على بعد أسابيع من إكمال حكومة عبد الإله بن كيران للسنة الأولى من ولايتها، نضع في هذا الاستطلاع الحكومة تحت مجهر الشباب المغربي. ما الذي استطاعت هذه الحكومة أن تحققه في عامها الأول وما الذي لم تحققه؟ ما هي انتظارات الشباب وكيف يرون مستقبل الحكومة؟ هل يعتقدون أن بنكيران سيفي بالوعود التي قطعها للناخبين أثناء حملة الانتخابات التشريعية أم لا؟ إليكم آراء ثلة من الشباب المغربي... ماذا تحقق؟ لحدّ الآن، تبدو الانجازات التي حققتها حكومة ابن كيران وهي توشك على إكمال سنتها الأولى، غير مرضية بالنسبة لأغلب الشبان والشابات الذين استقت "هسبريس" آراءهم، منهم من عبّر عن ذلك قائلا بأن لا شيء تحقق لحدّ الآن، ومنهم من قال بأنّ السنة الأولى ليست كافية لتقييم حصيلة عمل الحكومة، مثل خديجة، التي ترى بأن المدة التي قضتها حكومة بنكيران غير كافية لتقييم إنجازاتها، وحسب قولها فإنّ أهمّ ما تحقق لحدّ الآن هو الرفع من أجور الموظفين، والكشف عن لوائح المستفيدين من مأذونيات النقل ومقالع الرمال، "واخّا ماشي شي إنجاز نّيت"، تقول خديجة. ماجدة، الطالبة الجامعية، تقول بأنّ أهمّ ما حققته الحكومة الحالية هو تخويل العلاج المجاني في المستشفيات العمومية عبر بطاقة "راميد"، مستطردة: "ما عدا ذلك لمْ ألحظ شيئا". بدورها، تقول أمال، أستاذة التعليم الابتدائي، بأن الحكومة تقترب من إكمال سنتها الأولى، وما زال المواطنون يتخبطون في نفس المشاكل، مردفة: "يمكن القول إن مستوى المعيشة ارتفع عما كان عليه، لكن يمكن منحها بعض العذر طالما أنها غير مسؤولة عن الفساد والديون التي تركتها الحكومات التي سبقتها ويجب منحها وقتا أكبر". وإذا كانت هؤلاء الشابات "متساهلات" نوعا ما مع ابن كيران، ويطالبن بمنح مزيد من الوقت لحكومته، فإنّ الشبان الذين استقينا آراءهم يعتقدون ألا شيء تحقق لحدّ الآن. "ما قام به بنكيران لحد الساعة كان بالإمكان القيام به في المجالس البلدية، هناك انجازات ولكن هي كعلاج الأعراض و ترك المرض"، يقول خالد، بينما يصف مصطفى، مجاز معطل، الفترة التي قضتها حكومة بنكيران في "الحكم" قائلا: "المدة التي قضاها بنكيران في الحكومة تمثل لنا كشباب معطل جحيما لم نرَ مثيلا له بسبب القرارات المجحفة التي اتخذها في حق الشعب المغربي، هناك فقط شعبوية وتهريج وخطابات جوفاء" فيما فضّل توفيق أن "ينقّط" للحكومة، بعدما قال بأنه لم يتحقق الكثير بخصوص التخفيف على عاتق الفقراء، ومنحها "نقطة" لم تتعدّ 4/10. وعكس هذه الآراء "غير الراضية" عما تحقق لحد الآن، فإن بلعيد، عضو في شبيبة حزب العدالة والتنمية لديه رأي مختلف. "أنا جد راض عن العمل الذي تبذله الحكومة الحالية وليس لدي أدنى ريب في صدقها وإخلاصها في التعاطي مع أبرز المشاكل التي تؤرق وتقف حجرَ عثرة في وجه تقدم الشعب المغربي"، يقول بلعيد، موضحا: "حكومة ابن كيران ورثت العديد من التراكمات من الحكومات السابقة، كما أن الظرفية التي استلم فيها حزب العدالة والتنمية المسؤولية كانت ظرفية صعبة جدا". وعود عالقة قبل أن يصل السيد عبد الإله بن كيران إلى منصب رئيس الحكومة، كان قد وعد الشعب المغربي، أثناء الحملة الانتخابية لاقتراع 27 شتنبر 2011 بتحقيق كثير من المطالب، فماذا تحقق وماذا لم يتحقق من كل هذه الوعود في نظر الشباب المغربي؟ خالد يردّ على هذا السؤال قائلا: " لا يمكن أن نحكم دون اكتمال فترة ولاية الحكومة، لكن كل المؤشرات تدعو للتشاؤم"، النظرة "التشاؤمية" لخالد يردّ عليها بلعيد قائلا "هؤلاء (يقصد وزراء العدالة والتنمية)، إذا لم يقدموا لنا شيئا، فعلى الأقل لن ينهبوا ولن يسرقوا المال العام"، مضيفا أن بنكيران لن يحقق الشيء الكثير إلا إذا دعمه الشعب المغربي. خديجة وتوفيق كانت إجابتهما على سؤال: هل أوفى بنكيران بكل وعوده؟ مقتضبة وموحّدة: "لا، لم يفِ بكل الوعود"، فيما قال مصطفى بأن وعود بنكيران تبخرت في ظرف وجيز، وأضاف بنوع من السخرية قائلا: "بنكيران في نظري أصبح أول رئيس حكومة مفلس في المغرب". أما ماجدة، فقد فضلت أن تمنح لحكومة بنكيران مزيدا من الوقت وقالت: "مازال هناك وقت، عند نهاية ولايته ممكن نجبدو الورقة والستيلو ونتحاسبو معاه"، فيما فضلت جميلة أن تطلق على حكومة بنكيران لقب "حكومة الكشف والنشر"، وزادت قائلة: "في كل مرة نسمع عن كشف لائحة من اللوائح، لكن السؤال الذي يطرح هو: ماذا بعد؟ وكما نقول بدارجتنا "اللي دا شي داه"، لذلك فالحكومة الآن تستفز مشاعر المغاربة بحيث تقول للشعب ها هي أسماء من سرقوكم". صلاحيات محدودة عند تعيينه رئيسا للحكومة، قال الكثيرون بأن عبد الإله بنكيران يتمتع بصلاحيات موسّعة لم يسبق أن خوّلها الدستور المغربي لأي رئيس حكومة منذ الاستقلال، غير أن الشباب الذين استقينا آراءهم لديهم اقتناع بأنّ هذه الصلاحيات التي يتمتع بنكيران توجد فقط على "الورق" وليس على أرض الواقع. بهذا الخصوص يقول توفيق: "لا أعتقد أن ابن كيران يتمتع بصلاحيات موسعة، وأرى أن هناك تدخلات كثيرة من الأعلى"، وجهة نظر توفيق يتفق معها خالد بقوله: "على الأوراق يتمتع بنكيران بالصلاحيات، لكنه في الواقع لا يتمتع سوى بالصلاحيات التي أراد له الملك أن يتمتع بها"، مصطفى يشرح سبب عدم تمتّع بنكيران بالصلاحيات التي خولها له الدستور بكونه (أي بنكيران) هو الذي فضّل أن يتنازل عن هذه الصلاحيات. يقول مصطفى: "بنكيران لا يتمتع بجميع الصلاحيات المخولة له دستوريا نتيجة تنازله كرئيس للحكومة عن هذه الصلاحيات الكبيرة التي منحها له الدستور لصالح النظام، وهذا أكبر خطأ". بلعيد، عضو شبيبة حزب العدالة والتنمية يقول: "ابن كيران منح له هامش صغير يحاول قدر الإمكان الاستفادة منه، لكن أن تطبق كل الصلاحيات وأنت بالأمس لم تكن يتوفر لديك إلا القليل فهذا شيء يحتاج إلى وقت"، مضيفا أن الملك يعتبر المرجع الأول وبدون استشارته في العديد من القضايا فلن يكون هناك شيء"، من جهتها قالت جميلة: "يمكن أن أقول إن بنكيران لم يكن في مستوى الحدث، بعدما تخلى عن صلاحياته التي خولها إياه الدستور وانخرط في التستر وراء المؤسسة الملكية للتغطية على ضعفه في التسيير وضعف حلوله أمام الملفات الاقتصادية والاجتماعية خاصة وأنه يحرص دائما على تفادي التصادم مع المؤسسة الملكية". انتظارات وآمال من بين أهمّ القطاعات التي يرى الشباب الذين استقينا آراءهم أنّ على حكومة ابن كيران أن تولي