مديرية الدراسات والتوقعات المالية…ارتفاع الرواج التجاري بالموانئ بنسبة 10,2 بالمئة    قرب تصنيف "البوليساريو" منظمة إرهابية من طرف واشنطن: تحول سياسي كبير يربك حسابات الجزائر    تقدم الصين في مجال حقوق الإنسان في صلب ندوة عقدت بمدريد        الوداد الرياضي ينهزم أمام العين الاماراتي    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    خرائط تنبؤية جديدة لتحديد المناطق المهددة بحرائق الغابات بالمغرب    بوغطاط المغربي | حصري.. قرار جديد للقضاء الألماني يُثَبِّت نهائيا قانونية تصنيف محمد حاجب كعنصر إرهابي ويرفض الطعن    المدني: دستور 2011 يعكس تعددية المرجعيات وتفاوت موازين القوى بين الملكية وباقي الفاعلين    الجزائر تفشل في السيطرة على الأرض فتحاول اختراق الثقافة الحسّانية المغربية    أمريكا تدفع باتجاه اتفاقات تطبيع جديدة بين إسرائيل ودول بينها سوريا ولبنان    غوتيريش: ميثاق الأمم المتحدة ليس "قائمة طعام" بحسب الطلب    إعدام قاتل متسلسل في اليابان تصيّد ضحاياه عبر "تويتر"    رحيل مأساوي يهز الرياضة النسوية.. وفاة لاعبة نهضة بركان مروى الحمري في حادثة سير بالخميسات    المغرب يحقق "معجزة صناعية" مع الصين بالجرف الأصفر: مصنع مغربي-صيني يضع المملكة في قلب ثورة البطاريات العالمية    الوداد يسقط في اختبار العالمية: حضور باهت أساء لصورة كرة القدم المغربية    النرويجي هالاند نجم مانشستر سيتي يبلغ مئويته الثالثة في زمن قياسي    الوراد يشخص إخفاق الوداد بالمونديال    المغرب يعزز نموه الاقتصادي عبر 47 مشروعًا استثماريًا بقيمة 5.1 مليار دولار    الذهب يتراجع مع صعود الدولار وترقب بيانات التضخم الأمريكية    كيوسك الجمعة | الاتحاد الأوروبي يتمسك بدعم شراكته الإستراتيجية مع المغرب    موجة حر بالمغرب ابتداء من الجمعة    "سيكوديل" يناقش التنمية البشرية    الهلال في ثمن نهائي مونديال الأندية    توقيف ناقلي أقراص مخدرة بوجدة    أكاديمية المملكة و"غاليمار" يسدلان ستار احتفالية كبرى بآداب إفريقيا    حفل كاظم الساهر في "موازين" .. فوضى تنظيمية تسيء للفن والجماهير    كاظم الساهر في موازين: ليلة اهتز فيها التنظيم قبل الموسيقى -صور خاصة-    النقل الطرقي يدخل مرحلة الرقمنة الشاملة ابتداء من يوليوز    إصلاح شامل لقطاع السكن والتعمير في المغرب عبر وكالات جهوية متخصصة    قوانين جديدة للمركبات والدراجات في المغرب    دعم إقليمي متزايد لمغربية الصحراء من قلب أمريكا اللاتينية    مجلس الأمن يدين مجزرة الكنيسة بدمشق    حفل أسطوري لويل سميث في موازين 2025    الدرهم يرتفع بنسبة 0,5 في الماي ة مقابل الدولار خلال الفترة من 19 إلى 25 يونيو    وزارة الثقافة توزع أزيد من 9 ملايين درهم على 177 مهرجانا وتظاهرة خلال سنة 2025    أمير المؤمنين يبعث بطاقات تهنئة إلى ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول العام الهجري الجديد 1447    مجلس الحكومة يُصادق على مشاريع مراسيم تهم مجموعة من القطاعات    اتصالات المغرب وإنوي تعلنان إنشاء شركتي "Uni Fiber" و"Uni Tower"    الوداد يغادر