لم يكد الموسم الكروي السابق ينتهي، وتنطلق الاستعدادات للبطولة الاحترافية المقبلة، حتى دبّت بمدينة مراكش حركة تسعى إلى رسم طريق جديد لنادي الكوكب المراكشي على مستوى التدبير المالي والبشري، لترتقي بميزانيته إلى مصاف فرق إفريقية، مثل الزمالك والأهلي المصريين، عبر تأسيس جمعية رياضية استعدادا للشركة الرياضية التي ينتظر منها جلب المستثمرين، خصوصا في ظل حكامة تتماشى مع قانون الرياضة الجديد 30.09. هسبريس حاولت تسليط الضوء على هذه الحركية التي تضع نصب عينيها القفز بفريق نادي الكوكب المراكشي قفزة تحقق مضمون الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية للرياضة بالصخيرات عام 2008، التي طرحت خارطة طريق من أهم معالمها "وضع نظام عصري وفعال لتنظيم القطاع الرياضي، يقوم على إعادة هيكلة المشهد الرياضي الوطني وتأهيل التنظيمات الرياضية للاحترافية ودمقرطة الهيئات المكلفة بالتسيير". فهل للواقفين وراء هذه المشاريع رؤية واضحة للخروج بفريق الكوكب المراكشي من الأزمة التي يعيشها؟ وإلى أي حد يمكن لهذه المبادرات اتخاذ التدابير المؤسساتية والقانونية الملائمة لمواكبة الرياضة العالمية؟ وبأي معنى يمكن القول بأن التصورات المطروحة قادرة على تطوير الاحترافية؟ هذه الأسئلة طرحتها هسبريس على فاعلين رياضيين ومتتبعين للشأن الرياضي بمدينة مراكش لمقاربتها والإجابة عنها. سوسيو كوكبي برر فؤاد الورزازي، نائب رئيس العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية، فكرة تأسيس الجمعية الرياضية بدل الشركة الرياضية، باللجوء من جهة إلى المجال العربي والأوروبي، باعتبارها فكرة جار بها العمل بهذه المناطق الجغرافية وقابلة للتطبيق بالمدن الكبرى كذلك. ومن ناحية ثانية، بأن المشروع سيمكن من تجاوز نقائص نظام المنخرط في تقديم حلول ديمقراطية، مرنة، فعالة ودائمة. وأوضح عضو العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية أنه بتأسيس هذه الجمعية الرياضية، سيكون الكوكب المراكشي سباقا إلى نظام الانخراط ليس مباشرة داخل الجمعية، أو الشركة الرياضية، ولكن في جمعية غير رياضية أكثر ديمقراطية، وتمكن "منخرطيها من تسيير فعلي للنادي وتمويله ومراقبته وفق نظام SOCIO يلائم الفرق والمدن الكبيرة، ويمكن من مصالحة نوع جديد من الجمهور مع أنديته، ويقطع الطريق على ظواهر الشغب داخل وخارج الملاعب". واستند الورزازي في تبريره لتفضيله للجمعية الرياضية إلى الناحية القانونية كذلك؛ فتطبيق نظام الجمعيات يفتح المجال أمام أكبر عدد من المنخرطين الفاعلين، ويمنح مرونة أكبر من قانون التربية البدنية؛ حيث حق الانخراط مكفول لجميع الفئات، حتى الرياضيين منها، وبدون نظام للتزكية الذي أثر سلبا على مؤسسة المنخرط التقليدية. ومن مزايا هذا التنظيم أنه يجعل من المنخرطين نواة مهمة لمسيري المستقبل، يتم تجديدها بشكل تلقائي، ووفق ضوابط تتوخى الكفاءة والفعالية، يورد الورزازي ضمن تصريح لهسبريس، لأن هذه الجمعية يمكنها أن تكتتب في رأسمال الشركة الرياضية، وبالتالي سيكون لها تأثير مباشر في التسيير، مستمدة مصداقيتها من الجمهور. وعن مداخيل هذه الجمعية، قال عضو العصبة المذكورة ونادي الكوكب المراكشي لكرة القدم إنها تتكون من الانخراط السنوي لأعضائها، إضافة إلى الدعم والاشهار، وشراء بطائق دخول الملعب السنوية، وغيرها من مصادر التمويل التي ستمكن النادي بصفة مستمرة من تمويل القطاع الهاوي للأندية، وكذا دعم ميزانية القطاعات المحترفة. هكذا يرسم فؤاد الورزازي خريطة الطريق لإنقاذ نادي الكوكب