مرصد مغربي يندد بتمييز زبائن محليين لصالح سياح أجانب ويدعو لتحقيق عاجل    سوس ماسة تطلق برنامجاً ب10 ملايين درهم لدعم الإيواء القروي بمنح تصل إلى 400 ألف درهم لكل منشأة    مونديال 2026: المغرب في مجموعة قوية تضم البرازيل واسكتلندا وهايتي    لاعبون سابقون يشيدون بأسود الأطلس    العنف النفسي في المقدمة.. 29 ألف حالة مسجلة ضد النساء بالمغرب    تحذير من "أجهزة للسكري" بالمغرب    تحت قيادة جلالة الملك، التغطية الصحية الشاملة في صلب المشروع الاجتماعي للمغرب (التهراوي)    طقس السبت: أجواء باردة وصقيع فوق الأطلس والهضاب العليا الشرقية    طنجة.. وفاة عاملة نظافة بعد دهسها من طرف شاحنة فجراً بالعوامة وفرار السائق    قرعة مونديال 2026 ترسم ملامح صراع كروي غير مسبوق    وليد الركراكي بعد قرعة كأس العالم 2026: "مجموعة قوية والتحدي أمام البرازيل ليس سهلا"    لجنة الداخلية بمجلس المستشارين تصادق بالإجماع على القوانين الانتخابية    تكريم ديل تورو بمراكش .. احتفاء بمبدع حول الوحوش إلى مرآة للإنسانية    السعودية في ربع نهائي كأس العرب    مجلس المنافسة يفتح تحقيقا مع خمسة فاعلين في قطاع الدواجن    "الاتحاد الأوروبي" يقلص عقوبة دياز    السعودية أولى المتأهلين لربع النهائي في كأس العرب للمنتخبات 2025    إلغاء صفقة دراسية حول الفساد في الصحة.. بعد كشف تضارب المصالح.    الكلاب الضالة تهدد المواطنين .. أكثر من 100 ألف إصابة و33 وفاة بالسعار        افتتاح المعهد العالي للعلوم الأمنية بمدينة إفران    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة: المصادقة على إحداث "شركة المنشآت الرياضية لطنجة"    إسبانيا تشيد بالمصادقة على القرار 2797، الذي يؤكد أن حكماً ذاتياً حقيقياً تحت السيادة المغربية هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق    قبل انطلاق كان 2025 .. الصحة تعتمد آلية وطنية لتعزيز التغطية الصحية    مؤسسة محمد الخامس للتضامن تنظم حملة طبية – جراحية كبرى بالسمارة    هولندا تدعم سيادة المغرب على صحرائه: الحكم الذاتي هو الحل الأكثر واقعية    "الفيلسوف ابن ساعته"    رعب في الطائرة    اعتصام جزئي داخل مستشفى محمد السادس بأجدير للاسبوع الرابع    بورصة البيضاء تنهي الأسبوع بارتفاع    تعيين أربعة مدراء جدد على رأس مطارات مراكش وطنجة وفاس وأكادير    محكمة الاستئناف بمراكش تُنصف كاتب وملحن أغنية "إنتي باغية واحد"    "ورشات الأطلس" بمهرجان مراكش تعلن عن متوجي الدورة السابعة    مدير "يوروفيجن" يتوقع مقاطعة خمس دول للمسابقة بسبب مشاركة إسرائيل    الاجتماع رفيع المستوى المغرب–إسبانيا.. تجسيد جديد لمتانة الشراكة الثنائية (منتدى)    هذا هو أصغر لاعب شطرنج مدرج في تصنيف الاتحاد الدولي للعبة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    هولندا.. محاكمة مغربي متهم بقتل شخص طعنا : انا مختل عقليا ولست ارهابيا    اسم وهوية جديدان لمدرسة خليل جبران    نتفلكس تقترب من أكبر صفقة لشراء استوديوهات وارنر وخدمة "HBO Max"    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الحكومة تمدد وقف استيفاء رسوم استيراد الأبقار والجمال لضبط الأسعار    "أمريكا أولا"… ترامب يعلن استراتيجية تركز على تعزيز الهيمنة في أمريكا اللاتينية وتحول عن التركيز عن آسيا    خلال 20 عاما.. واشنطن تحذر من خطر "محو" الحضارة الأوروبية    ماكرون يصف الحكم على صحافي فرنسي في الجزائر بأنه "ظالم"    قصيدةٌ لِتاوْنات المعْشوقة.. على إيقاع الطّقْطُوقة!    