وهبي: آن الأوان للاعتراف القانوني بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية    السياحة المغربية تحطم الأرقام القياسية .. 7,2 مليون زائر في خمسة أشهر    إيران: سيطرنا على أجواء الأرض المحتلة اليوم وبداية نهاية أسطورة الدفاع للجيش الصهيوني    المغرب يرفض الاصطفاف وراء طهران: موقف ثابت ضد نظام يدعم الانفصال والإرهاب    طقس حار وزخات رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    الدرك الملكي يحجز 8 أطنان من الشيرا    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    جلالة الملك يهنئ رئيس السيشل بمناسبة العيد الوطني لبلاده    خامنئي: إيران "لن تستسلم أبدا" للضغوط    توقيف سيدة وبحوزتها 3072 قرص طبي مخدر من أنواع مختلفة وجرعات من مخدر الكوكايين    التصعيد الاسرائيلي – الإيراني.. تأكيد خليجي على ضرورة وقف إطلاق النار ودعم جهود السلام في المنطقة    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    رحيمي وحركاس وعبيد ضمن أغلى عشرة لاعبين في صفوف الفرق العربية المشاركة في كأس العالم للأندية    القناة الناقلة لمباراة الوداد ومانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    لقجع: الدعم الاجتماعي المباشر حلقة جديدة ضمن المبادرات الملكية الهادفة إلى صون كرامة المواطن    وهبي: آن الأوان للإقرار التشريعي بمساهمة المرأة في تنمية الثروة الأسرية    اعمارة: أنماط التشغيل الجديدة تواجه تحديات غياب التأطير القانوني والحرمان من الحماية الاجتماعية    على بعد أشهر قليلة من الطي النهائي لملف النزاع المفتعل في الصحراء المغربية...    أردوغان: "نتنياهو تجاوز هتلر في جرائم الإبادة"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    شكوك حول مشاركة مبابي في مباراة ريال مدريد الافتتاحية بكأس العالم للأندية    بعد أزمة القطيع.. مطالب لمجلس الحسابات بافتحاص أموال وبرامج جمعية مربي الأغنام والماعز    جهة "سوس-ماسة" تسهم ب9.5% من التجارة الخارجية للمغرب وتستهدف تعزيز موقعها التصديري    المغرب ‬يواصل ‬تموقعه ‬بقوة ‬على ‬الخريطة ‬العالمية ‬لصناعة ‬الطيران    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    المغرب ‬خامس ‬قوة ‬اقتصادية ‬في ‬إفريقيا: ‬مسار ‬تحول ‬ونموذج ‬إقليمي ‬صاعد    "أزطا أمازيغ" تنتقد سياسات الدولة وتدعو لاحترام التنوع والعدالة الثقافية    الرباط.. المحكمة الإدارية تنظر في طلب افتحاص صندوق تقاعد المحامين بمراكش    إضراب مفتوح ووقفة احتجاجية لعمال النظافة بشركة أوزون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر الأجور    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل فلومننزي البرازيلي وبوروسيا دورتموند الألماني دون أهداف    مسؤولو حسنية أكادير يفشلون في الحفاظ على الركائز بعد رحيل الشماخ    الشرعي يدرب "لويسترلو" البلجيكي    "واتساب" ينفي نقل بيانات مستخدمين إلى إسرائيل    مجازر الاحتلال تتواصل.. إسرائيل تقتل 32 فلسطينيا بغزة بينهم 11 من منتظري المساعدات    ارتفاع أسعار النفط في التعاملات الآسيوية    الخليج يحث على التهدئة بين إيران وإسرائيل ويؤكد دعم مساعي الاستقرار الإقليمي    من الحرير إلى الشراكة الذكية.. المغرب والصين ينسجان مستقبلًا بحكمة حضارتين    تحول "OpenAI" إلى الربحية يشعل الخلاف مع "مايكروسوفت"    