المشاركون في مؤتمر التحالف من أجل الحكم الذاتي في الصحراء يقومون بزيارة لميناء الداخلة الأطلسي    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    نجاح باهر للنسخة الثامنة من كأس الغولف للصحافيين الرياضيين الاستمرارية عنوان الثقة والمصداقية لتظاهرة تراهن على التكوين والتعريف بالمؤهلات الرياضية والسياحية لمدينة أكادير    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة.. وهبي: "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية ورياح عاتية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    الدولي المغربي طارق تيسودالي ضمن المرشحين لنيل جائزة أفضل لاعب في الدوري الاماراتي لشهر أبريل    تأخيرات الرحلات الجوية.. قيوح يعزو 88% من الحالات لعوامل مرتبطة بمطارات المصدر    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    هذه كتبي .. هذه اعترافاتي    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    المغرب ينخرط في تحالف استراتيجي لمواجهة التغيرات المناخية    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    تجديد المكتب المحلي للحزب بمدينة عين العودة    الصين تعزز مكانتها في التجارة العالمية: حجم التبادل التجاري يتجاوز 43 تريليون يوان في عام 2024    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    الحكومة تلتزم برفع متوسط أجور موظفي القطاع العام إلى 10.100 درهم بحلول سنة 2026    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    كيم جونغ يأمر بتسريع التسلح النووي    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    السجن النافذ لمسؤول جمعية رياضية تحرش بقاصر في الجديدة    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    تقرير: 17% فقط من الموظفين المغاربة منخرطون فعليا في أعمالهم.. و68% يبحثون عن وظائف جديدة    مارك كارني يتعهد الانتصار على واشنطن بعد فوزه في الانتخابات الكندية    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    إيقاف روديغر ست مباريات وفاسكيز مباراتين وإلغاء البطاقة الحمراء لبيلينغهام    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    دوري أبطال أوروبا (ذهاب نصف النهاية): باريس سان جرمان يعود بفوز ثمين من ميدان أرسنال    الأهلي يقصي الهلال ويتأهل إلى نهائي كأس دوري أبطال آسيا للنخبة    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    نجاح اشغال المؤتمر الاول للاعلام الرياضي بمراكش. .تكريم بدرالدين الإدريسي وعبد الرحمن الضريس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزياني: الدبلوماسية الشعبية مطلب ملح لدحض طروحات الانفصاليين
نشر في هسبريس يوم 12 - 11 - 2013

أكد الدكتور عثمان الزياني، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بالكلية متعددة التخصصات بالراشيدية، أن مسألة التفكير في تنويع مسارات الدبلوماسية المغربية، والتركيز على الدبلوماسية الشعبية، مطلب يفرض نفسه في سبيل تقوية جهاز الدبلوماسية المغربية، ومنحها نوعا من التنافسية والتحدي الحقيقي في الدفاع عن مغربية الصحراء".
وأبرز الزياني، في مقال خص به هسبريس، أن الرهان على الدبلوماسية الشعبية أمر ملح للمضي قدما في حصد المكاسب الدبلوماسية، ودحض مزاعم وطروحات المناوئين لقضية الوحدة الترابية"، مشيرا إلى أن "المقاربة المرتكزة على جعل ملف قضية الصحراء شأنا رسميا ومغلقا أثبتت عدم فعاليتها على الرغم من تحقيق بعض النتائج".
وهذا نص مقال الدكتور عثمان الزياني كما توصلت به هسبريس:
الدبلوماسية الشعبية وقضية الصحراء
تعد الدبلوماسية الشعبية بمثابة "القوة الناعمة" أو "القوة الرخوة" "soft power"، والأساس المكين في دعم جسور التواصل بين الشعوب بعيدا عن التعقيدات الإجرائية والشكلانيات والبروتوكولات الرسمية التي تفرضها الدبلوماسية الرسمية ،فقد يكون هناك ضعف في التواصل بين الدول والأنظمة السياسية، في حين يختلف الأمر عنه من حيث علاقات الشعوب التي قد تعرف نوعا من الانتعاشة، مما قد يشكل قوة ضغط ودفع بالنسبة لنظم الحكم نحو إعادة النظر في طبيعة علاقاتها من خلال تجاوز الخلافات، والتأسيس لعلاقات جيدة ومتقدمة مبنية على التعاون والتضامن والسلم والاحترام المتبادل.
