يحتفل سكان مدينة فاس، العاصمة الروحية للمغرب، بأول أيام عيد الفطر على طريقتهم الخاصة، إذ تنقلب، فجأة، أجواء الصخب بالمدينة إلى مظاهر مفعمة بالروحانيات، خاصة في أحياء المدينة العتيقة، حيث عبق التاريخ وسحر المكان. بمجرد بزوغ شمس أول أيام عيد الفطر يبدأ الناس في التهافت على المصليات الرسمية، التي تحدد أماكنها مندوبية الشؤون الإسلامية بالمدينة، لتغص بالمصلين من مختلف الأعمار. وما إن يفرغ الخطيب من إلقاء خطبة صلاة العيد حتى ينطلق المصلون في تبادل التهاني والتبريكات في ما بينهم بالعيد السعيد، قبل أن ينتشروا في مختلف الاتجاهات قاصدين أقرب الناس إليهم وأحبهم إلى قلوبهم لتهنئتهم بهذه المناسبة الدينية السعيدة. ويحضر، يوم عيد الفطر بمدينة فاس، الزي التقليدي بشكل قوي، حتى إنه يندر أن تجد شخصا توجه إلى المصلى دون أن يرتديه، ما أكده أحمد علوي، وهو مهتم بالشأن المحلي بمدينة فاس، في حديث مع هسبريس، ذاكرا أن "البلغة" و"الجلابة" و"القميص" و"الرزة" و"الطربوش" المغربي، فضلا عن "الجبادور" بالنسبة للصغار، تطغى على الأزياء الأخرى خلال هذه المناسبة بمدينة فاس. رأي أكده علي السرغيني، وهو تاجر أزياء تقليدية بالمدينة العتيقة لفاس، وذكر لهسبريس أن "البلغة" و"الجلابة" أو "الفراجية" ألبسة لا مفر منها، عند الكبار على الخصوص، يوم عيد الفطر بالمدينة القديمة لفاس، وزاد: "هذه هي نكهة هذه المدينة..الكل يتمنى أن يلبس اللباس التقليدي الفاسي خلال هذه المناسبة". المتحدث ذاته كشف أن ما يميز أجواء العيد بالمدينة العتيقة لفاس هو أن الناس تذهب إلى المصليات، خاصة مصلى باب الفتوح وملعب السعديين، على الأرجل، ما يضفي، بحسبه، منظرا جميلا على أزقة ودروب المدينة العتيقة والناس يجوبونها وهم في لباسهم التقليدي الموحد، الذي يطغى عليه اللون الأبيض.. "منظر لا يمكن أن تراه إلا في عيدي الفطر والأضحى"، يضيف السرغيني. من جانب آخر، تحرص ساكنة المدينة العتيقة لفاس، خلال أيام عيد الفطر، على تحضير أطيب أنواع البخور، التي تنبعث رائحتها من أغلب البيوت، ما يضفي على أزقة ودروب الحاضرة الإدريسية أجواء خاصة، يزيد من سحرها عبق التاريخ وعراقة المكان. وإذا كان سكان المدينة العتيقة لفاس يقصدون المصليات راجلين فإن أغلب سكان المدينةالجديدة يستعملون السيارات للتوجه إلى أماكن أداء صلاة العيد، نظرا لبعدها عن مقرات إقامتهم، فتراهم يتوقفون بشكل تلقائي للراجلين الذين يصادفونهم في طريقهم، وإن كانوا على غير معرفة بهم. وتقول حليمة الزومي، الفاعلة الجمعوية بمدينة فاس، في حديث مع هسبريس حول أهم ما يميز الاحتفال بعيد الفطر لدى العائلات الفاسية، إن "أول أيام عيد الفطر بالمدينة يعرف طقوسا متميزة، إذ تجتمع العائلات حول مائدة الفطور بعد صلاة العيد، قبل أن يبدأ الناس في تبادل الزيارات لتقديم تهاني العيد". وأوضحت الزومي أن مائدة الفطور يوم العيد "مختلفة تماما عن باقي الأيام، إذ تكون غنية بالحلويات، كما يحضرها حساء السميد بالعسل، والمعجنات، من مسمن وبغرير"، مشيرة إلى أن "اللباس التقليدي الأصيل من بين مظاهر عيد الفطر، إذ يلبس الرجال جلابيب الحرير وينتعلون "البلغة"، فيما تلبس النساء القفاطين المطرزة والمرصعة". وإذا كان فطور العائلات الفاسية يوم عيد الفطر تطغى عليه الحلويات التي تعدها ربات البيوت داخل منازلهن، مثل "كعب غزال" و"المحنشة" و"الزليجة" و"غرييبة"، فإن مائدة الغذاء، هذا اليوم، غالبا ما تكون عبارة عن "بسطيلة" محشوة بلحم الدجاج. يذكر أن صلاة عيد الفطر بمدينة فاس، التي تنطلق في وقت موحد يحدده المجلس العلمي المحلي، تقام بمصليات رسمية تعلنها المندوبية الجهوية للشؤون الإسلامية لجهة فاسمكناس، والتي حددتها لهذا العيد في مصلى السعديين بملعب السعديين، ومصلى بندباب بعين قادوس، ومصلى القباب بباب الفتوح، ومصلى المركب الرياضي بطريق صفرو، ومصلى ملعب حي الزهور، ومصلى أم القرى بحي بنسودة، ومصلى أرضية ملعب حي الأدارسة جوار مسجد البركة، ومصلى أرضية ملعب باب الفتوح بدوار اريافة؛ فضلا عن مصلى السخينات بسيدي حرازم.