بنك المغرب يتوقع تسارع النمو الاقتصادي إلى 4,6% سنة 2025    يوم تاريخي لفلسطين في الأمم المتحدة    محكمة الاستئناف بالحسيمة تُعدل أحكام قضية هتك عرض قاصر    منتدى أصيلة الثقافي يتوج الشاعرة الإيفوارية تانيلا بوني بجائزة تشيكايا أوتامسي للشعر الإفريقي    الجمعية العامة للأمم المتحدة.. انطلاق المناقشة العامة رفيعة المستوى بمشاركة المغرب    حموشي يمنح ترقية استثنائية للشرطي الذي توفي متأثرا بجروح أصيب بها إثر حادث سير بالقنيطرة        الخنوس في التشكيلة المثالية للجولة الرابعة من البوندسليغا    بنك المغرب يتوقع نسبة تضم في حدود 1% خلال 2025 ليتسارع إلى 1.9% في 2026        ماكرون يُجبَر على السير نصف ساعة بعد منعه من المرور بسبب موكب ترامب    المغرب يتفوق على إسبانيا ويصبح ثاني أكبر مورد للطماطم إلى الاتحاد الأوروبي    وفاة المصور الصحفي مصطفى حبيس بالرباط    تدشين مصنع لصناعة المركبات المدرعة القتالية WhAP 8×8 ببرشيد    حتى "الجن"، حاول الهرب من الجزائر    بوريطة يجدد بنيويورك في لقاء مع دي ميستورا تأكيد ثوابت المغرب بشأن قضية الصحراء    توقيع برنامج عمل لتكوين السجناء في الحرف التقليدية واتفاقية إطار لتنزيل قانون العقوبات البديلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    إنريكي أفضل مدرب ودوناروما أفضل حارس مرمى    بونو فخور بترتيبه بين أفضل الحراس    دعم مغربي رفيع المستوى يعزز مكانة مهرجان "مينا" السينمائي بهولندا    نجل فضل شاكر يكشف عن أغنية جديدة مع سعد لمجرد    المشي المنتظم يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة (دراسة)    صيادلة المغرب يعودون من جديد إلى التصعيد ضد وزارة الصحة..    اضراب وطني يشل الجماعات الترابية باقليم الحسيمة    سهرة فنية كبرى بمراكش تجمع سعيد الصنهاجي ويوسف كسو    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء إيجابي    للمرة الثانية على التوالي.. تتويج أيوب الكعبي بجائزة أفضل لاعب أجنبي في الدوري اليوناني    الجزائر بين الاعتقالات والهروب: صراع الأجهزة الأمنية يبلغ ذروته    حقوقيون يستنكرون التضييق المتزايد على الحق في التظاهر والاحتجاج السلمي بالمغرب    الذهب عند ذروة جديدة وسط رهانات على مواصلة خفض الفائدة الأمريكية    والد لامين جمال: حرمان ابني من الكرة الذهبية "أكبر ضرر معنوي يمكن أن يلحق بإنسان"    أيت منا يرد على احتجاج الرجاء بخصوص مشاركة الوردي في ديربي الأمل    نيويورك: الباراغواي تعترف بسيادة المغرب على صحرائه وتعتزم فتح قنصلية في الأقاليم الجنوبية    وكالة الأدوية الأوروبية ترد على ترامب: لا صلة بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل والتوحد    مورو: تحديات الشيخوخة والديمغرافيا والإدماج الاجتماعي "مسؤولية جماعية"    أكنوش: بنكيران يوظف الإشاعة لضرب حكومة أخنوش    بوريطة يبرز من نيويورك مكانة المغرب ودور إمارة المؤمنين في صون الإرث النبوي.. في الذكرى ال1500 لميلاد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم    بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية    رئيس مجلس جهة الشرق ورئيس جامعة محمد الأول يتفقدان أشغال إنجاز دار إفريقيا وتوسيع المركب الرياضي