جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان اليوم الاثنين لتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2026    الحكومة تصادق على مشروع قانون المالية لسنة 2026 بعد المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس    اجتماع نقابي بمستشفى ابن سينا يبحث سبل إنصاف الشغيلة الصحية وتحسين أوضاعها الاجتماعية    من هو فؤاد حجي عامل اقليم الحسيمة الجديد؟    خامنئي: اعتقاد ترامب أنه دمّر المنشآت النووية الإيرانية "وهم"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    الصحة تطلق حملة وطنية لتشجيع الرضاعة الطبيعية    لقاء حصري مع عبد الرحمان الصروخ يكشف تفاصيل صادمة حول نزاع عائلي دموي بدوار الرملة ببني جرفط    فرنسا..استمرار إغلاق متحف اللوفر عقب عملية سطو    لقجع: "التتويج باللقب العالمي جاء بفضل الرؤية الشاملة للملك محمد السادس والرهان على الكفاءة المغربية"    الأداء الإيجابي يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    سرقة في اللوفر.. نحو 60 محققا يلاحقون اللصوص والمتحف يمدد إغلاق أبوابه    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني المغربي لكرة القدم لأقل من 20 سنة بمناسبة تتويجهم بكأس العالم    الكاف يشيد بالتتويج المستحق للمغرب بكأس العالم تحت 20 سنة    وزارة الانتقال الطاقي تكشف عن مشاريع لتأهيل وتدبير النفايات المنزلية بإقليم الجديدة    بعد 3 سنوات من القطيعة.. وساطة أميركية لإعادة الدفء للعلاقات المغربية الجزائرية    دعم مالي ودون تزكية حزبية.. الشباب مدعوّ لولوج الحياة السياسية    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يحقق المجد العالمي.. تصريحات مؤثرة للاعبين بعد التتويج التاريخي بكأس العالم في الشيلي    منتخب أقل من 20 سنة يتوج بالمونديال ويهدي كرة القدم المغربية أول لقب عالمي    المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة يتوج بطلا للعالم بعد فوزه على الأرجنتين في نهائي مونديال الشيلي    كأس العالم لكرة القدم لأقل من 20 سنة.. مسار أشبال الأطلس في العرس العالمي    الأطلسي: المغرب يعزز تضامن الشعوب    مونديال الشباب: المغرب يتقدم على الأرجنتين بهدفين نظيفين في الشوط الأول    بعد 20 سنة من النجاح.. دي جي كور يستعيد وهج "راي أند بي فيفر"    حجز كمية كبيرة من الحشيش بمدينة الحسيمة    "حماس": ملتزمون باتفاق غزة بينما إسرائيل تواصل خرقه    سرقة مجوهرات "لا تقدر بثمن" من متحف اللوفر    احتجاجات "لا ملوك" في مدن أمريكا تستقطب حشودا كبيرة للتنديد بترامب    ندوة « إفريقيا: تحديات التنمية والأجندة الجيوسياسية»: الإرث الاستعماري بإفريقيا عمق أزماتها ورهن مستقبلها للصراعات    انطلاق الموسم الفلاحي وشبح الجفاف .. المؤشرات المائية تنذر بعام صعب    سرقة مجوهرات في متحف اللوفر بباريس    إسرائيل تتهم "حماس" بانتهاك الاتفاق    المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. التاريخ في مرآة السينما ووجع المجتمع    لا شرقية ولا غربية... وإنما وسطية    سرقة مجوهرات نابوليون بونابرت وزوجته من متحف "اللوفر"    ساعة أمام الشاشة يوميًا تخفض فرص التفوق الدراسي بنسبة 10 بالمائة    تقرير يضع المغرب ضمن أكثر الدول يسود فيها الغضب في العالم    توقعات أحوال الطقس غدا الاثنين    إطلاق خط بحري جديد لنقل البضائع بين طنجة وهويلفا    تأخر التساقطات المطرية يثير مخاوف الفلاحين المغاربة    تونس توضح حقيقة منع تصدير التمور إلى المغرب    حسن واكريم.. الفنان المغربي الذي دمج أحواش والجاز في نيويورك    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة "التشرميل" والحاجة إلى مراجعة السياسة الجنائية
نشر في هسبريس يوم 01 - 08 - 2015

عرفت ظاهرة التشرميل كنوع من الجريمة في الآونة الأخيرة انتشارا واسعا من حيث الرقعة الجغرافية أو التطور في أساليبها المعتمدة في الترويع والمس بالسلامة الجسدية والنفسية لضحاياها أو الجرأة في اختيار ضحاياها. وليست أولها الهجوم على الطلبة في الجامعات أو المصطافين في الشاطئ وليس آخرها الهجوم على قطارات وترويع الركاب والآمنين أو استهداف حتى رجال الأمن بأنفسهم والأساتذة في المدارس، محطة التشرميل هذه بدأت تأخذ منعطفا خطيرا و طابعا وحشيا من خلال الهجومات ضد المارة أو ما يتردد عن مهاجمة الآمنين بالسيوف و السواطير في العديد من المدن كالرباط أو القنيطرة أو فاس التي أصبحت فيها مشاهد الإجرام شيئا مألوفا، أو في مدينة إستراتيجية كطنجة. كثيرة إذن هي الأسئلة وعلامات الاستفهام التي تطرح حول استفحال جرائم "التشرميل" ومن غير المستبعد أن يأخذ مسار هذا النوع من الجريمة منحى أكثر خطورة إذا بقيت الأمور على هذا المنوال على الرغم من المجهودات المبذولة من قبل رجال الأمن للتصدي لهذه الظاهرة الاجتماعية وعلى الرغم من جسامة التحديات التي تجابههم لاسيما في المدن الكبرى.
