أكد محمد عبو، الوزير المنتدب لدى وزارة التجارة والصناعة والاستثمار والاقتصاد الرقمي المكلف بالتجارة الخارجية، أن الحكومة ستشرع في سن مجموعة من المعايير التي تتلاءم مع توصيات منظمة التجارة العالمية، لمواجهة الارتفاع الكبير للواردات المغربية من الصين"، مبرزا في الآن نفسه أن "هناك توجه من أجل تشجيع المقاولات المغربية على تصدير منتجاتها نحو السوق الأمريكية". ولم يُخِف الوزير، في حوار مع هسبريس، رغبته في توجه الشركات المغربية للاستثمار في الفرص المتاحة في السوق الليبي، الذي قال عنه إنه "سوق بكر"، متابعا أن "تخوف رجال الأعمال المغاربة من دخول ليبيا أمر مشروع"، لكن "مصاحبة رجال الأعمال من طرف الحكومة المغربية هو بمثابة ضمانة" يؤكد عبو. شرعتم في إجراء اتصالات مباشرة مع العديد من رجال الأعمال في إفريقيا ودول عربية، من بينها ليبيا، من أجل تشجيع التبادل التجاري مع هذه الدول. هل تعتقدون أن السوق الليبي يمكنه أن يستوعب المنتوج المغربي والخدمات التي تقدمها المقاولات المغربية؟ قمنا بعقد لقاءات متعددة مع المسؤولين الليبيين ورجال الأعمال بهذا البلد الشقيق، وهو ما حملني بطبيعة الحال لأن أكون جد متفائل بمستقبل علاقاتنا التجارية والاقتصادية بين رجال الأعمال الليبيين والمغاربة. واتفقنا مع رجال الأعمال الليبيين المهتمين بقطاع الصناعات الغذائية وتربية المواشي والفلاحة بصفة عامة من أجل المشاركة في معرض الفلاحة الدولي بمدينة مكناس، إذ سيشكل هذا اللقاء مناسبة لعقد لقاءات جماعية وثنائية بين الطرفين من أجل بحث سبل رفع مستوى التعاون بين البلدين. ليبيا هي دولة بكر، ويمكن لجميع المقاولات المغربية أن تجد لها موطئ قدم هناك خصوصا أن ليبيا تقود مجموعة من المشاريع، خاصة أن الليبيين يحبذون العمل مع المغاربة لمساعدتهم في بناء وطنهم، سواء تعلق الأمر بمشاريع في البنيات التحتية أو الخدمات العمومية، كالماء الشروب والتطهير والكهرباء والموانئ والمطارات. لكن هناك من يربط عدم توجهه للسوق الليبي بالهاجس الأمني؟ صحيح أن التخوف أمر مشروع، لكننا نؤكد اليوم أن مصاحبة رجال الأعمال من طرف الحكومة المغربية هو بمثابة ضمانة خصوصا أن المسؤولين الليبيين يولون اهتماما كبيرا بالدعم المغربي. لقد وقفنا على مجموعة من المشاريع المشتركة بين الجانبين التي أثبتت نجاحها، ويمكننا أن نقود مجموعة من المشاريع هناك وهناك فرص كبيرة للمقاولات المغربية، ونفس الأمر يتعلق باليد العاملة المغربية، ويجب الاشتغال في هذا لتثمين. لذا يجب على رجال الأعمال المغاربة ألا يتخوفوا. وماذا عن باقي دول إفريقيا؟ بالنسبة لإفريقيا، الكل مجمع على أن هذه القارة تعتبر من الأسواق الواعدة، وقد ساهمت الزيارة الملكية في فتح مجموعة من الأفاق أمام المقاولات المغربية من خلال التوقيع على 92 اتفاقية مع مجموعة من الدول الإفريقية. ونحن نشتغل من أجل الدفع بالمبادلات التجارية بين المغرب وباقي دول إفريقيا. عموما نحن نشتغل على إعداد مخطط استعجالي، الذي سنعلن عن تفاصيله خلال الأسبوع المقبل، يهم تقليص العجز الهيكلي للميزان التجاري، حيث كان من الضروري إيجاد رؤية من أجل تقليصه