بجامعة محمد الأول بوجدة                غزة.. دول غربية تعرض المساعدة في علاج المرضى        توقيف فرنسي من أصول تركية بمطار محمد الخامس مطلوب دولياً في قضايا نصب وتبييض أموال    هدف حاسم لنايف أكرد ضد باريس سان جيرمان يلحق أول هزيمة للباريسيين هذا الموسم    عثمان ديمبلي بعد الفوز بالكرة الذهبية.. يشكر 4 أندية ويدخل في نوبة بكاء            الدكتور أومالك المهدي مديرًا جديدًا للمستشفى المحلي بأزمور... كفاءة طبية وإدارية لتعزيز العرض الصحي    حمزة عقاري ينال شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جداً بكلية الحقوق بالجديدة    الرميد يحذر من "انزلاق خطير" بعد أدعية لجيش الاحتلال في حفل يهودي بالصويرة    معرض "كريماي 2025" .. المغرب يفوز بكأس إفريقيا والشرق الأوسط للطاهيات    مستخلص الكاكاو يقلل من خطر أمراض القلب عبر خفض الالتهابات    دراسة: الإفطار المتأخر قد يُقلل من متوسط العمر المتوقع    الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    الرسالة الملكية في المولد النبوي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مضامين رسالة الشيخ الشيباني إلى الأستاذ عبد الإله بنكيران
نشر في هسبريس يوم 04 - 11 - 2012

بشكل مخالف للأعراف التنظيمية المعهودة لدى أدبيات جماعة العدل والإحسان، لا يمكن أن يبق إصدار الشيباني عضو مجلس الإرشاد لرسالة جد مفاجئة، بدون مقدمات وخلفيات ومناورات...
فالجماعة تفاعلت مع تولي حزب العدالة والتنمية لرئاسة الحكومة بشكل أقل حدة مما عهد عليها إزاء مبادراته؛ بما فيها قبوله المشاركة السياسية.
وغير بعيد سارعت الجماعة إلى تهنئة عبد الإله بنكيران بمناسبة إعادة توليه الأمانة العامة لحزبه بوفد لم يضم الشيباني، الذي غاب عن تركيبة بعثة الجماعة لتهنئة شباط. كما أن موقف الجماعة من المشهد السياسي ثابت، لا يحتاج إلى رجل شاب في ظل الشيخ أن يضيف جديدا.
وبما أن الرسالة لم تحمل أي جديد، وربما لن تلق لدى بنكيران اهتماما مقدرا، يستلزم رد فعل ذي شأن. فإنه من الضروري البحث والتساؤل حول طبيعة الأهداف الخفية التي يتوخاها "الواقفون" خلف الرسالة المفاجئة، وليس الشيباني لوحده.
بعيدا عن ردود الفعل المتسرعة، يمكن قراءة الرسالة في ضوء المعطيات الواقعية على أساس اختبار جماعة العدل والإحسان لقدرات الرسالة في مهمتين لأمر واحد.
تتمثل الأولى في النظر في إمكانية قدرة الشيباني على تولي حماية بيضة الجماعة، وإلى أي حد يمكن اعتباره رجل المرحلة المؤهل لإنجاح مهمة التنفيس عن الاختناق الداخلي للتنظيم.
فنتيجة الوضع الصحي للشيخ، وتنحي نادية عن الساحة... حتم اختفاء آل ياسين، والافتقاد إلى من بمقدوره سد الفراغ، الذي لم تستطع الدائرة السياسية ملء بكفاءة... الدفع بالشيباني لمخاطبة الموردين ومختلف الفرقاء انطلاقا من الواجهة السياسية البراقة.
حسب القراءات السطحية، يفترض أن يتولى الأستاذ فتح الله ارسلان مهمة طرح المواقف، لرصيده التاريخي، وتجربته في تدبير ملف التواصل مع التيارات الإسلامية، بما فيها العدالة والتنمية. وقد كان من المفيد أيضا أن يعهد بإصدار الرسالة إلى الأستاذ عبد الواحد المتوكل رئيس الدائرة السياسية. لذا يحق للمتتبع طرح التساؤل حول سر القفز المفاجئ بالشيباني إلى الواجهة.