فياريال الإسباني يتعاقد مع لاعب الوسط موليرو لخمس سنوات    مشروع سكني بالغرب يجلب انتقادات    كأس العالم للأندية .. قمة إنجليزية مغربية وصدام إسباني سعودي    عائلة بودراجة تتوعد بالمتابعة القضائية    تأجيل محاكمة محمد بودريقة إلى الأسبوع المقبل بطلب نافيا "أكل الشيك"    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    نصائح ذهبية لحماية المسنين من ارتفاع الحرارة    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة التائهة في البحر الأبيض المتوسط، من المسؤول؟
نشر في هسبريس يوم 15 - 05 - 2012

أصبح موضوع الهجرة أحد المواضيع المهيمنة في العلاقات الدولية، إذ فرضت الظاهرة نفسها على جدول أعمال وزراء الخارجية والداخلية والشغل بين الدول المعنية وذات العلاقة والتأثير، بين دول الإستقبال ،المصدرة والعبور. كما احتل الموضوع حيزا كبيرا من برامج السياسيين في حملاتهم الإنتخابية الداخلية للنيل من الغريم السياسي أو لحشد الهيئة الناخبة، و بموازاة ذلك فإن ظاهرة الهجرة حظيت بدراسات مستفيضة من قبل المختصين والخبراء وكانت محل مناظرات وندوات دولية عديدة، لما عكسته الظاهرة من آثار مزدوجة ايجابية وسلبية، إمتدت لتشمل جوانب مختلفة من الحياة وفي كافة الميادين والمجالات، اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية وغيرها.
ومن أجل السيطرة والتحكم في الهجرة للإستفاذة منها اقتصاديا فقط، فإن الدول الأوروبية عمدت إلى إعتماد مقاربات عدة، اختارت لكل سياسة تسمية وعنوان بدءا، بالتعاون من أجل التنمية ، فالشراكة من أجل التنمية، فالمقاربة الشمولية، التي تعتمد بالإضافة إلى التعاون في الميدان الإقتصادي، التعاون الأمني مع دول جنوب المتوسط للحد من موجات المهاجرين، حيث تحولت مجموعة من دول جنوب شمال أفريقيا، عبر اتفاقيات التعاون في ميدان الهجرة إلى حارس للحدود الجنوبية للفضاء الأوروبي، منها المغرب، الذي قبل بمقتضى اتفاق 13/2/1992{1} وموريتانيا 1/6/2003 والجزائر 31/7/2002 بالتعاون مع اسبانيا في ميدان الهجرة منها القبول بترحيل المهاجرين اليها من مواطنيها أو حتى مواطني الدول الغير بما فيه الأفريقية خاصة.
وبالرغم من تمرد ليبيا القذافي عن توقيع نظير هذه الإتفاقات ونجاحها الإشتثنائي من انتزاع إعتذار رسمي من ايطاليا عن الحقبة الإستعمارية عبر اتفاق الصداقة2008. فإن هذا الإتفاق تضمن التزاما فرض على ليبيا تعاونا في ميدان الهجرة، مقابل تمويل ايطاليا لبنيات تحتية منها شق وإنجاز ومد الطرق السيارة بواسطة شركات إيطالية حصرا. وبعد ذلك بقليل طالب معمر القذافي من الإتحاد الأوروبي بدفع خمسة مليارات دولار سنويا لبلاده لضمان مساهمتها في وقف الهجرة السرية إلى القارة العجوز، وذلك أثناء زيارته لإيطاليا 30/8/2010 بمناسبة الذكرى الثانية لاتفاقية الصداقة بين إيطاليا ومستعمراتها السابقة. وهي تصريحات صدرت عنه بحضور رئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلسكوني، إذ أشارالقذافي أن مطالب بلاده تحظى بدعم إيطالي، محذرا من رفض الاستجابة الذي سيغير من وجه أوروبا إلى "أفريقيا ثانية جراء قدوم ملايين المهاجرين".وقال "أوروبا لن تعود أوروبية غدا، بل يمكن أن تصبح سمراء مع قدوم ملايين الأفارقة"، كما وصف موجات الهجرة السرية بأنها خطيرة للغاية، فشدد على وجوب قيام إيطاليا بدور المقنع لباقي الدول الأوروبية باقتراحه.
