منذ بداية ظهور جائحة فيروس كورونا أواخر العام الماضي، أثيرت حالة من الجدل واسع النطاق حول مصدر تفشي الفيروس، الذي يُعتقد أن أول ظهور له كان في سوق للحيوانات البرية في مدينة ووهان الصينية نهاية العام الماضي. واستمرت حالة الجدل حتى إنها دفعت البعض، خاصة في الولاياتالمتحدة، إلى الاعتقاد بتسرب ذلك الفيروس من مختبر في مدينة ووهان، وهي فرضية رفضتها الصين قائلة إنها تفتقر إلى الدليل. وضمن هذا السياق ذكرت مجلة ناشيونال إنتريست الأمريكية، في مقال للكاتب إثين كيم لايزر، وهو محرر مختص بشؤون العلوم والتكنولوجيا ويقيم في مينيابوليسبالولاياتالمتحدة، أن معدّي دراسة حديثة تكشف عن أن فيروس كورونا ربما كان ينتشر في إيطاليا في وقت مبكر كثيرا مما كان يُعتقد سابقا ذكروا أن نتائجهم لا تُنازع بأي شكل من الأشكال أن أصل الفيروس يعود إلى مدينة ووهان الصينية. وأظهر البحث، الذي أجراه المعهد الوطني للسرطان في مدينة ميلانو الإيطالية، ونُشر في مجلة "توموري جورنال" العلمية، أن الفيروس ربما كان موجودا بالفعل في ميلانو في سبتمبر الماضي، أي قبل خمسة أشهر من اكتشاف أول حالة إيجابية، وقبل ثلاثة أشهر من الإبلاغ عن التفشي الأولي في ووهان. وبعد نشر الدراسة، قال بعض العلماء إن تلك النتائج تنطوي على إمكانية تغيير تاريخ أصل الجائحة المستمرة، ودعوا إلى إجراء مزيد من الاختبارات. وردت الحكومة الصينية مؤخرا على تلك الدراسة بالقول إن أصل الفيروس ربما يشمل في الواقع عدة دول مختلفة. ومع ذلك، أكد جيوفاني أبولوني، المدير العلمي للمعهد الوطني للسرطان والمؤلف المشارك للدراسة، أن بيانات الدراسة لم تحاول تغيير الخط الزمني لظهور الفيروس، وأضاف خلال مؤتمر صحافي في ميلانو: "هذه النتائج توثّق ببساطة أنه لم يتم اكتشاف الوباء في الصين في الوقت المناسب". وركز العديد من العلماء على نوعية اختبارات الأجسام المضادة، التي يمكن أن تكشف في بعض الحالات عن وجود أجسام مضادة لأمراض أخرى. ودافع إيمانويل مونتومولي، المؤلف المشارك للدراسة وأستاذ الطب الوقائي بجامعة سيينا، عن نتائج الدراسة، قائلا إن الاختبارات حددت الأجسام المضادة من خلال استهداف جزء من "بروتين السنبلة" الذي يلعب دورا مركزيا في دخول فيروس كورونا إلى الخلايا؛ وقال في المؤتمر الصحافي: "بعد ذلك، تم اختبار عينات مصل الدم أيضا على أربعة أنواع مختلفة من فيروس كورونا الذي كان منتشرا في ذلك الوقت بأوروبا والولاياتالمتحدة، ولم يكن هناك تفاعل متصالب (تشابه البروتينات)". وتم تحديد فيروس كورونا لأول مرة في مدينة ووهان في ديسمبر، وتم تأكيد أول حالة إصابة إيجابية به بإيطاليا رسميا في 21 فبراير في بلدة صغيرة قرب ميلانو داخل إقليم لومباردي شمالي البلاد. وفي مارس، أبلغ مسؤولو الصحة وأطباء عن عدد أعلى من المتوسط من حالات الالتهاب الرئوي الحاد والأنفلونزا خارج ميلانو خلال الربع الأخير من عام 2019، وهو ما يمكن أن يكون مؤشرا مبكرا على أن الفيروس بدأ ينتقل بالفعل من جانب أشخاص في المنطقة. وفي بحث آخر أجري في مايو، أشارت دراسة جينية من إنجلترا إلى أن فيروس كورونا المستجد كان ينتشر حول العالم منذ أكتوبر. وتمكن العلماء في معهد "جينيتكس إنستيتيوت" بجامعة كوليدج لندن من تحديد ما يقرب من مائتي طفرة جينية متكررة لفيروس "سارس – كو في – 2"، التي قال الباحثون إنها أظهرت كيف يتكيف الفيروس مع حاضنيه من البشر أثناء انتشاره. وكتب فريق البحث في مجلة "إنفيكشن، جينيتكس آند إيفوليوشن" أن "تقديرات علم تطور السلالات تؤيد أن جائحة كوفيد-2 بدأت في وقت يتراوح بين 6 أكتوبر و11 ديسمبر 2019، وهو ما يتفق مع وقت الانتقال للبشر". وذكرت منظمة الصحة العالمية في وقت سابق أن فيروس كورونا المستجد لم يكن ينتشر في أي مكان آخر قبل أن تبدأ ووهان في تنفيذ إجراءات لاحتواء العدوى.