وكأن الأمر فيه ما فيه، فإن النقطة الثانية تتمثل ربما في تلميع صورة الرجل، وبدء تمرينه على مهمة خلافة عبد السلام. ويشم المتبع رائحة ذلك من خلال رسالة أو "بلاغ سياسي"، يحاول تمهيد الطريق بصناعة البطولية انطلاقا من العودة إلى الماضي، وإعادة سرد المعلوم من أهم تطورات المشهد السياسي الإسلامي...
بصفة عامة، تحاول الرسالة الهروب بالمتتبع من الواقع الصامت داخل الجماعة، وعزل المريد وإعداده بقصف كلامي لصناعة الكاريزما، التي يحتاجها من يرشح لمنصب خلافة مرشد الجماعة. ففي هذا الصدد، استثمر قاموس البلاغ مفاهيم ومصطلحات... تحاول تقديم الرجل كقيادي ذي رصيد تكويني وعمق عالي في استيعاب حقائق العمل الإسلامي.
وفي الأخير، ينتظر أن تنتهي هذه التخريجة بإقناع المريدين بقدرة الشيباني على إدارة مهمة صون خط الجماعة المبني على مصادمة ومفاصلة كل أطراف المشهد السياسي، واتهامها بالتمخزن كمسوغ للتعالي عليها.
ولعل الإبراق بالرسالة إلى كبير العدالة والتنمية اختيار مقصود، باعتبار بنكيران متزعم المشهد الحزبي عامة والحركي الإسلامي خاصة. ولأجل خدمة الإستراتيجية، لا يمكن للشيباني القادم إلى سدة الجماعة أن يبدأ بفتح قنوات حوار من الأسفل الوضيع، ويشيد علاقات أقل مرتبة، ينخرط فيها أقل من الزعماء، وبدون أن تثير الزخم الإعلامي اللائق.
توحي خيوط الرسالة إلى أن دار الجماعة بعد ياسين ستبقى على أحوالها، وربما سيودع سرها بأمان في يد نادية ياسين بوكالة عبد الله الشيباني، الذي لن يسمح له بأكثر من لعب دور الواجهة. فالتواري المفاجئ لنادية لن يفهم منه أكثر من دلالة وحيدة؛ وهي الدفع بصاحب الرسالة إلى الصفوف الأمامية، وتقديمه إعلاميا للمريدين بشكل قوي، كفيل بالقبول الموضوعي بصهر الشيخ شيخا.
بسبب تمويهات الرسالة، وتوجيهها انتباه الرأي الداخلي للجماعة إلى الخارج، سيتجند قطاع واسع من المريدين الدراويش، وإعلاميي الجماعة، وقطاعها الطلابي، وستعقد الرباطات والجلسات الداخلية... لقراءة تتحرى التأويل الوحيد لخطاب الرسالة بنفس ايجابي، يخدم المهمتين الداخلية والخارجية للبلاغ.
وسيثمر الالتفاف حول الرسالة توحد الفعاليات في الدفاع عن المنطوق لصالح المفهوم منه. وذلك كله لأجل تسهيل انتقال المشيخة، وتشكيل المؤسسات الأفقية والعمودية بالسلاسة الضرورية لاستمرار الجماعة.
وعليه، يمكن التساؤل إلى أي حد يمكن أن تكون جماعة العدل والإحسان قد وفقت في طريقة حسم خليفة عبد السلام ياسين ؟ وإذا صح الأمر، فإن مضامين الرسالة يمكن الارتقاء بها إلى مرتبة البلاغ أو البرنامج الدعوي السياسي لمجلس الإرشاد الجديد بقيادة الشيخ الجديد. يبدأ وفق الرسالة بتأكيد أهليته عن طريق خوض صراعات، تجلب مظلوميات جديدة، تنعش الجماعة.
( *باحث في العلوم الإنسانية)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.