قالت جمعيات حماية المستهلك إن مداهمة مصالح التحقيق والبحث لدى مجلس المنافسة خمسة فاعلين في السوق الوطنية للأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن والأسواق المرتبطة بها، خصوصاً سوق الكتاكيت، بناء على شبهات ممارسات منافية للمنافسة في هذه الأسواق، "تعيد الاعتبار لدور مجلس المنافسة، الذي طالما ظل عرضةً للانتقادات من طرف مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والمدنيين والحقوقيين". وشددت الجمعيات ذاتها على أن "هذا التحرك يؤكد وجود إرادة فعلية لكشف أي تلاعبات قد تؤثر على الأسعار أو الإمدادات في واحد من أكثر القطاعات حساسية بالنسبة للمستهلك"، موضحة أن "سوق الدواجن يشكّل عنصراً أساسياً في الأمن الغذائي المغربي"، وأن "أي انحرافات في سلاسل الإنتاج أو التوزيع تنعكس مباشرة على القدرة الشرائية للمواطنين". "تحركات ضرورية" أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن "الزيارة المفاجئة والحجوزات المتزامنة التي أعلن عنها مجلس المنافسة داخل هذا السوق ليست الأولى من نوعها، ولم تكن لتتم لولا أن التحقيقات السابقة أسفرت عن نتائج إيجابية شجّعت على احترام مقتضيات قانون حرية الأسعار والمنافسة". وأوضح الخراطي، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس، أن "الهدف الأساسي من هذه الإجراءات يكمن في حماية المستهلك، لأن ارتفاع الأسعار قد يكون ناتجاً عن اتفاقات أو احتكار أو تركيز اقتصادي أو ممارسات غير قانونية مخالِفة للقانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، ما يجعل وجود هيئة تنظّم السوق وتتدخل لردع المخالفات أمراً ضرورياً يستوجب تكثيف جهودها". وأضاف المتحدث ذاته أن "أي تدخل ردعي يسبقه فتح تحقيقات وفق المساطر القانونية، ليُتخذ بعد ذلك القرار المناسب في حق الفاعلين الاقتصاديين المتورطين"، مشدداً على أن "تحركات مجلس المنافسة لا تشكّل إدانة مباشرة للمؤسسات أو الشركات المعنية، بل تُعدّ بداية بحث للتأكد من مدى احترامها القوانين الجاري بها العمل في المغرب". وبصفته رئيساً لإحدى هيئات حماية المستهلك اعتبر الخراطي أن "مجلس المنافسة بدأ يستعيد مكانته الأساسية بعد فترة من الانتقادات التي طالته بسبب ما اعتُبر قصوراً في أداء دوره"، مسجلا أن "المبادرات الأخيرة التي يقوم بها المجلس، باعتبارها جزءاً من اختصاصاته الحيوية في تدبير السوق وحماية المواطنين، تبعث على الارتياح وتؤكد للمستهلك أن المؤسسات الدستورية تضطلع بمهامها". "شفافية أكبر" أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية "مع المستهلكين"، قال إن "التحركات التي يقوم بها مجلس المنافسة ضرورية وتُظهر حيوية المؤسسات الدستورية وقدرتها على الاضطلاع بأدوارها في حماية السوق والمستهلك"، مؤكدا أن "استمرار هذه المبادرات يشكل ضمانة لاحترام قواعد المنافسة الشريفة ويعيد الثقة في آليات الضبط والمراقبة". وأوضح بيوض، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المواطن يحتاج اليوم إلى مؤسسات حقيقية تتحرك كلما ظهرت شبهات حول ارتفاع الأسعار أو وجود ممارسات من شأنها الإضرار بالتنافسية"، مشدداً على أن "المراقبة الميدانية والزيارات المفاجئة تبقى من أهم الأدوات التي تتيح كشف الاختلالات في وقتها والتعامل معها بفعالية، خصوصاً أن الممارسات المشبوهة صارت قاصمة لظهر المستهلك من خلال الأسعار الملتهبة والخدمات المتدنية والمنتجات ضعيفة الجودة". ومع ذلك يرى الفاعل في مجال حماية المستهلك أن "هذه التحركات يجب أن ترافقها درجة أعلى من الشفافية في التواصل، من خلال إشعار الرأي العام بطبيعة الشبهات أو المؤشرات التي دفعت إلى هذه الزيارات المفاجئة وطبيعة الاختلالات الرائجة التي سيواكبها التحقيق"، لافتاً إلى أن "المستهلك يحتاج إلى المعلومة الواضحة حتى يفهم خلفيات التدخلات ويستعيد ثقته في سيرورة مراقبة السوق". وأشار المتحدث في السياق ذاته إلى أن "مراقبة المنافسة لا تتوقف عند الزيارات الميدانية فقط، بل يمكن أن تشمل أيضاً تتبع الفواتير والمعاملات التجارية وغيرها من الوثائق التي تُبرز حقيقة الأسعار ومساراتها"، خالصا إلى أن "تعزيز آليات المراقبة والتواصل مع المواطنين يظل خطوة أساسية نحو سوق أكثر شفافية وعدالة".