بتعليمات ملكية.. اجتماع بالديوان الملكي بالرباط لتفعيل تعليمات الملك محمد السادس بشأن تحيين مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    الأقاليم الجنوبية تحقق إقلاعا اقتصاديا بفضل مشاريع كبرى (رئيس الحكومة)    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    مونديال الناشئين.. المنتخب المغربي يضمن رسميا تأهله إلى دور 32 بعد هزيمة المكسيك وكوت ديفوار    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    تعديلاتٌ للأغلبية تستهدف رفع رسوم استيراد غسّالات الملابس وزجاج السيارات    قضاء فرنسا يأمر بالإفراج عن ساركوزي    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    متجر "شي إن" بباريس يستقبل عددا قياسيا من الزبائن رغم فضيحة الدمى الجنسية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    حقوقيون بتيفلت يندّدون بجريمة اغتصاب واختطاف طفلة ويطالبون بتحقيق قضائي عاجل    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    البرلمان يستدعي رئيس الحكومة لمساءلته حول حصيلة التنمية في الصحراء المغربية    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    العيون.. سفراء أفارقة معتمدون بالمغرب يشيدون بالرؤية الملكية في مجال التكوين المهني    احتجاجات حركة "جيل زد " والدور السياسي لفئة الشباب بالمغرب    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التمثيلية النسائية بمجلس المستشارين من مناصفة القوانين إلى عشر النتائج؟؟
نشر في هسبريس يوم 12 - 10 - 2015

تابع معظم المغاربة انتخابات مجلس المستشارين بتاريخ 2 أكتوبر 2015، وهي آخر محطة من المسلسل الانتخابي الذي انطلق بتاريخ 4 غشت لانتخاب ممثلي المأجورين والغرف المهنية، واستمر بعدها لانتخاب أعضاء الجماعات الترابية والجهات، ثم مجالس العمالات والأقاليم. وللإشارة فإن مجلس المستشارين يضم في تركيبته أعضاء ينتخبون بشكل غير مباشر يمثلون مختلف هذه المؤسسات المنتخبة إضافة إلى ثمانية أعضاء يمثلون نقابة المشغلين لأول مرة في تاريخ المغرب.
وقد جرت هذه الانتخابات في ظل ترسانة قانونية جديدة قلصت عدد أعضاء المجلس إلى 120 عضوا فقط عوض 270 في السابق، وأدخلت بعض التغييرات في تركيبته. وأخيرا، وهذا ما يهمنا في هذه المقالة، اشترط القانون التنظيمي للمجلس المناصفة بين النساء والرجال في لوائح الترشيح كشرط لقبول الترشيحات، وذلك في المادة 24 منه "يجب أن لا تتضمن كل لائحة من لوائح الترشيح اسمين متتابعين لمترشحين اثنين من نفس الجنس". وذلك تحت طائلة عدم القبول، حيث نصت المادة 26 منه على "لا تقبل الترشيحات ولوائح الترشيح المودعة خلافا لأحكام المادتين 24 و 25".
للتذكير، فإن هذا القانون التنظيمي هو الوحيد الذي يتضمن المناصفة في الترشيحات بين النساء والرجال كما طالبت بذلك مذكرات الجمعيات النسائية. فكيف يمكن تفسير هذا التناقض في المدخلات (المناصفة في الترشيحات) مع المخرجات (العشر في النتائج)؟
تذهب بعض التحليلات إلى إلقاء اللوم على العقلية الذكورية التي لم ترق بعد إلى القبول بالمرأة في الحقل السياسي، وممارسة كافة حقوقها السياسية كالرجل، وللإشارة فإن هذا التحليل وإن كان له نصيب من الصحة في تحليل ضعف المشاركة السياسية للنساء في مختلف المؤسسات المنتخبة بشكل عام، فإن ادعاؤه في تحليل نتائج تمثيلية النساء بمجلس المستشارين يفتقر إلى أدنى الشروط الموضوعية للإقرار به كمعطى مفسر لضعف مخرجات الانتخابات غير المباشرة للمجلس. وذلك لمجموعة من الاسباب منها:
1- أن التصويت كان على اللائحة وليس على الأفراد، وكل هذه اللوائح تتضمن المناصفة بالتتالي بين النساء والرجال، احتل الرجال في أغلبها رأس اللائحة. ما يعني أن لائحة الترشيح التي فازت بمقعدين سيؤول أحدهما بشكل أوتوماتيكي للنساء.
2- أن الأمر يتعلق بانتخاب غير مباشر لمؤسسة تشريعية، ما يفترض أن كل حزب سياسي سيجند أعضاءه الفائزين في الجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم، أو في الجهات للتصويت على لائحته في مجلس المستشارين، وهو ما يجعل التصويت سياسيا على لائحة تتضمن المناصفة في الترشيحات.
لهذين الاعتبارين تبدو فرضية ضعف النساء في المؤسسة التشريعية راجعة للعقلية الذكورية ضعيفة، لكون نمط الاقتراع اللائحي الذي يتضمن المناصفة أرقى الأساليب التقنية التي اعتمدتها دول كثيرة، منها الاسكندينافية أساسا التي بلغت فيها النساء نسبا اقتربت من المناصفة، فكيف يمكن تفسير استعمال نفس الآلية دون الحصول على نفس النتائج في الحالة المغربية.
