يذهب الأمريكيون إلى الانتخابات الرئاسية فيأخذون معهم العالم الى صناديق الاقتراع. يصوتون كل أربع سنوات على من يحكمهم ويحكم العالم. سياسات وقرارات ساكن البيت الابيض تمس دول كثيرة في العالم، وتؤثر في الاقتصاد والحرب والسلم والبيئة ومستقبل البشرية جمعاء. قوة أمريكا ليس في بارجاتها الحربية، ولا في طائراتها المقاتلة، ولا ترسانتها النووية، ولا في اقتصادها القوي، رغم نزلات البرد التي يتعرض لها بين فترة اخرى ،قوة أمريكا هي أيضاً معلمتها الديمقراطية. ونظامها الفريد في تنظيم السلطة، عبر موسسات قوية وتقاليد راسخة ومجتمع مفتوح. أوباما ثاني رئيس ديمقراطي استطاع ان ينتزع ولاية ثانية في البيت الابيض منذ نهاية الحرب العالمية الثانية الى جانب بيل كلنتون ،وهذا إنجاز كبير جداً. قد نجح أوباما في جعل أكثر من نصف الناخبين الأمريكيين يعرفون ما يريدون ويعرفون ما لا يريدون من رئيسهم المقبل ، الطريقة التي جرت بها الحملة انتخابية والوضوح الذي طبع البرنامج الانتخابي لكلا المرشحين أوباما ورومني، سمحت للأمريكيين باختيار واضح لرئيسهم . أوباما مع ضرائب اكثر على الأغنياء من اجل تحقيق العدالة الجبائية، رومني مع خفض الضرائب على الرفاه بدعوى عدم معاقبة النجاح. أوباما مع توسيع صلاحيات الحكومة الفدرالية حتى يتحقق التضامن بين الولايات المتوسطة والأخرى الغنية. رومني مع تقليص الجهاز البيروقراطي في العاصمة واشنطن وترك قانون السوق وحرية المبادرة يحقق التوازن بين الولايات. أوباما مع توسيع الرعاية الاجتماعية على الفقراء والطبقة الوسطى، رومني لا يرى فائدة اقتصادية من ذلك ،ويعتبر فكرة الدولة الراعية فكرة مدمرة تجعل من المواطنين قسمين منتجين ومستهلكين. أوباما مع الادارة الناعمة لمشاكل الحرب والسلم والإرهاب وضرورة اشراك الاممالمتحدة وأصدقاء أمريكا في كل خطوة تخطوها خارج حدودها. رومني مع سياسة العصا والقوة المنفردة اما الاممالمتحدة فإنها في نظره غرفة للدردشة ولإضاعة الوقت، ولهذا فهو مع ضرب ايران وإعطاء الاسلحة الثقيلة للثوار في سوريا. أوباما مع قانون انساني للهجرة يحتفظ بصورة البلاد التي بناها المهاجرون من كل أصقاع العالم. رومني مع تقييد الهجرة الى أمريكا حتى لا يحمل المهاجرون معهم مشاكل بلادهم الى ارض الحلم ،أوباما مع رفع ميزانية التعليم والبحث العلمي والتأهيل المهني، رومني يقول ان ان الأمريكيين لا يحب ان يعيشوا على ميزانية الحكومة وان يسجنوا انفسهم في عقلية الضحية. في الاخير اختار الناس بفارق ليس كبيرا أوباما رئيسا لأقوى دولة في العالم. لان لكل حزب تيار ومصالح وفئات يدافع عنها. اختار الأمريكيون أوباما وقال المحللون انه اول رئيس غير ابيض لأمريكا عاود الدخول الى البيت الابيض على متن سيارات شركتي جينرال موترز وكرايسلر. الذان أنقذهما حسين أوباما من الإفلاس اثناء ولايته الاولى وتدخل لشراء اسهمهما حتى لا ينهاران ثم عاد وباع هذه الأسهم بعد ان تعافت الشركتين اللتان توظفان مئات الآلاف في أوهايو وغيرها... السياسة اختيار، والديمقراطية قائمة على مشاريع مجتمعية واختيارات اقتصادية. اما عندنا فان الانتخابات هي موسم لمهرجانات الكذب وخلط الاوراق. كل الاحزاب تصبح اسلامية واشتراكية وربما شيوعية وليبرالية ، اليسار احسن من يطبق سياسة اليمين، واليمين افضل من يوزع وعود اليسار، الجميع يدافع عن الفقراء ويكافح الفساد ويناضل من اجل المظلومين ويسعى لتعميم الرفاه والبنين على الجميع.وفي النهاية يجد الناخب نفسه امام برامج متشابهة ووعود متطابقة وخطاب مثل حبات الزيتون لا تستطيع ان تختار فيما بينها لأنها كلها متشابهة. صدق المثال الانجليزي الذي يقول. يكثر الكذب عند الحرب وقبل الانتخابات وبعد رحلة صيد فاشلة. *مدير نشر "أخبار اليوم المغربية"