المدير العام لمنظمة العمل الدولية فضيافة ميارة وها تفاصيل المباحثات منها الوضع ففلسطين ووضعية الشغيلة فالمغرب    غوتيريش يحث إسرائيل على وقف التصعيد وإعادة فتح معبري رفح وكرم أبو سالم "على الفور"    محكمة تطوان تؤجل مناقشة قضية نائب رئيس الجماعة المتهم بالنصب    متلازمة رومهيلد .. مشاكل في القلب تحدث بسبب تراكم الغازات    الاتحاد الآسيوي يعاقب حمد الله بعد اشتباكه مع البليهي    محمد عبد النباوي يباحث رئيس المجلس الأعلى للقضاء الكويتي    تيزنيت.. مفتش شرطة يضطر لاستعمال سلاحه الوظيفي ضد جانحين    بوريطة يستقبل وزير خارجية مملكة البحرين    خلال الملتقى الجهوي الأول للنساء الاتحاديات بجهة بني ملال خنيفرة.. حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات: التمكين الاقتصادي والسياسي للنساء هو المدخل لمجتمع الكرامة والمساواة والحقوق    برقية تعزية ومواساة من جلالة الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير بدر بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود    مجلس المستشارين يناقش الحصيلة المرحلية للحكومة    غلاء ثمن دواء سرطان الثدي يسائل الحكومة    الركراكي مشى يتفرج فيوسف النصيري وكبرو به إشبيلية    ال PSG حاطين العين على ياسين بونو    بسبب الإمارات.. الجزائر تهدد بوقف تسليم الغاز إلى إسبانيا    الحرارة غادي توصل حتى ل44 درجة وها التفاصيل    تقرير رسمي: عدد حالات ضبط المخدرات والبورطابلات فالحباسات المغربية طلع ف2023    "حماس": 54 شهيدا خلال 24 ساعة في غزة    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    احتضان إسلامي لمبادرات ومواقف الملك    2 ماتو و21 تصابو فهجوم بجنوية وقع داخل سبيطار في الصين    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    بمشاركة 30 فيلما يمثلون 15 دولة : أيت ملول تحتضن مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير    نزار بركة واحل فتشكيل اللجنة التنفيذية ولقا صعوبة فالجمع بين مِساج الملك للسياسيين والتوافق الداخلي    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    نهضة بركان في مواجهة المغرب التطواني وعينه على عدة أهداف!    سان جيرمان يستهدف رقما تاريخيا ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة طنجة    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    انتشار تعاطي السجائر الإلكترونية بين الأطفال يجر مزور للمساءلة    الأمم المتحدة تحذر من أن مخزونها من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    الطيران الأميركي يعلن التحقيق مع "بوينغ"    صعود أسعار الذهب من جديد    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    منير المحمدي يكشف.. هذا هو قدوتي وهذا ما كنت لأفعله لو لم أكن لاعب كرة قدم!    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة    كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجامعي يخاطب الملك: أضلوك وخدعوك .. والقمع يولد "الزفازفة"
نشر في هسبريس يوم 02 - 06 - 2017


توطئة
كثر هم الذين سيتساءلون لماذا أتوجه، من جديد، إلى الملك؟
أقول لهم، وإلى من تريدون أن أتوجه وأخاطب؟
هل سأتوجه إلى رئيس الحكومة الشبح، الأصم الأبكم، والذي لا سلطة له ولا وجود؟ أم إلى حكومة لا حول لها ولا قوة، فقدت كل مصداقيتها ولم يبق لها أي مشروعية شعبية؟
أم إلى وزير الداخلية سيئ الذكر أعتى خدام الدولة؟
إلى أحزاب أكل الدهر عليها وشرب إلا من رحم ربي؟.
لذا، لا مناص من التوجه إلى الملك، ولا سيما أن الكل متفق على أننا في ملكية تنفيذية يسود الملك فيها ويحكم، ملك له كلمة الفصل في كل المناحي، هو الآمر والناهي.
إني أتوجه إليكم بمقتضى ما يقره دستور2011، بالرغم من علله، وبمقتضى ما تخوله فروض البيعة التي تربط المغاربة بالملك.
أتوجه إليكم لأن الدستور يربط السلطة بالمسؤولية والمحاسبة.
فحق لي أن أجادله وأسائله.
إني أتوجه إليكم، لا كناصح أو معط للدروس، ولكن حبا في الوطن وخوفا على مستقبل هذا البلد.
باب ما جاء في حَرْكَة المخزن وحراك الريف
إننا أمام حَرْكَة مخزنية ضد حراك ريف.
