طنجة: وفاة الأربعيني الذي أضرم النار في جسده بشارع أهلا متأثرا بحروقه البليغة    بنك المغرب: ارتفاع الديون المتعثرة ب4,5 في المائة    700 مليون درهم لدعم مربي الماشية وإعادة تكوين القطيع الوطني    وزارة الصحة الإيرانية تعلن مقتل 627 شخصا في الهجمات الإسرائيلية    أولمبيك الدشيرة يحرز لقب أول نسخة من كأس التميز    تفاصيل الحكم بالسجن على بطل الكيك بوكسينغ جمال بن صديق في بلجيكا    موجة حر غير مسبوقة تضرب المغرب لستة أيام متتالية.. الأرصاد الجوية تحذر وتعلن مستوى يقظة برتقالي    أسبوع دموي على الطرقات.. 23 قتيلاً ومئات الجرحى في أزيد من 2000 حادثة سير بالمغرب    مأساة.. أربعيني يُضرم النار في جسده ويفارق الحياة بعد 24 ساعة من المعاناة    الداخلية تشرع في إعداد لوائح المجندين الجدد تنفيذا للتعليمات الملكية    موازين.. الفناير تراهن على التراث والتجديد لمواجهة ضغوط السوشيال ميديا    كأس العالم للأندية.. مبابي يستأنف تدريباته الجماعية مع ريال مدريد    مونديال الأندية.. دورتموند يقهر أولسان وفلومينينسي يفلت من كمين صنداونز    عكس باقي مدن الشمال .. حملات محتشمة بإقليم الحسيمة لتحرير الشواطئ    إعلام فرنسي: أشرف حكيمي قدم موسما استثنائيا ويستحق الكرة الذهبية    نزاع حول حقوق هولوغرام عبد الحليم حافظ يشعل مواجهة قانونية بين XtendVision ومهرجان موازين    ولد الرشيد يجري مباحثات مع نائب رئيس جمهورية السلفادور حول سبل تعزيز التعاون الثنائي    توقعات طقس الأربعاء في المغرب    لجنة مركزية من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية تحل بشفشاون لمواكبة التلقيح ضد الحصبة    أول مصنع من نوعه خارج القارة الآسيوية .. المغرب يدخل عصر البطاريات الخضراء باستثمار 20 مليار درهم    انقلاب شاحنة على الطريق الوطنية رقم 2 باقليم الحسيمة يخلف اصابات    بعد وفاة مؤسسه بنعيسى... موسم أصيلة الثقافي الدولي يواصل مسيرته بصيغة صيفية حافلة بالفنون    ابتلاع كيس يحتوي على مخدرات يودي بحياة موقوف بطنجة خلال تدخل أمني    السياحة المغربية تحقق أداء قويا في 2025 بارتفاع العائدات وعدد السياح    انطلاق أول عملية توريق للديون المتعثرة وأخرى قيد الإعداد    اجتماع بوزارة الداخلية لتحديد معايير استخراج أسماء المدعوين لأداء الخدمة العسكرية برسم الفوج المقبل للمجندين    ارتفاع حصيلة شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 56 ألفا و156 منذ بدء الحرب    إيران تؤكد أن منشآتها النووية "تضررت بشدة" جراء الهجمات الأميركية    الملك محمد السادس يهنئ أمير قطر بذكرى توليه الحكم    مبادرة مدنية ترفض حرمان الجمعيات من التبليغ عن الفساد وتعتبره دوسا على الدستور والالتزامات الدولية للمغرب    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة            كأس العالم للأندية.. طاقم تحكيم كندي بقيادة درو فيشر يدير مباراة العين الإماراتي والوداد الرياضي    المنتخب المغربي النسوي يبدأ تحضيراته استعدادا لكأس أمم إفريقيا    بنكراد: معظم المحتجين في 20 فبراير بمجرد ما عرضت عليهم المناصب ذهبوا لها وانفضوا    بكين.. مؤتمر يستكشف أوجه التعاون الصيني – المغربي في قطاع السياحة    مع استمرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران جيش الاحتلال يواصل استهداف غزة واتصالات لوقف الحرب وسط وعود جديدة لترامب        طنجة.. كلب يهاجم فتاة وسائق يدهس شابا ويلوذ بالفرار    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    مقتل 6 من جنود اسرائيليين في قطاع غزة    أكاديمية المملكة تنظم تظاهرة دولية    مجلس النواب الأميركي يرفض مبادرة لعزل ترامب    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بؤس الاقتصاد السياسي في بناء نموذج تنموي جديد
نشر في هسبريس يوم 12 - 11 - 2018

"اللهم امنحني السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها، والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها، والحكمة لمعرفة الفرق بينهما"، دعاء ينسب إلى "جمعية المدمنين المجهولين".
