ترأس هشام بلاوي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الأربعاء بمقر رئاسة النيابة العامة بالرباط، لقاء تواصليا مع الوكلاء العامين للملك لدى محكام الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية والمحامي العام لدى محكمة النقض، لتدارس تنزيل مستجدات القانون رقم 03.23 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية. شكّل هذا اللقاء فرصة لتدارس رئاسة النيابة العامة مع المسؤولين القضائيين مختلف الترتيبات الكفيلة بالتنزيل السليم لهذا القانون الذي يدخل حيز التنفيذ في 8 دجنبر المقبل، حاملا أزيد من 400 تعديل قانوني، والتأكيد على ضرورة توحيد الممارسات في التفعيل بين مختلف النيابات العامة بالمملكة، والتنزيل السليم للصلاحيات الجديدة للنيابة العامة. توحيد الممارسات أكد هشام بلاوي، رئيس النيابة العامة، أنه في سياق تنزيل مستجدات القانون "ينبغي امتلاك تصور موحد حول بعض القضايا التي تطرح إشكالات وتساؤلات"، مشددا على "ضرورة توحيد الممارسة في القضايا حتى لا تختلف الإجراءات بين النيابات العامة، بعد دخول القانون حيز التنفيذ". وأوضح بلاوي، في كلمته التقديمية، أن "هذه المستجدات، وإن كانت جاءت بمقتضيات ترتبط بالحقوق والحريات وضمانات المحاكمة العادلة، فإنها أيضا أعطت صلاحيات جديدة للنيابة العامة، ينبغي ممارستها في إطار القانون وبقوة القانون"، معتبرا أن "كل سوء تطبيق قد يكون نابعا من سوء الفهم". وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أن "قانون المسطرة الجنائية، في صيغته المعدلة، ضمّ جملة من التغييرات والتعديلات التي طالت ما يفوق 400 مادة"، معتبرا أنه "من بين أحد أهم الأوراش التشريعية المرتبطة بالمحاور الكبرى لإصلاح منظومة العدالة". وشدد على أن "من بين أهم المحاور المتعلقة بهذا الورش الإصلاحي، التي كانت حاضرة في خطاب جلالة الملك محمد السادس سنة 2009، هي مراجعة قانون المسطرة الجنائية". وكان بلاوي قد وجّه للمسؤولين القضائيين سالفي الذكر منشورا حول مستجدات عمل النيابة العامة في إطار القانون رقم 03.23، وقال: "حاولنا في المنشور تضمين أهم المستجدات التي جاءت في الصغية المعدلة للقانون، وهذا اللقاء الغاية منه بسط النقاش حول بعض القضايا المهمة المرتبطة بالحقوق والحريات". التنزيل الأمثل والمستجدات، وفقه، "متعددة، لكنها تلتقي في عدة محاور، في مقدمتها تعزيز وتقوية ضمانات المحاكمة العدالة، وتعزيز حقوق الدفاع؛ فالمحامي أصبح لديه الحق في لقاء المشتبه فيه من اللحظة الأولى لاستجوابه، وكذلك حضور الاستجواب إذا كان الأمر يتعلّق بذوي الاحتياجات الخاصة". كما تطرّق بلاوي إلى "المقتضيات المستجدة ذات الصلة بضوابط الحراسة النظرية وضوابط الاعتقال"، قائلا: "أصبحنا (كنيابة عامة) ملزمين بمقتضى القانون بتعليل قراراتنا؛ لأنها ستخضع للطعن". وتابع بهذا الخصوص: "حينما تعرض القضية على المحكمة وتبطل قرارتنا، فمعنى ذلك أن القرار يفتقد للشرعية، ونحن كحماة للقانون لا يمكن أن نسمح لأنفسنا في هذا الصدد بأن نكون في خرق للشرعية". وخلص الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض إلى أن "كل المستجدات في قانون المسطرة الجنائية تتطلب الاطلاع عليها بتمعن، واستحضار غاية وفلسلفة المشرع منها، لضمان التنزيل الأمثل"، مشيدا في الآن نفسه "بدور المسؤولين القضائيين والجهود المبذولة للاضطلاع بهذه المهمة بقناعة". مستجدات متعددة مراد العلمي، قاض ملحق برئاسة النيابة العامة رئيس شعبة تتبع تنفيذ السياسة الجنائية، قال إن "القانون رقم 23.03 المتعلق بتعديل قانون المسطرة الجنائية، مستجد تشريعي مهم جدا؛ حيث أدرج أكثر من 400 تعديل على القانون المعمول به حاليا". وأضاف العلمي، في تصريح لهسبريس، أن التعديلات "تشمل مختلف المراحل التي تمر منها الدعوى العمومية، سواء مرحلة البحث التمهيدي أو مرحلة التحقيق الإعدادي أو أثناء عملية المحاكمة بمختلف مراحلها: الابتدائي، الإعدادي، الاستئنافي والنقض، وكذلك في مرحلة تنفيذ العقوبة". وذكر المسؤول ذاته أن "من أبرز التعديلات الأساسية في ما يتعلّق بمرحلة البحث، وضع آليات جديدة تهدف إلى تعزيز طرق التحري والبحث ضد الجريمة، مثل الاختراق والتثبيت والتقاط الصور، وفي الآن نفسه جرى تعزيز حقوق الدفاع من خلال تخويله إمكانية حضور عملية الاستماع أمام الشرطة القضائية بالنسبة للأحداث ولذوي الإعاقة (المشتبه فيهم)". كذلك، "نص القانون على التسجيل السمعي البصري لعملية التوقيع التي يباشرها الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية"، وفق المتحدث، موضحا أن "هذا المقتضى سيدخل حيز النفاذ بعد صدور نص تنظيمي يوضح كيفية عملية التسجيل". وأضاف العلمي أن "من بين التعديلات الهامة كذلك، عدم تحديد أجل لإمكانية اتصال الدفاع بالشخص المحروس؛ إذ منذ الساعة الأولى لإيقافه، يمكن للمحامي أن يتصل به بشكل مباشر أمام الشرطة القضائية"، كما "تعززت أيضا حقوق الدفاع في أثناء الاستنطاق لناحية تقديمه الأسئلة والملتمسات والمقترحات".