مونديال الأندية خالي الوفاض بعد هزيمته أمام العين الإماراتي    عمر زنيبر يبرز بجنيف أولويات العمل الدبلوماسي والوطني للمغرب في مجال الهجرة    جو ويلسون يُقدّم مشروع قانون إلى الكونغرس الأمريكي لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية    تعيين بنجلون مديرا للمركز السينمائي    ضجة الاستدلال على الاستبدال    6 مليارات دولار و200 شركة تكنولوجية صينية في الأفق: المغرب يجذب استثمارات صينية غير مسبوقة في الصناعة والتكنولوجيا    بعد غياب 6 سنوات..المعرض الوطني للكتاب المستعمل يعود في نسخته الثالثة عشر بالدارالبيضاء    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر        مونديال الأندية.. إنتر يتفوق على ريفر بليت ويعتلي الصدارة ومونتيري يعبر برباعية    عبد الكبير الخطيبي: منسي المثقفين    طفل في كل فصل دراسي مولود بالتلقيح الصناعي ببريطانيا    احذر الجفاف في الصيف .. هذه علاماته وطرق الوقاية منه    دراسة تحذر: انتكاسات كبيرة في برامج التلقيح تعرض الأطفال لخطر الأمراض القاتلة    عودة الدواجن البرازيلية إلى الأسواق المغربية بعد زوال المخاطر الصحية    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العاطلون أم المعطلون
نشر في هسبريس يوم 14 - 10 - 2008

كثيرا ما يطلق " عاطل" على كل من ليس له عمل يقوم به بصيغة حرة أو في إطار تعاقد أو وظيفة ، وكلمة " عاطل " هذه توحي وكأن الشخص هو في عطالة من ذات نفسه .أي أنه يرفض العمل تحت مبررات موضوعية أو ذاتية . بينما الحقيقة هي أن كل من لا يمارس عملا يمكن وصفه " بالمعطل" بضم الميم وفتح الطاء ،عطله غيره.وهو فعلا معطل –كالآلة الصالحة للاستعمال- لأنه لا يوجد إنسان سليم يرفض العمل إلا إذ كان يعاني من مرض في الغالب نفسيا أو عضويا. ""
معظم شباب الدول الفقيرة معطلون ، وليس عاطلون ، لأنهم لا يجدون حاضنا يستفيد من قدراتهم ويستفيدون هم من إمكاناته المالية. معظم الشركات في الدول الفقيرة لا تشغل على أساس الاستحقاق وإنما على أساس الزبونية والتبعية الأسروية والاجتماعية .حتى التوظيف لا يسلم من تدخلات الوسطاء . نظرية – الشخص المناسب في المكان المناسب – أمل لا يزال الكثيرون يحلمون بتحقيقه يوما داخل مجتمعاتهم . ماهو مسجل اليوم ، هو أن طلبات العمل لا تعالج بالشفافية والمصداقية والأمانة الممكنة ، ولكن اتباعا لحسابات وتصورات ورغبات القائمين على مجال العمل . هم وحدهم القادرون على خلق فرص الشغل لمن يريدون ، وحسب المعايير التي تمكن الشرائح المقصودة من زبائنهم من إحراز فرصة عمل .
كم من مستحق هو خلف الأبواب الموصدة ، وكم من هو لا يستحق يقرر ويدبر في ملفات سميكة بلا كفايات مطلوبة . وهو الشيء الذي يفسر أحيانا هذا التخبط والعشوائية والفساد والانحراف وسوء المردودية ، وغياب الجودة الذي يطبع منتجات وأعمال ومشاريع لم يكتب لها النجاح التام
على غرار ما يجري في الدول الصناعية التي تحترم نفسها . لا يمكن بأية حال مقارنة منتوج ألماني أويباني بمنتوج من منتجات العالم المتخلف –بغياب سياسات وطنية صارمة -الذي يدور في فلك الدول المتقدمة .
