حموشي وسفيرة الصين يبحثان سبل تعزيز التعاون الأمني    الجزائر ‬تجرب ‬جميع ‬أوراقها ‬في ‬مواجهة ‬الانتكاسات ‬الدبلوماسية ‬    خط جوي يربط السمارة بالدار البيضاء    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    إطلاق نظام جديد لدعم المقاولات الصغرى جداً والصغيرة والمتوسطة بنسبة تمويل تصل إلى 30%    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    رصاص الأمن يشل حركة مروج مخدرات    انقلاب "بيكوب" يرسل 17 عاملا فلاحيا لمستعجلات تارودانت    التامك يغيب لأول مرة عن مناقشة ميزانية السجون في مجلس النواب.. ما علاقة ذلك ب"إهانته" قبل عام؟    محامي: قاصر يعاني من إعاقة ذهنية وجسدية معتقل على خلفية احتجاجات "جيل زد" بوجدة    مهرجان الدوحة السينمائي 2025 يكشف عن قائمة المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    القرار ‬2797 ‬لمجلس ‬الأمن ‬الدولي ‬يعلو ‬فوق ‬كل ‬تفسير ‬ولا ‬يعلى ‬عليه    احجيرة: نتائج برنامج التجارة الخارجية لا تُعجب.. 40% من طلبات الدعم من الدار البيضاء.. أين المجتهدون؟    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    الحسيمة: مرضى مستشفى أجدير ينتظرون منذ أيام تقارير السكانير... والجهات المسؤولة في صمت!    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    تحيين الحكم الذاتي إنتقال من التفاوض إلى مشروع سيادي مغربي نمودجي مكتمل الأركان    المنتخب المغربي يخوض أول حصة تدريبية بالمعمورة تأهبا لمواجهتي الموزمبيق وأوغندا    350 يورو مقابل التقاط صورة ومقعد على مائدة والدة النجم يامال    أتالانتا الإيطالي ينفصل عن مدربه يوريتش بعد سلسلة النتائج السلبية    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    مع تعثّر انتقال خطة ترامب للمرحلة التالية.. تقسيم قطاع غزة بات مرجحاً بحكم الأمر الواقع    كيوسك الثلاثاء | المغرب يعزز سيادته المائية بإطلاق صناعة وطنية لتحلية المياه    أجواء غائمة مع ارتفاع طفيف لدرجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    فضيحة في وزارة الصحة: تراخيص لمراكز الأشعة تُمنح في ظل شكاوى نصب واحتيال    الفاعل المدني خالد مصلوحي ينال شهادة الدكتوراه في موضوع "السلطة التنظيمية لرئيس الحكومة في ضوء دستور 2011"    تغير المناخ أدى لنزوح ملايين الأشخاص حول العالم وفقا لتقرير أممي    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    "أسود الأطلس" يتمرنون في المعمورة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    "الكاف" يكشف عن الكرة الرسمية لبطولة كأس أمم إفريقيا بالمغرب    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصادرة حرية العلماء والدعاة وتكميم أفواههم.. محنة لا تنتهي
نشر في هسبريس يوم 03 - 07 - 2013

لقد مضى ذلك الزمان الذي كان فيه علماؤنا وخطباؤنا ودعاتنا يصدعون بكلمة الحق بكل مسؤولية وحرية، لا يخشون من تبعات وزارة أنيط بها أساسا حثهم ودعمهم للقيام بواجبهم بصدق وبإخلاص، وتوجيه الناس وإرشادهم لما ينفعهم في الحال والمآل، وبيان حكم الله في المستجدات والنوازل الوقتية، وكشف الباطل وتجليته لعموم الناس ومحاصرته.
وصرنا نعيش اليوم -كما يتابع الجميع بامتعاض كبير-؛ وبما لم يسبق إليه في تاريخ المغرب أيضا؛ تسلط الوزارة الوصية على الشأن الديني على العلماء والخطباء، وسعيها إلى جعلهم مجرد موظفين يمتثلون للأوامر وينفذون المخططات؛ وأداة توظفها العديد من الوزارات والمؤسسات الأخرى في شتى المحافل والمناسبات، وكل من أعرض منهم عن امتثال الأوامر وتنفيذ المذكرات قوبل بالتوقيف والطرد والتعنيف.
وقد شكل حادث عزل خطيب مسجد الإمام علي بفاس الأستاذ محمد الخمليشي عن الخطابة بسبب تعرضه في خطبة الجمعة لحادث مهرجان "موازين" بالرباط ومهرجان "الموسيقى الروحية" بفاس، محطة جديدة من محطات القمع الممنهج الذي تسلكه الوزارة ضد كل من خرج عما سطره المخطط الوزاري الذي يلقى معارضة كبيرة من لدن العديد من الفعاليات.
وسبق لي أن ذكرت في غير ما مناسبة أن مخطط أحمد التوفيق الوزاري واضح بيِّن لا يخفيه؛ ولا يحتاج أيضا في إرسائه على أرض الواقع إلى مساحيق السياسة وتوظيف الخطاب الاستهلاكي.
