أثارت قضية اغتصاب ومحاولة قتل الطفل عمران من طرف من بات ينعت ب"وحش ليساسفة"، تساؤلات كبرى ذات طبيعة إنسانية، وقانونية، وحقوقية، وتفاعل معها الرأي العام المغربي بكثير من التعاطف، والأسئلة حول النظام العقابي المغربي ودور القضاء في حماية هؤلاء الضحايا. وبعدما سبق أن دعا محمد الخضراوي، القاضي بمحكمة النقض، إلى سن قانون الإخصاء الكيميائي لمعاقبة المجرمين مغتصبي الأطفال، عن طريق حقن المحكوم عليه في جرائم اغتصاب الأطفال بمواد تقضي على رغباته الجنسية مدة زمنية معينة، سجل، في تصريح لهسبريس، أن القانون المغربي لا يحمي الأطفال من هذه الممارسات. وأوضح القاضي الخضراوي أن قضية اغتصاب عمران "جعلتني أبحث في النصوص القانونية والعمل القضائي المغربيين لعلي أجد فيهما ما يطفئ حرقة الأب وضمير المسؤول وصرخة الأم المكلومة"، مضيفا أن "المشرع المغربي ما زال يحمل بين ثناياه مجموعة من المواد لا تضمن الحماية الكافية ولا تجيب على كل الأسئلة". "في انتظار مقاربة شمولية لمراجعة نظامنا العقابي، وإدخال عقوبات جديدة أكثر ردعا؛ لعل منها عقوبة الإخصاء الكيميائي"، يقول الخضراوي، فإن المطلوب من القضاء هو "حماية الحقوق والحريات وضمان أمن الأفراد والجماعات والتطبيق العادل للقانون"، مشيرا إلى أن القضاء "محتاج إلى تشريع يكون أكثر ملاءمة للواقع، أكثر إنصافا، وأكثر تفاعلا مع ظواهر تؤلمنا جميعا ولا نجد لها كثيرا من المبررات أو الأجوبة". ويميز القانون الجنائي المغربي في عقوبة هتك عرض القاصر الذي يقل عمره عن 18 سنة أو العاجز أو المعاق أو الشخص المعروف بضعف قواه، بين الحالة التي يرتكب فيها هذا الفعل بواسطة العنف، حيث تصل العقوبة الأقصى إلى عشرين سنة وتكيف على أنها جناية، وبين الحالة التي تكون بدون عنف حيث تحدد العقوبة ما بين سنتين وخمس سنوات وتكيف على أنها جنحة. وجوابا على سؤال حول إمكانية تصور رضا الطفل القاصر أو العاجز أو المعاق أو الشخص المعروف بضعف قواه، استغرب القاضي المذكور من هذا الطرح، بالتساؤل "كيف يمكن القبول منطقيا ونفسيا بأن طفلا ذا أربع سنوات، أو طفلة من ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن أن تستوعب وحشية مجرم تجرد من كل القيم والمبادئ لينتهك عرضها، براءتها، طهرانيتها وملائكيتها؟". الخضراوي طالب، في هذا الاتجاه، بتعديل المادة 485 من القانون الجنائي، واعتبار هتك عرض هؤلاء الضحايا جناية وليس جنحة، وبافتراض وجود العنف وعدم إمكانية تصور وجود رضا من طرفهم، وذلك بالتزامن مع ما سبق أن أكده قرار لمحكمة النقض. وفي هذا الصدد، أكد الخضراوي أنه سبق لمحكمة النقض أن أصدرت قرارا مبدئيا هاما ذا أبعاد واقعية ونفسية وإصلاحية كبرى، مشيرا إلى أنها "أسست بخصوص هذه القضايا التي تتسم بصعوبة إثباتها وإثبات ظروفها المشددة، وحسمت نقاشا قضائيا طويلا، معتبرة هذا الفعل المشمئز جناية، وليس جنحة في جميع الأحوال".