لم تمض على هذا التصريح سوى مدة يسيرة ووقت قصير، وبالضبط ستة أشهر، فاندلعت ثورة السابع عشر من فبراير 2011 بليبيا، وهي الثورة التي حظيت بدعم مجموعة من الدول والمنظمات، منها منظمة حلف الشمال الأطلسي الناتو، فحاول القذافي بث الخوف في الدول الأوروبية بتكرار وعيده بإغراق الشواطئ الأوروبية عن طريق خلق موجة غير مسبوقة من الهجرة غير الشرعية في اتجاه جنوب أوروبا، وذلك كرد فعل على الحضر و الضربات الجوية للناتو والدعم الأوروبي والفرنسي والأسباني والألماني والأنجليزي للثورة وللمجلس الوطني الإنتقالي، ولعل ذلك يثني تلك الدول والمنظمات عن دعم الثورة.
وفي ظل حصول هذا الوعيد وقيام الثورة، واندلاع الحرب بين الثوار ونظام القذافي وإطباق منظمة حلف الشمال الأطلسي للحظر الجوي والبحري على الأجواء ومياه المتوسط من وإلى ليبيا، أبحر قارب مطاطي بطول سبع أمتار ليلة 26/3/2011 وعلى مثنه 72شخصا، يضم 50 رجلا و20 إمرأة وقاصرين من جنسيات جنوب الصحراء، وذلك من شواطئ مدينة طرابلس في اتجاه جزيرة لمبيدوزا الإيطالية، هربا وفرارا من عنف في بلدانهم، الصومال وايريثريا وإثيوبيا، فصادفوه صدفة في ليبيا.
إلا أن رحلة الموت تلك لم يكتب لها النجاح، فقد تاهوا في عرض البحر، فنفذ وقود محرك القارب، ليبقوا عالقين في المياه خمسة عشر يوما دون أكل ولا شرب، فارق منهم الحياة واحد وستون شخصا، قبل أن يستكمل التيار جرف االقارب في اتجاه نقطة الإنطلاق ليبيا، وبالضبط إلى شاطئ مدينة زليتن، المدينة ذات الكثافة السكانية الأمازيغية، التي تقع على بعد 160 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس، حيث تمكن عشر منهم من النجاة من موت محقق ولقي اثنان منهم نفس المصيرعلى اليابسة، ليحكي الناجون ويروا للعالم رحلة الموت وفضيحة وحقيقة ما وقع:
وهكذا، فإن قائد القارب وبمجرد ما أدرك فقدانه لمسار الخط البحري في اتجاه لمبيدوزا ،أخبر بذلك باقي المهاجرون كما أخبرهم أنهم في وضع العالقون في المياه، فعمدوا الى إجراء اتصال بالكاهن الإيرتيري موسى زريع، مديرالمنظمة غيرالحكومية Habeshia{2}، الذي كان يتواجد بتاريخ الحادث14 أبريل 2011 بمالطا لزيارة ما يقرب من ستمائة لاجئ وصلوا إلى جزيرة صغيرة في البحر الأبيض المتوسط هربا من العنف في بلدانهم والتماسا وطلبا للأمن والأمان ضد الإضطهاد. وقد أوضح موسى زريع لجريدة الغارديان البريطانية و إلباييس الإسبانية على إثر يأسه من خبر سار بإنقاذ العالقين رغما عن إبلاغه لمركز الإنقاذ والنجدة بروما، بأن قوات حلف الشمال الاطلسي أصبحت في حالة واضحة من الفشل والعجز ولربما الإحجام عن تقديم المساعدة لمهاجرين في خطر محدق في عرض البحر المتوسط.
