الحقوقي عزيز غالي في عداد المختطفين لدى إسرائيل وسط صمت رسمي مغربي    الأمن يدخل على خط خلاف بين جانحين وحارس ليلي انتهى بتهشيم سيارات بأكادير    المجلس الوطني لحقوق الإنسان: المظاهرات خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي سلوك من شأنه المساس بالحق في التجمع السلمي    المسطرة الجنائية تكافح الاتجار بالبشر    المنتخبون التجمعيون يثمنون مطالب الشباب ويستنكرون 'الدوغمائية' المتربصة بالمجهود التنموي    المنظمة الوطنية للمنتخبين التجمعيين تؤكد على الانخراط المسؤول في معالجة التحديات التنموية وتعزيز التواصل مع الشباب        "جيل زد" يفاقم التشتت بين الصيادلة            رئيسة المفوضية الأوروبية تشيد بحماس    إسرائيل ترحل أربعة مغاربة من المشاركين في "أسطول الصمود العالمي"    "منتخب U20" في اختبار أمام المكسيك    مونديال الشباب: المنتخب المغربي ينهي دور المجموعات بهزيمة أمام المكسيك    المغرب ينهي الدور الأول متصدرا رغم الخسارة أمام المكسيك    نادي "بيتيس" يعلن إصابة أمرابط    نادي المنصور يلاقي الدشيرة بالمحمدية                    النيابة تنفي "وفاة في أحداث مراكش"    أمن ميناء طنجة يحبط عملية تهريب دولي لمزيد من 30 كيلوغرام من مخدر الكوكايين الخام    فاجعة.. تسعة ضحايا في حادثة سير بإقليم سيدي قاسم    القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    الناظور.. تقديم 29 موقوفاً امام النيابة العامة على خلفية احتجاجات بالعروي    عثمان بنجلون يبيع ضيعته بكبيك مقابل حوالي 109 مليون درهم مغربي (صور)        معرض الفرس بالجديدة.. الخيول العربية-البربرية ركيزة أساسية لشرطة القرب    لجنة التعذيب.. الوجه الخفي للنظام العسكري الجزائري الذي يرهب أبناءه    وسيط المملكة يؤكد أن المغرب مستهدف وأن للتطبيقات المستخدمة بين التعبيرات الشبابية رهانات واستراتيجيات    قصف متواصل وإسرائيل تتحدث عن تقليص عمليتها بغزة تجاوبا مع خطة ترامب                مسرح رياض السلطان يواصل برنامجه لشهر اكتوبر    رسالة اجتماعية وأرقام قياسية.. أغنية "الهيبة" تحقق صدى واسعًا    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    جينك يعلن خضوع الواحدي لعملية جراحية في الكتف    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب    آلاف المغاربة يتظاهرون في عشرات المدن للتنديد بقرصنة أسطول الصمود العالمي    الأمين العام يأسف لوقوع أعمال عنف أثناء المظاهرات في المغرب            فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البيجيدي يتحدث بلسانين
نشر في هسبريس يوم 29 - 01 - 2021

في ختام الدورة العادية التي عقدها المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية يومي 23 و24 يناير 2021، أصدر المجلس بيانا تضمن مجموعة من القضايا التي تهم الشأن الحزبي والوطني والدولي. ولأن المرحلة التي انعقدت فيها هذه الدورة سبقها سجال داخلي حاد في ما يرتبط بقضية عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل، فقد تضمن البيان إشارة إلى هذا الموضوع بالتحديد، كما توقف عند الوضع الحقوقي ببلادنا على خلفية المتابعات القضائية في حق نشطاء وصحافيين...
في ما يتعلق بموضوع استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل؛ خصص البيان المذكور فقرتين للتذكير بمواقف الحزب الثابتة في الدفاع عن القضية الفلسطينية ونضال الفلسطينيين في مواجهة "الاحتلال الصهيوني الغاشم"؛ ولأن المرحلة تقتضي إبداء موقف ما من ما يسمى ب"التطبيع مع إسرائيل"، تضمن بيان العدالة والتنمية العبارة التالية:
"يجدد المجلس تأكيده على إدانة الحزب ورفضه المطلق لما سمي بصفقة القرن وينبه لمخاطر الاختراق التطبيعي على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادنا".
لا يحتاج القارئ لكثير من الفطنة ليستنتج أن هذا الحزب يضحك على الذقون، بل يخدع المغاربة، ويحترف النفاق والحربائية كما كان ديدنه دائما. هذا الحزب يرحب بالتطبيع ويدينه في نفس الوقت. إنه يملك قدرة عجيبة على التضليل والخداع وممارسة "التقية". هذا الحزب يسير بسرعتين مختلفتين؛ سرعة على إيقاع الاختيارات الكبرى للدولة يمليها موقع الحزب داخل الحكومة وتتحرك بمنطق براغماتي صرف، وأخرى على إيقاع كتلته الناخبة التي يضبط إيقاعها بدغدغة العواطف لإقناع الأتباع. وهو بذلك يستطيع أن ينخرط في سياسة الدولة لأن مصلحة الوطن تقتضي ذلك، وفي الآن نفسه يحاول أن يعبر عن مواقف مناقضة لهذا التوجه؛ لكنه لا يعبر عن ذلك بصراحة ووضوح، بل يستخدم لغة غير مباشرة ومضللة.