بالطبع هذه الظاهرة تعد من إفرازات المجتمع وعومل انتشارها وتفاقمها متعددة بين الفقر والإقصاء الاجتماعي وانتشار المخدرات وبالخصوص حبوب الهلوسة أو عوامل سوسيولوجية وثقافية كالتفكك الأسري وسوء التربية أو الدور السلبي للإعلام لاسيما المرئي منه الذي يساهم في تكريس مفهوم الجريمة وتقوية نزعتها من خلال أفلام دخيلة تركز على العنف بمختلف أنواعه بدل محاربته ونبده وهو ما يولد تطبيعا مع فعل الجريمة والعنف وأحيانا يشكل مصدر إلهام للكثير من الجرائم. غير أن واقع الحال يشير إلى وجود خلل وسوء فهم عميق لدى هؤلاء المجرمين بين مفهوم "حقوق الإنسان" وبين "الفوضى" أو التسيب. لا أحد يمكن أن يطالب بتقليص هامش الحريات أو التراجع عن المكتسبات التي تعاقد عليها المغاربة أو تقليص هامش حقوق الإنسان، لكن ذلك لا يعني أن يتم استغلال هذه الحريات من قبل مجرمين لكي يعيثوا في الأرض فسادا ويروعوا الأمنين ويستولوا على الممتلكات ...إلخ. من هنا تأتي الحاجة إلى ضرورة مراجعة سياسة العقوبات أو القوانين الزجرية بشكل يضمن عقوبات رادعة للمجرمين والمساهمة في الحفاظ على أمن و سلامة المجتمع، ذلك لأن الأصل في العقوبات هو الإنصاف ورد الاعتبار للضحية من جهة، وزجر المعتدي من جهة أخرى بما يضمن عدم ارتكابه لجرائم أخرى بعد انقضاء فترة عقوبته و الإسهام في اندماجه في المجتمع وإعادة تأهيله لكي يصبح مواطنا صالحا مساهما في بناء وطنه ومدافعا عن قيمه وليس مجرما أخطر مما كان في السابق وأكثر تهديدا لأمن وسلامة المواطنين، وهو ما نشاهده في الكثير من الحالات، حيث أتثبت العقوبات الزجرية الحالية محدوديتها في ردع المجرمين بل قد تتمخض عنها نتائج عكسية، لا سيما في ما يخص بعض الأنواع من الجرائم كالاغتصاب والقتل مثلا، والذي عرف ارتفاعا ملحوظا في حجمه لاسيما في حق القاصرين وهي جرائم تداعياتها خطيرة نظرا لأبعادها السيكولوجية والفيزيولوجية، وجبرها أو الحد من آثارها ليس بالمهمة السهلة، وهو ما لا تتسامح معه مجتمعات أخرى حتى الغربية منها التي تتحدث كثيرا عن مفهوم حقوق الإنسان، ويمكن أن نشير في هذا الصدد إلى نظام السجون في بعض الولايات الأمريكية، والتي يخشى المجرمون حتى ذكر أسماءها نظرا للإجراءات الصارمة التي تطبعها أو نظرا لوجودها في بعض المناطق النائية أو التي تتسم بمناخ قاسي أو عدم تساهل أطقمها وصرامتهم في تطبيق القانون، أو النموذج الياباني الذي يلزم المسجونين بضرورة العمل و الإنتاج داخل السجن وليس العيش عالة على المجتمع، بالإضافة إلى تربيتهم على المواطنة بهدف إعادة إدماجهم في المجتمع وتحييد خطرهم.
صحيح أن منظومتنا الأمنية قد حققت نجاحا باهرا في محاربة الإرهاب وتحييد خطره وتفكيك العديد من خلايا الإرهاب من خلال خطوات استباقية أثبتت نجاحها على الرغم من تهديداته الجدية، وهو ما كان محط إشادة و إقرار من قبل العديد من الدول كإسبانيا أو فرنسا بل وحتى الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما أسهم في تبوأ المغرب لمكانة هامة على الصعيد الدولي في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة التي أضحت تشكل خطرا وجوديا لدول ومجتمعات برمتها، لكن في المقابل نتمنى أن يواكب هذا النجاح نجاحا آخر في محاربة الجريمة، لا سيما بعض الأنواع منها كالاختطاف والاغتصاب والقتل وفي بعض الأحيان تكون متلازمة مع بعضها وهي جرائم قد لا يقل خطرها عن الإرهاب وربما ينبغي أن تعامل نفس المعاملة في ظل النقاش الحاصل حاليا حول مراجعة السياسة الجنائية والتفكير في عقوبات بديلة عن تلك السالبة للحرية في حق بعض الأنواع من المخالفات و الجرائم ،ويمكن لصانعي القرار في مجتمعنا استلهام تجارب ناجحة عديدة للكثير من الدول في محاربة الجريمة ومنها "التشرميل" والحد منها وفق مقاربة شمولية تجمع بين الأمني و السوسيولوجي والاقتصادي وبإشراك كافة الفاعلين و المتدخلين وذوي الاختصاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.