عندما يرد رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا على البرلمان الأوروبي بإنصاف المغرب!    حوالي 56 مليون اشتراك في الهاتف بالمغرب.. وخدمة الإنترنت تتجاوز 38 مليون مشترك    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع الماضي    "أسترازينيكا" تقر بخطورة لقاح كورونا وتسببه في مضاعفات جانبية مميتة    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    مورو يبحث في بكين عن جذب استثمارات صناعية لجهة طنجة    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    صدمة جديدة للكابرانات .. "طاس" ترفض طلب الاتحاد الجزائري بإيقاف قرارات "الكاف" وفوز بركان    ورش الحماية الاجتماعية وتثمين العمل اللائق    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    نشرة إنذارية | أمطار رعدية قوية تضرب أقاليم شمال المملكة غدًا الأربعاء    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    نشرة إنذارية: أمطار قوية أحيانا رعدية يوم فاتح ماي بعدد من أقاليم شمال المملكة    سياحة الأعمال.. المغرب يسعى لاستقطاب مليون ونصف سائح سنة 2026    توقيت واحد فماتشات البطولة هو لحل ديال العصبة لضمان تكافؤ الفرص فالدورات الأخيرة من البطولة    ماتش جديد بين المغرب والجزائر.. واش الكابرانات غاينساحبو تاني؟    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    الرباط تحتضن النسخة الثالثة للدورة التكوينية المتخصصة لملاحظي الانتخابات بالاتحاد الإفريقي    ألباريس دخل طول وعرض فالحزب الشعبي: فين تقرير المصير ديال الصحرا اللي كدافعو عليه فبرنامجكم الانتخابي وفيناهو فلقاءات زعيمكم راخوي مع المغرب؟    نتانياهو: بالهدنة وللا بلاش الجيش غيدخل لرفح    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    صفرو.. أنسبكتور استعمل سلاحو الوظيفي باش يوقف مشرمل جبد جنوية وهدد بها الناس    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في غزة    ثمن الإنتاج يزيد في الصناعة التحويلية    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    الدار البيضاء.. مناظرة حول محاولات "السطو" على الزليج والقفطان المغربيين    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    أسعار النفط تهبط للجلسة الثالثة ترقبا لمباحثات هدنة في غزة    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ثلاث وفيات وعشرون حالة تسمم بأحد محلات بيع المأكولات بمراكش    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    ف 5 يام ربح 37 مليار.. ماسك قرب يفوت بيزوس صاحب المركز الثاني على سلم الترفيحة    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    بطولة اسبانيا: ليفاندوفسكي يقود برشلونة للفوز على فالنسيا 4-2    مطار الحسيمة يسجل زيادة في عدد المسافرين بنسبة 28%.. وهذه التفاصيل    الصين تتخذ تدابير لتعزيز تجارتها الرقمية    معاقبة جامعة فرنسية بسبب تضامن طلابها مع فلسطين    مواهب كروية .. 200 طفل يظهرون مواهبهم من أجل تحقيق حلمهم    مجلس النواب يطلق الدورة الرابعة لجائزة الصحافة البرلمانية    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    الأمثال العامية بتطوان... (583)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفر في زمن كورونا
نشر في هسبريس يوم 09 - 11 - 2020

من المهم جدا أن يسافر الإنسان بين الحين والآخر من أجل إمتاع نفسه، وتجديد الحياة، وتفريغ الطاقة السلبية. وطبعا الجميع يعرف فوائد السفر الكثيرة، ومن بينها: إغناء الرصيد المعرفي، والاستكشاف، وإشباع الفضول، وتدبير المال، واكتساب تجارب جديدة، وامتلاك الخبرة في حزم الأمتعة. هذا السفر في الأوقات العادية. أما في زمن الجائحة، فالإنسان يتردد في فتح باب السفر، وتنتابه أسئلة ومخاوف حول هذه الظروف الاستثنائية، وتداعياتها، كما وقع لي لكني استحضرت الجرأة، وروح المغامرة، والقدرة على التحمل، مع احترام الإجراءات الاحترازية (كمية من الكمامات، المعقم، بالإضافة إلى الإسعافات الأولية التي نأخذها في جميع الرحلات: أدوية الإسهال – الصداع – لدغات الحشرات – ضمادات – مرهم الكدمات) واعتبرت أن الجائحة منحتني فرصة لاكتشاف جمال بلادي، فقلت حي على السفر إلى الجنوب الشرقي للمغرب.
سأصحبكم قراء وقارئات جريدتنا هسبريس. فإذا سبق لكم زيارة هذه الأماكن ستستحضرون ذكرياتكم فيها، وإذا لم يسبق لكم ذلك فهذه فرصة لتنمية معارفكم عن مناطق لا يعرف قيمتها وجماليتها غير السياح الأجانب.
