هل يتفاعل الوضع الحالي للبلاد مع ممكنات صلاحيات الملك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد جمود قاتل يجر لا محالة إلى انهيار اقتصاد هو في الأصل واقف على جرف هار. فبعد بلوكاج سياسي مدبر أدى إلى تقليم أظافر حزب العدالة والتنمية وتوظيفه ضمن سياق ترويض مرحلي بقيادة الأحرار، وتسارع الأحداث في الريف ومدن أخرى، ها هو القصر يرمي بالحجارة في النهر الراكد ويعيد صناعة جبهات جديدة أكثر كلفة وأشد وثوقية، في التمكين للأمن الداخلي وإقفال كل الجحور العالقة بمطالب المحتجين الريفيين وتوسيع كل صلاحيات الداخلية وأجهزتها الاستخباراتية. المؤولون لخفوت مظاهرات الريف بعد خطاب العرش يسوقون حلولا وهمية ضدا على واقعية حجم الخسارات التي سيصاب بها الوطن، ينصرفون إلى أمل باهت في أفق ضبابي لا رؤية تجذبه للحلول المتوافرة. ومع الأسف الشديد، يضع هؤلاء الدستور في فوهة المدفع. أحدهم يقرأ المادتين ال96 وال97 من الدستور الخاصتين بحل البرلمان وقبلهما المادة ال51 التي تقول بالحرف: «للملك حق حل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير» على أنها أبواب ناجعة لإنهاء حالة الجمود وعدم الرؤية التي تعيشها بلادنا منذ نحو عام وأكثر! أعتقد أن الحسم في موضوع الجمود السياسي لا ينهيه حتى إعلان حالة الاستثناء التي يخولها الدستور لملك البلاد، ما دام الأمر يؤدي بالضرورة إلى تجميد عمل المؤسسات الدستورية المنتخبة وإعادة تنظيم انتخابات برلمانية وما يتبعها خلال شهرين. باختصار عقلاني، لا حاجة إلى مؤسسات غير منبثقة من روح الدستور. يعني لا حل دون حلول جذرية، تعيد تأسيس صرح ديمقراطي حقيقي، يسود فيه العدل وتنتظم من خلاله مقتضيات القانون بالمساواة في الحقوق والواجبات، تصلح فيه قيم التعليم وتشاع بين جنباته روح الامتثال للنظام العام قاعدة ورأسا. لا حاجة إلى التذكير بتعاليم قيم المجتمع وأخلاقه ومدنيته، حيث تراعي الشعوب والحضارات عبر تاريخ الإنسانية حدا أدنى من السلوك الحضاري والثقافي لأمة تحترم حقوق إنسانها وتعلي من شأن حضورها الإداري والترابي. وفي ذلك إشارة صريحة إلى اصطدام الرغبة في التغيير بحواجز تاريخية وسياسية عميقة، إذ لا معنى لدستور خارج استعادة الإصلاح السياسي والدستوري. ولا أساس لبروباجندا الضياع والاستهتار بمصير الشعب، ولا مسوغ للاستغفال بعد فشل منظومة إدارة الدولة برمتها، إذ لا حكومات تتحمل مسؤولياتها في ظل فوضى التدبير في ملفات نصفها يتلقى التعليمات من خارجها، والآخر منقسم يغرد عكس التيار. المعنى أن تكريس الصورة أعلاه يؤزم الوضعية، بل يزيدها اشتعالا. والبدائل تكاد تكون منعدمة بعد سلسلة حلول قاربت الهوامش وتركت الألباب. في تغول الفساد وتراجع إصلاح العدالة والقضاء وانحسار سلة المداخل الأولى لملفات ثقيلة في الصحة والتشغيل والتعليم والسكن والتقاعد.. إلخ، ما ينذر بتفكك الحوار والسلم الاجتماعي وسقوط المشاريع ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي في قمرة الانتظارية، وابتعاد أصحاب الحل والعقد من الآمال العريضة التي تعول عليها شرائح اجتماعية مهمة، منها الشباب والنساء. إن اضمحلال الثقة بين المؤسسات وتفاقم الوضع الاجتماعي في المنظومة الاجتماعية المتحللة يولد الاحتقان السياسي ويهدم القابلية للإصلاح والديمقراطية والوفاق السلمي والمجتمعي. أما التوق إلى الحرية فينتج عنه الإصغاء للمواطنة الحقيقية التي لا تفرق بين المواطنين مهما كانت درجاتهم الاجتماعية ومسؤولياتهم المهنية، حيث لا وجود لخدام الدولة، ولا فكاك من المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، ولا فضل لمغربي على مغربي إلا بما ملك شريفهم من أيمان الكفاءة والمنافسة الشريفة والاجتهاد والجد في العمل والإنتاج الإيجابي. الحل في دولة ديمقراطية عادلة تحافظ على النسيج الاجتماعي والأخلاقي والقيمي لمواطنيها، بصون الكرامة والعيش الكريم والمساواة في الحقوق والواجبات. [email protected] https://www.facebook.com/ghalmane.mustapha