بدأ عدد من رؤساء المجالس الجماعية في التعبير عن تخوفاتهم من الدينامية الجديدة التي يشهدها قطاع الإدارة الترابية، عقب التعيينات الأخيرة التي أجرتها وزارة الداخلية، والتي شملت مسؤولين مركزيين وترابيين، أبرزها تعيين محمد فوزي واليا ومفتشا عاما للإدارة الترابية. ومن المنتظر أن تساهم هذه الدينامية في إعادة الزخم إلى عمليات التفتيش والمراقبة المركزية، خاصة في جماعات سبق أن رصدت بها تقارير رسمية خروقات واختلالات جسيمة، يحتمل أن تفضي إلى عزل عدد من الرؤساء وإحالتهم على القضاء المختص في قضايا المال العام. وقد تم توجيه عدد من الاستفسارات إلى رؤساء جماعات محلية، عبر العمال والولاة الجدد، بناء على تقارير ميدانية أعدها مفتشو وزارة الداخلية عقب زيارات تفقدية امتدت لأشهر، وذلك في أفق اتخاذ قرارات إدارية أو قضائية بناء على ما ستكشف عنه هذه الردود من معطيات. التعليمات الموجهة إلى مسؤولي الإدارة الترابية شددت على ضرورة تطبيق المساطر القانونية بحزم في التعاطي مع ملفات التفتيش، دون أي اعتبار لحسابات سياسية أو انتخابية قد تضعف من قوة المحاسبة أو تعرقل السير العادي للمؤسسات. ومن شأن إعادة تفعيل تقارير التفتيش والتدقيق أن تحدث تغييرات مؤثرة في المشهد السياسي المحلي مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، خاصة في حال صدور أحكام قضائية نهائية ضد منتخبين قد تفقدهم أهلية الترشح. وينص الفصل 20 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات الترابية على التوقيف التلقائي لرؤساء الجماعات ونوابهم في حالة صدور أحكام قضائية نهائية تسقط عنهم شرط الأهلية، فيما يعتبر الفصل 142 من القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء المجالس، أن أي منتخب يوجد في وضعية مخالفة للقانون يعتبر في حالة استقالة بحكم القانون، ويتم إثباتها بقرار إداري صادر عن الوالي أو العامل المختص. وتشير المعطيات المستقاة من تقارير التفتيش إلى وجود خروقات في تدبير الجبايات المحلية، أبرزها الضريبة على الأراضي غير المبنية، ورخص الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب مخالفات عمرانية. كما كشفت هذه التقارير عن علاقات مشبوهة بين بعض المنتخبين ومقاولات خاصة تستفيد بشكل متكرر من الصفقات العمومية، حيث رصدت اختلالات في دفاتر التحملات، وشبهات تلاعب في شروط المنافسة ومواصفات التجهيزات، مما يفتح الباب أمام شبهات المحاباة والفساد.