تميز الدوري المغربي للمحترفين في الموسم الجاري بمجموعة من "الظواهر" جعلته مغايرا عن سابقيه، وفتحت النقاش، من جديد، حول المستوى الذي باتت تقدمه الأندية الوطنية مقارنة مع أندية أخرى عربية وإفريقية، كما أعادت إشكالية البرمجة وتشديد عقوبات "الويكلو" على الأندية إلى الواجهة، والحديث عن مدى دخول الكرة المغربية عهد الاحتراف وقدرة جامعة كرة القدم على تطوير المنتوج المحلي. وشهد الدوري المغربي، إلى حدود الجولة 22، عددا من المفارقات الغريبة، رصدت منها "هسبورت" خمسا، همت المستوى التقني للأندية، وظهور بعضها بوجهين مغايرين في الموسم ذاته، مع اقتراب فريقين من أكبر الأندية من السقوط إلى القسم الموالي. العودة من بعيد سجل الموسم الرياضي الجاري العودة القوية لنادي الرجاء البيضاوي خلال النصف الثاني منه، بعد أن كان يعاني الأمرين بين أسفل ووسط الترتيب، حيث أسهمت الانتصارات الستة المتتالية في تحقيق قفزة نوعية ارتقت به إلى المركز الثالث برصيد 37 نقطة، بفارق نقطة واحدة عن الفتح الرباطي وأربع نقاط عن الوداد البيضاوي. وفتحت الاستفاقة غير المتوقعة للرجاء البيضاوي الباب أمام المنافسة على لقب الدوري المغربي بعد أن كان، إلى وقت قريب، يأمل فقط في إيقاف نزيف النتائج السلبية والخسائر المتتالية بالميدان وخارجه، وضمان مركز يليق بتاريخ النادي "الأخضر". ولم يكن أكبر المتفائلين يتوقع ظهور الرجاء بهذا الوجه المشرّف في إياب البطولة الوطنية، وجمعه 19 نقطة من أصل 21، وهي "الانتفاضة" التي ستهدد بما لا يدع مجالا للشك زعامة الوداد للدوري، في حال استمرت انتصارات "الخضر"، مقابل تراجع أداء الفريق "الأحمر" الذي يلعب على أكثر من واجهة ويخوض مباريات كثيرة في فترة قصيرة. عمالقة يلعبون للانعتاق من كان يظن أن من تألق وأبدع في الموسم الفارط وكان قاب قوسين أو أدنى من الظفر بدرع الدوري وكسب بطاقة العبور إلى العصبة و"الكاف"، سيجد نفسه في الموسم الموالي يصارع للإفلات من شبح النزول إلى القسم الوطني الثاني والبقاء ضمن الصفوة. الكوكب المراكشي، أولمبيك خريبكة، المغرب الفاسي والدفاع الحسني الجديدي أربعة أندية كبيرة انتقلت من المنافسة على البطولات إلى التنافس من أجل "الانعتاق"، يضاف إليها فريق أولمبيك آسفي الذي دخل كوكبة الصف الأخير بعد النتائج المخيبة التي حققها في الجولات الأخيرة تحت قيادة الإطار الوطني عزيز العامري. غائب ومتصدر لم يستطع أي ناد الانقضاض على صدارة الدوري المغربي للمحترفين وينزل الوداد من عرشه "المؤقت" في الزعامة، رغم انشغال الأخير بمبارياته المتتالية بدوري أبطال إفريقيا، وتأجيل العديد من مبارياته، مع الإشارة إلى أن الفريق "الأحمر" دخل في فترة فراغ بعد الجولة العاشرة وحصد نتائج مخيبة، إلا أن ذلك لم يمنعه من الظفر بلقب "الخريف". ولم ينجح كل من نادي الفتح الرباطي واتحاد طنجة في استغلال تدني مستوى الفريق "الأحمر" في عدد من المباريات، بل تراجعا وظهر عجزهما عن الانقضاض على صدارة الدوري، لينحصر الصراع على اللقب، بعد موجة من التقلبات، بدرجة كبيرة، بين ثلاثي الوداد، الفتح والرجاء. موسم بوجهين من بين الظواهر الغريبة، أيضا، في دوري هذا الموسم ظهور الرجاء البيضاوي بوجهين مغايرين في موسم واحد، قدم في نصفه الأول أداء هزيلا أكد من خلاله أن موسم الفريق للنسيان لا غير، قبل أن يرتدي في النصف الثاني ثوب البطل ويطيح بكل من يواجهه داخل الميدان وخارجه وبحصص عريضة. "العساكر" الذين بلغوا في فترة ما من مرحلة الذهاب مراكز متقدمة وبدأ مناصروهم في التفكير بإنهاء الموسم بأحد المراكز المؤهلة إلى المنافسة القارية، عادوا ليبصموا على إياب "كارثي" قريب أكثر من أسفل الترتيب، وجعلوا أعلى آمالهم هذا الموسم هو ضمان البقاء، الشيء الذي يؤكد التخبط الواضح داخل الفريق "العسكري" طيلة المواسم الأخيرة. "الويكلو" والتهجير بات عدد لا يستهان به من مباريات الدوري المغربي للمحترفين يجرى بأبواب موصدة في وجه الجمهور، وذلك بسبب تشدد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في فرض عقوباتها على كل الأندية التي يرتكب جمهورها مخالفات أو أعمال شغب أثناء المباريات، الشيء الذي جعل الكثير من مباريات الدوري تفقد جماليتها. وأصدرت جامعة كرة القدم هذا الموسم أحكاما على أندية عدة، تلزمها بخوض مباريات بدون جمهور، من بينهما الوداد، الرجاء، الجيش الملكي واتحاد طنجة، الشيء الذي لم يكن بالحدة ذاتها خلال مواسم سابقة. وإلى جانب "الويكلو"، عانت أندية كثيرة خلال الموسم الجاري من اللعب خارج الميدان بفعل الإصلاحات التي تعرفها ملاعبها الرياضية، مثل النادي القنيطري، أولمبيك آسفي وأولمبيك خريبكة، الشيء الذي أسهم في تراجع نتائج الناديين الأخيرين المهددين بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية. * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيّين زوروا Hesport.Com