي تَسْهِيلِ فَهْمِ ٱلْكَلَامِ وَإِدْرَاكِ مَقَاصِدِ ٱلْكَاتِبِ بالنسبة لقارئ مقطوع عن أهم ٱلقرائن ٱلحالية وٱلمُحددات ٱلسياقية ٱلتي تُحدِّد، في ٱلواقع، سيرورة ٱلتفكير وٱلتعبير.
ولعل أوَّلَ مشكلةٍ تُواجهنا هي ٱسمُ "عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ" نفسه (punctuation marks/signes de ponctuation). فهذه ٱلعلَامات هيَ ٱلتِي مِنَ ٱلشَّائِعِ أَنْ تُسَمَّى "عَلَامَاتِ ٱلتَّرْقِيمِ". لَكِنَّ صِلَةَ لَفْظِ "ٱلتَّرْقِيمِ" بِمُصْطَلَحِ "ٱلرَّقْمِ" (chiffre, numéro) يَجْعَلُنَا نُضْطَرُّ إلى حصر "ٱلتَّرْقِيمَ" (digitalisation/numérisation) بمعنى "جَعل ٱلشَّيْء رَقْمِيًّا". وَلَكَمْ صِرْنا نَحْتَاجُ إِلَى هَذَا ٱلْمُصْطَلَحِ ٱلْآنَ بعد أن أصبح كل شيء "رَقْمِيًّا"، بما في ذلك ٱلكتابة ذاتُها بواسطة ٱلحاسوب.
إِنَّ "عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ" لَيْسَتْ زِيَانًا أَوْ زُخْرُفًا يُوَشَّى بِهِ ٱلْكَلَامُ، بَلْ هِيَ عَلَامَاتٌ كِتَابِيَّةٌ يُصطلح عليها لتعيين أَنْوَاعَ ٱلْوَقْفِ في ٱلكلَام ٱلمكتوب، بتبيان نهاية ٱلْجُمْلةِ (جملة ٱلْألفاظ أو ٱلكلمات ٱلتي تُفيد معنًى تامًّا)، وللتمييز بين عناصرها (إذا كانت جملة بسيطة) وبين ٱلْأقوال ٱلمُكَوِّنة لها (إذا كانت جملة مركبة)، مع ٱلْإشارة إلى أهم ٱلقرائن ٱلحالية ٱلتي ترتبط بها وٱلتلْوِينَاتِ ٱلسِّيَاقِيَّةِ ٱلتي تُحيط بها، على شكل نَبْرٍ يُعبِّر عن سؤال أو تأثُّر أو إنكار أو أمر أو نهي. وهذا كُلُّه يُفِيدُ فِي تَحْدِيدِ ٱلبنية ٱلتركيبية لِنَصٍّ من ٱلنصوص بتبيان أقسامه ٱلمُكَوِّنة في تَعَالُقِها وترابطها. ولذا، فإن ٱلنَّص -بما هو بِنْيَةٌ تركيبية- لَا يحمل في ثناياه ٱلمضمون ٱلدلَالي، ٱلذي يُعبِّر عن مقاصد كاتبه، إلَّا بقدر ما يتم توقيفه أو تقييده كِتابيا بواسطة ٱلِاستعمال ٱلمُحْكَم لعلَامات ٱلوقف ٱلمُتعارَفَة.
وَمن ثم، فإنه يجدر بمن يتعاطى ٱلكتابة أن يعرف أن هناك علَاماتٍ للْوَقْفِ يستعملها ٱلكُتَّاب في أبرز لغات ٱلعالم كأدوات مُساعدةٍ على إظهار أساليبهم في ٱلتفكير وٱلتعبير، فيسعى بدوره، ومن فَوْرِه، إلى إحكام ٱستعمالها كما يقتضي عمل ٱلكتابة. وعلى ٱلرغم من أن ٱلْأمر يتعلق بمجموعةٍ من ٱلعلَامات ٱلِاصطلَاحية، فإنه يمكن ٱلقول بأن ٱستعمالها يخضع لجملةٍ من ٱلضوابط ٱلمتفق عليها عالميا، مما لَا يترك ٱلمجال فسيحا أمام أي كاتب لكي يتهاون في ٱلتزامها أو يَدَعَ هواه يتصرف في وضعها من غير ضبط.