فحسب وجهة نظر السيد التوفيق؛ لا يحق للعالم أو الفقيه أو الواعظ أن يقوم بنقد الواقع وتحليله؛ أو أن ينزِّل النصوص الشرعية على المستجدات العصرية؛ أو أن يتعرَّض إلى ما يعيشه الناس من تناقض صارخ بين ما تنصُّ عليه الشريعة الإسلامية من عقائد وأحكام وأخلاق وسلوك؛ وبين ما هو موجود حقيقة على أرض الواقع؛ بل يجب على السادة العلماء؛ والخطباء تبع لهم؛ أن ينأوا بخطابهم عن "الشعبوية"!!
وهو ما عبر عنه الوزير صراحة في الدرس الحسني الذي ألقاه سنة 1425ه حيث قال وهو يعد الضوابط التي يجب أن يقف عندها الخطيب أو المرشد: "حِرص المرشد أو الخطيب على تجنب ما يسمى في لغة العصر بالشعبوية؛ أي الخطاب الذي يسعى به صاحبه إلى اكتساب النجومية واستمالة النفوس؛ ولا سيما إذا توسل بتضخيم مساوئ الوقت؛ ونعت المجتمع تعميما بالخروج عن الجادة واتهام أولي الأمر بالمسؤولية عن تدهور السلوكات والتلويح بتوقع عقاب من السماء".
كما أكد أن على الخطيب أو الواعظ أن يتبنى "خطاب التقريب والتيسير بدل خطاب التخويف والوعيد والتنفير.. ويحذر المرشدُ والخطيب في إظهار سلطته الناقمة ضد أنواع الفرح والمتعة الفنية المباحة والابتكار الإنساني الخلاق.." (الدرس الحسني لسنة 1429ه ألقاه د.أحمد التوفيق).
هذا هو الخط الذي يجب أن يسير عليه الخطباء إن أرادوا أن يستمروا في وظيفتهم بوزارة الأوقاف، وإلا كان مصيرهم مماثلا لما لقيه الأستاذ الخمليشي بفاس؛ ومن قبله الدكتور رضوان بنشقرون بالبيضاء، والدكتور رشيد نافع بالرباط، وخطيب مسجد "لخلايف" ب"حد السوالم"، وخطيب قرية بامحمد وغيرهم كثير جدا جدا.
إن مصادرة حرية العلماء والدعاة في البوح بأمور متفق عليه في الشريعة، ومنعهم من التعرض لنقد الواقع ومساوئ الوقت، والإصرار على ترسيم مشروع ديني متساوق مع المشروع السياسي ورافد له أيضا، ونفي أن يكون هناك احتمال التنافر أو الاصطدام بين هذه المقومات، مقابل فسح المجال وفتح الباب على مصراعيه أمام دعاة وخطباء وكتاب ومفكري التيار العلماني كي يبوحوا بكل ما يجول في خاطرهم، ويستهزئوا بالدين وينالوا من مقدسات وثوابت الأمة، هي تجربة سبقتنا إليها دول مجاورة، لكنها باءت بالفشل، لاستحالة تنفيذها داخل مجتمع مسلم اختلط هذا الدين العظيم بدماء أبنائه، ولأن من بين الشروط الأساسية لقبول المعلومة والاقتناع بالفكرة: المصداقية.
والناس ترى كيف هرول وزير الأوقاف إبان فتوى قتل المرتد، حيث نفى ما قرره السادة العلماء في كتاب (فتاوى الهيأة العلمية للإفتاء)، وسارع إلى طمأنة قلوب لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والجالية المغربية المقيمة بالخارج فِي مجلس النواب، وأكد أن علماء المغرب كانت لهم إسهامات في عدة قضايا وعلى رأسها صياغة مدونة الأسرة "ولو كانوا -أي العلماء- متحجرين لكانت لهم مواقف أخرى في صياغة هذا القانون"، وأضاف أن "هؤلاء هم علماء المغرب وليسوا أشخاصا ننسب لهم دعوتهم إلى القتل".
وفي مقابل هذا الموقف "الشجاع" لم يسارع الوزير إلى طمأنة ضمير المومنين والمومنات لمَّا وصف المتطرف "أ.عصيد" رسائل نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بالإرهابية، ولم يحرك ساكنا لما نفى "م.بوهندي" عصمة الأنبياء وادعى أن القرآن غير معجز وأن لغته لغة عادية، وأن إمامنا مالك: إمام مذهب البلد فقدت صلاحيته.
إننا نعيش اليوم زمن المعلومة المشاعة والقرية الواحدة، والناس إن فقدوا الثقة في المؤسسة الدينية الرسمية سيبحثون حتما عما يروي عطشهم الديني والشرعي في منابر أخرى وهي عديدة ومتوفرة، وهذا قد يجلب مفاسد كبيرة لا يمكن توقعها.
ومنه يجب على الوزارة الوصية على الشأن الديني أن تتحمل مسؤوليتها وتلبي حاجيات المواطنين، وتبتعد عن تسييس الدين وإخضاعه للسياسة، وتكف عن ملاحقة الجمعيات الإسلامية بشتى أطيافها، وتمنح للعلماء والدعاة حرية الكلمة، ليتحملوا مسؤوليتهم التي أناطهم بها الخالق سبحانه، وإلا فإن الهوة ستتسع أكثر بين جمهور المتدينين الواسع والمؤسسة الدينية الرسمية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.