بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بارتفاع طفيف    عجز في الميزانية بقيمة 53,7 مليار درهم متم يوليوز الماضي    افتتاح متجر يرفر 350 منصب شغل بمرتيل    "الأسود" يسعون لتجاوز كبوتهم أمام زامبيا للحفاظ على آمال التأهل إلى ربع نهائي "الشان"    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. الجناج الدولي غريليش ينتقل من سيتي إلى إيفرتون على سبيل الإعارة    النيابة العامة تقرر متابعة ابتسام لشكر في حالة اعتقال وإحالتها مباشرة على المحاكمة    اطلاق فعاليات الأبواب المفتوحة لفائدة الجالية المغربية بالخارج    الحجابة الملكية تسلم هبة للأمغاريين    سجن عراقي يقلق عائلات في المغرب    نهائيات "الشان" .. خروقات في مباراة المغرب وكينيا تغضب "الكاف"    الجماهير تصوت على حكيمي وبونو    ذروة "شهب البرشاويات" تزين سماء المغرب في منتصف غشت الجاري    السياحة الجبلية تنعش الاقتصاد المحلي بإمليل    الناشط أسيدون في وضع صحي حرج        إنقاذ مهاجرين غير نظاميين في البرتغال وسط إجراءات ترحيل صارمة        صحفي هولندي يرجح انتقال زياش إلى أياكس أو تفينتي    المغرب ضيف شرف الدورة ال 21 لمعرض بنما الدولي للكتاب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    رحيل الفنانة التشكيلية المغربية نجوى الهيتمي عن عمر يناهز 46 سنة    احتجاجات متواصلة في المدن المغربية تنديدا باستهداف الصحافيين في غزة وتجويع القطاع    القنيطرة تحتفي بمغاربة العالم وشعارها: الرقمنة بوابة لتعزيز الروابط وخدمات القرب    حكيمي وبونو... أيقونتان مغربيتان تقتربان من معانقة المجد الكروي العالمي    مواقف ‬المغرب ‬الثابتة ‬التي ‬لا ‬تتزعزع ‬في ‬سياق ‬محيط ‬إقليمي ‬غير ‬مستقر    ما ‬هكذا ‬تورد ‬الإبل ‬يا ‬حكام ‬قصر ‬المرادية ...‬    رئيس كوريا الجنوبية والرئيس الأمريكي يعقدان قمة في 25 غشت    توقيف عدائين سابقين بعد تعنيف قائد خلال وقفة احتجاجية أمام مقر جامعة ألعاب القوى بالرباط    كرة القدم.. المدافع زابارني ينتقل إلى باريس سان جيرمان    المغرب يمد يد العون للبرتغال بطائرتي كنادير لمواجهة حرائق الغابات (فيديو)    مجلة "فوربس" تتوج رجل الأعمال المصري كامل أبو علي رائدا للاستثمار الفندقي في المغرب        ارتفاع أسعار النفط بعد تمديد الولايات المتحدة والصين هدنة الرسوم الجمركية    "شين أنتر" تختتم احتفالية بالجالية        الدوزي يلهب الحماس في "راب أفريكا"    الرباط تحتضن أولى نسخ "سهرة الجالية" احتفاءً بأبناء المهجر (صور)    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    وفاة السيناتور الكولومبي أوريبي.. الأمم المتحدة تجدد دعوتها لإجراء تحقيق "معمق"    الأحزاب والانتخابات: هل ستتحمل الهيآت السياسية مسؤوليتها في‮ ‬تطهير السياسة من المرشحين المشبوهين‮ ‬وتقديم الأطر النزيهة لمغرب المستقبل؟    مهرجان "راب أفريكا" يجمع بين المتعة والابتكار على ضفة أبي رقراق    حين يلتقي الحنين بالفن.. "سهرة الجالية" تجمع الوطن بأبنائه    كان يُدَّعى أنه يعاني من خلل عقلي.. فحوصات تؤكد سلامة الشخص الذي اعترض السيارات وألحق بها خسائر بطنجة ومتابعته في حالة اعتقال    مالي وبوركينا فاسو والنيجر توحد جيوشها ضد الإرهاب    بعد نشر الخبر.. التعرف على عائلة مسن صدمته دراجة نارية بطنجة والبحث جار عن السائق    سيرغي كيرينكو .. "تقنوقراطي هادئ وبارع" يحرك آلة السلطة الروسية    دراسة: الأطعمة عالية المعالجة صديقة للسمنة    الدولة والطفولة والمستقبل    هل يمكن أن نأمل في حدوث تغيير سياسي حقيقي بعد استحقاقات 2026؟    عوامل تزيد التعب لدى المتعافين من السرطان    دراسة: استعمال الشاشات لوقت طويل قد يزيد خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأطفال والمراهقين    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاريكاتير .. ريشة مشاغبة تمتهن الكوميديا السوداء وتبدع السخرية
نشر في هسبريس يوم 16 - 06 - 2014

"عندما يكون النقد هدفا تصبح السخرية أسلوبا، ثم يصبح الواقع ملهمها الدائم"، شكلت هذه العبارة بداية دخول فن الكاريكاتير إلى المغرب خمسينيات القرن الماضي. هو ريشة مشاغبة بين صفحات الجرائد اليومية، قلم ساخر يستهويه التهكم، لغته واحدة موحدة، رسالته هادفة، وهوايته انتقاد أحوال الساسة والسياسة.