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تقرير: واحد من كل ثلاثة فرنسيين مسلمين يقول إنه يعاني من التمييز    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    مونديال 2026.. أنظار العالم تتجه نحو واشنطن لمتابعة عملية سحب القرعة    استقرار أسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأمريكية    "المثمر" يواكب الزيتون بمكناس .. والمنصات التطبيقية تزيد مردودية الجَني    لمياء الزايدي .. الصوت الذي يأسر القلوب ويخطف الأنفاس    دراسة: الرياضة تخفف أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعداد الجهوي ورهان التنمية
نشر في هسبريس يوم 15 - 03 - 2010

تعتبر الجهة مجموعة ترابية منسجمة محليا، تهدف إلى خلق نوع من التكامل التنموي بغية تحقيق قدر من التوازن الاقتصادي والاجتماعي بين الأقاليم، في إطار التنمية الجهوية بشكل بلائم تدخل الدولة قصد انجاز عمليات التخطيط من أجل تنمية مندمجة.
وانطلاقا من دستور 1996 ومن قانون 1997 المنظم للجهات، يتضح لنا بأن هذا الارتقاء الذي تعرفه الجهة الى جماعة محلية هو اختيار وطني وإرادة سياسية، فالجهة إذن تعد مكسبا دستوريا لدعم الديمقراطية المحلية في بلادنا وتصحيح الاختلالات الترابية، وإرساء دعائم التنمية الوطنية الشاملة.
ما هي إذن الإمكانات المتاحة التي تساعد الجهة على أداء مهامها كأداة لدعم اللامركزية وكبوابة للانخراط المعقلن في التنمية الوطنية؟ وماهي الشروط الواجبة لتثبيت الإعداد الجهوي؟ وماهي جوانب القصور التي قد تعترض تطبيق النظام الجهوي؟ وما الحدود التي يجب تذويبها لبناء هذا الصرح الديمقراطي؟
لمحاولة الإحاطة بهذه التساؤلات ارتأينا تقسيم موضوعنا إلى قسمين:
الأول: الإعداد الجهوي بين الإمكانات المتاحة والشروط الواجبة.
الثاني: الإعداد الجهوي ومشروع التنمية الوطنية؛ المعيقات والمتطلبات.
1- الإعداد الجهوي بين الإمكانات المتاحة والشروط الواجبة
إن الرهان على مشروع الجهوية تم استلهامه من إرادة سياسية تبلورت نتيجة عوامل داخلية سياسيا، طبيعيا وبشريا إلا أن تراكم هذه المقومات وتهيئ هذا المناخ يستدعي وجود أسس للإنبات السليم للإعداد الجهوي .
أ: الإمكانات المتاحة للإعداد الجهوي.
وتتمثل هذه الإمكانات في شقين من المكتسبات؛ مكتسبات سياسية وتتمثل في الخطب الملكية والتصور الدستوري وكذا المكتسبات الطبيعية والبشرية.
* الإرادة الملكية: لقد شملت قضية الجهوية إحدى أولويات الإرادة الملكية من خلال الخطب السامية لكل من الملكين الراحلين محمد الخامس و الحسن الثاني وكذا العاهل المغربي الملك محمد السادس، كان آخرها خطاب 3 يناير 2010 ومن تم كان استلهام الكثير من الإشارات مهدت لإطلاق مجموعة من المؤسسات المركزية والمحلية، التقنية والإدارية التي تعنى بشروط الإعداد الجهوي على أساس أنه مجال قادر على استيعاب كل جهود الدولة الرامية إلى تحقيق التنمية الوطنية لتصحيح التوازنات الترابية.