ومن الطبيعي جدا أن نجد الدول تولي أهمية بالغة للدبلوماسية الشعبية التي توظفها في رعاية مصالحها القومية، وتحسين صورتها لدى الرأي العام الخارجي والدفاع عن القضايا الوطنية،مما جعل المخصصات المالية وحجم الإنفاق لتطوير وتفعيل هذه الدبلوماسية الشعبية يعرف ارتفاعات كبيرة بالنظر إلى حجم الرهان عليها كدبلوماسية مكملة للدبلوماسية الرسمية.
وفي سياق جسامة التحديات التي تعرفها قضية الصحراء خصوصا في ظل التطورات الأخيرة التي عرفها من خلال المحاولات الأمريكية للعب ورقة مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء وهو الأمر الذي لم يتحقق،وأيضا بالارتباط مع التصعيد الدبلوماسي الذي تنهجه كل من الجزائر وجبهة البوليساريو، فإن مسألة التفكير في تنويع مسارات الدبلوماسية المغربية، والتركيز على الدبلوماسية الشعبية متطلب يفرض نفسه في سبيل تقوية الجهاز الدبلوماسي المغربي بشقيه الرسمي وغير الرسمي ،ومنح الدبلوماسية المغربية نوع من التنافسية والتحدي الحقيقي في الدفاع عن مغربية الصحراء،ومن هنا ومن أجل الاستفاضة في الموضوع ارتأينا مقاربته بحسب العناصر التالية:
أولا: في الحاجة إلى الدبلوماسية الشعبية لدعم قضية الصحراء
غدت الدبلوماسية الشعبية تكتسي مكانة متميزة في بناء صرح العلاقات الدولية القائمة على السلم والتعاون وتذويب الخلافات والنزاعات وحل المشكلات وإشاعة الود وحسن التفاهم بين الدول ،كما إن أهميتها تستمدها من كونها تتسم بالمرونة في حركيتها وتفاعلاتها بعيدا عن القواعد والقوالب المعقدة للدبلوماسية الرسمية ،ولكونها توجه نشاطها بشكل مباشر نحو مخاطبة الشعوب بعيدا عن الأنشطة الحكومية الرسمية،وفعالية الدبلوماسية الشعبية تكمن بالأساس أيضا في قدرتها على تكسير القيود والحواجز النفسية والحساسيات والحزازات بين الشعوب، والعمل بالمقابل على نسج علاقات الثقة والتعاون بين الأمم.
وبالنظر إلى ما يعرفه ملف قضية الصحراء من تحديات مختلفة على المستوى الدولي ،وفي ظل قصور الدبلوماسية الرسمية ،أضحى مطلب الرهان على الدبلوماسية الشعبية يفرض نفسه وملحاحيته للمضي قدما في حصد المكاسب الدبلوماسية ودحض مزاعم وطروحات المناوئين لقضية الوحدة الترابية،فقد أثبتت المقاربة المرتكزة على جعل ملف قضية الصحراء شأنا رسميا ومغلقا عدم فعاليتها على الرغم من تحقيق بعض النتائج ،وبالتالي وجب الانفتاح أكثر على فاعلين جدد من اجل دعم الدبلوماسية الرسمية ،ذلك أن قوة القرار الدبلوماسي أصبحت تستمد بشكل كبير من قوة السند الشعبي ومن مستويات إشراكه الفعلي في الدفاع عن القضايا الوطنية وفق سياقات وطرائق مختلفة ومتنوعة.
فالدبلوماسية الشعبية على قدر أهميتها القصوى يمكن أن تساهم إلى حد كبير في إدارة وتدبير ملف قضية الصحراء بشكل فعال ،على اعتبارها تكرس نوع من "الدبلوماسية المواطنية" التي تعتمد على التوسيع من قاعدة المشاركة الشعبية على مستوى الأفراد والجماعات،شريطة استثمارها بالمستوى المطلوب، ودون انحرافات على مستوى بنيتها ووظيفتها.
إن الدبلوماسية الشعبية قادرة على كسب رهان تنوير العقل الدبلوماسي المغربي في تعاطيه مع قضية الصحراء، بالشكل الذي يضمن تعدد مناهل ومنابع التفكير الدبلوماسي وتمكينه من تنوع وتعدد التصورات والبدائل المختلفة بمنأى عن منطق العقل الدبلوماسي الرسمي الذي يستكين إلى نوع من الممارسة الدبلوماسية الماضوية /التقليدية ،في الوقت الذي قطعت فيه مسارات الدبلوماسية أشواطا كبيرة في التطور على مستوى تعدد الفاعلين خصوصا من خلال الانفتاح على القطاعات الشعبية المختلفة.