أستعمل كلمة الحَرْكَة (بالراء الساكنة)؛ لأن ما يقع الآن، في الريف وفي عدة مدن مغربية، لا يختلف على ما قام به المخزن إبان حَرْكَة التطهير المشؤومة التي قادها إدريس البصري والتي كادت أن تقضي على الاقتصاد المغربي، والتي اتسمت بالاختطافات وتلفيق التهم والمحاكمات غير العادلة والأحكام الجائرة.
وفي الأخير، اضطر والدكم إلى التراجع وإلغاء هذه الأحكام الجائرة وإيقاف هذه الحَرْكَة المخزنية.
إن هذه الحَرْكَة، التي تعرفها مناطق الريف، تعد خرقا سافر لحقوق الإنسان ولالتزامات المغرب الحقوقية، وتعتبر نقيضا لمفهوم دولة الحق والقانون المنشودة، نظرا لما اتسمت به من شطط في استعمال السلطة وتسخير سافر للقضاء والعدالة.
وقد قال الحكماء قديما: "عندما يتخلى الحاكم عن العدل يتخلى المواطنون عن الطاعة".
إن المغاربة يريدون أن يعرفوا، اليوم، هل هذه الحَرْكَة أنتم الذين أمرتم بها أو وافقتم عليها؛ لأنه لا يمكن أن يصدق أحد أن هذه الحَرْكَة هي صنيعة أفراد مهما كانت مسؤوليتهم وسلطتهم.
كما أنه لا يمكن لوزير الشؤون الإسلامية، الذي هو على رأس وزارة سيادية، أن يقوم بفعلته لو لم يكن واثقا بأنه لن يساءل ولن يحاسب عليها. هذه الفعلة هي التي أعطت الانطلاقة لهذه الحركة ولفتها بغطاء ديني.
فإذا كان الأمر كذلك نقول لكم لقد أضلوكم.
وقد تكونون قد وافقتم على هذه الحركة بعد أن اطلعتم على ما قدم إليكم من حجج وتحليلات وتقارير سياسية ومخابراتية.
وقد يكون قد قيل لكم إن هذا الحراك هو من صنيعة شرذمة تريد الانفصال، شرذمة تخدم أجندة أجنبية وتريد الفتنة والمس بأمن المملكة واستقرارها، وأن المطالب المقدمة إنما هي حق أريد به باطل، وإن هؤلاء "ثلة من المجرمين" لا سند لهم وأنه يمكن القضاء عليهم في أيام معدودات. إلا أنه يتضح اليوم أن كل ما قيل لكم ما هو إلا كذب وبهتان وافتراء وفبركة.
"يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".
أقول لكم: إنهم أضلوك وأغروا بك وأساؤوا إليك وخدعوك وأطعموك الباطل وجعلوك في موقف لا تحسد عليه؛ فأصبحت، الآن، في مواجهة مع جزء كبير من الشعب..
ما جاء في باب نازلة مسجد محمد الخامس
في هذه النازلة التي أشعلت الفتيل والتي أدت إلى احتجاجات ووقفات متعددة في ربوع المملكة، والتي تطورت في بعض الأحيان إلى مواجهة دامية، أتوجه إلكم كأمير للمؤمنين لأذكركم بخطبة أبي بكر عندما ولي الخلافة والتي قال فيها: "أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي، الصِّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ، والضَّعيف فيكم قَوِيٌّ عندي حتى أرجِّع عَلَيْهِ حقَّه إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْقَوِيُّ فِيكُمْ ضعيف عندي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ".
كما أذكركم بموقف والدكم، الذي اتخذه في نازلة مماثلة، حيث أجاز قبل 30 سنة للناس الحق في معارضة أئمة المساجد والخروج عليهم وإعادة صلاتهم، على اعتبار أن الصلاة وراء أولئك الأئمة غير جائزة.
جاء ذلك في خطاب وجهه إلى الملتقى العالمي الأول لخطباء الجمعة بالمغرب، أعاد نشره موقع لكم 2، عندما خاطبهم أثناء استقباله لهم في 27 مارس 1987: "يجب عليه، أي الخطيب، أن يكون نزيها مترفعا كل الترفع عن السياسة المحترفة، وذلك لأن الخطيب عندما يكون فوق المنبر لا معارض له (من لغا فلا جمعة له)... يجب على الخطيب أن يكون في خطبته غير متحيز لجانب دون آخر وغير مثير لمشكلة حزبية أو مشكلة طائفية أو لمشكلة اختيار جماعة قروية اختيارا جبائيا مثلا دون آخر، وإلا فاللعبة لن تبقى جارية، والقواعد تكون قد انتهكت، ويصير الخطيب ديكتاتوريا لا معارضة له".
