اافيدرالية المغربية لجمعيات كراء السيارات تناقش تطور نشاط وكالات الكراء وآفاق التنمية المستدامة    مهاجر يعبر إلى سبتة المحتلة بواسطة مظلة هوائية    متابعة 84 شخصًا في طنجة بتهم التخريب على هامش احتجاجات "جيل زد"    الضرائب تخضع أربع شركات أجنبية لمراجعة بعد تلاعب ب"أثمان التحويل"    "أوبك +" تضيف 137 ألف برميل يومياً    مركز حقوقي يدعو إلى "تحرير غالي"    مسيرة وطنية حاشدة بالرباط تجدد التضامن المغربي مع غزة وإنهاء الحرب    عاصفة قوية تضرب أوروبا تتسبب في انقطاع الكهرباء وإلغاء رحلات جوية    وهبي: الهزيمة أمام المكسيك "درس"    المنتخب الرديف يواجه مصر والكويت    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يسلم جائزة محمد السادس للقفز على الحواجز    المغرب والأردن يوقعان على اتفاقيتين في مجال التعاون القضائي والقانوني تمهد بنقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الاثنين    الأمن الوطني يحقق في فيديو شرطيين    صيباري يواصل التألق ويسجل للمباراة الرابعة تواليا مع آيندهوفن    الوفد الإسرائيلي المفاوض يتوجه إلى مصر ليل الأحد ومحادثات غزة تبدأ الاثنين    شوكي: عزيز أخنوش.. إنصاف إرادة صادقة    محمد وهبي: الهزيمة أمام المكسيك درس قبل الأدوار الإقصائية    في المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بفاس .. إدريس لشكر: «جيل Z » هو امتداد طبيعي لاحتجاجات 1965 و 1981 و 1990 واحتجاجات طنجة والريف وغيرها    حادث سيدي قاسم تنهي حياة تسعة أشخاص من أبناء الحسيمة            أب بمراكش يُسلم ابنه القاصر للدرك بعد تورطه في الشغب    النقابات القطاعية للصناعة التقليدية تعلن عن تنسيق مشترك وتتوعد بالتصعيد ضد "سياسة التجاهل"    سربة عبد الغني بنخدة جهة بني ملال – خنيفرة تُتوج بجائزة الملك محمد السادس للتبوريدة    ترامب يؤكد موافقة إسرائيل على "خط الانسحاب" من غزة ومظاهرات في عدة بلدان دعما للفلسطينيين    إسبانيا تمنع مظاهرات حاشدة مساندة لفلسطين وتستخدم العنف لتفريقها    ارتفاع قيمة "البتكوين" لمستوى قياسي    مظاهرات "جيل زد" خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي تجاوزات    بنسعيد: حاولت اللقاء بشباب "جيل Z" ولم أتلق أي جواب منهم    إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    أمن أكادير يوقف متورطين في تخريب سيارات بتيكيوين بعد خلاف مع حارس ليلي    ناشطو "أسطول الصمود" يشكون معاملتهم "كالحيوانات" من طرف إسرائيل    الفيفا تصادق على تغيير جنسية احتارين لتمثيل المغرب    الفخامة المصرية على الأراضي المغربية.. «صن رايز» تستعد لافتتاح فندق جديد    المديرية العامة تصنع الحدث في معرض الفرس برواقها المديري وعروض شرطة الخيالة (ربورطاج)    طنجة.. الدرك الملكي بكزناية يطيح بأربعة أشخاص متورطين في تخزين وترويج مواد غذائية فاسدة    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"                    القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات    أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفارقة
نشر في هسبريس يوم 25 - 07 - 2013

رجع علي من عمله الشاق متعبا لا تكاد رجلاه تحملانه من شدة العياء.
وبعد أن اطمأن على حالة أبنائه الأربعة الراجعين من المدرسة، حضّر شيئا من الطعام فوضعه في سلة ثم أخذ حافلة متهالكة وتوجه قصدا إلى مستشفى الولادة حيث ترقد زوجته التي وضعت بالأمس طفلها الخامس.
ما أن اقترب من العنبر الكبير ذي الجدران الرطبة المهترئة حتى لطمت أنفه رائحة زاكمة هي مزيج من عرق ودم ودواء.
في المدخل، استقبلته الممرضة السمينة ذات الأرداف الغليظة بنظرة شزراء تقطر كراهية واحتقارا.
قال في نفسه مشيحا عنها بوجهه وهو يبادلها أحاسيسها بأسوء منها:
لقد علفت هذه الفيلة في مسارها المهني قناطير من جبنة البقرة
الضاحكة وآلاف من علب "دانون"، وبلعت من البيض المسلوق ما باضته ألف دجاجة ودجاجة، كل ذلك عن طريق ابتزاز الحاملات والوالدات. ولما وجدت جيوبي أنشف من قلبها ناصبتني عداءا مجانيا...