بيان المجلس الوطني للعدالة والتنمية يحاول أن ينأى بحزب المصباح عن المسؤولية رغم أن أمينه العام هو الذي وقع على عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل بصفته رئيسا للحكومة. لذلك لا بد من طرح الأسئلة التالية: لمن يتوجه هذا البيان؟ وما الجهة التي ينبهها من مخاطر التطبيع؟ وأين تكمن مخاطر هذا التطبيع على النسيج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لبلادنا؟ ولماذا يتغاضى بيان المجلس عن ربط موضوع عودة العلاقات مع إسرائيل بقضية الوحدة الترابية؟
هذه الأسئلة تفرض نفسها بقوة، خصوصا وأن ازدواجية الحزب الإخواني كانت طاغية في البيان، حيث أعلن وقوفه خلف الملك في كل الخطوات التي يقوم بها لخدمة ملف الصحراء، لكنه في الآن نفسه يدين ما أسماه ب"التطبيع" وينبه إلى مخاطره... أفلا يعلم الممسكون بزمام المجلس الوطني للبيجيدي أن استئناف العلاقات مع إسرائيل هي واحدة من الخطوات التي تخدم قضية الوحدة الترابية؟ طبعا هم يعرفون أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء لم يكن هدية مجانية، ومع ذلك فهم لا يجدون أي حرج في الدفاع عن الموقف ونقيضه في وقت واحد. وهو ما يعبر عن الانتهازية وعدم الوضوح في مواقف وقرارات هذا الحزب.
أما في ما يرتبط بالملف الحقوقي ببلادنا؛ فقد تضمن بيان البيجيدي ما يلي:
"يدعو المجلس الوطني إلى إطلاق مبادرة سياسية لمزيد من تعزيز مناخ الثقة وتوفير الأجواء المناسبة لبث نفس سياسي وحقوقي جديد يرمي إلى إيجاد الصيغة المناسبة لإطلاق سراح المحكومين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية والصحافيين المعتقلين، باستحضار روح الإنصاف والمصالحة، والمبادرات الملكية التي تُعمل حق العفو، والتي شملت بعضا منهم خلال المرحلة الأخيرة".
هذه الصياغة المطلبية كان بالإمكان تفهمها لو أنها صدرت عن هيئة حقوقية مستقلة تدافع عن الحريات، وتترافع من أجل إطلاق سراح معتقلي الرأي، وعلى رأسهم معتقلي الحراك... لكنها تصدر عن حزب يرأس الحكومة. وهو معني من خلال موقعه في تدبير الشأن العام أكثر من غيره في الدفع في اتجاه حلحلة هذا الملف. كما أنه يتحمل المسؤولية السياسية باعتبار أن هذه المتابعات التي يتحدث عنها البيان تمت وتتم خلال ولايتين حكوميتين بقيادة البيجيدي. وإذا كان الحزب مقتنعا بأن هذه المتابعات تسيء للوجه الحقوقي لبلادنا، فعليه أن يتحمل مسؤوليته السياسية كاملة في الإعلان عن موقفه داخل الحكومة ويسمي الأشياء بمسمياتها بوضوح وشفافية، لا أن يعبر عنها بمنطق تسجيل قضية "ضد مجهول". وهو ما يدفعنا إلى طرح مزيد من الأسئلة عن الجهة التي يخاطبها البيان، ويدعوها إلى "إطلاق مبادرة سياسية" تقود إلى إطلاق سراح المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية...
من حق الأحزاب السياسية أن تكون لها مواقفها الخاصة والمنسجمة مع خطها السياسي وقناعاتها الإيديولوجية والفكرية. وهذا ما نطالب به باستمرار، لأن المشهد السياسي لا يمكن أن يكون قويا وفاعلا ومنتجا ونزيها إلا بوجود أحزاب تمتلك استقلالية القرار والموقف... لكن ما يقوم به حزب المصباح يفوق في غرابته كل توصيف، فأغلب أحزابنا تميل حيث يميل هوى السلطة، لكن موقف البيجيدي انفصامي وانقسامي، فهو داخل الحكومة وخارجها في آن واحد، يقوم بدورين متناقضين، ولا يجد أدنى حرج في ذلك. يدبر الشأن العام من خلال موقعه كأقوى حزب في الحكومة، وينقلب على نفسه وعلى السياسات الحكومية عندما يختلي بأتباعه في مجالسه وهياكله الداخلية... إنه يتحدث باسم العدالة والتنمية (الحزب) حينا، وباسم الإصلاح والتوحيد (الحركة) حينا آخر. يخاطب السلطة بلسان سياسي براغماتي ومهادن، ويدغدغ عواطف المغاربة؛ خصوصا منتسبيه ومريديه؛ بلسان دعوي تجييشي وتضليلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.