الاحتجاجات على اختفاء مروان المقدم تنتقل إلى اسبانيا    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى أفراد أسرة المرحوم فضيلة الشيخ جمال الدين القادري بودشيش    الهلال الناظوري يعقد جمعه العام وسط أجواء تنظيمية ويؤجل استقالة رئيسه    توقيف ستة أشخاص بتطوان متورطين في شبكة لترويج مخدر الكوكايين    جثمان شيخ الزاوية البودشيشية يصل إلى مداغ والجنازة الأحد    رشقة بارود على مستوى الرأس تودي بحياة فارس شاب بجرسيف        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    إقليم شفشاون.. السلطات تحرر شاطئ الحواض بالجبهة من الاحتلال غير المرخص    القضاء الفرنسي يصدر مذكرة توقيف دولية بحق دبلوماسي في السفارة الجزائرية بباريس في قضية خطف مؤثر    هل أصدرت المحكمة الدستورية قرارين متناقضين تسببا في إرباك وزارة العدل؟    هولندا.. جريمة قتل ام لثلاثة ابناء على يد زوجها تهز فيلدهوفن    اجتماع بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية لبحث تتبع تنزيل اتفاقي دجنبر 2023            الأصول الاحتياطية بالمغرب تتجاوز 407,5 مليار درهم    المغربي سعيد أوبايا يتوج بذهبية الكراطي في الألعاب العالمية بالصين    رئاسة فلسطين تندد بخطة احتلال غزة    مواجهات الوداد وآسفي في كأس "كاف"    مشروع قانون المالية 2026 : المغرب يسرع التحول الاقتصادي بمشاريع كبرى    العودة الكبرى لنجوم مسرح الحي    الصخيرات تستعد لاحتضان الدورة الرابعة من مهرجان "تيم آرتي" بحضور 16 فنانا بارزا        مشروع قانون مالية 2026..الحكومة تتعهد بمواصلة سياسة الربط بين الأحواض ودعم مدارس "الريادة"    الرئيس الروسي بوتين يعرض وقف الحرب مقابل السيطرة على شرق أوكرانيا    دول ترفض سيطرة إسرائيل على غزة    80% من المقاولات تعتبر الولوج للتمويل البنكي "عاديا" في الفصل الثاني من 2025            مستثمرون من مغاربة العالم: عراقيل إدارية تهدد مشاريعنا بالمغرب    قرعة دوري أبطال إفريقيا تضع الجيش ونهضة بركان في مواجهات حاسمة    موسم مولاي عبد الله أمغار... 122 سربة و2065 فرس يرسمون لوحات التبوريدة في أبهى صورها    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "زومبي" الرعب وموت أخلاق الحرب    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بورصة الدار البيضاء .. أهم نقاط ملخص الأداء الأسبوعي    الملك محمد السادس يواصل رعايته السامية لمغاربة العالم عبر برامج تعزز الارتباط بالوطن وتواكب التحول الرقمي    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية سنغافورة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    أكثر من مليون مهاجر غير شرعي غادروا الولايات المتحدة منذ عودة ترامب    الصحافة الفرنسية تفتح ملف رئيس مسجد باريس وعلاقاته المريبة بالنظام العسكري الجزائري    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"    العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السبع الأحول في المغرب
نشر في هسبريس يوم 22 - 03 - 2010

على هامش ما جرى في العاصمة العلمية والروحية للمغرب، "مدينة فاس"، حيث أصدر المجلس الجماعي قرارا بإغلاق محلات بيع الخمور، وما خلف الحدث من تداعيات، لا سيما مع دخول حزب "البام" على الخط. وعلى ذكر الخمر، فقد سبق هذا الحدث فتاوى لأحمد الريسوني مفادها عدم جواز التبضع من المحلات التي تباع فيها الخمر وما أثارته من ضجة، ودخل "البام" كذلك فيها على الخط في شخص خديجة الرويسي التي أصدرت بيانا ضد الفتوى.
لا شك أن وراء كل سلوك سياسي خلفية ودوافع ومحركات؛ بمعنى آخر ثمة شيء خفي أو زاوية معتمة، لذلك قصدنا ليس الحديث عن هذه الأحداث أو هذه الآراء، بقدر ما نتغي تلمس بعض الجوانب المخفية ثم نروم الفهم والاستيعاب لما يجري ويدور في بلدنا من غرائب وطرائف وكوارث بعضها يبكي وبعضها يضحك، ولكنا سنتبع نصيحة اسبينوزا
( لا تبك أولا تضحك لكن افهم).
كنت أتابع ما يجري بمدينة العلم عبر وساءل الإعلام، وقد استوقفني صنيع عمدتها، وإن كانت تفاصيل وحيثيات ما أقدم عليه أهل فاس أدرى بها، تذكرت قصة سأسردها باختصار وتصرف، ما يعنينا فيها ردود أفعال الناس.