وعموما، فإن ٱلِاستعمال ٱلمتعارف لعلَامات ٱلوقف يسمح بتأكيد أنَّ:
1- ٱلنُّقْطَةَ (.) تُوجِبُ وَقْفًا طويلًا في نهاية ٱلجملة لِتَمَامِ ٱلْكَلَامِ: «إنما ٱلْأعمالُ بالنيات. وإنما لكل ٱمرئ ما نوى.» ؛
2- ٱلْفَاصِلَةَ (،) تُشِيرُ إِلَى وَقْفٍ قَصِيرٍ داخل ٱلجملة، وهي أكثر علَامات ٱلوقف ٱستعمالًا. إذ تكون:
أ- للتمييز بَيْنَ عناصرَ (أسماء أو نعوت أو أفعال) في تَعْدَادٍ معين، وقد يُعطف ٱلعنصر ٱلْأخير ب"وَ": «بِٱسْمِ ٱللَّهِ، ٱلرحمان، ٱلرحيم. ٱلحمد لِلَّهِ، رب ٱلعالمين، ٱلرحمان، ٱلرحيم، ملك يوم ٱلدين.» (ٱلفاتحة: 1-4) ؛ «صُمٌّ، بُكْمٌ، عُمْيٌ ؛ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ.» (ٱلبقرة: 18) ؛ «ٱلَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ، وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلْأَرْضِ ؛ أُولَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ.» (ٱلبقرة: 27) ؛ «دخل أحمد، هند، علي وسارة.» ؛
ب- قبل أو بعد قولٍ لِإضافةِ بيانٍ أو تفسيرٍ له: «ذلك ٱلكتاب، لَا ريب، فيه هدى للمتقين،...» أو «ذلك ٱلكتاب، لَا ريب فيه، هُدًى للمتقين،...» (ٱلبقرة: 1) ؛ «إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ، لَا يُؤْمِنُونَ.» (ٱلبقرة: 6) ؛ «ربِّي، إياك أعبد وإياك أستعين.» ؛ «إليكم، أيها ٱلناس، أتوجه.» ؛ «أخبرني ٱلحقيقة، يا زيد.» ؛ «عَمْرٌ، صديقي، رجلٌ طيب» ؛ «ٱلحقيقة، كما يظن كثير من ٱلناس، لَا يمكن أن تكون إلَّا واحدةً» ؛ «ٱلْأمر، ٱلذي أُحَدِّثُك فيه، مُهِمٌّ.» ؛
ت- للتمييز بين عددٍ من ٱلْأقوال تقترن برابط مثل "ولَكن"، "ف"، "بل"، "إذن"، "إلَّا"، "أيْ"، "يعني": «أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ ٱلْمُفْسِدُونَ، وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ.» (ٱلبقرة: 12) ؛ «وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا، فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ،...» (ٱلبقرة: 23) ؛ «لَا يكفي أن تكون قَوَّالًّا لكي تكون مُحِقًّا، بل لَا بُدَّ أن تعمل بما تقول» ؛ «لو كان في ٱلسماوات وٱلْأرض آلهة غير ٱلله، إذن لفسدتا.» ؛ «ٱلْإنسان ظَلُوم جَهُول، إلَّا من رحم ربك.» ؛ «ٱلنظر، أي ٱلفكر، لَا بُدَّ له من ٱلعمل حتى يستقيم.» ؛ «ٱلحيوان، يعني ٱلجسم ٱلمتغذي ٱلنامي ٱلميت، أنواعٌ مختلفة.» ؛
ث- لتمييز لفظ أو قول ٱستهلَالي يُحدِّدُ بقيةَ ٱلجملة: «عمومًا، يُقال إن ٱلْإنسان حيوانٌ عاقلٌ.» ؛ «عادةً، لَا يَنظُر ٱلناس إلَّا فيما ينفعُهم في ٱلعاجل.» ؛ «حقا، ليس للْإِنسان من عمله إلَّا ما أحسن.» ؛
3-ٱلنُّقْطَةَ-ٱلْفَاصِلَةَ (؛) تُوجب وقفًا أطول من وقف ٱلفاصلة، وتَفْصِلُ بَيْنَ ٱلْأَقْوَالِ أَوِ ٱلْقَضَايَا في جملةٍ مُركَّبةٍ تعبر عن فكرة واحدة تتكون من عدة عناصر: «إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا، سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ، لَا يُؤْمِنُونَ ؛ خَتَمَ ٱللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ ؛ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ؛ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.» (ٱلبقرة: 6-7) ؛ «أَبُوهُ سائقٌ بالليل ؛ وأما أمه، فَرَبَّةُ بيت تعتني بأربعة أطفال.» ؛