كثيرة هي هيئات المجتمع المدني والجهات الحزبية أو الأكاديمية العلمية الموالية لها التي تطمح اليوم إلى البحث عن النموذج التنموي المنشود (كبديل وتجاوز للنموذج الحالي الفاشل)، بدون الاستناد إلى خلفية معرفية صلبة وكافية في الاقتصاد السياسي وشروط وضعه وصياغته على أرض الواقع، وفق خيال سوسيولوجي واسع يمنحك حلما كبيرا ويعطيك رؤية من أجل بلورة سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية تنموية شاملة للنهوض بالبلاد.
ويلاحظ من خلال مقالاتها وحواراتها المنشورة وملتقياتها (هيئات المجتمع المدني والأحزاب السياسية) مع روادها وندواتها وتصريحاتها الإعلامية مدى ضعف اضطلاعها على مستجدات الأدبيات الاقتصادية والتجارب الأجنبية الفضلى في هذا المجال. لا سيما وأن البرامج التعليمية في الجامعات والمدارس العليا تم إفراغها، هي بدورها، من دراسة الاقتصاد السياسي كعلم تراكمي أسهمت فيه كل الأديان والحضارات والشعوب والمفكرين والفلاسفة، وكمدارس وتيارات وتاريخ وممارسات نقدية موضوعية تحمل مشروعا مجتمعيا يعتمد على النقاش والجدل العلمي، وأحيانا الإيديولوجية، في مقاربة برامج التنمية والسياسات العمومية المتبعة، لذلك يلاحظ -هنا والآن-مدى هشاشة الأرضية والخطابات والشعارات المعتمدة من طرف جل الأحزاب السياسية إلى وضع تصور شامل ومانع في بناء النموذج التنموي؛ الشيء الذي يجعل من اقتراحاتها وخلاصاتها تتميز عامة بسطحية الطرح وباضطراب في منهجية التفكير والعقلانية وتنافر وتشتت في الأفكار وقصور في عمليات التحليل والتوليف النقدي، وعاجزة عن النفاذ إلى مختلف مستويات وأبعاد التنمية في شموليتها وتفاصليها وتعقداتها، فضلا على عدم القدرة على التجريد الذي يشكل أعلى المراتب الذهنية في التكييف للواقع والسيطرة عليه.
وفي اعتقادي، فإن بناء نموذج تنموي يحتاج إلى توفر بعض المقومات النظرية والعلمية التي يمكن أن تقدمها مراكز الفكر والجامعات والعلماء المختصون، بدون استثناء المعرفة المكتسبة التي يمنحها المواطنون والمجتمع المدني الجاد، اعتبارا لاحتكاكهم اليومي، جميعا، بالواقع وبفشل النموذج الحالي في الاستجابة إلى تطلعاتهم المشروعة في مجال التربية والصحة والشغل واقتصاد المعرفة والرقي الاجتماعي.