إن الدول المتقدمة تعطي القيمة اللازمة للإنسان ،الذي بدوره يتفانى في عمله ليعطي منتوجا ذا قيمة في السوق .وبهذه الدول دائما ، من الصعوبة لقاء فرد معطل ، أي متروك بلا عناية وبلا تتبع اجتماعيين . فالعامل الذي لم يجد عملا ، او الذي استغني عن خذماته تحت طائل أو حجة ما ، هو " معطل" ومن تم يصرف له تعويضا إلى أن تتاح له فرصة العمل عن طريق مكتب التشغيل أين يجب تسجيل اسمه بعد فقدان فرصة العمل .وإلا لن تصرف له الإعانة الإجتماعية . والمتتبع الملاحظ للذين يتمتعون " بتعويضات العطالة" –الشوماج- لو رأيتهم لحسبتهم موظفين ساميين خاصة النساء . ولم لا ، الراحة والتعويض عن الراحة ،إضافة لظروف عمل واقعية لن يزيد المرء إلا جمالا وبهاء . من أجل ذلك وجوه الغربيين تختلف اختلافا كثيرا عن وجوه أصحاب الضفة الجنوبية ، اقريقيا كمثال ، حيث الوجوه الشاحبة ،فقليلا جدا ما تصادف من خذه مورد من الرجال والنساء " قلة الشي ترشي وتقصر من العمر"
والغريب هو أن تقرأ أو تسمع عن معطلين جدد في هذا البلد أو ذاك، في صحيفة الاوبزفيفر ، يتكلمون عن مليوني معطل بانجلترا ، وعن مايقارب 40000 معطل جديد بفرنسا ، مرورا بالمانيا وغيرها من الدول الغربية خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية. رغم هذه الأعداد الكبيرة والتي ستضاف طبعا لأعداد المعطلين الآخرين ، فإن الدولة تسهر على صرف " تعويضات " شهرية لكل من فقد عمله دون رغبته وحتى لا يعد من العاطلين بعد رفضه عملا يجده له مكتب التشغيل بعد تسجيل الاسم طبعا.
في دول الجنوب لا يمكننا الحديث عن عاطلين ، أي أناس يرفضون العمل المقدم لهم ، ولكن كذلك عن معطلين بسبب خارج عن إرادتهم ، فدول الجنوب لا تتوفر على مكاتب تشغيل مستقلة أو تابعة للدولة حتى، هي في علاقة وثيقة بالمؤسسات الصناعية الخاصة والعمومية ، لها جردها وإحصائياتها لكل مناصب الشغل القارة والممكنة ، وفي علاقة وتواصل مع المعطلين كي تزودهم بكل جديد وبكامل الشفافية والصراحة والأمانة . وحتى إن كانت مثل هذه المكاتب موجدودة فلن تخرج عن المتعارف عليه من الزبونية والرشوة والمحسوبية ، لكي تتاح فرصة العمل كدائما لغير مستحقيها . والحالة هذه ، فمن الصعب الكلام عن صرف تعويضات للمعطلين وكما هو الشأن في الدول الصناعية الديموقراطية ، مع العلم أن كل عامل يعمل في أي قطاع ،هناك نسبة مالية تخصم من أجرته قد تصل إلى 40في المائة . والسؤال لماذا لا تصرف هذه الأموال للمعطلين كإعانات لهم ، تفتح باب الأمل أمامهم ، وكنوع من التكافل بين من يشتغل وبين من ليس له عمل . لو خصمنا 10في المئة من أجرة كل عامل أو موظف عادي او سامي لتمكننا من إنقاذ ماء وجه العديد من المعطلين والذين هم محتاجون لدرهم واحد . بطبيعة الحال هذه الإعانات لن تصرف لأي كان، ولمدة أطول بطبيعة الحال، وإنما لمن هو مؤهل لها، أي الذي له مؤهلات العمل والذي من الممكن جدا أم ينخرط في سلك العمل قريبا. وحتى ينقد ولا يترك ، بل على الدولة ان تشعره بأنها مهتمة به ، وحتى لا يصاب بأمراض ، التحايل ، والرشوة، والزبونية انتقاما لنفسه من المؤسسة التي شغلته بعد عطالة أو من الدولة نفسها.