لها اهتماما كبيرا، تأتي قطاعات الصحة والتعليم والشغل وكذاك محاربة الفساد. "نريد تعليما يستحقه أبناؤنا، ونريد وزارة صحة تهتم بالمواطنين، تقول أمال، أستاذة التعليم الابتدائي. بلعيد يرى أن كل القطاعات تشكل أولوية ويجب أن تهتم بها الحكومة "لأن المغاربة يحتلون المراتب الأخيرة في كل شيء إلا في الجهل والفساد والأمية ونهب المال العام". وحول ما إن كان ابن كيران قادرا على تلبية كل الانتظارات التي يأملها المغاربة، يقول توفيق بأنه، أي ابن كيران، لن ينجح في هذه المهمة إذا استمرّ في التردّد في اقتحام أعشاش الفساد. في المقابل تقول ماجدة: إن شاء الله سيتحقق ذلك، وعندي أمل كبير في حكومة بنكيران". وعكس التفاؤل الذي تنظر به ماجدة إلى المستقبل، تقول جميلة بخصوص ما إن كان بنكيران سيفي بكل وعوده: "طبعا لا يمكن، لأن السمة الرئيسية للحملات الانتخابية هي عدم الوفاء، فكل الأحزاب تتجمل أثناء الحملات الانتخابية بشعارات قوية ورنانة، وحزب العدالة والتنمية حزب كباقي الأحزاب، وهذا ما سيكتشفه المغاربة". رسائل إلى بنكيران الرسائل التي يريد الشباب المغربي إيصالها إلى بنكيران، يتلخص مضمونها بالخصوص في العمل على الوفاء بوعوده. يقول توفيق موجها خطابه إلى رئيس الحكومة: "يا ابن كيران، أنت محسوب على التيار الإسلامي، والإسلام لا يعرف المداهنة في الحق، اقتحم أعشاش الفساد وصارح الشعب وستجده معك ولا تخف". وتقول ماجدة في رسالتها إلى بنكيران: "سي ابن كيران بزاف ديال المغاربة دارو فيك الثقة ماتخدلهمش راه ذنوبهم عليك والله يحفظك ماتنساش التعليم هو اللي هز بكوريا واليابان وخلانا هكا. أما خالد فقد رفض توجيه أي رسالة لرئيس الحكومة، مكتفيا بالقول: "رسالتي وجهتها إلى من يهمّهم الأمر مباشرة عندما قاطعت الاستفتاء والانتخابات، لذلك فلا جدوى من الحديث مع من أمْره ليس بيده"، فيما لخصّت خديجة رسالتها إلى ابن كيران في جملة واحدة ومعبّرة: "لا تخنْْ ثقة المغاربة"، بينما طالبت جميلة ابن كيران بالإنصات لصوت الشعب، وزادت قائلة: "على ابن كيران ألا يستمر في نهج أسلوب الشكوى وأنّ الكل متآمر ضده، فقبل الوصول إلى الحكومة كانوا يقولون أنهم في المعارضة ولا يمكنهم فعل شيء، والآن لم تعد هذه الحجة ذات قيمة، لكنهم لا يزالون ينتهجون نفس الإستراتيجية المتمثلة في التباكي والشكوى وتعليق فشلهم على الآخرين"، تقول جميلة وتضيف: "أنا كشابة حاصلة على الماستر درست في جامعة مغربية بوسائل بسيطة كباقي أبناء الطبقة الكادحة، كافحت وكافحت معي أسرتي، لا أريد أشياء خيالية، أريد فقط حقي في الشغل بعدما أديت واجبي المتمثل في التحصيل والتكوين، أنا ضد التوظيف المباشر، لكن بشرط أن تضمن لنا الحكومة المناصب التي تناسب عدد الحاصلين على الشواهد وتضمن لنا شفافية المباريات، لا أريد حتى راتبا خياليا بل راتبا أعيش به بكرامة لا غير، أريد أن أشعر أني في وطن يحبني، لا أريد أن أشعر بالغربة والظلم في وطني". هكذا إذن، يقيّم الشباب المغربي ما تحقق من إنجازات حكومة ابن كيران التي ستكمل بعد أيام سنتها الأولى، وهذه هي انتظاراتهم وأحلامهم وأمانيهم، ورسائلهم إلى رئيس الحكومة. عالله يقراها!