فدق ناقوس الخطر بتصريحه وعبر اتصاله بمركز تنسيق عمليات الإنقاذ البحري (مركز تنسيق الانقاذ البحري) في روما . الذي حدد مكان تواجد اللاجئين في 27: 33 درجة 58،2 دقيقة شمالا، 12 درجة 55،8 دقيقة الشرق على بعد نحو 60 ميلا من طرابلس مستعينا بذلك بوقت المكالمة الأخير للمهاجرين بالكاهن موسى زريع في 16،52 ،قبل انقطاع الخط عن العالقين لنفاذ بطارية الهاتف الخلوي للإتصال عبر الأقمار و اعتمادا بإحداثيات مزود الأقمار الصناعية، فأطلق المركز نداء الإستغاثة إلى كل القوارب والبواخر مدنية وعسكرية، لكن لا أحد جاء لنجدتهم. كما ألح زريع على الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف الشمال الأطلسي بإجراء تحقيق جدي وشفاف لتحديد المسؤوليات؟
وقد تلقت النائبة الهولنديةمن حزب GROENLINKSالهولندي ومن التجمع البرلماني الأشتراكي بمجلس اوروبا Tineke Strik{3} (Pays Bas, SOC - والنائبة الثانية لرئيس لجنة الهجرة واللاجئين والمهجرين في مجلس أوروبا، الخبر فسارعت إلى التحقيق فيه، مستفيذة في ذلك من شهادة أربع ناجين، منهم المدعو أبو كرك كبيتو اثيوبي{} الجنسية، يبلغ من العمر 23 سنة، الذي اعتقل أربع وعشرين ساعة في طرابلس، بعد ما استقر القارب التائه في زليتن، ليعاود ثانية مغامرة الإنتحار، فتمكن من الوصول الى شواطئ ايطاليا ومن بعدها توجه الى بلدة BAEXEN في الجنوب الشرقي لهولندا، حيث طلب حق اللجوء هو وزوجته مؤسسا طلبه بسبب العنف، الذي تعرفه اثيوبيا، وهوالآن مهدد بالإبعاد من هولندا الى ايطاليا نقطة وصوله الأولى، حسب اتفاقية دبلن للجوء في أوروبا، التي تسمح بابعاد طالب اللجوء إلى أول ميناء أوروبي دخل منه.
ومن خلال التحقيق والبحث والإستماع إلى شهادات الناجين، الذي قامت به النائبة الهولندية تنيك ستريك، كتبت تقريرا بعنوان الحياة التائهة في البحر الأبيض المتوسط{4} خلصت فيه الى تطابق تصريحات الناجين وتصريحات الكاهن الإيريتيري وانتهت إلى حقيقة مفادها أن منظمة الحلف الأطلسي لم يستجب لمكالمات النجدة والإستغاثة، الذي بثه مركز الإتصال والإنقاذ بروما ووجت الإتهام بالخصوص الى الفرقاطتين مونديز نونييز{5} الإسبانية وبوسيني الإيطالية{6}، اللتين لم تستجيبا لنداء الإستغاثة بالرغم من تجهيزهما بحوامات على متنهما وتواجدهما في وضعية مثالية من أجل التدخل، بالنظر مكان تواجد الفرقاطة الأسبانية على بعد 11 ميلا من الموقع المفرض وجوب التدخل فيه لانقاذ اللاجئين العالقين، بينما الفرقاطة الإيطالية بوسيني كانت على بعد 37 ميلا من نفس الموقع.
وتجدر الإشارة، أن منظمة حلف الشمال الأطلسي بدأ في مارس عمليات الحظر الجوي والبحري على ليبيا، وأعلن أن المنطقة عسكرية و تدخل تحت نفوذه، وكان كل متر من مياه المتوسط تحت سيطرة كاميرات أقماره ومحط رصد من راداراته الذكية و محل مراقبات دورية لطائرات فرنسية وأنجليزية مجهزة لالتقاط اشارات تحرك أي جسم أو زورق مهما كبر أو صغر حجمه، والكل درءا لأي فرار وهروب محتمل من ليبيا ومنعا محكما لدخول السلاح الى قوات القذافي، وهو ما يجعل من التذرع بعدم العلم أو عدم سماع النداء أو عدم التواجد في المكان المحدد وفق ما صرحه وزير الدفاع الإسباني الأسبق غير مقبول ومن سبع المستحيلات.