وقال أيضا: "فقد وقع مرارا في مساجدنا قديما وحديثا وأخيرا في مساجد الدول الإسلامية أن بعض الناس عندما سمعوا من بعض الخطباء كلاما أغضبهم أو لم يشف غليلهم أو ظهر لهم كأنه متحيز منقول عن صحيفة أو مذهبية أو إيديولوجية خرجوا وهم يقولون اللهم إن هذا منكر، ومنهم من أعاد صلاته".
أما وزيركم في الشؤون الإسلامية، فقد أبان عن سوء نيته وعن عدم نزاهته الفكرية، حيث إنه نسي أو تناسى ما أتى به ظهيركم الشريف والذي نص على منع الأئمة والخطباء وجميع المشتغلين في المهام الدينية من ممارسة أي نشاط سياسي... واتخاذ أي موقف سياسي أو نقابي في خطبهم.
لقد وقف وزيركم عند ويل للمصلين.
وهكذا يتجلى أن الزفزافي لم يرتكب أي جنحة أو جريمة، وأنه اكتفى بممارسة حقه في التعبير عن رأيه، وأن الخطيب ومن أعاز له هو الذي ضرب عرض الحائط ظهيركم الشريف المتعلق بمسؤوليات الأئمة.
باب ما جاء في انتقاداتكم
إذا رجعنا إلى خطاباتكم وجدناها مكتظة بانتقادات لاذعة وعميقة وجريئة على ما آلت إليه البلاد من فساد وتعفن وإساءة إلى المواطنين. وهكذا، فضحتم وأدنتم :
- ما آل إليه التعليم من انحرافات وما تشوبه من مساوي وهفوات؛
- ما آل إليه قطاع الصحة من ضياع وعدم تلبية متطلبات المواطنين؛
- ما آل إليه القضاء الذي عشعش فيه الظلم والتعفن والرشوة.
كما أنكم قرعتم الأحزاب وقلتم إن ما يهمها هو التهافت على المناصب وكان لكم كل الحق في ذلك. وهكذا، صرحتم في خطاب العرش: "أقول للجميع، أغلبية ومعارضة: كفى من الركوب على الوطن، لتصفية حسابات شخصية أو تحقيق أغراض حزبية ظرفية".
كما تساءلتم عن ما آلت إليه الثروة في المغرب، وقلتم: "أتساءل باستغراب، مع المغاربة: أين هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع المغاربة أم أنها همت بعض الفئات فقط؟" ، وأضفتم: "إنني ألاحظ، خلال جولاتي التفقدية، مظاهر الفقر والهشاشة وحدة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة".
وإذا عدنا إلى خطابات مواقف ومطالب الحركات الاحتجاجية والانتفاضات التي عرفها المغرب منذ 2005 وحركة 20 فبراير وكذا حراك الريف، فلا نجد أي فرق بين ما تقولون وما يطالب به المحتجون.
والسؤال إذن، لماذا تقمع اليوم هذه الحركات؟
إن المنطق يقول إن الذين يقومون بقمع حراك الريف وباقي الاحتجاجات عليهم أن يقمعوا الملك؛ لأن ما فاه به قد يكون، في بعض الأحيان، أشد وأعمق مما يقوله المحتجون.
أهل نحن أمام ما يقول المثل المغربي: "ما قال الفقيه حلال وما قاله المحضري حرام؟".
باب ما جاء في البلادة والسذاجة السياسية
إن الذين خططوا لهذه الحَرْكَة يعتقدون أنه باعتقال الزفزافي ورفاقه وباستنطاق وترهيب نوال بنعيسي ورفيقاتها سيوقفون الحراك والاحتجاجات والمطالب التي ينادي بها غالبية الشعب المغربي.
إذا كان الأمر كذلك، فهذه هي البلادة بعينها وقصر النظر بعينه وعدم الحنكة والتجربة السياسية بعينها؛ لأن الزفزافي ونوال أصبحا يجسدان فكرا، ويعبران عن رزمة من المطالب الاجتماعية والحقوقية والاقتصادية والثقافية، كما أنهما يجسدون الانتفاضة ضد الحكرة التي أدت إلى استشهاد مي فتيحة ومحسن فكري وربان الداخلة وآخرين..
إن هذه المطالب هي مطالب ملايين المغاربة في كل ربوع المملكة.
