قال صلاح بوسريف، الشاعر والأستاذ الجامعي، إنه "في ظل الأوضاع التي تعرفها بلادنا في الوقت الحالي، خاصة ما يتعلق بتشكيل الحكومة وأزمة التعليم، بات المثقف شبه مغيب". بوسريف، وخلال ندوة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام، حول علاقة المثقف بالسياسي، تساءل: "أين المثقف في ما يحدث اليوم، خاصة في ما يتعلق بتشكيل الحكومة وقضايا التعليم؟"، قبل أن يضيف: "المثقف هو النواة التي يمكن أن تعيد بناء اللعبة على عكس ما يعتقده كثيرون". وتحدث الشاعر والأستاذ الجامعي عن الوضع القائم اليوم والخطاب السياسي السائد قائلا: "ساد الكلام الشعبوي في الحزب والبرلمان، كأن السياسة أصبحت تنهل من كلام الشارع"، ساردا مثالا بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان عضوا فيه قبل انسحابه، مؤكدا أنه "حزب سينهار لأنه أفرغ من مثقفيه، وأصبح يشتغل في أفق الانتخابات؛ وهو ما يمكن تعميمه على جل الأحزاب"، حسب تعبيره. وأشار بوسريف إلى الدور الذي كان يلعبه المثقف داخل الأحزاب المغربية على مر السنوات الماضية، قائلا: "في السبعينيات كان المثقف داخل الحزب كالإكسسوار السياسي، وكان أحد آليات المواجهة التي تقتضيها المرحلة"، مضيفا: "كان السياسي يهيمن، وكان ذلك مقبولا". وأكد المتحدث أنه "في فترة من الزمن كانت الأحزاب في جل العالم تعتمد على المثقف الذي كان يعمل على صياغة مواقفها وأوراقها"، ساردا مثال حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي "كانت قوته في مثقفيه وكانت فيه نخبة قوية تلعب دورا كبيرا في صياغة الأوراق والمواقف؛ والأمر نفسه بالنسبة لكل من حزبي التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال". وأورد بوسريف أنه "عقب "الاتفاق" الذي عرفته حكومة التناوب وقع نوع من التشرذم في المؤسسات الثقافية والسياسية، مثل اتحاد كتاب المغرب؛ ناهيك عن انشقاقات داخل الأحزاب السياسية، وخاصة أحزاب اليسار، ما أدى إلى مراجعة كثير من المواقف". وأشار بوسريف إلى أنه "في فترة حكومة التناوب كانت الآمال والانتظارات كبيرة جدا"، وزاد: "الصدمة أن الأمل الكبير بدا صغيرا، ولم يحدث نوع من النقد الذاتي ولا المراجعة السياسية في المواقف والرؤى". وأردف الشاعر والأستاذ الجامعي بأن "مشكلة المثقف في فترة التناوب هي أنه آنذاك لم يحدث المسافة بينه وبين الحزب...فحدث العطب الكبير والارتباك"، مفيدا بأن "أغلب المثقفين تحولوا إلى مستشارين داخل الوزارات ومحررين بمجلة الوزارة"، ومضيفا: "لم تكن لهم مسافة للنقد، ولم يعد هناك ذلك الضمير الذي ينتقد". وأشار بوسريف إلى أنه "في هذه الفترة، وخاصة داخل الاتحاد الاشتراكي، لا أحد كان مقتنعا بأن المثقف هو سلطة رمزية لها قدرة على اقتراح الأفكار وخلق الإشكالات الكبرى وليس الإجابة عن الأسئلة"، وزاد: "لم يستوعب السياسي أن المثقف هو من يقود فكر وعقيدة وإيديولوجية الحزب".