وإذا كان الغرب يتكلم عن 9 في المائة من المعطلين ، فإن الغريب هو أن تسمع أو تقرأ بأن في الدول الفقيرة تبلغ نسبة المعطلين بين 9 و14في المائة،وهي مغالطة كبيرة ، إذ لا يعرف بالضبط على من يطلق " معطل " او نشيط " والتفسير الوحيد هو أن في الدول الفقيرة كل من يقوم بعمل يسمى نشيطا وإن كان يبيع النعنع ، أو الحلزون ، أو البقدونس ، أو يسوق عربة قمامة ، هو عند الاحصائيين "نشيطا" أي يشتغل ، من أجل ذلك تقارب نسبة العطالة 10 في المئة في دول متخلفة وكما هو الشأن بدول متقدمة ، عجبا!. ولو قمنا بإحصاء فعلي لمن لا يتوفر على قوت أسبوع لوجدنا 80 في المائة من مجموع الساكنة في الدول المتخلفة.ففي الأمر بعض العجب ولكنها الحقيقة ، وإن الذي يمكن الناس من العيش هو التراكمات والتجارب عبر الأجيال . هناك من يصرف 100 درهم يوميا في الأقصى ويوفر لأسرته طعاما متكاملا ، قليل من هنا وقليل من هناك . مع شيء من توابل الصبر.
إلى يوم قريب كان الناس يتظاهرون من أجل فرصة عمل ، واليوم هاهم يسمعون ويتابعون مشكلة الأزمة المالية العالمية والتي سيكون من مخلفاتها فقدان العديد ممن هم يعملون عملهم . الأمر الذي سيضاعف من الأزمات والإحباطات في صفوف الشباب بوجه خاص . وهم الذين كانوا ينتظرون و يأملون في مخرج من أزمة ، فإذا بأزمة أخرى تنضاف لتزيد الطين بلة . والمأمول في الدول الاجتماعية أن تضاعف من مجهوداتها الذاتية لتنقد ما يمكن إنقاده ، بخلق فرص التعاون والتكافل داخل المجتمع .درءا لكل الانحرافات والتي بدأت تطفو على الساحة في الأيام القليلة الماضية . فهناك من الشباب من يسرق " هواتف محمولة بسكاكين داخل حافلات النقل العمومي ، وهناك من يسرق متاع الناس بالمنازل وهناك قطاع الطرق، ومروجو المخدرات ، ووسطاء الرذائل وهلم جرا...عندما تنتشر في مجتمعات مثل تلك الرذائل وكل أنواع الجرائم فالنتيجة الحتمية هي ضعف الدولة وخراب الديار. لأن ليس هناك نظاما قويا يسطر ولا يسيطر عليه ، يخطط للناس ، ولا يترك الناس تفعل ما تشاء بنوع من العشوائية والتسيب .
وعندما يقضي الطالب أو التقني جزءا من حياته في التعلم كي يكافأ يوما بعمل يحفظ كرامته ، وإلا تعويضا عن العطالة يحفظ ماء وجهه ، فهل من الانصاف اتهامه بأخذ الرشوة ، أو انعدام الضمير ، وهو الذي ترك لحاله في فترة العطالة يحرقه العوز ؟. ألم يكن ممكنا الأخذ بيد العديد من حاملي الكفايات ، ومساعدتهم ، إلى أن يحصلوا على عمل ، وبذلك يتم إعطاؤهم جرعة كبيرة في حب الوطن لخدمته بعيدا عن قبول الرشاوي أو العمل بلا ضمير يوم يتسلمون المسؤولية ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.