إن الاعتقاد أن سجن أو قتل الرسول يؤدي إلى قتل الرسالة هو اعتقاد خاطئ؛ فالعكس هو الصحيح، إذ إنك إن سجنت أو قتلت الرسول أعطيت الرسالة مصداقية أكبر وانتشارا أوسع وبرهنت على أنك تهاب وتخاف من مضمون هذه الرسالة.
إن الذين يدعون أن بوسعهم إيقاف الحراك بسجن الزفزافي وترهيب نوال مخطئون.
إن هؤلاء الشباب على حق، ولو لم يكونوا على حق لما التف حولهم عشرات الآلاف من المواطنين والمواطنات ولما نظمت عشرات الوقفات في جميع أنحاء المملكة.
وكما قالت نوال بن عيسي: "أتعلمون من خليفة ناصر الزفزافي، إنها الجماهير السلمية وليس شخصا آخر".
إن القمع الذي يطبع هذه الحَرْكَة سيولد مئات من الزفازفة وفي جميع ربوع المملكة.
إن مخططي ومنفذي هذه الحَرْكَة المشؤومة نسوا أن الشعوب لم تكن يوما مصابة بالعقم، وأنها قادرة على إنجاب أجيال من الأبطال والزعماء.
ومن بلادة مخططي هذه الحَرْكَة كذلك أنهم لم يتركوا "خط الرجعة " و"لا منين يدوز الما" حاكمين على أنفسهم بتصعيد مستمر قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
إن هذه الحَرْكَة المشؤومة تعرض الملكية إلى أخطار جمة جاعلة إياها في مهب الرياح.
إن حراك الريف هو وليد تراكمات ونتاج للسياسات الفاشلة وغير الشعبية التي اتبعت منذ الاستقلال.
إنها، وقبل كل شيء، وليدة عدم وجود ديمقراطية حقيقية.
وعكس ما يطبل له العديدون، فإن المغرب لم يعرف يوما تعددية حزبية حقيقية، لم يعرف ديمقراطية حقة تربط المساءلة بالمسؤولية، ديمقراطية لا تعرف الإفلات من العقاب، دمقراطية يكون شعارها "حرية، كرامة، مساواة، عدالة اجتماعية".
إن المغرب حكم، منذ أكثر من نصف قرن، بالحزب الوحيد. وهذا الحزب هو المخزن، بجميع مكوناته: الاقتصادي والسياسي والثقافي والديني .
ولذا، وصلت أحزاب عدة إلى الحكومة؛ ولكنها لم تصل، يوما، إلى الحكم.
إن هذا الحراك يندرج في سياق انتفاضة 20 فبراير التي اعتقد مسؤولو الحَرْكَة الحالية أنهم أجهضوها بحلول ترقيعية. إن هذا الحراك هو كذلك وريث الانتفاضات التي عرفتها المملكة: الريف 1958 و1984، والدار البيضاء 1965 و1981 ، وفاس 1990، وصفرو 2007، وافني 2008... انتفاضات ذهب ضحيتها آلاف الشهداء.
لنتذكر أيضا أنه، بتاريخ 11 نونبر 1958، قام محمد الحاج سلام أمزيان من حزب الشورى والاستقلال برفقة عضويْن آخرين من قبيلة بني ورياغل، وهما عبد الصادق الخطابي ورشيد بن عبد الكريم الخطابي، بصياغة وتقديم برنامج من ثماني عشرة نقطة من أجل الريف، يتضمن مطالب أهل المنطقة من إجلاء القوات الأجنبية إلى عودة عبد الكريم إلى الريف، مرورا بخلق مناصب الشغل وتخفيض الضرائب والحصول على التمثيل السياسي؛ ولكن هذه المطالب ذهبت أدراج الرياح بل تمت مواجهة سكان الريف بالحديد والنار.
إن هذا الحراك وهذه الانتفاضات التي يعرفها "أجمل بلد في العالم" أبانت، من خلال القمع الممارس عليها، أن دار لقمان على حالها وأنه "إلا تغيرات قبطة منجل، المنجل كيبقى منجل".
إننا، اليوم، نعيش أياما جديدة من الجمر وما زلنا سجناء في سراح مؤقت كما كنا في سنوات الرصاص.
إن هذا الحراك، الذي تبناه الشعب، أبان على روح المسؤولية العالية للمواطنين وانضباطهم وتشبثهم بالوسائل السلمية.
لقد قال، يوما، الحسن الثاني: "إذا رأى حاكم ثورة تلوح في الأفق وأنها آتية لا ريب فيها لزم عليه تبنيها وإلا فإنه سيكون هو ضحيتها الأول".
الرباط، فاتح يونيو 2017


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.