وذلك لأن مركز تنسيق عمليات النجدة والإنقاد البحرية في روما، أكد أنه أرسل مكالمات و بث رسائل طوارئ لكافة البواخر المدنية والعسكرية، التي كانت تبحر في المنطقة وكان المركز يكررنفس المكالمة ونفس الرسالة لأربع ساعات في اليوم وطيلة مدة عشرة أيام، ويفترض في الفرقاطة الإسبانية و الفرقاطة الإيطالية العلم اليقين بنداء النجدة والإستغاثة المذاع والمبثوث، سيما وأن قائد الفرقاطة يتوفر على كافة السلطة لإطلاق استغاثة صولاص، التي تجعله في حل من التزام بمهمته الأساسية، بما فيه مهمة مراقبة تطبيق الحظر الجوي والبحري على ليبيا، إذا كان التدخل من أجل تقديم المساعدة والعون لأشخاص أو بواخر يواجهون خطر الغرق في البحر. ويعتبر الإحجام والتلكؤ عن مد واجب الإغاثة في حذ ذاته تهمة وتصرف خسيس يواجهه بحري في حياته المهنية، لأنها تمس بسلوك البحري وبما يجب أن يتصف به من أخلاق.
وقد نظرت الجمعية العامة لمجلس أوروبا، التي إنعقدت بستراسبورغ في 24/4/{}2012 إلى شهادة الناجين بمصداقية، والذين أفادوا بأن طائرة هليكوبتر عسكرية حلقت فوق قاربهم ورؤوسهم وألقت لهم قنينات المياه والكعك، وأوحى إليهم طاقمها بالإشارة بأنهم سيعودون، الشيء الذي لم يوفوا به، وفي اليوم العاشر من الرحلة، حيث لقي نصف الركاب حتفهم، مرت بالقرب منهم سفينة عسكرية كبيرة، واقتربت بما فيه الكفاية، إذ تمكنوا من رؤية الطاقم مزود يستعين بمناظير لمشاهدتهم،إلا أن هذا المبنى والباخرة العائمة مشى بعيدا دون مساعدتهم.
وعلى إثره، اختتمت الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يوم 24أبريل2012 بستراسبورغ مناقشة تقرير النائبة الهولندية، بالمصادقة علية ب 108 واعتراض36 من بينهم النواب الإسبان، الذين تورطت الفرقاطة مونديز نونييز في الفضيحة والعار وامتناع 7 من النواب عن التصويت{7}، وأكد القرار المصادق عليه، على ضياع و فقدان الكثير والعديد من الفرص الحقيقية لإنقاذ أرواح الأشخاص الموجودين على مثن القارب التائه ودرء وقوع الكارثة، كما طلب المجلس من منظمة حلف الشمال الأطلسي القيام بمزيد من التحقيق في الحادث، مع ضرورة تقديم إجابات مفصلة على الأسئلة التي بقيت عالقة ودون الرد عليها . وهو نفس الطلب الموجه إلى البرلمانات الوطنية للدول المعنية وخاصة الأسبانية والإيطالية، إذ طالب منها إجراء تحقيق أيضا. وفي نفس الوقت دعى وحث البرلمان الأوروبي على طلب معلومات إضافية، بما في ذلك الصور الفوتوغرافية التي التقطت بواسطة الأقمار الصناعية.