دور بناء اقتصاد سياسي تاريخي جديد في بلورة استراتيجية تنموية
يرتبط الاقتصاد السياسي للتنمية بكل العلوم الاجتماعية. إن الباحث أو الزعيم السياسي الطموح الذي يزعم وضع حدود جغرافية للاقتصاد السياسي للتنمية، داخل العلوم الاجتماعية والإنسانية، سوف لا يعمل إلا على صياغة حدود مزيفة. وبصفة خاصة تنبني دراسة الاقتصاد السياسي للتنمية على التاريخ، باعتباره يعد عنصرا جوهريا، بين العوامل الأخرى التي تسهم في فهم تطور مقاربات التنمية، فضلا على السوسيولوجيا والثقافة والعلوم السياسية والقانون والاستراتيجية واقتصاد المعرفة والحكامة، وثبت تاريخيا أن الاقتصاد السياسي، العلم الأب، ما يبرره اليوم وعلى الدوام، لأنه هو العلم الذي يبحث-علميا ومنهجيا وشموليا-في الدور المنوط بالدولة في التنظيم الاقتصادي والاجتماعي لبلد من البلدان، عبر وضعها لرؤية اقتصادية استراتيجية تشاركية ولمؤسسات فعالة وتبنيها لسياسات عمومية فعالة وهادفة، وأن الباحثين في العلوم الاجتماعية كلهم اليوم مطالبون بتعزيز النقاش العلمي حول نموذج التنمية، بصفته موضوعا رئيسيا للاقتصاد السياسي، عبر القيام بدراسات امبيريقية، براغماتية، استنتاجية، واستقرائية، تم الاعتدال في استعمال النماذج الرياضية، على أهميتها، مع العمل على الاستفادة من الدروس التاريخية لصيرورة التطور الاجتماعي للشعوب والأمم.
ولقد أبرزت عدة دراسات الانتقادات الموجهة إلى المدرسة اللبرالية الجديدة التي مازال فكرها مهيمنا في الدراسات الاقتصادية الحديثة، وكيف أن تحليلها تشهد ضده الوقائع، فهو غير متماسك ورصين وواقعي، والحجة الدامغة، في ذلك، تكمن في إخفاقاته المتتالية في تحقيق التنمية وضمان الأمن في شتى أبعاده.
ألم تكن الوصفات الجاهزة المقدمة من لدن "شباب شيكاغو" Chicago boys الذين ذهبوا لينصحوا اوغوستو بينوشي Augusto Pinochet أو من طرف خبراء المنظمات الدولية (إعلان واشنطن)، الذين يلهمون مواثيق معاهدات التبادل الحر، بوصفات فعالة؟ هل سمحت التوصيات المتعلقة بالخوصصة والتفويت في إطار معولم بتقليص التفاوت والفقر؟
الواقع أن الدراسات أوضحت أن تطور النمو لم يؤد إلى تقلص الفقر، بل إلى اتساعه وتعاظم جراحه في مجال اللامساواة، من خلال تخلص البؤس من الفقر، كما يقال، حسب عبارة الباحث الإيراني ماجد غنيمة، عبر القضاء على الفقر الودي La pauvreté conviviale، كنمط عيش عرفته البشرية طيلة آلاف السنين ووضع مكانه أشكالا وأنواعا جديدة من البؤس والحرمان.
إن بناء نموذج تنموي جديد لا ينبغي أن يستغني عن المعرفة الاقتصادية وعن دراسة التاريخ، خلال الحقبة الاستعمارية ومدى الآثار والندوب التي خلفها الاستعمار بموروثاته، في تعميق الهوة بين الفقراء والأغنياء، وكيف يمكن استثمار الصدمات التاريخية وندوباتها التي ما زالت مرئية. إن التنمية هي حقا نتيجة تتابع صدمات صغرى وكبرى وتوظيفها في استنهاض همم وإرادة الشعوب المقهورة والمهدورة.
