تنديد مغربي بجرائم الاحتلال ضد إعلاميي غزة بعد استشهاد أنس الشريف ورفاقه    أستراليا تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر    عامل إقليم الحسيمة يخلد اليوم الوطني للمهاجر.. والرقمنة في صلب خدمات القرب لمغاربة العالم    مطلوب للأنتربول..بقبضة أمن طنجة    استشهاد 4 صحفيين بقصف إسرائيلي استهدف خيمتهم في غزة من بينهم مراسل "الجزيرة" أنس الشريف    تشييع جنازة شيخ الطريقة القادرية البودشيشية جمال الدين القادري بودشيش بمداغ    اعتقال ابتسام لشكر بتهمة الإساءة للذات الإلهية وإهانة الدين الإسلامي    بوزوبع يخلف شاقور في رئاسة المغرب الفاسي    "سان جيرمان" ينزعج من حكيمي    توقيف الناشطة لشكر بعد ارتدائها قميصاً مسيئاً للذات الإلهية    زلزال مدمر يضرب تركيا    تركيا: زلزال بقوة 6,1 درجات يضرب غرب البلاد    السلطات ترحّل عدداً من المهاجرين إلى جنوب المغرب بعد محاولتهم السباحة نحو سبتة    النيابة العامة المختصة تأمر بوضع ابتسام لشكر رهن تدابير الحراسة النظرية    المهاجم الدولي خالد بوطيب يعزز صفوف الكوكب المراكشي    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني بمدينة الدار البيضاء        توقعات مديرية الأرصاد الجوية..طقس ممطر وحار غدا الاثنين    الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة تطلق الدورة الرابعة من الأبواب المفتوحة لفائدة مغاربة العالم    بلال مرابط يكتب..فن التعليق على كل شيء: بين سقراط وجيل لا يهدأ    محكمة ألمانية تلغي غرامة رادار من نوعية اقتناها المغرب.. وجدل محلي حول نجاعته    رسمياً وابتداء من نونبر.. إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تعطي الضوء الأخضر لقطرة VIZZ لعلاج ضعف النظر    صرخة العرائش:قراءة في بلاغ الجسد المديني ومقاومة المعنى !    بعد مشاركتها في مهرجان المضيف .. دعاء يحياوي تحيي حفلها الأول بمهرجان صيف العرائش    مسؤول أممي يحذر من الخطة الإسرائيلية بشأن غزة    "البوليساريو" تتدثر بثوب الضحية لمواجهة المواقف الدولية في الصحراء المغربية    التقلبات ترفع الذهب في المغرب ب"زيادة طفيفة".. وضُعف الطلب مستمر    بعثة تجارية بلغارية تستعد لزيارة المغرب    باحثون مغاربة يرسمون "خرائط التربة الخصبة" من أجل دعم الفلاحين في إدارة التسميد    أشرف حكيمي: اتهامي بالاغتصاب ظالم    تشكيلة المنتخب المحلي أمام كينيا        مغاربة يحتجون على رسو سفينة بطنجة        هل يختفي "البيتكوين"؟ .. "الذهب الرقمي" يواجه امتحان البقاء الأخير    مجلة الشرطة .. ملف خاص حول الدورة السادسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني        خط بحري جديد لنقل الفواكه والخضروات المغربية نحو أوروبا    يوليوز 2025 هو الأقل حرارة في 6 سنوات في المغرب.. لكنه "مخادع" مناخيا    لماذا غابت القوى اليسارية والعلمانية عن مشهد تحرير سوريا؟    قادة أوروبا يؤكدون دعم أوكرانيا ويواصلون الضغط على روسيا    مداخل المرجعية الأمازيغية لبناء مغرب جديد    حادث شغل يودي بحياة عاملة زراعية مغربية في إسبانيا    ميسي يواصل الغياب عن إنتر ميامي بسبب إصابة عضلية طفيفة    بعد انهيار قاتل.. منجم نحاس في تشيلي يستأنف العمل    تشاد.. 20 عاما سجنًا لرئيس الوزراء السابق    دراسة: الفستق مفيد لصحة الأمعاء ومستويات السكر في الدم    ارتفاع ودائع الجالية في البنوك المغربية إلى 213,2 مليار درهم    دراسة تحذر.. البريغابالين قد يضاعف خطر فشل القلب لدى كبار السن    ماذا نعرف عن فيروس "شيكونغونيا" الذي أعاد شبح "كورونا" إلى العالم؟    "رابأفريكا" ينطلق بحضور جماهيري لافت    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحمد لله، سيناريو أوفقير يفشل دائما..