عراقة التراث في منطقة تافيلالت
أول ما أثار إعجابي في هذه الرحلة هو تطبيق الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا. فالحافلة السياحية احترمت التباعد، والمشرف يوزع كمامات جديدة صباح مساء، وتعقيم اليدين للجميع أثناء الصعود إلى الحافلة أو النزول منها. وأثار انتباهي أيضا أنه تم تعزيز منطقة الراشدية ببنية تحتية وتجهيزات أساسية وفرت الشروط الضرورية لخدمة السياحة، خصوصا أن تافيلالت كانت حاضرة القوافل التجارية قديما، وبها أكبر واحة في إفريقيا الموسومة بمؤهلات سياحية فريدة، تجمع بين خضرة الواحة، وهدوء الصحراء، وعراقة التراث؛ حيث تمثل القصور والقصبات تراثا معماريا ذا حمولة ثقافية واجتماعية غنية بالرموز والدلالات. ويضيف المرشد السياحي أن إقليم الراشدية يضم ما يناهز 400 قصر وقصبة، من بينها: قصر "ميسكي" وقصر "الفيضة" الذي يحتضن فعاليات مهرجان موسيقى الصحراء؛ يقع على بعد 04 كلم من الريصاني (مغلقان بسبب حالة الطوارئ الصحية) ويعد من أهم قصور العلويين، يعود تاريخه إلى عهد السلطان المولى إسماعيل الذي شيده لابنه المولى عبد الله، وضريح المولى علي الشريف، مؤسس الدولة العلوية، مغلق كذلك. ولا يمكنك مغادرة الريصاني دون أن تأكل الأكلة التي تشتهر بها "المدفونة"، وهي أكلة شعبية مكوناتها: الرغيف، اللحم، اللوز، التمر، الجوز، البيض المسلوق، والتوابل.
الحمامات الرملية
وأنت في الطريق إلى "مرزوكة" تستقبلك مناظر خلابة وطبيعة رائعة يتحد فيها الإنسان مع الصحراء والرمال. ومرزوكة مشهورة بحماماتها الرملية التي يؤمها العديد من الزوار، وأجمل ما تشاهد فيها شروق الشمس وغروبها على ارتفاع 350م، حيث الشمس الذهبية تتحول ألوانها على الرمال، والأجمل أيضا تجربة ركوب الإبل، والمبيت في الخيام التقليدية المجهزة كأنك في فندق مصنف، والتنشيط بالفرق الفلكلورية المحلية، وخدمة الزبائن راقية، ربما للنقص في عدد السياح الأجانب ازداد اهتمامهم بالمغاربة.
سحر الطبيعة المهمل
يتعلق الأمر بمضايق تودغى، وهي سلسلة من المنعرجات والأخاديد من الحجر الجيري، تقع في الجزء الشرقي من جبال الأطلس الكبير على بعد 14 كلم من مدينة تنغير، يصل علوها إلى 300م. مضايق تودغى تلفها قصبات (قرى) ودور سكنية عتيقة يعود تاريخها إلى عام 1630م، موقع سحري جذاب، وطبيعة خلابة، وتراث معماري فريد يضم نحو أربعين قصبة، إنها فعلا جمال فاتن لكنه مهمل.
مملكة الورود
مدينة جبلية صغيرة يخترقها نهر "مكًون". نشأتها تعود إلى القرن الخامس عشر على يد تجار شاميين اتخذوها محطة آمنة في طريق القوافل التي كانوا يقودونها إلى "تامبوكتو" (مالي). اسمها يتكون من كلمة عربية (قلعة) وكلمة أمازيغية (مكًون) وتعني (الجنين الراقد في بطن أمه). وقد أكدت أبحاث زراعية-يشرح المرشد السياحي-أن "الورد البلدي" الذي يزرع في قلعة مكًونة يختلف عن كل الورود المغروسة في المغرب، يشبه ورود سوريا وتركيا.
هوليود إفريقيا
هي المدينة الهادئة ورزازات، يسكنها الفن والإبداع. واسمها أمازيغي: "ور" بمعنى بدون، "زازات" معناها الضجيج، أي مدينة بدون ضجيج. وهي فعلا بدون ضوضاء. لها تاريخ طويل في السينما منذ سنة 1897. تضم معالم سياحية هامة لكنها مغلقة بسبب كورونا. فقط متحف السينما هو المفتوح. فضاء عجيب يحتوي على عدد من الأروقة بها الملابس المستعملة في الأفلام، والأدوات، والأسلحة، والأجهزة الخاصة بالموسيقى التصويرية، وأماكن التصوير، كذلك مجسمات للطائرات، والسفن الحربية، وملصقات للأفلام التي صورت في استوديوهات ورزازات. والمكان الذي تمنيت البقاء فيه طويلا هو الفندق الإيكولوجي الأول في إفريقيا يقع وسط واحة من النخيل، كل ما فيه طبيعي؛ الغرف مبنية بالطين والتبن، وصوان الملابس بالقصب والدوم، الصابون من زيت أركًان، الخضر والفواكه المزروعة تعالج بمواد عضوية. مكان فريد أفضل من الفنادق المصنفة التي تتشابه وكل ما فيها اصطناعي. مجمل القول: ورزازات لوحة تجمع فسيفساء الحضارات.