جنس صحافي أم رسومات فنية؟ تكميلي أم أساسي؟ بالتعليق أم بدونه يكون أقوى؟ وسط كل هذه التساؤلات وغيرها التي دأبت مدينة شفشاون أن تحتضنها في ملتقاها الوطني السنوي مع أبرز فناني الكاريكاتير المغاربة ومسؤولين في الإعلام والفن والسلطة لا زال الكاريكاتير في المغرب يبحث عن الاعتراف والهوية، لكنه يبقى ابناللفنون التشكيلية وأبا للكوميديا السوداء بامتياز.
من جدران المعابد لصفحات الجرائد
يربط البعض البداية التاريخية للكاريكاتير برسومات قدماء المصريين على جدران المعابد الفرعونية، ويربطها اخرون بظهور لوحة جدارية بروما في القرن الأول الميلادي، فيما العربي الصبان أشهر رسامي الكاريكاتير في المغرب يرى أن الانطلاقة الفعلية ارتبطت تاريخيا باسم الإيطالي انيبال كراكشي(1560_1609) كأول من رسم في التاريخ الحديث صورا تمثل أشخاصا يحيطون به بأسلوب فني مضحك.
في المغرب بدأ فن الكاريكاتير مع بداية الاستقلال يقول إبراهيم المهادي قيدوم الفنانين الكاريكاتوريين المغاربة " ظهر الكاريكاتير قبل 200 سنة وازدهر مع الطباعة، أما في المغرب فلم يظهر إلا مع الاستقلال بفضل مصطفى العلوي الذي خلق منبرا جمع فيه مجموعة من الكاريكاتوريين رفقة الفيلالي والبوهالي والصبان والعربي بلقاضي الذي تحول لفنان تشكيلي واخرون.
كانت العلاقة منذ الأول مشتتة ولكن حاليا شرعوا في التجمع ولملتقى شفشاون أهمية قصوى لتكريس الوعيبأهمية الكاريكاتور كجنس مستقل لا يتهكم على المسؤولين بقدر ما هو موضوع نقدي يبين الاعوجاج لإصلاحه" ويضيف المهادي مستدركا "وحتى كلمة الكاريكاتير أصبحت متجاوزة وأصبح اسمه رسم صحافي له نفس الأهمية التي للمقالات الصحفية بل أن رسم كاريكاتوري واحد أحسن من سبعة مقالات مكتوبة ".
المهادي الذي اشتغل بجريدة العلم والمحرر كان يستعمل "أبو سيف" كتوقيع لرسوماته التي عبرت الحدود وفازت بجوائز عالمية. من رجل تعليم إلى كاريكاتوري ثم صاحبكتاب"سنوات الرصاص والحبر والفحم والطباشير" الذي يضم أجمل ما رسمه خلال نصف قرن من الإبداع.
يعتبر هذا الفن الساخر ترمومترا حقيقيا لقياس مدى تحقق الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير حيث أن التأسيس لفن الكاريكاتير بالمغرب وفرض وجوده كجنس جريء وريشة لاذعة خلف ضحايا كثيرين في الصدام مع السلطة والقضاء والمتطرفين الدينيين.
أول القضايا منع المهادي من الرسم لثمانية عشر سنة لانتقاده خطابا ملكيا للحسن الثاني، مرورا بدعاوي قضائية في ردهات المحاكم إلى اعتقال خالد كدار سنة 2009 بتهمة المس بمقدسات ورموز الدولة ولا زال الفن المشاكس يثير المشاكل حيث اخرها تهجم السلفيين على الفنان العربي الصبان ألمع رواد هذا الفن، وتكفيره في إحدى رسوماته بالأحداث المغربية بدعوى الاستهزاء بالصحيحين.
ثنائية للنص والصورة أم توحيد للغة؟
بعض الكاريكاتوريين يضيفون تعليقا بجانب الرسم والبعض الاخر يتفادى الأمر حفاظا على هويته كلغة بحد ذاتها غنية عن أية لغة أخرى مضافة. رسم يوصل الأفكار بدقة وسرعة مع ترك ابتسامة على شفتي كل قارئ، كل قارئ متجرد من الحروف والكلمات ومدرك للغة كونية يفهمها الجميع دون مترجم. واضح، مباشر، ومختصر هي أهم الصفات التي يركز عليها الفنانون الكاريكاتوريين لإيصال المعنى دون التشعب في تأويلات تفقده الرسالة المبتغاة. "ثنائية النص والصورة" كانت إحدى الندوات الرئيسية في الدورة السادسة لملتقى شفشاون حيث تداول خلالها المتدخلون العلاقة بين الرسم الكاريكاتوري والنصوص المصاحبة له سواء كانت تعليقات أو حوارات.