نشر في هسبريس يوم 04 - 02 - 2012

ترى، هل يستطيع أي واحد منا أن يتصور الوضع لو نجح انقلاب أوفقير وحكمنا نظام عسكري؟.. إن المرء ليفاجأ نفسه بهذا السؤال وهو يتابع ما يجري من مذابح في مصر بإشراف مباشر من طرف الطغمة العسكرية الحاكمة، بتزامن مع الذكرى الأولى لمعركة الجمل التي قتل فيها العشرات.. مسكين والله هذا الشعب المصري.. منذ سنة 52 وهو يرزح تحت حكم عسكري لا يفهم إلا لغة العنف والدم وسفك الدماء.. وطبيعة النظام العسكري تجعله أبعد ما يكون عن القيادة ليس فقط بحسب القواعد الديمقراطية المتعارف عليها، بل بأبسط ضوابط الإنسانية وصلة الرحم بين أفراد الأمة، كيف لا وهم يتربون أصلا على أن وجودهم مرتبط بإلغاء الآخر.
منذ خلع مبارك، وحالة الفوضى الممنهجة مستمرة على هذه الأرض الطيبة، يقف خلفها بعض من جنرالات المجلس العسكري، ويدعمها كلاب الحراسة في وسائل الإعلام، ووسط بعض الأحزاب، وبعض الشخصيات التي فشلت في إبقاء القناع الكاذب على وجهها مثل الصحفي مصطفى بكري وغيره كثير. قبل شهور، ارتوت أرضية ماسبيرو، مقر التلفزيون المصري، بدماء ورد الجناين.. ثم انبرى البلطجية يعبثون بالعام والخاص في البلد وسقط قتلى هنا وهناك دون أن يرف لمسؤولي الداخلية والجيش جفن، ويؤكد الأصدقاء من مصر أن لدى الداخلية كل البيانات الخاصة بالبلطجية ولو شنت حملة عليهم لاستتب الأمن في أيام.. لكن هيهات فجنرالات المجلس العسكري هنا حاضرون، واتضح لمن كان يجد لهم العذر تلو الآخر قبل عام كامل، أن هؤلاء أعلنوا الحرب على الشعب وعلى النخب الشريفة التي يبدو أنها كفرت حينما طالبت الجيش بالعودة إلى مكانه الطبيعي وترك السياسة لأهلها. وهذه الحرب المعلنة لها هدفان ظاهران، وما لا يعلم إلا الله وحده والراسخون في العلم، من الأهداف والأجندات الخفية.. الهدف الأول: حماية نفوذ ومصالح الفئة الضالة داخل المجلس، التي مصت تحت حماية المخلوع اللامبارك، دم الشعب وصنعت لنفسها مجدا في عالم المال والأعمال، والهدف الثاني يرتبط بسابقه، ويمكن تلخيصه في حرص تلك الطغمة على ضمان استمرار حكم العسكر لأرض الكنانة، أو في الحد الأدنى المجيئ بنظام مدني عميل لها، حتى تدوم النعمة غير الشريفة عليهم، إلى جانب ضمان حماية مدى الحياة من أي متابعة قضائية نزيهة..
شرفاء أهل مصر ما انبروا يؤكدون منذ الأيام الأولى لنجاح الثورة أنها لن تكتمل إلا بعد أن يؤدي ورد جناين مصر ثمن الحرية والانعتاق.. وبصدق يخبرون من يتحدث إليهم أن 800 شهيد إن شاء الله الذين سقطوا قبل خلع مبارك، ليست فاتورة ثورة حقيقية، وهذا كان مبعثا للخوف في نفوسهم وحثا لها على الصبر والثبات أمام ما هو قادم، وما هو قادم هو انكشاف للوجوه المقنعة الكاذبة، ممثلة في طغمة عسكرية صنعها مبارك.
إن مجلس المشير طنطاوي انكشف أمره حين أصر على التلاعب بالمشاعر والعقول مع سماحه لسيده مبارك بالتنعم بشمس وشواطئ سيناء في قصر فسيح، وهو الذي ارتكب طيلة حكمه كل ما يتخيله العقل من جرائم. ثم تأكدت الشكوك مع انتظاره سقوط شهداء جدد خلال مظاهرات شعبية عارمة حتى يبدأ محاكمة المخلوع، بعدما اعد لها سيناريو خاص بها، يكتفي بإقناع الناس بجدية المحاكمة كون المخلوع وأبناؤه ومعاونه وراء القضبان، قبل أن يتأكد للجميع أن المحاكمة عبارة عن مسرحية ضحيتها الأولى القاضي الذي يجف حلقه بمتابعة المحامين والرد عليهم، بينما مبارك نائم على سريره الطبي، وولداه يتبادلان الابتسامات مع معاونيهما.
وبموازاة مع ذلك، أصر المجلس على أن يعرقل كل إجراء يهدف لتطهير أجهزة الأمن من كلاب مبارك، فوجد الشعب نفسه دون حماية.. فقتل الشيخ عماد عفت، وشباب كثر في ميدان التحرير ومصطفى محمود.. وفي مدن أخرى سمح فيها لللصوص والقتلة بأن ينتهكوا حرمات شعبه بأكمله.