لذلك ينبغي تدريس النشء تاريخ الصين وتاريخ العام العربي الإسلامي وتاريخ إفريقيا وتاريخ أمريكا اللاتينية، قبل كولومبوس، دراسة هذا التاريخ الذي طالما نفر منه المفكرون ونفرت منه المدارس الأوروبية والأمريكية. وكم هو ثمين الالتجاء إليه اليوم في سبيل فهم تطور التنمية وتطوير النقاش العلمي العمومي والموضوعي حوله.
ضرورة بناء اقتصاد سياسي للتنمية يقوم على مراجعة شاملة لمؤشرات التفاوت الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمعرفي ويطمح إلى رفع الظلم الصارخ على الأفراد والجماعات والدول
على الرغم من تعقد ظاهرة التفاوت ومن اعتراف المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بتزايده، فالمطالبة ما زالت قوية بشأن مدى الحاجة إلى قيام اقتصاد سياسي جديد للتنمية يطمح إلى قياس مختلف أشكال اللامساواة العالمية، من خلال إنتاج معطيات وأدوات ومناهج جديدة في تقدير المداخل وتوزيع الثروة-دوليا وجهويا ووطنيا-وتنمية مؤشرات بديلة حول اللامساواة القائمة بين الأجيال، أو حول الدامغ البيئي ودامغ الكربون وتأثيره ومخلفاته على الآخر، وكذا المؤشر الصحي والمؤشر المعرفي والناتج الإجمالي أو الداخلي للسعادة Bonheur Intérieur Brut (BIB).
ومما لا شك فيه أن تزامن ظهور مؤشر التنمية الإنسانية IDH)) المستلهم من كتابات وأعمال "امارتيا سين"، في بداية التسعينات من القرن الماضي، مع بداية النقاش حول اللامساواة المحبطة، هو أمر له دلالة، لأنه يتيح النظر عن قرب إلى التفاوتات العالمية وجعلها عنصرا أساسيا وحاسما في جدول أعمال الدول. ومما ساعد على ذلك تقدم تقنيات الإعلام والتواصل التي باتت تتيح إدراك التفاوتات في طابعها الملموس الفظ الباهر.
إن إرادة التغيير لن تتحقق إلا إذا تجاوز الاقتصاديون والقادة السياسيون أدوات التغيير الأكثر اعتدالا. غير أنه لا ينبغي أن تحتكر المعرفة الاقتصادية حول التنمية من طرف الاقتصاديين وحدهم، بل ينبغي أن يتسع النقاش العلمي ويمتد إلى كل الباحثين في العلوم الإنسانية والاجتماعية ليسهم، كل حسب تخصصه وقدرته، في بناء هذا الصرح المفاهيمي الجديد للتنمية، في كل أبعاده المتمثلة في التفاوت الصارخ في توزيع الثروات، وما ينتج عن ذلك من إذلال واحباطات وخيبات، ضمن قسمة ضيزى الجائرة؛ الشيء الذي يولد رغبات جامحة في رد الإساءة والثأر من لدن المحرومين.
ويعتبر هذا الوعي أو الإدراك التصاعدي أن السياسي وجد (بضم الواو) عامة من أجل خنق حقوق المهدور، وأن هذا الإحساس بالغلبة يغذي تلقائيا ومنهجيا وسيكولوجيا مشاعر الحيف والإذلال والاحتقان والعنف في أوساط الطبقة المتضررة من عمال وعاطلين وأطر إدارية.
ومن مفارقة التاريخ، وهذا ما يعكس حدود أعمال الاقتصاد السياسي للتنمية، هو أنه نادرا ما تكون هذه الطبقة المهدورة من تبادر لتكون أول من يتمرد، بل ينبغي انتظار من يركب على مطالبها، من محترفي الثورات المبرمجة والمحسومة مسبقا (حالة بعض الأحزاب الإسلامية التي ركبت على مشاريع الربيع العربي). وهنا ينبغي أن يتدخل علم النفس الاجتماعي في دراسة هذه الظواهر لمعرفة أسباب ونتائج "استكانة الناس بهذه المقادير من الاستكانة ورضوخهم ليكونوا ضحايا مجتمعاتهم".