4- ٱلنُّقط ٱلثلَاث ٱلمتتابعة (...) تَدُلُّ عَلَى ٱلْحَذْفِ في تعداد يُمكن أن يستمر أو في قول غير تام أو في قول مقتبس بُتِرَ بعضُه (في هذه ٱلحالة، قد تُوضع ٱلنقط ٱلثلَاث بين قوسين أو معقوفين)، وهي ثَلَاثٌ فقط: «للِاسم في ٱلعربية صِيَغٌ صرفية عديدة، منها: فِعْلٌ، فَعْلٌ، فِعَلٌ، فَعَلٌ، فَعِلٌ، فُعُولٌ، فُعُولَةٌ، فَعِيلٌ، فَعَالٌ،...» ؛ «إنما ٱلْأعمالُ بِالنِّيَات. [...]» ؛
5- النُقْطَتَينِ ٱلمُتَراكبِتَينِ (:) تَدُلَّان على ٱلتَّفْسِيرِ أو تَتْبَعَانِ فِعلَ ٱلقول أو تَسْبِقان ٱلتعداد أو إيراد ٱلْأمثلة: «ٱللَّهُ: ٱلكائن ٱلذي له كل صفات ٱلكمال» ؛ «قُلْ: "هو ٱللَّه أحد، ٱللَّه ٱلصمد، لم يَلِد ولم يولد، ولم يكن له كُفؤا أحد."» (ٱلْإخلَاص: 1-4) ؛ «إذا مات ٱبن آدم، ٱنقطع عمله، إلَّا من ثَلَاثٍ: صدقة جارية أو ولد صالح يدعو له أو علم يُنتفع به.» ؛ «صيغةُ "فِعْلَة" تدل على ٱسم ٱلهيئة: جِلْسة، سِيرَة، هِجرة، إلخ.» ؛
6- عَلَامَةَ ٱلسُّؤَالِ (؟) تدل على نَبْرٍ يُفيد ٱلطَّلَب وتُسْتَعْمَلُ مُفْرَدَةً: «هل أتاك حديث ٱلغاشية؟» (ٱلغاشية: 1) ؛ «عَمَّا يتساءلون؟» (ٱلنبأ: 1-1) ؛
7- عَلَامَةَ ٱلتَّأثُّر (!) تدل على نَبْرٍ يُعَبِّرُ عن شعور قوي (تعجب، فرح، غضب، إنكار، أمر، نهي) وتُستعمل مفردة: «سبحان ٱللَّه عَمَّا يصفون!» (ٱلصافات: 159) ؛ «هَيْهات لِمَا تُوعدون!» (ٱلمؤمنون: 36) ؛ «وامعتصماه!» ؛ «إياكم وٱلْغُلُوَّ في ٱلدين!» ؛ «قال: "خُذْهَا ولَا تَخَفْ!"، سَنُعيدُها سيرتَها ٱلْأُولى.» (طه:21) ؛
8- ٱلْخَطَّ ٱلْمَائِلَ (/) يدل عَلَى ٱلْعَطْفِ ٱلْوَصْلِيِّ بَيْنَ لَفْظَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بَيْنَهُمَا قِسْمَةٌ وَٱشْتِرَاكٌ: "ٱلنظر/ٱلفكر"، "ٱلعملُ/ٱلممارسةُ"، "ٱلحق/ٱلْواجبُ"، "ٱلعدلُ/ٱلْإِنصافُ" ؛
9- ٱلْوَاصِلَةَ (-) تَجْمَعُ بَيْنَ لَفْظَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مُرَكَّبٍ ٱسْمِيٍّ أو تُبرِزُ جُزءًا صرفيا في لفظ: "ٱلْوُجُودُ-فِي-ٱلْعَالَمِ" ؛ "ٱلِاست-فهام"="طلب ٱلفهم" ؛ "واقع-ة"="واقع مؤنث" ؛
10- ٱلْعَارِضَتَيْنِ -...- وٱلْقَوْسَيْنِ (...) وَكَذَلِكَ ٱلْمَعْقُوفَينِ [ ] نَضَعُ بينهما جُمْلَةً أَوْ كَلِمَةً أَوْ قَولًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُ كَلَامٌ إِضَافِيٌّ أَوْ لِإِدْخَالِ عُنْصُرٍ ثَانَوِيٍّ يَقْطَعُ بِنَاءَ ٱلْجُمْلَةِ، لَكِنَّه يُغْنِي مضمونها ٱلدلَالي ؛
11- ٱلْحَاضِنَتَيْنِ {} تَجمعان –خُصوصًا فِي ٱلِاسْتِعْمَالِ ٱلْعِلْمِي- بَيْنَ مُرَكَّبَاتٍ أَوْ مَجْمُوعَاتٍ: {أبصر، نظر، رأى، لَاحظ، شاهد، عاين، رمق} ؛
12- ٱلْهِلَالَينِ ٱلْمُزْدَوِجَينِ أَوْ عَلَامَتي ٱلتَّنْصِيصِ «...» "..." ’’...‘‘ يُستعملَان لِعزْلِ لَفْظٍ أَوْ مَجْمُوعَةٍ مِنَ ٱلْأَلْفَاظِ ٱلْمُقْتَبَسَةِ أَوِ ٱلْمُسْتَعَارَةِ أَوِ ٱلْمُرَادِ إِبْرَازُهَا أَوِ ٱلتَّحَفُّظُ مِنْهَا.
