دافعَ النائبُ البرلماني عبد اللطيف وهبي عنْ موقفهِ الرافض لاستقلال النيابة العامّة عنْ سُلطة وزير العدل، وقال في ندوةٍ نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب، مساء يوم الثلاثاء بمدينة سلا، إنَّ "الاختصاصات التي تقع تحتَ إمرة القضاء الواقف تحتاجُ إلى ضابطٍ، لذلك كانَ موقفي واضحا، ووقفتُ ضدّ استقلالية النيابة العامة". وأضاف المتحدث، متسائلا: "هل تتصوّرون أنْ نُمتّع النيابة العامّة بالاستقلالية، وهي التي تتحكم في الضابطة القضائية والبوليس، وتحتَ إمرتها تُعطى أوامر الاعتقال، وغيرها من الصلاحيات"، قبْل أنْ يُورد أنَّ الملكَ هو من سيتحمّل قرارات النيابة العامّة بعد استقلالها، مستشهدا في هذا السياق بواقعة إطلاق سراح مغتصب الأطفال الإسباني "دانيال كالفان". ويبْدو أنَّ السياسيين المغاربة باتوا يأخذونَ بعين الاعتبار الاهتمامَ المتنامي بالشأن السياسي من طرفِ رُواد مواقع التواصل الاجتماعي، وما يصدُرُ عنهم من انتقادات، إذ قال وهبي في هذا الصدد: "نحنُ في عصر فيسبوك، والشباب المغربي أصبحَ يُحاسِبُ ويُحاكِم، وقدْ رأينا حين تفجّرتْ قضيّة كالْفان كيفَ صبّتْ جميع الانتقادات في اتجاه القصر وحده؛ يجبُ أن نكونَ واضحين". وعلاقة بالقضاء، انتقدَ وهبي عمَل المحكمة الدستورية، واعتبرها "محافظة وتراقبُ القوانين بمنطق دستور سنة 1996"، رافضا أنْ تتدخّل في عمل المُشرّعين، وقال: "المحكمة الدستورية لا حقّ لها في التدخّل في المجال السياسي، بل يجب أن ينحصر عملها في البتّ في ما هو قانوني، وعليها ألّا تُمليَ علينا ما يجبُ فعله". على صعيد آخر، قال وهبي خلال ندوة مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب، التي خُصّصت لمناقشة كتاب "من وحي البرلمان"، والذي ساهم في تأليفه إلى جانب كل من حسن طارق، وعبد اللطيف بروحو، ومحمد الأعراج، (قال) إنّ الدافعَ لتأليف الكتاب هو النقاش الذي يدورُ في البرلمان والذي يمتدُّ إلى ما بعد الجلسات، "لذلك نريد أن يصل هذا النقاش إلى الرأي العام، باختلافاتنا السياسية، لأننا في مرحلة جديدة". وأضاف المتحدث أنّ المغربَ انتقل إلى مرحلة أخرى بعد دستور فاتح يوليوز 2011، حيث أضحى النقاش السياسي الدائر بين الفرقاء السياسيين ينصبّ حول إعمال الدستور وتفعيل مقتضياته، "ولمْ يعُد النقاش حول شرعية النظام كما كانَ سائدا من قبل"، وتابع: "مشروعية النظام لم تعُد موضوعا للنقاش، والسؤال المحوريّ الذي يجبُ أن نطرحه هو كيف سنتعامل مستقبلا مع الدستور، هل هو دستور جامد أم قابل للتطوير". وهبي تحدّثَ عن جُزْءٍ من الصراعات "الطاحنة" بين الأغلبيّة والمعارضة في البرلمان؛ ففيما يتعلّق بالمدّة الزمنية المخصصة لكلا الطرفيْن، كشف وهبي أنَّ البرلمانيين يحسبونَ الزّمن الذي يتحدثون فيه تحت قبّة البرلمان بالدقيقة والثانية، قائلا: "لا يُمكن السماح في دقيقة واحدة، لأنّ الأمرَ يتعلق بمساحة نخاطب من خلالها رأيا عامّا يتشكل من أكثر من ثلاثين مليون نسمة". وعلى الرغم من الخلافات والصراع القائم بين الحكومة والمعارضة، إلا أنّ وهبي شدّد على ضرورة أنْ يجري التنافس في إطارٍ احترامِ المؤسسات، قائلا: "رغم اختلافنا مع رئيس الحكومة، إلا أنَّ المؤسسة التي يتولّى قيادتها مؤسسة محترمة، فلم نعُد أمام وزير أول ينسّق عمل القطاعات الحكومية، بل أمام مؤسسة لها وزنها، وما يجبُ الحرص عليه هو أن يحترم المسارُ السياسي القواعد الدستورية"، وفق تعبيره.