عادَ النائبُ البرلماني عن الفريق الاشتراكي، حسن طارق، ليشُنّ هجوما على من وصفهم ب"حزب القضاة"، حينَ كان يتحدّثُ مساء الثلاثاء، في ندوةٍ نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب بمدينة سلا، عنْ موقفه من القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي صوّتَ ضدّه، "انطلاقا من إعمال بُند الضمير، لأنّ المرْءَ في بعض الحالات يجدُ نفسه في تناقض بين قناعاته الراسخة وبين مواقف مجموعته النيابية"، بحسب تعبيره. وفي حينِ بذلَ وزيرُ العدل والحريات جهودا من أجل عقْد لقاءات مع مختلف الفاعلين، إبّان الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، المندرج في إطار الديمقراطية التشاركية التي جاءَ بها دستور فاتح يوليوز 2011، فإن النائب البرلماني وصفَ هذه الديمقراطية التشاركية ب"إحدى أكبر الخرافات التي سنُعاني من تبعاتها خلال السنوات القادمة". ولمْ يُخف طارقُ معارضته لإخضاع مشاريع القوانين التي يعودُ الحسمُ فيها إلى نواب البرلمان، للديمقراطية التشاركية، قائلا إنّها تُفْقدُ العملَ التشريعي أهميته، وتُضعفُ مساهمة البرلمان في إنتاج التشريع، باعتبار أنّ التوصيات الصادرة عن لقاءات الحوار العمومي تُحدّد سلفا الاتجاه العام وتحدد سقف هذه القوانين، وذهب طارقُ إلى تعريف الديمقراطية التشاركية بأنها "عنوان مستعار لديكتاتورية الفئات". الأستاذ الجامعي تابع، حينَ حديثه عن الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، أنَّ الديمقراطية التشاركية "هي قدرة النافذين والفئات القوية والمنظمة على أن تُحَوّر اتجاه الحوار، والجميع يعرف من هي الفئة القوية في الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة، وهذا يناقض تماما التشريع المبني على نظرية التمثيل السياسي لأن البرلمان يشرّع للأمة ويشرّع للمستقبل ولا يشرع للفئات"، في إشارة إلى القضاة. وحمّل طارقُ الديمقراطية التشاركية نصيبا من المسؤولية في ضعف وعجز نواب البرلمان عن التشريع، قائلا: "في السابق كانت بعض القضايا داخل مجلس النواب تحسم خارجه بواسطة التوافقات السياسية، أما في الولاية الحالية فقد أضفنا سببا آخر لعجز النواب، وهو الديمقراطية التشاركية والحوار العمومي". واستدلّ المتحدّث، في هذا السياق، بالقانونين التنظيميين المتعلقين بالمجلس الأعلى السلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاء، "فقدْ جاءنا القانونان إلى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بعد أنْ مرّا بالحوار العمومي، وعرضت توصياته على الملك الذي نوّه بها، وحين أردنا مناقشة المشروعين كانَ هناك من يقول لنا: آحْبْسْ، هادشي راه فيه الملك، وهذا طرح مشكلا كبيرا"، يقول النائب البرلماني. طارق روى أنَّه توجّه إلى الودادية الحسنية للقضاة رفقة النائب البرلماني عبد اللطيف وهبي لمناقشة هذا الأمر، ليُفاجئا بقضاة كبار، وفق تعبيره، يطلبون منهما أنْ تحترم لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب التوصيات الصادرة عن اللجان التي أشرفت على لقاءات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة. وعلّق طارق ساخرا من ذلك بالقول: "قلت لهم الحديث عن احترام توصيات اللجان كانت سائدة في ليبيا إبّان عهد العقيد معمر القذافي، وقد انتهتْ برحيله، أما نحن فنعمل في إطار ديمقراطية المؤسسات المبنية على الديمقراطية التمثيلية، حيث تمرُّ القرارات في البرلمان، الذي تعودُ إليه صلاحيّة التشريع لوحده". النائب البرلماني الاتحادي تابع أنّ الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة "يتعلق بمصلحة العدالة وليس مصلحة النيابة العامة أو المحامين أو الموثقين أو القضاة، وهي أكبر من ذلك"، لافتا إلى أنّ المشرّع بإمكانه "أن ينفذَ إلى روح هذه المصلحة العامة، لكن حين تفوض الأمور للقضاة فهذا معناه نهاية التمثيل السياسي، ونهاية دور البرلمان"، وفق تعبيره.