قصة السبع الأحول اسم رجل كان في سوريا في الخمسينات يسيطر على بساتين الفلاحين ليلا وتعهد بحراستها شرط أن يعطوه حصة من المواسم بحرق وطرد وتدمير "ماخور تعيش فيه مجموعة من النساء كن يتعاطين البغاء في أحد أطراف الحديثة " وعد العمل في نظر أبناء المجتمع، وخصوصا في نظر "رجال الدين" عملا بطوليا فذا لا يصدر إلا عن رجل ذي أخلاق عالية جدا.
لكن الناس لم يسألوا لماذا قام بهذا الفعل بشكل مفاجئ ؟ وكيف حدث ذلك؟
وتتمة القصة تذكر أن السبب الذي دعا "السبع الأحول " لفعل مثل هذا الفعل الذي عد أخلاقيا فيما بعد، هو انه اختلف مع صديقته التي أحبته حين أراد الماخور (جاء إليه) وتعرف إليها، وعندما أراد استرضاءها والعودة إلى حضنها رفضت وآثرته أكثر بأنها أحبت عليه؛ أي أحبت رجلا يعرفه؛ بذريعة "القلب وما يهوى" وانه أي السبع الأحول، ما عاد في نظرها ذلك الرجل الشهم والمقدام و.. و... فجن السبع الأحول وطار عقله .
أن تستبدله بآخر، ليست مشكلة؟ وأن تحب البغي آخر، ليست مشكلة؟ لكن يصبح بلا قيمة وشهامة ورجولته ووجاهة، ويمكن أن نضيف نحن بلا كرسي بلا امتيازات... تلك هي المصيبة.
وهذه واحدة من خصائص المجتمع المتخلف، وإذا أضفنا إلى ذلك انتظارية أفراد المتجمع من يغير أحوالهم، فلا نزال في مجتمعنا المغربي تحت أسر من يخلصنا من مشاكلنا أو من يحقق أحلامنا، جميعنا ينتظر لحظة مجيء مخلص أو زعيم يجري قلم أو قرار يحقق الإصلاح والتغيير المأمول. ولذلك أتذكر عندما كنا نتوجه للسينما في طفولتنا نصفق للبطل "الولد" عندما يضرب أحدا، وهي أشياء يكون المشاهد عاجزا عنها. فيجد التعويض فيما يقوم به البطل.
من المعروف أن كل سلوك سياسي ينطوي على أضداد فيه وتناقضات، وتختلط فيه الوسيلة بالغاية، وما وقع في فاس قد يقع في أي مدينة أخرى بشكل أو بآخر، ومحركاته ودوافعه قد لا تكون سياسية بالدرجة الأولى قد تكون ثأرية أو نفسية... وأحيانا السياسي يستند إلى وسيلة ظاهرها جميل وباطنها قبيح، ومن ثم، التغيير الذي يقوم به السياسي لن يكون إلا تغييرا قشريا سطحيا- بنظرنا- بينما التغيير الفعلي هو الذي يستند إلى ثورة ثقافية وفكرية يشارك فيها جميع أبناء المجتمع، بمركزه وهامشه، أي إصلاح يستهدف البينة والذهنية الجماعية والفردية، ويؤسس لسلوكيات ومظاهر نابعة من قناعة راسخة.
القانون لوحده غير كاف لعلاج بعض الآفات المستحكمة في المجتمع بقدر ما يولد أحيانا لدى المواطن ثقافة وتربية التفلت والاحتيال، والذين تحدثوا في هذه النازلة من وجهة قانونية لا يدركون أن القانون موضوع للفقراء ومرفوع عن الأغنياء، ولذلك وجب النضال ليطبق القانون على الجميع، وكما قال روسو: القانون يجب أن يكون في الصدور-أي يطبق- لا في السطور.
لذلك، نازلة فاس وبطلها، تحتاج إلى تروي وتحليل عميق و النظر لنتائجها. لا يهمنا أن تكون خالصة لله أولا تكون كذلك، ولا نصادر نية أحد، كما جاء في الحديث: فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه.
لا شك أن قرار إغلاق محلات بيع الخمور أغضبت بعض الفئات. خاصة تلك المغرمة بالخمرة، ولا أظن أنها ستمتنع عن شربها، بل سيقوم البعض بصنعها في البيت، واستهلاكها فيه، وكما هي العادة -في كل ممنوع مرغوب-سينتشر تجار السوق السوداء تلبية لحاجة هذه الفئات، أما البعض الآخر فسيستبشر خيرا، وسيرفعون أيديهم إلى السماء داعين إلى الإكثار من أمثال من خلصهم من أم الخبائث، لكن الجميع - في مغرب التناقضات-يستمع لأم كلثوم تصدح برائعة "إبراهيم ناجي" ( هل رأى الحب سكارى مثلنا) جمعتهم أم كلثوم وفرقتهم أم الخبائث، بيد أن البعض في هذا المغرب الحبيب يبحث عن أم الفضائل وهي الحرية.
وفي الختام : "يا سكارى فاس ادخلوا مساكنكم ليحطمنكم عمدتها وجنوده"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.