أدانت رابطة العالم الإسلامي، مجدداً، أساليب الإساءة لأتباع الأديان، ومن ذلك الرموز الدينية لأي دين، مؤكدة أن الإسلام ينهى عن ذلك، وأن علماء المسلمين ذكروا أن "مقابلة الإساءة بالإساءة تدخل في هذا النهي؛ إذ تُغْرِي المسيء بالمزيد دون طائل ولا نهاية". وأضافت الرابطة، في بيان أصدرته بهذا الشأن، أن المبدأ الحقوقي ل"حرية التعبير" لا بد أن يؤطر بالقيم الإنسانية التي تقوم على احترام مشاعر الآخرين، وأن حرية الرأي متى خرجت عن تلك القيم "تسيء للمعنى الأخلاقي للحريات، كما تسيء إلى مقاصد التشريعات الدستورية والقانونية التي أكدت على ضمان حرية إبداء الرأي بأي أسلوب مشروع، ولم تقصد من ذلك إثارة الكراهية والعنصرية بذريعة حرية الرأي، ولا افتعال الصراع الثقافي والحضاري بين الأمم والشعوب". وأوضحت الرابطة أن "هذه التصرفات هي محسوبة على أصحابها ولا تتحملها الشعوب التي تربطها ببعض صلات المحبة والاحترام، فنحن في رابطة العالم الإسلامي لا نَحْمِلُ في قلوبنا نحو الشعوب الأخرى، ومن ذلك أتباع الأديان إلا محبة الخير لهم، بل إننا نقابل السيئة بالحسنة؛ عملاً بقول الله تعالى: (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)". وتابع بيان الرابطة، الصادر عن أمينها العام رئيس هيئة علماء المسلمين، محمد بن عبد الكريم العيسى، أن الرابطة "تُدرك بأن الباعث على أساليب إثارة المشاعر الدينية من خلال الإساءة لرموزها لا يعدو في ظاهره سوى محاولة الاستفزاز لتحقيق مكاسب مادية". وأشار البيان إلى أن وَعْينا الإسلامي يجعلنا أكثر حكمة في التعامل مع أي محاولة للتطاول والإساءة، "كما أن وَعْيَنا الإسلامي يُدرك أن كثيراً من المزايدين في هذا يراهن على ردة الفعل غير الحكيمة لتحقيق مكاسب خاصة، ومن ذلك إضفاء القيمة والأهمية والعالمية على إساءته". وأوضحت رابطة العالم الإسلامي، على إثر الرسوم التي نشرتها بعض الصحف الفرنسية، أن ذلك "لا يُمثل سوى أصحابها، ولا يُمثل وجدان الشعب الفرنسي بكافة تنوعه تجاه غيره من الشعوب والأمم والأديان والأفكار، حيث لمسنا من الشعب الفرنسي الصديق المحبة والتقدير واحترام الجميع، وهو ما يعكس القيم الفرنسية الحقيقية، ونحن نبادله نفس الشعور، ولنا معه علاقات صداقة وطيدة، ومن ذلك كبار القيادات الدينية وعدد من كبار المفكرين والبرلمانيين والحكوميين والإعلاميين، كما أننا فخورون بأن عدداً من المسلمين هم من ضمن المُكَوِّن الفرنسي بلُحْمته الوطنية الواحدة"، وفق البيان ذاته. وأضاف "أكدنا عدة مرات بأن رابطة العالم الإسلامي ضد أي أسلوب من أساليب التأثير على اللحمة والوحدة الوطنية لأي بلد حول العالم، وأننا ندين أي أسلوب من أساليب الانفصالية والانعزالية التي تخرج عن رابطتها الوطنية، وأنه يجب على كل من يُقِيم على أرض بلد أن يحترم دستورها وقانونها وقِيَمَها، وأن المطالبة بالخصوصيات الدينية تكون عبر الأدوات الدستورية والقانونية وليس غيرها، وأكدنا خطورة خطاب الكراهية وخطورة الصدام والصراع الثقافي والحضاري، وخطورة التهادر اللفظي الذي لا يفيد سوى زرع الكراهية، ولن يستفيد منه سوى أعداء السلام والوئام وأولئك الذين لا مكان في قلوبهم للآخرين". كما أكد بيان الرابطة أن الرسوم التي تحاول التطاول على مقام سيدنا ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لم ولن تمسه بسوء، فهو أكبر وأجل وأقدس من أن يطاله متطاول، مشيرا إلى أن الرابطة ليست ضد الحريات المشروعة، "لكنها ضد توظيفها المادي المسيء لمفهومها الأخلاقي الكبير، وما ينتج عن ذلك من زرع الكراهية والعنصرية في مقابل ما يجب من تعزيز المحبة والوئام بين الأمم والشعوب". وتابع البيان "لن تسمح قيم الحريات بأن تكون جسراً للكراهية والسخرية بالآخرين، وهذا بلا شك أكبر إساءة لتلك القيم وأكبر تلاعب بمعانيها النبيلة، كما يظهر ذلك من ازدواجية معاييرها، وانحراف مقاصدها". وأضاف "يجب علينا من منطلق أخوتنا الإنسانية وقيمنا المشتركة ألا نُعَلِّم أطفالنا تلك المفاهيم الخاطئة حتى لا تَخْرُجَ فِطَرُهُم السليمة وقلوبهم النقية على عالم كارهٍ لبعض تُشْعِله قيم الحرية المفترى عليها". واختتم قائلا: "دوماً نؤكد بأننا لا نرضى مطلقاً بأي إساءة لأي من رموز أتباع الأديان الأخرى، كما أن محاولة الإساءة لأي نبي من أنبياء الله تعالى تعني بالنسبة لنا محاولة الإساءة لبقية الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، ومنهم سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ فنحن لا نفرق بين أحد من أنبياء الله ورسله، قال تعالى: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّه وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)".