إحدى الأجوبة التي يمكن أن تكون مفتاحا لفهم هذا التناقض في المخرجات، هو الاختلاف الكبير بيننا وبينهم في طبيعة "التعددية الحزبية"، فإذا كان هناك في الدول الديمقراطية ثنائية حزبية واضحة أو ثنائية قطبية بفعل ارتفاع نسبة العتبة التي تبلغ 10% كمتوسط، فإن نظام العتبة المعمول به في المغرب لا يسعف في التوجه نحو ثنائية قطبية على الأقل، كونها تبلغ 6% فقط من جهة. ومن جهة أخرى وجود نظام حزبي مبلقن (35 حزب) لا يسمح ببروز حزبين أو ثلاث مهيمنة على 80% من المقاعد على الأقل، إذ تشير المعطيات إلى وجود ثمان أحزاب سياسية أساسية بالمغرب.
إضافة إلى مشكل التعددية والعتبة التي تفرز البلقنة، يبرز مشكل ضيق "صغر" الدوائر الانتخابية، إذ لا تتعدى ستة مقاعد في أكبر الدوائر (الدار البيضاء سطات)، ما يعني أن الأحزاب المتنافسة فيها لا تظفر إلا بمقعد واحد على الأغلب لكل حزب، مع وجود استثناء واحد ( فازت امرأتين فقط من جهة البيضاء سطات عن ممثلي الجماعات المحلية والعمالات من مجموع 48 منتخبا أي بنسبة لا تبلغ 5%، بينما لم تفز أية امرأة عن الجهات التي يبلغ عدد مقاعدها 24 مقعدا، (مقعدين لكل جهة) أي بنسبة 0%)).
في ظل هذه التعددية المبلقنة حيث تتنافس في دائرة انتخابية أكثر من 6 لوائح حزبية على 4 مقاعد في المتوسط لكل جهة، وفي ظل ترأس الرجال لجميع لوائح الأحزاب التي فازت، فإن النتيجة الأكيدة هي ضعف التمثيلية النسائية بالرغم من اعتماد آلية انتخابية تفرض المناصفة في الترشيحات.
وما يزكي هذا المعطى هو أن النساء فزن بثمان مقاعد من مجموع 20 مقعدا المخصصة للنقابات أي بنسبة بلغت 40%. لأنه لم تكن هناك دوائر انتخابية، بل كانت لائحة واحدة على الصعيد الوطني لكل تنظيم نقابي. ورغم ذلك فإن ثلاث نقابات دخلت لمجلس المستشارين بدون نساء، وهي: (الفيدرالية الديمقراطية للشغل والمنظمة الديمقراطية للشغل والنقابة الوطنية الديمقراطية). كما بلغت نسبة تمثيلية النساء في غرفة الفلاحة حوالي 43%، (ثلاث نساء من أصل سبعة أعضاء) بينما لم تفز أي امرأة في باقي الغرف الأخرى، وهو ما يمكن تفسيره بالمعطى السوسيومهني، حيث النساء تمثل كتلة مهمة في الجسم الفلاحي.
تفيد هذه المعطيات أن الحلول التقنية المعتمدة لحل إشكال التمثيلية السياسية للنساء كإشكال ثقافي وسياسي، لا تؤتي أكلها إلا في بيئة حاضنة تتوفر على عناصر جوهرية سياسية تسمح بتفعيل هذه الآليات التقنية (نظام العتبة، التعددية الحزبية، حجم الدوائر الانتخابية...) بغض النظر عن المعطى الثقافي (العقلية الذكورية المفترى عليها في هذه الحالة).
إن نتائج مجلس المستشارين في شقها النسائي لا ينبغي قراءتها كنتيجة للعقلية الذكورية، بل هي نتيجة عدم الاهتمام الكافي -من لدن الحركة النسائية وباقي المتدخلين- بقراءة الواقع السياسي المغربي المحتضن لهذه الآليات، واهتمامها بشكل كبير بالنجاحات التي حققتها نفس الآلية (المناصفة في الترشيحات) في دول أخرى، تنعدم فيها بشكل كبير شروط القابلية للمقارنة مع نظامنا السياسي والحزبي. فبالفعل تستحق نتائج مجلس المستشارين قراءة متأنية في علاقتها بالعناصر السياسية المشار لها سلفا، وليس فقط بالتهمة الجاهزة "العقلية الذكورية".
ختاما، لا يمكن فصل قضية التمثيلية السياسية للنساء عن قضية الديمقراطية بشكل عام، إذ لا يمكن تشجيع تمثيلية النساء والشباب بالشكل الكافي في ظل استمرار المعطيات السياسية والثقافية السابقة، وهو ما يقتضي معالجتها من جهة. ومن جهة أخرى آن الأوان لفتح نقاش عمومي وسياسي حول الانتدابات الانتخابية التي تبقى غير محصورة في المغرب. إذ لا يعقل أن تحصر جميع المؤسسات العمومية والأحزاب السياسية في القوانين المنظمة لها الانتدابات في ولاية واحدة، قابلة للتجديد مرة واحدة فقط، في الوقت الذي لا يحصر القانون عدد هذه الانتدابات بالنسبة للمنتخبين في المؤسسات المنتخبة وطنيا ومحليا، إذ أن حصرها في ولايتين كحد أقصى فقط سيسمح للشباب والنساء بالحصول على انتداب انتخابي بشكل أكبر في هذه المؤسسات. وهو ورش ينبغي على مختلف الفاعلين من شبيبات حزبية وقطاعات نسائية وجمعيات شبابية وحقوقية ونسائية النضال من أجل تحقيقه.
*باحث في القانون الدستوري وعلم السياسية- متخصص في الحركة النسائية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.