"زارنا ملك البلاد لكن هل اطلع على واقعنا الحقيقي؟"، "لقد تم توجيه الزيارة لتفقد واجهة حينا التي تم تزيينها وإصلاحها أخيرا".. من بين التصريحات التي استقتها هسبريس، خلال جولة قامت بها مباشرة بعد زيارة ملكية لحي الملاح يوم الأربعاء المنصرم؛ وهي تصريحات تعكس تذمر سكان أقدم حي تربع بعمارته التاريخية لليهود المغاربة، بين أسوار المدينة العتيقة بعاصمة النخيل. "سئمنا الحياة في منطقة سكنية تضم ما يقارب 15000 نسمة"، يقول الفاعل الجمعوي المصطفى دنان، ابن حي الملاح، مضيفا "التهميش والاحتقار الذي نتعرض له سبب رئيسي في ما نعيشه"، مستدلا على ذلك ب"عدم إصلاح وفتح مستوصف وحيد بساحة اليعارة- حي السلام، والذي أغلق منذ أربع سنوات"، وتوجيه المرضى إلى مركز حمان الفطواكي الذي يعاني خصاصا مهولا في الموارد البشرية. وتابع رئيس جمعية تجار وصناع وخدمات حي السلام، خلال جولة هسبريس لأزقة جل جدرانها متداعية ومهددة بالانهيار في أي لحظة، قائلا إن "بيوتا كثيرة يتعايش فيها السكان مع الموت الذي يتربص بأرواحهم بين لحظة وأخرى"، موردا "وذلك يشكل معاناة نتخبط فيها" مؤكدا أن "مسجد أحمد الكامل الذي تم إصلاحه طمست معالمه وكذا منافذ تهويته"، حسب تعبيره. المعاناة ألقت أيضا بظلالها على الأطفال الذين حرموا من حقهم في التعليم بمدرسة الرسموكي الابتدائية، التي أغلقت لما يزيد عن أربع سنوات، بالرغم من توفرها على بنية معمارية سليمة، حسب الفاعل الجمعوي ذاته، الذي أكد "تخوف الآباء والأمهات على حياة أبنائهم، الذين جرى نقلهم إلى مؤسسة أم أيمن ذات البنية المتهالكة، وأقسام سقفها من قصدير"، زد على ذلك "مشكلة الاكتظاظ"، حسب تعبير دنان. "الأمن معضلة أخرى يعانيها سكان حي الملاح"، الذي يضم أيضا دورا للضيافة تستقبل ضيوف المغرب؛ لكنها تتعرض لمضايقات كثيرة، ما يهدد مستقبلها بخطر الإفلاس، بالرغم من المبالغ المالية التي استثمرت فيها، والمستخدمين الذين توفر لهم لقمة العيش، يقول مشرف على إحدى الدور طلب من هسبريس عدم الكشف عن هويته. وكشف المصدر ذاته أن سكان الحي المذكور وزواره، كمنطقة سياحية أدرجت ضمن الحاضرة المتجددة، يعانون ما أسماه "استفحال مجموعة من الظواهر الإجرامية، التي تهدد سلامة وأمن وممتلكات المواطنين"، مقدما أمثلة لعصابات تعرض الممنوعات على السياح، الذين يتعرضون للتهديد حين ينزلون بأكثر من 50 دارا الضيافة؛ وهو ما يضطر المشرفين عليها إلى مرافقة زبنائهم، لكنهم يصطدمون برجال الشرطة السياحية يمنعونهم من ذلك". وزاد المستخدم السابق ذكره، مقدما نماذج لما يشكو منه القاطنون بحي الملاح، كتجارة الخمور والمخدرات والحبوب المهلوسة بمختلف الساحات والأزقة؛ وهو ما يجعل حياة السكان والتجار والسياح يخشون اعتراض سبيلهم وتهديدهم بالأسلحة البيضاء وسلبهم لممتلكاتهم وحاجياتهم، وتكسير واجهات وأبواب المتاجر والدكاكين، التي مولت من المال العام، في سياق مشروع مراكش الحاضرة المتجددة. المصطفى دنان ابن حي الملاح يدخل على خط حديث بين المستخدم المذكور وبين هسبريس قائلا بنبرة المتألم من وضع مترد: "حالة شبيهة بحظر التجول نعيشها بعد حلول الظلام؛ لكنها لا تفرض من الدولة بل من عصابات تعج بها منطقتنا بأزقتها الضيقة"، مطالبا بإحداث مركز للشرطة ودوريات قارة لرجال الأمن، التي عاشها سكان الحي بمناسبة تنظيم مؤتمر المناخ "كوب 22"؛ لكنه تبخر وكأننا كنا في حلم"، يختم الفاعل الجمعوي نفسه. لتسليط الضوء أكثر على ما يعانيه سكان الحي المشار إليه، ربطت هسبريس الاتصال بكل من رئيس مصلحة شبكة المؤسسات العلاجية بمندوبية الصحة بالمدينة الحمراء، والمدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني دون أن تتمكن من ذلك. المشاكل السابق ذكرها نقلتها هسبريس إلى يونس بن سليمان، رئيس مقاطعة المدينة القديمة وبرلماني الدائرة، الذي أوضح أن اتصالات عدة تمت مع كل من المدير الجهوي للصحة والمدير الإقليمي للتربية الوطنية والتكوين المهني، تكللت بوعد بفتح المستوصف مع بداية سنة 2017، والبحث عن حل لمشكل تلاميذ مدرسة الرسموكي. وأورد بن سليمان أن مشكلة استتباب الأمن من اختصاص ولاية شرطة مراكش، مؤكدا أنه طلب في لقاءات سابقة من والي الأمن تخصيص دوريات أمنية متكررة، لمعالجة ما يؤرق سكان وتجار وزوار حي الملاح، ومنبها إلى أنه سيجدد متابعته للموضوع؛ حتى يرفع الضرر عن القاطنين بالمنطقة المذكور.