وما لبثت الأقدار أن عرت سوأة هذا المجلس، وجنرالاته الدمويين بعدما تفجرت أحداث بورسعيد وسقوط كل هذا العدد الهائل من القتلى وسط أنظار أجهزة الأمن التي فضلت التقاط الصور عبر الهواتف النقالة، بين مهزلة القتل تواصل تدوين واحد من أبشع فصولها.. بل إن رأس هذا المجلس الدموي، المشير طنطاوي دعا علنا، وأمام كاميرات التلفزيون، الشعب المصري لينتفض ضد من قتلوا الشباب في بورسعيد.. وهي دعوة صريحة على ما فيها من غباوة وسذاجة سياسية أفراد الشعب ليقتل بعضه بعضا، ويسفك بعضهم دماء بعض.. ليخلو الجو للمجلس فيحقق مصالحه، وذلك عوض التشديد على دولة الحق والقانون، وفرض القضاء النزيهة كقيمة مجتمعية يلجأ إليها الكل وقت الأزمات.
إن هذه الوقاحة الفجة وهذا أقل ما يمكن قوله من رأس العسكر تبعث على القيئ، وتفضح الوجه الكالح لهذا النظام المباركي الذي يبدو مستعدا لذبح الآلاف حتى يستمر، ويبدو أنهم لم يستفيدوا البتة من دروس التاريخ القديم والقريب، من أن الدم المغدور هو المنتصر دائما..
ولا شك أن كل من يتابع فصول المأساة تعود به ذاكرته إلى سنوات التسعينيات من القرن الماضي، حينما كانت الذئاب والكلاب تنهش في لحم الأشقاء في الجزائر، بدعم من جنرالات الجيش الذين يستمتعون الآن بتقاعدهم في المغرب وفرنسا وبلاد الله الواسعة، وفي رقبتهم دماء الآلاف..
كان الناس وقتها يتحدثون عن "أصحاب اللحي" والمجازر المرتكبة يوميا في مختلف مدن البلاد وقراها، ووسائل الإعلام النباحة تمارس دورها في التعتيم والتزوير والكذب على الوجه الأكمل، والقلة القليلة من الشرفاء التي كانت تفضح ما يجري وتوجه أصابع الاتهام لقيادة الجيش كان مصيرها إما القتل أو تشويه السمعة أو النفي أو الاعتقال في غياهب السجون. ومرت الشهور والسنوات، وتكشفت حقيقة ما جرى على يد ناس شاركوا فيها.. وتأكد للجميع أن خالد نزار والجنرال العماري وتوفيق وأصدقاؤهم من القتلة، ذبحوا وشردوا وسجنوا شعبا بأكمله، وكانوا مستعدين لقتل المزيد في سبيل تحصين أنفسهم والدفاع عن مصالحهم..
وهم يتخيلون الآن أنهم نجحوا في مهمتهم، ولا يعلمون أن الدماء الزكية التي سفكوها، ستحيا من جديد وتطالب بدفع الفاتورة...
وإن المرء ليحمد الله ألف مرة أن انقلابا 71 و72 لم ينجحا، وإلا فدعونا نتصور ما كان سيكون عليه المغرب لو نجح مثلا الدموي أوفقير في الإطاحة بالملكية... صحيح أوضاعنا لم تكن دائما بتلك الصورة التي يريدها الشعب، لكن لا يمكن البتة المقارنة بين ذلك الوضع وسيناريو حكم أوفقير.. صفقة العسكر دائما خاسرة.
إن قدر الشعوب العربية في مصر وليبيا وسوريا والجزائر وبلدان أخرى، أن تواجه هذا الحكم العسكري الذي يخنق الأنفاس، وأن يدفع خيرة شبابها دماءهم الزكية ثمنا لتنسم عبق الحرية، ففي عصر الربيع العربي المجيد، لا مكان لأحذية العسكر في تدبير الشؤون الناس، ولو تبقى لديهم شيء من الكرامة والرجولة لرجعوا إلى ثكناتهم لحماية هذه الشعوب التي اشتاقت لطعم الحرية والحياة. وأذكر في هذا المقام الصور الراقية التي شاهدها العالم لأفراد الجيش الياباني المحترم، الذين جعلوا من أجسادهم جسرا يعبر عليه الشيوخ والنساء والأطفال هربا من خطر تسونامي، وضحى كثيرون من أفراده لإنقاذ أطفال لن ينسوا لهم بالتأكيد هذا الجميل.. وللسفلة القتلة أذكرهم بما قاله الجبار المنتقم "( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ( سورة النساء الآية93 ).
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.