لم يخفِ عددٌ من المهتمين بالمجال البيئي بإقليم زاكورة خوفهم من هاجس اضمحلال أشجار "السدر"، التي كانت بالأمس القريب منتشرة بكثرة في مختلف مناطق الإقليم، مرجعين ذلك الخوف إلى التغيرات المناخية المتفاقمة التي عرفتها المناطق الجنوبية الشرقية للمملكة، والتي تسببت في اختفاء هذه الأشجار، باستثناء القليل منها، التي ما زالت تذكر الباحثين في المجال البيئي بأن المنطقة كان موطنها الأصلي، قبل أن تنقرض بسبب التغيرات المناخية وعوامل بشرية. لحسن رابح، باحث في المجال البيئي، يقول إن أشجار السدر، المعروفة لدى أهل الجنوب الشرقي باسم "ازكار"، كانت في العقود الماضية تحتل مساحات أرضية كبيرة بإقليم زاكورة؛ لكنها تعدّ اليوم من الأشجار التي لم يتبق إلا القليل منها، بسبب سنوات الجفاف التي عرفها الإقليم وبسبب العوامل البشرية، التي تقوم بقطعها بشكل عشوائي، وفق تعبيره. ويعزو رابح ظاهرة اختفاء شجر السدر بإقليم زاكورة ونواحيها إلى التغيرات المناخية المتسارعة، مشيرا إلى أنها تنذر بزوال ما تبقى من هذا الصنف النباتي نهائيا، موضحا "أن شجر السدر يصنفها متخصصون كشجرة نبيلة كونها مذكورة في القرآن الكريم عدة مرات"، مشددا على أن "احتمال اختفاء ما تبقى من هذه الشجرة يستدعي تحريك الجهات المختصة لمضاعفة الاهتمام بها وإعادة إحيائها وانتشارها"، يقول المتحدث في تصريح لهسبريس. حماية النبات العديد من أنواع النباتات بدأت تنقرض في إقليم زاكورة، وعلى رأسها شجر السدر، الذي كان يغطي مساحة كبيرة من الأراضي الرعوية والفلاحية، وهو ما أكده سعيد منير، فاعل جمعوي بضواحي جماعة النقوب، مشيرا إلى أن التغيرات المناخية والاستخدامات غير العقلانية للموارد وطاقات ملوثة للبيئة والمحيط وتأثير ذلك سلبا على طبقة الأوزون لها انعكاساتها الملموسة على الشريط النباتي، ويسهم في انخفاض التساقطات المطرية، وبالتالي يؤدي إلى الجفاف، حسب تعبيره. وذكر المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن جميع القطاعات المتدخلة وفعاليات المجتمع المدني مدعوة إلى العمل على حماية هذه الأصناف من الأشجار التي بدأت في الانقراض، مشيرا إلى أن المنطقة باتت مهددة باختفاء هذه الأصناف النباتية بسبب التغيرات المناخية، موضحا لا بد من إعادة النظر في الطريقة التي تتعامل بها القطاعات الوصية على القطاع الغابوي مع استنزاف الثروة الغابية، دون حسيب ولا رقيب، يقول المتحدث. من جهته، أكد مسؤول بالمديرية الجهوية للمندوبية السامية للمياه والغابات أن هذه الأخيرة تفكر في إطلاق برامج جديدة من أجل إعادة غرس الأشجار المهددة بالزوال، وإعادة انتشارها بموطنها الأصلي، مشيرا إلى أن حماية هذه الثروة الغابية لا تقتصر على المندوبية السامية للغابات، بل للجماعات الترابية والسلطات المحلية والمجتمع المدني دور كبير أيضا في حمايتها من الاستنزاف والانقراض. ولم يخفِ المسؤول ذاته، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته للعموم، في اتصال هاتفي بجريدة هسبريس الإلكترونية، أن عددا من أنواع الأشجار بدأت في الانقراض، مرجعا ذلك إلى غياب الرقابة والحماية من قبل الجهات المختصة، ودعا "إلى ضرورة حماية الغابة والعمل على توسيع مجالها". فوائد السدر شجر