ومما لا شك فيه أنه ليس هناك وصفات نهائية وجاهزة في مجال التنمية ومساندة الطبقات المتضررة من تداعيات التفاوت الاقتصادي والاجتماعي. غير أن سلطة الفقراء تستلزم، حسب عبارة سبينوزا Spinoza، القيام "بتلميع نظاراتنا" باستمرار للنظر أفضل، وفي كل مكان وزمان، لتمكين هؤلاء الفقراء من فهم علاقات القوى والطبيعة الحقيقية لمنظومة التنمية وبنياتها وإغواءات شركات السوق وكذا تناقضاتها الداخلية.
لوظائف البيداغوجية والعلمية والمهام المنوطة بالاقتصاد السياسي في بلورة استراتيجية تنموية متجانسة ومدها بكل الأدوات النظرية والمنهجية اللازمة
تتجلى هذه الوظائف حسب عدة دراسات علمية في العناصر الآتية:
تكوين وتقاسم المعرفة بين المواطنين والمجتمع المدني والدولة والمقاولة في مجال الاقتصاد السياسي.
جعل إشكالية توزيع الثروة في قلب التحليل الاقتصادي واعتبار توزيع الثروة مسألة سياسية، بحيث لا ينبغي اختزالها في بعد اقتصادي صرف والعمل على دعم ثقافة العمل والانجاز في المجتمع كنقيض لثقافة الريع والغنيمة المتفشية، من خلال تقاسم المعرفة حول التنمية وأشكال تطورها ومؤشراتها وكلفتها وسبل تقييمها.
المناداة بالاستثمار في التأهيل وتكوين الكفاءات، عبر رفع الإنتاج، وخفض التفاوت. إن غياب الاستثمار المناسب في التكوين يؤدي إلى حرمان مجموعات اجتماعية واسعة من نتائج وثمرات النمو،
الوعي بأن تمركز الثروات في عالم يتميز بالأزمة، وبضعف وهشاشة النمو الاقتصادي وتدهور أوضاع الطبقة المتوسطة، مقابل مردودية عالية للرأس المال، يضر بمثل الاستحقاق والإنصاف ويهدد بعدم الاستقرار والعنف.
الدور الريادي والاستراتيجي لدولة الحق والقانون والمساواة والمؤسسات والسياسات العمومية الملائمة في قيام مجتمع أكثر عدلا وإنصافا لأفراده، يتيح توسيع الحريات الحقيقية للإنسان حتى يعيش الحياة التي ينشدها. وفي هذا السياق ينبغي على الدولة ابتكار حلول ذكية لجعلها تتدخل في توجيه الاقتصاد، ودعم اقتصاد المعرفة وحماية المال العام، والتحكم في النفقات الاجتماعية، والعجز التجاري، والتشغيل، وتحقيق استثمارات هائلة في البنيات التحتية ومجال التكنولوجيات الحديثة، مع مراعاة الفعالية والأداء في بلورة كل المشاريع التنموية.
ضمان انخراط الكل في النقاش العمومي الجاد لتحسين أداء المؤسسات ومكافحة الفساد.
البحث الحثيث في الثروة غير المشروعة ووضع سجل عقاري للممتلكات والعمل على فرض ضريبة تصاعدية على الثروة.
إحكام الرقابة الديمقراطية على رأس المال والثروة والممتلكات على الصعيد العالمي والوطني والجهوي.
تجويد قياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، عبر الرجوع إلى المداخل، بدل الإنتاج في تقييم الرفاه الاجتماعي، (الصحة، التعليم، الشغل، السكن، المشاركة السياسية، البيئة، السعادة الداخلية، الأمن الفردي والاقتصادي).
