حركية دؤوبة لعدد من مشجّعي الجاليات العربية والإفريقية تخترق شوارع وأزقة العاصمة المغربية وهي تستقبل، إلى جانب 5 مدن أخرى، فعاليات الدورة النسخة الخامسة والثلاثين من كأس إفريقيا للأمم "المغرب 2025′′ المستمرة إلى 18 يناير المقبل. ومن المرتقب أن تعيش المدن المغربية المستضيفة لنهائيات "الكان" أجواء احتفالية استثنائية، عاينها ورصدها طاقم جريدة هسبريس الإلكترونية خلال جولة له، زوال الثلاثاء بالرباط، قريبا من مداخل المدينة العتيقة على طول شارع محمد الخامس. ولم تُخف وفود الجماهير من مختلف أنحاء القارة الإفريقية وبلدان عربية مغاربية انبهارها بمستوى البنية التحتية والجاهزية التنظيمية التي سخّرتها المملكة لإنجاح هذا العرس الكروي القاري. وعلى الرغم من التساقطات المطرية التي شهدتها بعض المدن خلال الأيام الثلاثة الأولى لافتتاح "الكان"، فإن حرارة الاستقبال وروح الوحدة الإفريقية بدَتا طاغيتين على المشهد، وسط إشادة واسعة، تردّدت كلازمةٍ في معظم الإفادات، بجودة الخدمات اللوجستية وتطور المنشآت الرياضية. كما رصدت هسبريس انطباعات الجماهير الإفريقية والعربية حول تنظيم "الكان" في المغرب، عادّينَ "المملكة هي مستقبل كرة القدم عالميا". انطباعات مغاربية بحماس كبير، تحدّث المشجعون من تونس والجزائر عن عمق الروابط الأخوية التي لمَسُوها منذ اللحظات الأولى لوصولهم إلى المطارات المغربية، مؤكدين أن "المغرب بات واجهة مُشرّفة للرياضة العربية". أحد المشجعين التونسيين، الذين التقتهم هسبريس بكثافة غير بعيد عن السوق المركزي للرباط، بحكم لعبِ "نسور قرطاج" لمباراتهم الأولى في الملعب الأولمبي بالعاصمة، أورد أن "المغرب يثبت، اليوم، أنه مستقبل كرة القدم في العالم وليس فقط في إفريقيا. وزاد المشجع ذاته قائلا: "التحضيرات كانت على أعلى مستوى، وحتى تفاصيل التعامل مع الأمطار خلال حفل الافتتاح كانت مدروسة بعناية. نحنُ هنا يد واحدة، تونسيون وجزائريون ومغاربة، بعيدا عن أيّ خلافات". أما رانيا، مشجعة تونسية استقطبتها أجواء "كان 2025" نحو مزيد من الجولات السياحية، فقالت لهسبريس: "زُرت مراكشوالدارالبيضاءوالرباط، وانبهرتُ بجمالية التنظيم في 'مناطق المشجعين' (Fan Zones)" خاتمة بأن "الاستقبال كان حارا جدا، فالمغاربة يكنّون حبا كبيرا للتونسيين". ولوحظ أن عددا من المشجعين الجزائريين والتونسيين قدِموا من فرنسا. وسجل أحدهم: "انبهرتُ بجمال طنجة، خاصة مقهى الحافة ومنطقة التقاء البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي. الأجواء في الرباط رائعة وآمنة حتى في ساعات متأخرة من الليل، وروح الإخاء مع الجمهور الجزائري والمصري حاضرة بقوة". مشجع جزائري مقيم بفرنسا لم تفتُه حفاوة الاستقبال، لافتا إلى أن "الاستقبال كان حارّا منذ وصولنا إلى المطار، والشعب المغربي مِضياف لأبعد الحدود"، مردفا "نتمنى أن نرى نهائيا يجمع بين منتخبي المغرب والجزائر في هذا العرس القاري". الريادة المغربية تستهوي جالياتٍ إفريقية أجمعت تصريحات عدد من الجماهير القادمة من دول جنوب الصحراء على أن المغرب يُثبت نجاحه في تقديم "نسخة استثنائية تعكس تطور القارة". وأفاد باباكار، مشجع سنغالي التقته هسبريس ملتحفا علَم بلاده، "المغرب استقبلنا بشكل رائع، والأجواء هنا احتفالية بامتياز. نحن نعيش "الكان" بروح إفريقية واحدة في بلدنا الثاني المغرب". بدوره، عبر مشجع غيني مقيم بالمغرب منذ 8 سنوات عن "حبّه لثراء وتنوع الثقافة المغربية؛ الرباط هي أفضل مدينة مغربية، والتنظيم في هذه النسخة كان مثاليا بفضل جهود الملك محمد السادس". "بصفتي مقيما في الدارالبيضاء، أرى أن الرياضة تجمعُنا بغض النظر عن العِرق أو الدين. الصورة العامة للجاليات والتبادل بين الجماهير في الرباط يمر في جو من الهدوء والسعادة"، سجل كريستيان مشجع كونغولي، وهو ينتشي بفوز منتخب بلاده على بنين في مباراة احتضنها "ملعب المدينة" بحي أكدال بالرباط. وأضاف المشجع ذاته متحدثا لهسبريس: "عندما نجتمع حول الكرة، تسود الروح الاجتماعية والضحك والهدوء"... في سياق متصل، لم تغب الجماهير السودانية التي يشارك منتخبها في "دورة المغرب 2025" عن المشهد، حيث ركّزت تصريحات عدد منهم على الجوانب التنظيمية والجودة الخدماتية التي وفّرتها المملكة للمشجعين. وقال أحد المشجعين السودانيين: "المغرب بلد مميز دائما. التنظيم شمل كل شيء؛ من سكن ومواصلات وتنقل مريح للمشجعين. هذه البطولة تمثل توأمة حقيقية بين الشعوب في جو من الألفة والمحبة". إجمالا، أكدت مختلف الجماهير أن هذه النسخة من كأس إفريقيا للأمم بالمغرب ليست مجرد منافسة كروية؛ وإنما هي بوابة كبرى تؤكد جاهزية المملكة لاستضافة مونديال 2030 رفقة كل من إسبانيا والبرتغال، وتعكس صورة قارة توحّدها المستديرة لتسير بثبات وتطور.