* التصور الدستوري والقوانين التنظيمية من خلال منطوق المادة 100منذ دستور 1996 وكذا الميثاق الجهوي تظهر الجهة كجماعة محلية ذات صلاحية واسعة تكون مجالا جديدا للحوار والتشاور وممارسة الشؤون العامة.
* الثروات الجغرافية والطبيعية: اعتبارا لمؤهلات المغرب الطبيعية وتموقعه الجغرافي المتميز يجعل من قضية الإعداد الجهوي مجالا متنوعا قادرا على احتواء هذا الغنى واستثماره وتقوية إمكانات الغنية ودعم المناطق الفقيرة وفق ماتقتضيه روح المواطنة التضامنية بين الجهات ولتأهيل المتطورة منها ( الجهة ) نحو تسويق تنافسي.
* الإمكانات البشرية: تعد الإمكانات البشرية وعلى رأس نسبها الطاقات الشابة مؤهلات وفي نفس الآن نقط ضعف قابلة للتجدد لتكون موطن قوة للإعداد الجهوي عبر تأهيلها و تقوية أدوارها و استثمار إمكانياتها وامتصاص استنزافها نحو الهجرة الداخلية والخارجية ومن كل أشكال الاستلاب والحد من هدر طاقاتها.
علاوة على ذلك نجد أن مسألة التنوع الثقافي بما فيه تعدد النسيج المدني إمكانات هائلة يزخر بها المغرب من أجل تنمية محلية وخلق سوق تنافسية تنبني على ترشيد قواعد التسويق الترابي.
ب: الشروط الواجبة وأسس الإعداد الجهوي.
إن مواجهة التحديات المهيكلة للتنمية في المستقبل تتوقف على مدى قدرة المغرب لإقرار ديمقراطية حقيقية اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية،وبناء اقتصاد مندمج وتنافسي وهندسة ترابية لمجتمع يخضع لمقومات التناسق والتوازن لتنمية المجال الترابي في تنوعه الجهوي والمحلي وعلى تقسيم محكم للأدوار وذلك في إطار احترام مبادئ السيادة الوطنية والوحدة الترابية للبلاد.
كما أن نجاح تجربة الإعداد الجهوي كمدخل للتنمية الوطنية رهين بما يحققه من تنمية اقتصادية متوازنة ونمو اقتصادي وإقلاع اجتماعي. بما تفرضه التحولات الدولية على كل بلد، لأن تعميم النمو عن طريق تضامن الجهات الغنية مع الجهات الفقيرة من شأنه التقليل من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والإختلالات الترابية.
علاوة على ذلك بات من الضروري مراجعة التقسيم الترابي الحالي ليتأقلم مع مستلزمات تطور المعطيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الراهنة، بالتركيز على الإختلالات التي تشوبه ليتماشى ومستجدات الواقع المعاش ومستجيبا لما ينتظر من اللامركزية.
2- الإعداد الجهوي ومشروع التنمية الوطنية؛ المعيقات والمتطلبات
إذا كان مشروع التنمية الوطنية يرتبط بشكل مباشر بالإعداد الجهوي، كخيار وطني فإنه يتعرض لمجموعة من المعيقات ويحتاج لتضافر مجموعة من الجهود الأفقية والعمودية نطرحها كبدائل من اجل حكامة الإعداد الجهوي.