وَيَجْدُرُ، كَذَلِكَ، تَأْكِيدُ أَنَّ كُلَّ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ تُكْتَبُ، في ٱلرِّقَانة ٱلمعاصرة، مُبَاشَرَةً بَعْدَ ٱلْحَرْفِ ٱلَّذِي يَسْبِقُهَا وَتَتْلُوهَا فُرْجَةٌ، إِلَّا في ٱلكتابة ٱلفرنسية (ومن تَبِعها)، حيث تُستعمل بعض علَامات ٱلوقف (ٱلنُّقْطَةُ-ٱلْفَاصِلَة وَنُقْطَتَي ٱلتَّفْسِيرِ وَعَلَامَتي ٱلسُّؤَالِِ وَٱلتَّأثر وَٱلْهِلَالَينِ ٱلْمُزْدَوِجَينِ) مَسْبوقةً وَمتبوعةً بفُرْجَةٍ (space, espace).
وبناء على كل هذا يبقى أمامك أَنْ تَجْهَدَ وتَكِدَّ كثيرا لِإِدْرَاكِ مَعنَى تَكْرَارِ ٱلنُّقْطَةِ (..) أَوْ تَثْلِيثِ ٱلْفَاصِلَةِ (،،،) وَعَلَامَة ٱلسُّؤَالِ (؟؟؟) وَعلَامة ٱلتَّأثر (!!!)، كَمَا فَشَا به ٱلخَطْبُ عِنْدِ كَثِيرٍ مِنَ ٱلشَّعَارِيرِ وَٱلْمُتَرَسِّلِينَ ٱلعرب! وإن هذا ٱلفعل لَيَدُلُّ، إن كان يدل أصلًا على شيء، على أن هؤلَاء لَا يعنون، في حقيقة ٱلْأمر، ما يفعلون!
وَهَكَذَا تَرَى أَنَّ كُلَّ عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ لَا تُسْتَعْمَلُ ٱعْتِبَاطًا وَلَا تُتْرَكُ تَفْرِيطًا، لِأَنَّهَا وَثِيقَةُ ٱلصِّلَةِ بِفَنِّ ٱلْكِتَابَةِ. وَكُلَّمَا أَحْكَمَ ٱلْكَاتِبُ تَوْقِيفَ ٱلنَّصِّ، أمكنه أن يَجعل خِطَابَهُ قَابِلًا لِلْقِرَاءَةِ وَٱلْفَهْمِ.
إِنَّ ٱلحديث، هنا، عن عَلَامَاتِ ٱلْوَقْفِ يُرَادُ بِهِ تَأْكِيدُ أَنَّ هُنَاكَ إِمْكَانَاتٍ لِلرُّقِيِّ بِفَنِّ ٱلْكِتَابَةِ، فِي ٱللِّسَانِ ٱلْعَرَبِيِّ، لَا تَزَالُ مُهْمَلَةً أَوْ مُضَيَّعَةً. وإنَّ عدم ٱلِاعتناء بهذا ٱلْأمر، حتى من قِبَل مُعلمي ٱلْإنشاء، لَيُقَلِّصُ جِدًّا مَدَى ٱلْمُحَاوَلَاتِ ٱلرَّامِيَّةِ إِلَى ٱلِاسْتِكْثَارِ مِنْ فَوَائِدِ ٱلْكِتَابَةِ ٱلْعَرَبِيَّةِ، فِي مُخْتَلِفِ مَجَالَاتِ ٱلْإِبْدَاعِ. ويُمكننا، من ثم، أن نتبين أن ذلك من ٱلْأسباب ٱلتي تَحُدُّ كل عمل يطمح إلى إِنْتَاجِ خِطَابَاتٍ فِكْرِيَّةٍ وَنَقْدِيَّةٍ تَحْظَى بِرِضَى ٱلْمُهْتَمِّينَ وَتَفْرِضُ نَفْسَهَا فِي سُوقِ مَا يُعْرَضُ، مَحَلِّيًّا وَعَالَمِيًّا، لِلْقِرَاءَةِ وَٱلتَّدَاوُلِ.
[email protected] mailto:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.