اقترب من زوجته فطبع قبلة على جبينها ثم قبل طفلته الوليدة وجلس على كرسي بمقربة منهما بعد أن سلم يسارا ويمينا على جارات زوجته الوالدات والزائرات. في هذه اللحظة ارتفع بكاء الرضع دفعة واحدة وكأنهم كانوا على اتفاق مسبق، فضج العنبر الواسع بالصراخ وكأنه زريبة التقى فيها الخرفان بأمهاتهم بعد يوم من الفطام.
قالت له زوجته بصوت واهن:
قال لي الطبيب بأني لن أخرج قبل أربعة أيام بسبب النزيف الحاد الذي لم ينقطع منذ أن وضعت، لذا أرجوك أن تصرف مائة درهم على أوراق من فئة عشرة وعشرين درهم وأن توافيني بها حالا لأنفح بها من يهمهن الأمر.
أجابها ثائرا مغتاظا:
والله لن أعطيهن رهما واحدا وليكن ما يكون... فهل يعتقدون أنهم بالوصلات الإشهارية سوف يقضون على الرشوة في هذه البلاد؟
لما عاد إلى البيت، أشعل التلفزة فوجد في إحدى القنوات الفرنسية ريبورتاجا يشد الانتباه:
غرفة الانتظار في عيادة.
غرفة شاسعة فاخرة تسطع نقاء وبياضا وكأنها قمة جبل تعمم بثلج لم تطأه أبدا قدما إنسان.
الممرضات الشقراوات يتهادين في غدوهن ورواحهن وكأنهن فراشات
تخفق بأجنحتها تحت شمس ربيع مترنح سكران.
من خلال النوافذ المشرعة يتراءى بساط أخضر لعشب رائق مشذوب بعناية فائقة.
صمت رهيب يخيم على أسرة قدمت بقضها وقضيضها لمرافقة حبيبة عزيزة أرغمها وهن الشيخوخة على تسليم جسمها المنهك لمشرط الجراح.
الزوج يخفي قلقه العميق خلف نظارات شمسية داكنة وهو يذرع الغرفة جيئة وذهابا.
الزوجة متهالكة على أريكة وثيرة وقد بدت مروعة الوجه بعد أن جفت من عينيها الدموع. في حضنها طفلة ملتاعة أشبه ما تكون بدمية "باربي".
باقي أفراد الأسرة، انتصبوا كتماثيل مشرئبة بأعناقها نحو باب بعينه في انتظار النبأ العظيم الذي سيطوح بها في مفازات الحزن السحيق أو سيحلق بها في سموات الفرح المجنح...
توتر شديد يزداد مع كل دقيقة ثقيلة تمر.
ينفتح الباب فجأة على طبيب أشيب يهتف في المنتظرين ببسمة عريضة :
أبشروا ... لقد نجت محبوبتكم...
ينتفض الجميع دفعة واحدة ويرتمى بعضهم على بعض متبادلين التهاني ومهللين بالخبر السعيد.
يقول رب الأسرة للطبيب بصوت مرتعش:
هل يمكن لنا أن نراها يا دكتور؟
إن شئت ذلك. ولكنها لا زالت مخدرة.
يدخل الجميع إلى قاعة العمليات على رؤوس بنانهم بقلوب واجفة ويتحلقون حولها بعيون تقطر حنانا وعشقا...
الكلبة ليكة ممددة على جنبها، مسبلة العينين كعروس خجلانة وقد لف بطنها الأبيض بضمادات خرج منها شيء من الدم.
مدت الزوجة وجهها وقبلتها على فمها في حنان فياض استقطر منها
آخر دمعاتها الحارقة.
هيستيريا من الفرح تأخذ الأهل والأحباب وكأن الأمر يتعلق باستقلال وطن...
بعد هذا المشهد المثير، ينتقل الريبورتاج التلفزيوني
إلى مقبرة للكلاب يزورها أحبابهم بأكاليل الورود والأزهار يضعونها على قبور رخامية تحمل إسم الراحل العزيز مع صورته ويومي ولادته ووفاته...
هنا، أحس بالإحباط فأقفل التلفزيون وضرب يدا بيد، ثم غمغم في نفسه وهو يهز رأسه بمرارة:
لكم الله ياأطفالنا في "البراريك" وفي العراق وسوريا وفلسطين والصومال ...
اللهم ارزقنا حظ بعض من ولدوا في الغرب كلابا يارب...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.