وقد كشف هذا الحادث وهذه الفاجعة، الذي تورطت فيه البحرية الإسبانية والإيطالية ومنظمة حلف الشمال الأطلسي، عن حقيقة ما يتم تداوله بين الفينة والآخر بين عائلات المهاجرين ووسائل الإعلام، حول توررط قوات خفر السواحل والبحرية و قوات فرانتكس والصيادين من شمال المتوسط، في جرائم القتل العمد وعدم تقديم المساعدة لأشخاص في خطر وعدم التبليغ و جرائم التهريب غيرها، ساحتها مجال البحر المتوسط الواسع، يبقى في غالب الأحيان سرها في ظلمات أعماق البحر ورفيق روح الضحايا، كما أسقطت الكارثة القناع عن الوجه الحقيقي لشخصية تلك القوات، التي لا تكترث لأعراف البحارة ولا إلى القواعد القانونية الدولية الواجب إحترامها والتقيد بها، والتي تفرض عليه تقديم المساعدة والبحث إلى كل من يواجه خطر في البحر بغض النظر عن جنسية ووضعيته والظروف التي وجدوا عليها، ولو اقتضى الأمر التخلي عن المهمة والغرض الأساسي، قواعد تفرض عليها إركاب وعدم انزال من يواجه الخطر إلا في ميناء و مكان آمن، وذلك وفقا لما تقره اتفاقية الأمم المتحدة حول قانون البحر1982 وبروتوكول باليرما حول النقل غير الشرعي للمهاجرين عبر البر والجو والبحر، المضاف إلى اتفاقية الأمم المتحدة ضد الجريمة عبر الوطنية المنظمة 2000 واتفاقية انقاذ الحياة البشرية في البحر1974solas،والإتفاقية الدولية حول البحث والإنقاذ البحرية1979SAR،واتفاقية جنيف حول وضعية اللاجئين 1951 وبروتوكولها1967.
إنها حقيقة قوات تلذذت برؤيتها لمشاهد حقيقية لأشخاص لا حول ولا قوة لهم، أشخاص يصارعون الموت بسبب الجوع والعطش، لم تشعر تلك القوات بأي مسؤولية وهي تحلق فوق رؤوسهم دون أن تتدخل؟ لم تخجل وهي توهم العالقين بأنهم سيعودون لنجدتهم دون أن يفعلوا؟ حقيقية قوات تتنكر لسماع نداء النجدة والإستغاثة، فإلى أي دبدبة وموجة تستمع ؟ قوات تتنكر لمكان تواجدها، فأين كانت تتواجد؟ فأية ديمقراطية أتوا لإقرارها؟ ومن هم نوع المدنيين الذين أتوا لحمايتهم؟ فقد صادفوا في طريقهم غرقى يموتون دون أن يلتفتوا إليهم، ولا قدموا المساعدة إليهم؟ هذه حقيقة الغرب وقواته، قوات تنظر إلى الحياة تضيع في المتوسط دون أن تتحرك لإنقاذها، فأين المحاكم الزجرية في ايطاليا؟ التي حاكمت صيادين تونسيون لا لشيء سوى أنهم نفذوا ما تفرضه عليهم أعراف وقوانين البحر، حينما قدموا العون لمهاجرين وأنزلوهم في ميناء ايطالي آمن، فتحركت النيابة العامة متهمة إياهم بأنهم يشجعون على الهجرة غير القانونية. وأين الآلة الإعلامية الإسبانية، التي تحركت 2009 في حملة إعلامية شعواء ضد البحرية الملكية المغربية واتهمتها بضلوعها في إغراق قارب لمهاجرين أفارقة قرب الحسيمة؟ وأين المحكمة العليا الإسبانية؟ وأين المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟ وأين المحكمة الجنائية الدولية؟أين...؟ وأين إعلامنا ومجتمعنا المدني لفضحهم؟
1. http://extranjeros.empleo.gob.es/es/NormativaJurisprudencia/Internacional/ConveniosBilaterales/ConveniosReadmision/documentos/Readmision_Marruecos.pdf javascript:void(0);
2. http://internacional.elpais.com/internacional/2011/05/09/actualidad/1304892006_850215.html
3. http://assembly.coe.int/CommitteeDocs/2012/20120329_mig_RPT.EN.pdf
4. http://assembly.coe.int/CommitteeDocs/2012/20120329_mig_RPT.EN.pdf
5. http://internacional.elpais.com/internacional/2012/03/29/actualidad/1333026040_479662.html
6. http://assembly.coe.int/ASP/Doc/XrefATListing_E.asp?sessionID=344
7. http://assembly.coe.int/ASP/Votes/BDVotesParticipants_FR.asp?VoteID=34158&DocID=13736
*محامي وخبير في القانون الدولي لحقوق الإنسان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.