إنتاج معطيات وأرقام متجانسة حول اللامساواة وبناء مؤشرات جودة الحياة في مختلف أبعادها، من أجل إنتاج تقييم شمولي للتفاوتات الاجتماعية.
دعم وإشراك مراكز الفكر والجامعات والمجتمع المدني في إجراء بحوث ميدانية حول الترابط بين مختلف مظاهر جودة الحياة، بغية وضع وبلورة السياسات العمومية الكفيلة برصد حاجيات الأفراد في مختلف القطاعات.
تحفيز معاهد الإحصاء على توفير كل المعلومات والمعطيات الضرورية لتركيبة مختلف الأبعاد لجودة الحياة والمؤشرات واستطلاعات الرأي المتعلقة بها، وإدماج كافة المسائل التي من شأنها معرفة كيفية تدبير الأفراد لحياتهم وتجاربهم وأولوياتهم.
وضع سلة من المؤشرات العملية التي تمكن من تقييم الاستدامة التي تركز على مظاهرها الاقتصادية، والتتبع الدائم وإبراز مكامن الخطر في مجال تدبير البيئة.
تعزيز الحكامة الشاملة في رفع إنتاجية الاقتصاد ومكافحة الفساد، لأن تمتع بلد معين بنظام قضائي كفء وبنظام واضح لحقوق الملكية وبحكومة قوية وفعالة من شأنه تحقيق معدلات عليا من الثروة وزيادة في قيمة رأس المال غير الملموس، والحرص على توزيع هذه الثروة توزيعا عادلا.
ضرورة الرجوع إلى استثمار بعض الطروحات النظرية والتطبيقية في التراث الكلاسيكي العظيم
كما جاء ذلك في الكتابات الماركسية أو الثالثية، وكذا إسهامات الباحثين المغاربة في مجال الاقتصاد السياسي للتنمية الذين قدموا حقيقة مساهمات علمية قيمة مند الستينات والسبعينات أو الثمانينات من القرن الماضي ومن خلالها لفتوا الانتباه باكرا إلى ضرورة تبني استراتيجية تنموية متجانسة، فضلا عن ضرورة القراءة النقدية والثاقبة للكتابات والتقارير الدولية والإقليمية والوطنية (لأجهزة الحكامة) وطروحات رؤساء الدول و"جمهوريات الخبراء" العديدة التي قد تفتقر إليها الأحزاب السياسية والبرلمان (أغلبها منشور باللغة الانجليزية) أو لا تحرص على قراءتها وتحليلها ونشرها بين أعضائها والاستعانة بها في تنمية خيالها الإبداعي، نسرد منها أساسا:
المؤلف القيم لشي جي بينغ، "حكامة الصين" (2017) الذي يبرز فيه مقومات الحلم الصيني لنموذج التنمية في البلاد.
نموذج الأصفار الثلاثة (صفر فقر، صفر بطالة وصفر انبعاث غازي)، للبروفسور البنغالي أستاذ الاقتصاد محمد يونس (2017)، الحائز على جائزة نوبل للسلام.
توماس بكيتي وكتاباته حول مردودية رأس المال والنمو كما جاء في كتابه "رأس المال في القرن العشرين" (2013).
الرئيس السابق بيل كلينتن "العمل، الدولة المبدعة والاقتصاد القوي" (2012).
الرئيس السابق ساركوسي" قياس الأداء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي"، (2008).
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول "الثروة الحقيقية للأمم" (2010).
تقرير البنك الدولي "أين تكمن ثروة الأمم: قياس رأس المال للقرن الواحد والعشرين" (2006).
تقرير البنك الدولي حول معيقات التنمية بالمغرب، ملهم السكتة القلبية (1995).
تقريرا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول "الثروة الإجمالية للمغرب ما بين 1999 و2013 "(2016) و"الفوارق الاجتماعية والمجالية" (2018).
"اسبورن وكابلار" (Osborne&Gaebler) "إعادة اكتشاف الحكومة" (1992).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.