مدينة ألف قصبة وقصبة
وجهتنا "زاكَورة"، اسمها مشتق من جبل "تازاكورت"، تعرف بواحات النخيل، وتضم عددا من الزوايا، أشهرها الزاوية الناصرية (مغلقة). ومنطقة صناعة الفخار كذلك مغلقة، والسياحة فيها لم تصل إلى المستوى المطلوب.
موطن الزربية المغربية
وصلنا "تازناخت" التي يشكل فيها قطاع نسج الزرابي المصدر الأساسي لمورد العيش لكثير من الأسر. اشتهرت تازناخت وعرفها الناس بفضل الباحثة أيقونة علم الاجتماع فاطمة المرنيسي، حيث ساعدت النساء المنسيات بهذه المنطقة على التعريف بمنتوجهن وتسويقه. لكن بموت الدكتورة فاطمة المرنيسي، أقبر مشروع التنمية الذي كانت تعمل من أجله، لكن الوجهة القادمة فيها أنشطة ومشاريع مدرة للدخل تشرف عليها نساء فاعلات.
عاصمة الذهب الأحمر
إنها تالوين التي تشتهر بزراعة الزعفران الحر، وشجر أركَان، والأعشاب الطبية. وتعد زراعة الزعفران من أهم الزراعات التي تشغل عددا كبيرا من السكان المحليين. بها 1500 جمعية للتنمية المحلية، و50 جمعية مختصة بالزعفران وأركًان. وتشرح المشرفة على "دار الزعفران" أنه للحصول على كيلوغرام من الزعفران، يلزم 75 ألف زهرة، تقطف في وقت الفجر.
الأبناء ذهبوا
يوجد كم زاخر من الروايات في التراث الروداني حول تسمية "تارودانت"، أشهرها أن المدينة تعرضت في الماضي لفيضان تسبب في خرابها، وهلاك أغلب سكانها، ويحكى أن امرأة فقدت أبناءها في تلك الكارثة، وبفعل حزنها خرجت في الطرقات تصرخ وتصيح بالأمازيغية (تاروا دانت)، ومعناها بالعربية "الأبناء ذهبوا". ولكثرة الاستعمال، أدمجت الكلمتين فأصبحت "تارودانت". وهي من أعرق المدن المغربية، بها معالم سياحية مهمة لكنها أغلقت بسب الجائحة. زرنا السور فقط، وهو أقدم سور تاريخي بالمغرب، وثالث سور أثري في العالم بعد سور الصين العظيم، وسور "كومبا لغار" بالهند، طوله 7,5 كلم، تتخلله خمسة أبواب. متاحفها في الهواء الطلق، مغلقة. فضاء الذاكرة التاريخية مغلق.
عاصمة سوس
هي مدينة الانبعاث مدينة أكًدير، اسم أمازيغي يعني "الحصن المنيع". أعيد تأسيسها في فبراير 1960. وهي ثاني مدينة سياحية بعد مراكش. لكن أشهر المعالم السياحية (عالم الدلافين-حديقة التماسيح-وادي الطيور-حديقة أوهاو) حرمنا منها فيروس كورونا. المسموح بزيارته قصبة أكدير أوفلا التي عمرها 479 سنة، كذلك مارينا فيها قلة من الزوار. فإذا زرت أكدير فليس لك إلا السباحة في البحر لأن الشاطئ مفتوح، أو السباحة في مسبح الفندق. لذا انتقلنا بسرعة إلى مراكش أكبر قطب سياحي بالمغرب.
عاصمة النخيل
المدينة الحمراء، مدينة البهجة، عاصمة الدولة المرابطية. اسمها أمازيغي (أمور أكوش) يعني "أرض الله". جميع المعالم السياحية الشهيرة بها مغلقة باستثناء ساحة جامع الفنا لكن بدون مروض الأفاعي، والحكواتي. وساحة جامع الفنا تعتبر من مواقع التراث العالمي لليونيسكو منذ سنة 1985. كما يمكن القول إن مراكش قبلة للسياحة العالمية، ومقر للمؤتمرات الدولية ذات المستوى العالي.
أرجو أن تكونوا قد استمتعتم بهذه الرحلة التي ساعدتنا على تكسير المعايير، وحقنتنا بجرعات عالية من الطاقة الإيجابية التي تحول دون ركود الجسم والعقل. وإذا أتى السفر إلى بابكم لا تغلقوه لأن السفر كنز المعلومات، وعلاج نفسي. فاصنعوا اللحظة لأن الحياة قصيرة. أليس كذلك؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.