سعيد كرماس الناقد التشكيلي أكد بضرورة المزاوجة الحكيمة بين النص والصورة التي تستفيد من الخلفية الاجتماعية والسياسية للمتلقي فيما أشار الفنان التشكيلي محمد الخزوم أن التعليق يكون أهم من الكاريكاتير وأحيانا ينقص من قيمته، فالتعليق قد يأكل من الكاريكاتير حيث تتحول البلاغة من الرسم إلى التعليق فأجود الرسوم هي التي تحول الفكرة وتصيب الهدف دون اللجوء للتعليق.
استطاع هذا الفن أن يفرض نفسه في الواقع كلغة مختزلة وبسيطة أقرب إلى التخاطب اليومي، يقول الفنان عبد الغني الدهدوه " لقد أصبح مادة أساسية وليست تكميلية وقفزإلى الصفحة الأولى مزاحماالسكوبات والمقالات الصحفية. ولموقع فيسبوك حضورا متوهجا للصورة الكاريكاتورية حيث أضحى كل فنان بغض النظر عن مستواه الفني والأدبي يجد الفرصة لكي ينشر أعماله والتفاعل معها من طرف المتلقي الافتراضي وأصبحت له مكانة في المشهد الفني والصحافي المغربي" ويضيف الدهدوه الذي يشتغل بجريدة المساء "لايعني ذلك أن هذا الفن بخير تماما ولكن على الأقل حلت مشكلة النشر التي كان لها ارتباط كبير بغياب ثقافة الصورة لدى معظم الصحفيين من جهة ونقص واضح في حرفية الفنانين من جهة أخرى.
ترافق كل ذلك مع تراجع قراء الصحف الورقية التي اصبحت تبحث عن مواد مميزة تجلب بها قراءهاالمنفلتين من بين أصابعها مثل حفنة رمل. تكونتفئة شبابية تمارس هذا الفن بشغف واضح ولديها حلم الاحتراف وتطوير الذات ولايسندها في ذلك سوى الرغبة والطموح الشخصي. هي حالات فردية استطاعت اثارة الانتباه الى هذا الفن واخراجه من دائرة الهامش"
محمد الخزوم يعتبر أن "الغاية هي نشر ثقافة التسامح والتصالح مع الذات والمكاشفة الجادة والهادفة.فمشهد الكاريكاتير يشهد صحوة لانخراط فعاليات شابة أعطت له نفس جديد، لأنه عانى ولكن الان يحاول الخروج من تلك الدوامة التي يتخبط فيها بين ما هو سياسي كما يريد البعض أن يصفه فهو قد يكون بيئيا أو رياضيا أو ذا أبعاد قضايا إنسانية، هو لغة شاملة".
شفشاون لوحة كاريكاتورية
ثلاثة أيام عاشتها مدينة شفشاون على إيقاع الفن الساخر و"ريشة ترصد تحولات المجتمع" كشعار لدورتها السادسة يقول مدير الملتقى الصحافي محمد أحمد عدة " في هذه الدورة راهنا على تكريس الكاريكاتير كواجهة لحرية، وكإحدى منارات التعبير، حاولنا طبعا دعوة أسماء وازنة في المشهد الإعلاميين والرسامين والإعلاميين حتى تكون مساهمة في النقاش العمومي، من جهة، ومن جهة أخرى، وصول صوت الكاريكاتير المغربي الذي في الظل لسنوات. الملتقى يواصل مسيرته بإصرار وإدارة الملتقى منسجمة وموحدة من أجل أفق أفضل".
مصطفى الخلفي وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة كان الشخصية الرئيسية، وشكلت زيارته لفعاليات الاختتام سابقة من نوعها في تاريخ الفن الكاريكاتوري المغربي وخطوة رسمية وصفت "بالانفتاح" على الكاريكاتير، والتصالح معه كفن لاذع وحاد.
الخلفي كان له لقاء مفتوح مع أكثر من خمسين فنانا ممارسا للشغب ومشروط برسمه بريشاتهم اللاذعة. كما وعد بدعم الكاريكاتير من خلال مشروع شراكة والعمل مستقبلا على إدماج الكاريكاتير ضمن جائزة الصحافة.
دورة هذه السنة عرفت تكريم الكاريكاتوري لحسن بختي، ويصرح مازجا بين الأسف والفرحة " التكريم الأول هو الذي كان بريشة أصدقائي، ثم تكريمي بحضور وزير الاتصال كاعتراف جاد ومسؤول من طرفه. خلافا لعدد من المنابر الصحفية التي تم طردي منها وأخرى أشتغل معها لم تكلف نفسها عناء تكريمي ببضع أسطر في حيز ضيف بالجريدة. للأسف يتم احتقار الفنان الكاريكاتوري ويعتبرون أننا نرسم " ميخيات" ولا مجال لمقارنتنا بالصحافيين. وهذا التكريم هو أحسن رد".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.