أ: معيقات الإعداد الجهوي
إن المغرب كباقي الدول التي شهدت الاستعمار، كان من الطبيعي أن يرث وضعية ترابية معقدة تتجسد على وجه الخصوص في التوزيع غير المتكافئ للبنيات التحتية وعزلة العالم القروي ونمو مناطق وأحياء مهمشة وسط المدن الحضرية، وانتشار مدن الصفيح وكذا الاختلالات الاجتماعية بتفشي الفقر وضعف التمدرس والإقصاء الاجتماعي وكذلك تسجيل هوة كبيرة على مستوى التفاوتات المجالية لاسيما وأن سلطات الحماية قد اعتمدت سياسة تقسيم المجال إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع. وكذا إهدار الرأسمال البشري عبر إنتاج تكوين لايلائم سوق الشغل، وطرح سياسة سوق الشغل للمقاولة كبديل في غياب ضمانات قانونية لتأهيل المقاولات الصغرى. بجانب غياب مناخ لرؤية إستراتيجية شمولية تضيع معها كل مكونات غنى المجال الطبيعي، بشكل يفوت على المغرب إمكانات ضخمة للمنافسة والتسويق كما تعرف ذلك بعض دول الجوار (تونس). ويسقط في خانة الدول الأكثر تهديدا وعرضة للكوارث الطبيعية ( الزلازل، الفيضانات، سرعة الرياح)- تقرير كوبنهاغن -
إجمالا يمكن القول أن الموانع التي تعرقل الإعداد الجهوي ليكون أحد الرهانات ذات الأولوية لمطلب التنمية الوطنية، نجد عوائق ذات طبيعة نفسية، عوائق تقنية وعوائق قانونية...
ب: من اجل حكامة الإعداد الجهوي:
إن تقرير الخمسينية للتنمية وخلاصات التصميم الوطني لإعداد التراب الوطني، كانت صريحة في الإعلان على أن رسم الحدود الجغرافية ليست مجرد عمل تقني من اختصاص الخبراء.
إن التحديد المجالي يجب أن ينبثق من منطق صريح يعكس اختيارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وبشريا منسجما ومتناغما يراعي أربعة أبعاد مندمجة:
o الانتقال الديمقراطي.
o الإنتقال المجتمعي.
o الانتقال الاقتصادي.
o الانتقال الجغرافي.
وبالنظر للمؤهلات الاقتصادية التي تزخر بها الجهات مقابل مؤشرات سوء توزيع مواردها البشرية فإن سؤال إنتاج الثروة سيظل من أهم الأسئلة المطروحة على الإعداد الجهوي.
إن تثبيت دعائم الإعداد الجهوي لن تتأتى إلا بتطوير بدائل التنمية عبر المداخل الأولية الأساسية وذلك بوضع إستراتيجية شمولية لهذا النظام الجهوي تجمع بين إصلاحات مندمجة ومتكاملة:
* سياسيا ودستوريا: استلزام إصلاح دستوري مع التفاف حول مقدسات الأمة وثوابتها في وحدة الدولة والوطن والتراب.
* قانونيا وتنظيميا: ضرورة إصدار القوانين التنظيمية والتنفيذية والتكميلية لقانون الجهة.
* بشريا وإداريا: ضرورة تأهيل الإمكانات البشرية وتوفير الوسائل المادية.
* التقطيع الجهوي: إعادة النظر في التقسيم الجهوي بشكل يضمن التكامل الاقتصادي والجغرافي والانسجام الاجتماعي بشكل يعنى بالمجال ويرتقي به.
* ماليا واقتصاديا: البحث فيما يؤسس للتضامن مابين الجهات (ضرورة نهج سياسة محكمة في عدم التمركز.
إن الأخذ بعين الاعتبار لهذه المداخل الإصلاحية نراها بوابة أساسية لجعل التدبير الترابي مكونا محوريا في الرؤية التنموية واستيعاب مطلب الجهوية بأبعادها الشمولية.
لا شك إن الجهوية اليوم تعد مدخلا محوريا وحاسما لكسب رهان التنمية الوطنية في كل أبعادها وذلك لمواكبة التغيرات الداخلية ومواجهة التحولات الخارجية الشيء الذي يتطلب تضافر الجهود وتضامن الإرادات بين مختلف مكونات المجتمع المغربي وتعبئتها الكاملة وإشراكها للانخراط الجماعي في عمليات ومحاور التنمية. كما تستدعي هذه الإستراتيجية مبدأ الإلتقائية بين كافة المصالح الخارجية لاقتصاد الجهود وتطوير الإمكانات وتذويب اللاتواصل.
* طالبة باحثة في الحكامة المحلية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.