من هنا جاء التفكير في هذا المخطط الاستعجالي الذي يهم دفع الصادرات المغربية وتنويع الصادرات والأسواق، إذ سنعمل على فتح أسواق في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا. الاتجاه في الوقت الراهن يقوم على أساس العمل على تنويع الأسواق، فنسبة 66 في المئة من مبادلاتنا الخارجية تتم مع أوربا وقد تأثرنا كثيرا بالأزمة التي هيمنت على أوربا، وبالتالي فإننا استوردنا الأزمة. يؤكد متتبعون أن النسيج الاقتصادي المغربي لم يستفد بشكل كبير من المزايا التي تتيحها اتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة للمقاولات المغربية. في هذا الإطار تتحمل الشركات المغربية نسبة كبيرة من المسؤولية في هذا الصدد نظرا لعدم قدرتها على توفير منتجات ذات جودة عالية. هل هناك توجه لإعادة تشجيع المقاولات المغربية من أجل الاهتمام أكثر بالسوق الأمريكي؟ منذ دخول اتفاقية التبادل الحر مع أمريكا حيز التنفيذ في 2006 ، نجد أن نسبة نمو الصادرات المغربية نحو أمريكا يبلغ 26 في المائة سنويا مقابل 19 في المائة للواردات. وإذا استثنينا الفاتورة الطاقية فإن الميزان في صالح المغرب، بالفعل هناك مجموعة من الفرص لم تستغل كما هو الحال بالنسبة للنسيج الذي لا يستغلها المغرب خصوصا وأن الولاياتالمتحدة أعطتنا استثناء يعفينا من احترام بند المنشأ. مثلا يمكن للشركة المغربية أن تستورد الخيط والثوب من أي مكان في العالم وتقوم بتصنيع ملابس في المغرب وتصديرها نحو الولاياتالمتحدة. وقد منحتنا الاتفاقية حق تصدير 30 مليون متر مربع من الثوب على شكل ملابس نحو الولاياتالمتحدةالأمريكية. لكن الواقع يؤكد أن المقاولات المغربية لم تصل حتى إلى 10 في المائة من هذا الرقم، وبالتالي فالمشكل يكمن في المقاولة المغربية. وهذا الأمر يشمل العديد من القطاعات المصدرة الأخرى. طبعا نحن لن نظل مكتوفي الأيدي وسنقوم بعقد لقاءات مع الشركات والمقاولات التي ليست على علم بهذه الفرص، وإبراز أهمية استغلال الفرص الكبرى التي تتيحها الاتفاقية. يلاحظ أن الصادرات الصينية نحو المغرب ارتفعت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. هل تتوفرون على مخطط لمحاولة تقريب الهوة بين الصادرات والواردات المغربية من وإلى الصين؟ لا بد من التأكيد على أن العجز التجاري مع الصين يبلغ 24 مليار درهم رغم أننا لا نستورد الطاقة من هذا البلد، وهذا مشكل في حد ذاته. فهو يمثل نحو 12 في المائة من مجموع العجز التجاري للمملكة المغربية، ونحن الآن بصدد وضع اللمسات الأخيرة للشروع في تقنين الواردات المغربية من الصين. وسيشرع المغرب في تقنين الواردات المغربية من الصين وفق ما يتوافق مع التزامات المغرب في إطار منظمة التجارة العالمية. فالحكومة لا يمكن أن تظل مكتوفة الأيدي أمام تنامي العجز التجاري للمملكة، خصوصا أننا لا نستورد المنتجات الطاقية من هذا البلد، التي تعتبر هي السبب الرئيسي في العجز الكبير الذي يعاني منه ميزان الأداءات المغربي. وقريبا جدا سنعلن عن هذه الإجراءات، التي تهم تقنين هذه الواردات، في إطار المخطط الاستعجالي لتشجيع الصادرات المغربية نحو الخارج. وهذه الإجراءات تهم أيضا محاربة كل صور الإغراق، لحماية المؤسسات الصناعية المغربية في إطار احترام معايير منظمة التجارة العالمية كذلك. شرع المغرب في عقد مفاوضات مع الاتحاد الأوربي بشأن مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق. أين وصلت هذه المفاوضات؟ لا بد من الإشارة إلى أن المغرب والاتحاد الأوربي تربطهما علاقات اقتصادية متميزة، بداية من اتفاقيات التعاون والشراكة، ووصولا إلى الوضع المتقدم الذي حظي به المغرب سنة 2008 والذي عمل على إرساء تعاون عميق في جميع المجالات، جعلت المغرب أول دولة متوسطية يطلق معها الاتحاد الأوروبي مفاوضات حول اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق. مشروع اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق ليس اتفاقا تجاريا عاديا، وإنما هو مشروع مجتمعي من شأنه أن يرفع من مستويات الإنتاج والتجارة والتنمية في بلادنا، وسيكون لنجاحه تأثيرا مباشرا على الاندماج التدريجي للاقتصاد المغربي في السوق الأوروبية المشتركة. هذا الاتفاق يتجاوز المفهوم التقليدي لتحرير التجارة، ويتمحور حول إزالة الحواجز غير الجمركية، بحيث يشمل المجالات التنظيمية ذات الاهتمام المشترك، كتدابير الحماية التجارية، والحواجز التقنية أمام التجارة، والإجراءات الصحية والصحة النباتية، وتجارة الخدمات والاستثمار والتجارة الإلكترونية، والصفقات العمومية، والملكية الفكرية، والمنافسة، والجوانب المتصلة بالطاقة والشفافية والتنمية المستدامة. وبالنسبة للمفاوضات الخاصة باتفاقية التبادل الحر المتقدمة من الجيل الجديد التي تجري حاليا مع الاتحاد الأوربي، لا بد من التأكيد على أنها توجد في الوقت الراهن في مرحلة تبادل الآراء. في هذا الإطار عقدنا اجتماعات للاطلاع على انشغالات المجتمع المدني بكل مكوناته حول التحديات المتعلقة باتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق بين المغرب والاتحاد الأوربي، بهدف العمل على إشراكهم في عملية اتخاذ القرار كقوة اقتراحية.. ما هي انتظاراتكم من وراء السعي لإبرام هذه الاتفاقية مع الاتحاد الأوربي؟ هذا الاتفاق سيسمح بالتأهيل التنظيمي في القطاعات المهمة بالنسبة للمغرب، فالهدف النهائي منه هو خلق بيئة اقتصادية وقانونية في المغرب مشابهة لمثيلاتها الأوروبية ومناخ أعمال أكثر جاذبية للاستثمار. والوزارة تستعد لإنجاز دراسة بهدف مواكبة المفاوضين المغاربة وتقييم الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المرتقبة لهذا الاتفاق، وكذا تقييم احتياجات الموارد والآليات اللازمة لتنفيذ الالتزامات المترتبة عن هذا الاتفاق. وستشمل نتائج هذه الدراسة، التحليل الكمي والنوعي للآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الناتجة عن اتفاق التبادل الحر الشامل والمعمق، والتوصيات والمقترحات الإستراتيجية التي ستمكن من تنفيذ سياسات داعمة على الصعيد الوطني، قصد تأهيل الاقتصاد الوطني مع الحفاظ على القدرة التنافسية الشاملة للقطاعات الصناعية والخدمية، إلى جانب العمل على تقييم الاحتياجات المتعلقة بالمساعدة التقنية والمالية الأوروبية التي ستواكب تفعيل هذه الاتفاقية.