حظيت صورة وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، وهو جالس القرفصاء داخل سيارة نقل الموتى بجانب نعش الوزير والمحامي الراحل محمد الطيب الناصري، بمتابعة لافتة من لدن العديد من ناشطي "الفيسبوك" والمنتديات الإلكترونية بالمغرب، والذين أشاد أغلبهم بتواضع الوزير الحالي وهو يتذكر زميله الذي سبقه في الوزارة. وظهر في الصورة المُتداولة وزير العدل الرميد جالسا على متن سيارة نقل الموتى، مرتديا لجلباب أبيض، وهو شارد الذهن شاحب الوجه، وبجانبه سُجي جثمان زميله الفقيد الناصري الذي سلمه قبل أشهر كرسيه على رأس وزارة العدل بعد أن عُين في هذا المنصب الوزاري في يناير 2010. وتقول فوزية، موظفة بإحدى محاكم الرباط، في تصريح لهسبريس بأنها تعرفت على الرميد بحكم وظيفتها التي تجعلها تتعامل مع العديد من المحامين، مشيرة إلى أن صورته وهو يجلس في سيارة نقل الموتى ليشيع زميله الوزير السابق أمر ليس غريبا عنها، فقد كان وما يزال مثال التعامل الجاد والمُحترم معها، ومع الكثير من موظفي وزارة العدل حتى قبل أن يصبح وزيرا. وقال معلقون في موقع "فيسبوك" على الصورة إن الوزير الرميد رجل متواضع لا يكترث لعدسات المصورين ولا ل"البريستيج" الذي يشل حركة العديد من الوزراء، خاصة في الحكومات المتعاقبة الماضية، لهذا شوهد يجلس بدون تصنع وسط السيارة التي تحمل جثمان زميله الوزير الراحل إلى مثواه الأخير. وأضاف آخرون بأن الرميد بدا كأنه يتذكر خاتمته أيضا من خلال نظراته الشاردة، ليعلم أن كل وزير أو مسؤول مهما علا شأنه سيكون مصيره حفرة يوضع فيها بلا أنيس ولا رفيق، قبل أن ينبري معلق آخر مؤكدا أن الوزير الرميد سيأخذ هذا الموقف بعين الاعتبار، ويحرص مستقبلا على إقامة العدل وإنصاف المظلومين في البلاد أكثر من ذي قبل. وبالمقابل قال معلقون آخرون إن الموت يفرض على الجميع أن يتواضع أمامه مهما كانت مرتبته في الحياة، فحتى عندما توفي الملك الحسن الثاني قال إمام الصلاة: "جنازة رجل"، فأمام الموت تذوب كل الفوارق وتتساوى جميع الرتب والفئات، فكيف لا يمكن أن يتواضع الرميد أو غيره أمام مصاب جلل كفقدان زميل وصديق له؟. وجدير بالذكر أن وزير العدل السابق محمد الطيب الناصري، البالغ قيد حياته 73 عاما، غادر الدنيا قبل أيام قليلة بعد إصابته بأزمة قلبية، وذلك خلال مستهل اجتماع للهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة. وكانت آخر كلمات الوزير الراحل لجمع من مسؤولي الوزارة، وهو يطلع على القاعة التي أُطلق عليها اسمه: "مع من تشاورتو باش ديرو سميتي على هذه القاعة؟..راه بحال هذا التكريم كيديروه للموتى؟".. فلم يلبث الرجل أن سقط مغشيا عليه ليضحى ميتا بعد حياة مفعمة بالعطاء.