السدر عبارة عن شجيرات غالبا ما تجدها في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية، وتنتمي إلى الصنف النباتي، ويتميز بأوراقه الكثيفة ويبلغ ارتفاع هذه الشجيرات في غالب الأحيان حوالي ثلاثة أمتار، وتعيش في المناطق الجبلية وعلى ضفاف الأودية، كما أنه يتكاثر كلما تساقطت الأمطار، نظرا إلى تساقط حبوب النبق في الأرض. ويتميز "السدر" بفوائده العديدة التي يحصل عليها الجسم عن استخدامه، حسب ما قاله حمو المجاري، من الرحل الذين صادفتهم جريدة هسبريس بضواحي تزارين، موضحا "أن أوراق السدر تفيد في علاج العديد من الأمراض، لاحتوائه على مجموعة من العناصر الضرورية"، مشيرا إلى أن "الرحل كانوا يستعملون أوراق السدر وجبوب النبق في علاج مجموعة من الأمراض، خصوصا في الحقبة التي كان فيها الرحل لا يعلمون بوجود الدواء والأطباء"، وفق تعبيره. وشددت حليمة الرحماوي، المتخصصة في بيع الأعشاب الطبيعية المخصصة للتزيين والعلاج، أن شجر السدر يتوفر على مجموعة من الفوائد العجيبة والتي يمكن استعمالها في التزيين والعلاج، بعيدا عن الوصفات العصرية، مشيرة إلى أن هناك العديد من الفوائد التي يمكن الحصول عليها عند استخدام أوراق شجر السدر. وشددت المتحدثة، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، على أن أوراق السدر تمنح الشعر اللمعان والنعومة اللازمة له، عند غسله بأوراق شجر السدر، بالإضافة إلى علاج للمفاصل، وقدرته على التخلص من الأوجاع التي تصيب الإنسان، من خلال وضع خليط من أوراق السدر على المكان المتضرر. وزادت المتحدثة أن "أوراق شجر السدر لها العديد من الفوائد التي تحصل عليها المرأة الحامل، لاحتوائه على مجموعة من العناصر الغذائية الضرورية كالسكريات وغيرها من الضروريات"، كما تفيد أيضا في "علاج الكثير من الأمراض كأمراض الصدر والتنفس، فضلا عن إمكانية استعمالها كمادة سهلة ومنقية للدم من الجراثيم والشوائب"، تضيف المتحدثة. النبق لكل داء النبق هي ثمار شجر السدر، التي يتم استعمالها في مجموعة من الأعشاب الطبية، باعتبارها تتكون من مجموعة من العناصر المعدنية مثل الكالسيوم والبوتاسيوم والفسفور والحديد، حسب ما أكده العديد من الأطباء والباحثين في هذا المجال. وفي هذا الإطار، يؤكد طبيب أخصائي في أمراض المعدة أن أشجار السدر تتحمل الظروف البيئية المناسبة ، وتوجد بمناطق دافئة؛ وهو ما يجعل ثمارها من أفضل الثمار في استعمالها في الأدوية والعلاج، موضحا أن مسحوق النبق يماثل الحبوب في القيمة الغذائية، مستدركا "كان الناس في وقت سابق يجففون ثمار السدر، ويطحنونها في مطاحن خاصة بها لفصل الطبقة الخارجية المأكولة الحلوة ومن تم استعمال دقيقها في صنع بعض الأعشاب الطبية أو أكلها". وأضاف الأخصائي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن النبق يستعمل أيضا في قتل الديدان الحلقية وإزالة الرياح الغليظة "غازات المعدة"، بعد غلي النبق وشربه فينظف المعدة، مشيرا إلى أن عصير النبق الناضج مع السكر يزيل الحرقة ويروي العطش، موضحا أن النبق يفضل أن يأكل قبل الوجبة باعتباره فاتح الشهية، محذرا من استعمال كمية كبيرة من النبق من لدن النساء الحوامل؛ لأنه يدر الطمث عندهن وقد يؤدي إلى الإجهاض، وفق تعبيره.