منذ تولي الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، رئاسة الحكومة، اتسمت العلاقة بين السلطة التنفيذية والنقابات بالتوتر؛ وسط اتهامات للحكومة بوقف جولات الحوار الاجتماعي، وضرب العمل النقابي. ويبدو أن السنة الانتخابية خيمت على تفكير الأحزاب المشكلة للأغلبية الحكومية وهي تقرر أخيرا مواصلة الحوار ضمن "جولة أبريل"؛ وهو ما جعل مطالب النقابات ترتفع، وخصوصا الرفع من الأجر في القطاعين العام والخاص بحوالي 25 في المائة. وضمن جولة أبريل الحوارية التي لازالت مفتوحة منذ أسبوع بين ممثلي الحكومة والنقابات، قدمت المركزيات الأربع الأكثر تمثيلية، وهي الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني للشغل المغرب، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، مذكرة مطلبية مشتركة لانتزاع التزامات حكومية لصالح الطبقة العاملة في آخر عمر الولاية الحكومية. الورقة المطلبية الموحدة طالبت من خلالها النقابات بزيادة صافية ب600 درهم في الأجور، وإقرار الدرجة الجديدة تفعيلا لاتفاق 26 أبريل 2011، والتي تضم السلم 10 بالنسبة للمساعدين التقنيين والإداريين، وخارج السلم بالنسبة للموظفين ذوي مسار الترقي المحدود بالسلم 11، ودرجة جديدة بالنسبة للموظفين ذوي مسار الترقي المحدود بخارج السلم. من جهة ثانية، دعت النقابات الأربع الحكومة إلى مراجعة نظام الضريبة على الدخل، وذلك برفع الإعفاء ليصل إلى 6000 درهم، مشددة على ضرورة "الزيادة في التعويضات العائلية ورفعها إلى 400 درهم عن الابن دون تحديد للعدد". وفي وقت أكدت المركزيات الأكثر تمثلية ضرورة "رفع نسبة حصيص الترقي إلى 36 بالمائة عوض 33 بالمائة المعمول بها حاليا"، نصت مطالبها على "إحداث تعويض عن الأبناء المتمدرسين متغير حسب السلك التعليمي على ثلاثة مستويات، أولي، ثم ابتدائي وثانوي إعدادي، وتأهيلي ثم جامعي، مع رفع التعويض عن الإقامة بنسبة 200 بالمائة، وإحداث تعويض عن العمل بالمناطق النائية". الدكتور محمد طارق، أستاذ القانون الاجتماعي بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، سجل في تصريح لهسبريس أن "التأخر الحاصل في الحوار الاجتماعي جعل الملف المطلبي للنقابات بسقف مرتفع"، موضحا أن "الحكومة واعية بأن هذه سنة انتخابية، وبالتالي ستعمل على الاستجابة لبعض المطالب التي لا تحتاج تعديلا في قانون المالية". وأضاف طارق أن "هذا الفعل التفاوضي جاء بعد الضغط الذي مارسته التنظيمات النقابية في الشارع وفي مجلس المستشارين، بعد مناقشة قوانين التقاعد"، مبرزا أن هذه العوامل "جعلت الحكومة تنتبه إلى أن النقابات لها آليات جديدة للضغط بالإضافة إلى الفعل الاحتجاجي". "الحكومة عليها تقديم بعض المكتسبات لتدخل إلى الانتخابات، وتضمّنها في برنامجها"، يقول طارق، موضحا أن "هذا الأمر وقع مع جميع الحكومات، وآخرها حكومة عباس الفاسي التي وقعت اتفاق 26 أبريل 2011 في آخر لحظاتها"، مبرزا أن "مسار التوافق الاجتماعي في المغرب لم يكن في أي حكومة سنويا، بل إن جميع الاتفاقات تغطي حوالي أربع سنوات، وهذا منطقي لأننا لم نصل بعد إلى مأسسة سنوية للحوار الاجتماعي"، على حد تعبير الأستاذ الجامعي.