المراكشي من مؤسسة المنخرط الجامدة، التي لا تقبل التجديد ولا توفر أي تمويل فعلي للأندية، بل إنها لا تقدم حتى الحد الأدنى من المراقبة والمحاسبة، مستدلا على ذلك بالعدد الإجمالي لمنخرطي الأندية الوطنية الذي يبقى هزيلا جدا، ولا يوفر قاعدة مهمة لتجديد نخب التسيير. جمعية من أجل الكوكب عبد الصادق بيطاري، رئيس "جمعية من أجل الكوكب للتنمية الرياضية"، أوضح من جهته لهسبريس أن القيمة المضافة لهذا التنظيم تأتي من الوضع غير السليم لجميع الجمعيات المهتمة بالشأن الرياضي؛ إذ لم يثبت قطعا أن عقدت جموعها العامة علانية، ولا يجمعها سوى هدف عام هو تشجيع الفريق داخل مدرجات الملاعب. "جمعيتنا جاءت من أجل تنظيف الساحة الرياضية من القذف والسب والشتم، وتخليق الساحة الرياضية بقيم سامية"، يضيف بيطاري، مشيرا إلى أن "جمعية من أجل الكوكب" تساند جميع فروق النادي بالنصيحة وتكوين المدربين والأطر الرياضية والمسيرين في الجال الرياضي والقانوني، "وسنؤدي سنويا واجب الملاعب، لنقوم بواجبنا في تأطير فئات من المشجعين المراكشيين، وتمكنيهم من قيم وأخلاق التشجيع". تقديم مراقبة نصوحة لنادي الكوكب المراكشي لتجاوز الاختلالات وتصحيح الأخطاء والاستشارة، بدل المحاسبة، هدف الجمعية، لكن يستدرك المتحدث نفسه أنه "لا يمكننا ترك نادي الكوكب المراكشي كقاطرة للرياضة بحاضرتنا لبعض الأشخاص المهيمنين على الرياضة بمدينة سبعة رجال، خاصة وأننا مقبلون على مشروع الشركة الرياضية". "من بين ما تم التنصيص عليه في القانون الأساسي لجمعية من أجل الكوكب للتنمية الرياضية، هو إمكانية المساهمة في رأسمال الشركة الرياضية، وهذا سيمكننا من المساهمة برأينا في تدبير نادي الكوكب المراكشي، والترافع من أجل تخفيض قيمة الأسهم، ورفض فرض 10 ملايين سنتيم للسهم؛ لأنه يستهدف إقصاء المراكشيين، وفتح المجال أمام أصحاب رؤوس الأموال"، يقول بيطاري. "غايتنا كذلك"، يؤكد رئيس التنظيم سابق الذكر، "هي تمكين جميع الأندية من التغطية الإعلامية؛ لأنها تحقق نتائج كثيرة قيّمة، وتنظيم مخيمات لفائدة جميع المنخرطين، ونسعى إلى تأسيس تعاضدية اجتماعية من أجل قدماء اللاعبين والمسيرين والأعوان، لطرح مشاكلها على مكتب نادي الكوكب المراكشي"، مشيرا إلى أن هذه الجمعية تضم أطرا عليا ومنتخبين وفاعلين اقتصاديين حتى تكون قوة اقتراحية. في حاجة إلى الوفاء في المقابل، رفض أحمد تميم، لاعب سابق بالقسم الوطني الثاني وفاعل رياضي، إضافة جمعيات أخرى؛ "لأن الكوكب في حاجة إلى الوفاء لروح الأهداف الرياضية لناد عريق"، مشيرا إلى أن "كل جمعية تولد من رحم وعلى يد من يرأسها، ليصبح على صلة مباشرة مع أصحاب القرار، سواء داخل النادي أو المؤسسات الرسمية، لحاجة في نفسه، لذا يستعمل كل الوسائل لتحقيق ذلك"، يقول تميم. نادي الكوكب الرياضي، وخاصة فرع كرة القدم، يضيف اللاعب السابق، "في حاجة إلى مكتب مسير قوي، يعتمد الشفافية واستراتيجية عنوانها مصلحة النادي، وحب الرياضة"، مستشهدا على طرحه بما حققته الهواية والاحتضان في كرة القدم من انجازات خلال 1976 و2004، مستدركا أن "المشكل في هذا النظام هو غياب المحاسبة لطرق صرف الأموال التي توصلت بها الفرق". مشروع الشركة لم تتضح معالمه بعد، خاصة في ظل تأخر وضع الترسانة القانونية؛ لذلك يقترح تميم "الانتظار إلى حين استكمال التصور؛ لأنه مقترح له مشروعيته حاليا، في ظل استهداف قانون المنخرط الذي أصبح وبالا على التسيير الرياضي، بحكم سيطرة أقلية تشتري المنخرطين لتسطير على تدبير شأن الأندية والفرق"، بحسب تعبيره.