فالدبلوماسية الشعبية بفعل وظيفتها التواصلية الداخلية والخارجية تشكل بؤرة أساسية ومصدر للمعلومات ويمكن ان تشكل قوة اقتراحية تساهم في تجاوز الكثير من العقبات في ملف قضية الصحراء ،لانها تتحرك وتنشط بعيدا عن الإجراءات والتعقيدات وتتميز بنوع من الدينامية وقابلة للتقويم وبناء ردود أفعال عقلانية ومحكمة ،ومن خلال المعلومات الارتجاعية يمكن رسم إستراتيجية للعمل يتم فيها تجاوز النقائص والاختلالات التي تثويها سعيا وراء الترشيد والكفاءة في تدبير فعل دبلوماسي جيد ومتكامل يخدم قضية الصحراء .
ثانيا:تغيير اتجاهات الرأي العام داخل الدول المعادية لقضية الصحراء.
لاشك أن اعتماد الدبلوماسية الشعبية يخضع لمطلب تغيير اتجاهات الرأي العام لدى الدول المناوئة والمعادية لقضية الصحراء من خلال تكسير وتفكيك تلك الصورة النمطية الذهنية السائدة، التي ترسخت بفعل أفكار مغلوطة مسبقة كانت نتيجة تسويق إعلامي مصدره الخارج أو الدولة المعادية في حد ذاتها،التي تقوم بتسويق وترويج بعض الأقاويل والأكاذيب التي تشكك في مغربية الصحراء ،فالعديد من المواطنين تجد لديهم لبس وغموض بخصوص قضية الصحراء،بفعل وجود معلومات في الاتجاه الذي يخدم أعداء الوحدة الترابية،وهذا طبيعي جدا في ظل غياب الدبلوماسية الرسمية والشعبية على حد سواء ،مما نتج عنه وجود فراغات استغلتها الدبلوماسية المناوئة بمختلف أطيافها ومشاربها للترويج للأفكار التي تدعم الأطروحات الانفصالية المعيبة والتي لا تستند إلى أي وجه شرعي.
ومن خلال الدبلوماسية الشعبية يمكن الانفتاح على شعوب الدول التي تعرف علاقات مرتبكة أو قطائع دبلوماسية رسمية ،وندرك جيدا أن المغرب نهج "سياسة الكرسي الفارغ" في تعامله الدبلوماسي مع مجموعة من الدول وهو رد فعل كانت له تداعيات ونتائج عكسية على قضية الصحراء ،حيث تم استغلال هذا الغياب من حيث التمثيليات الدبلوماسية من طرف الخصوم واستطاعوا تأليب الرأي العام داخل هذه الدول وتدجينه ،وهي المسألة التي خدمت بشكل أو بآخر طروحات جبهة البوليزاريو ،وحليفتها الجزائر.
ذلك أن الدبلوماسية الشعبية تخلق بدائل اتصالية بين الدول في حالة قطع العلاقات الدبلوماسية وتوتر العلاقات بين الدول،وتعمل على إصلاح ما أفسدته حسابات السياسة،ولعبة المصالح الدولتية في ظل عالم أصبح ينحو أكثر نحو الصراعات والشقاق مع تغير الاصطفافات التي تمليها فروض المصالح،كما إن المصالحة بين الشعوب والتواصل فيما بينها يمكن ان يشكل دافع لتجاوز الخلافات على المستوى الحكومي الرسمي.
وبالتالي فالدينامية والحركية اللتان تتسمان بهما الدبلوماسية الشعبية قادرتان على إحداث اختراق على مستوى هذه الجبهات المضادة على سبيل تغيير اتجاهاتها بما يتلاءم مع دعامات الحق المغربي في الصحراء دون أي شك أو مواربة،من خلال اعتماد أسانيد وحيثيات موضوعاتية وعقلانية تشكل المرتكز/الأساس للفعل الدبلوماسي الشعبي ،ومع استحضار أيضا أن الدبلوماسية الشعبية المناوئة تعرف نشاطات مستمرة ودائمة توظف فيها كل الإمكانيات المادية والبشرية،مما يسترعي نهج فعل دبلوماسي شعبي دفاعي وهجومي في نفس الوقت لحصد النتائج والفعالية على مستوى تغيير اتجاهات الرأي العام لدى هذه الدول أو جعله في موقع المحايد على الأقل.
كما إن البعد القيمي والثقافي حاضر بقوة في مضمون الفعل الدبلوماسي الشعبي وتكمن قوته في إمكانية إحداث التغيير في الأمزجة والأفكار والآراء المنمطة الجاهزة حول الصحراء ،وبالتالي تغييرها دون الحاجة إلى قوة مادية،بحكم أن القيم والآراء تكون عابرة للحدود والقارات وبفعل الاحتكاك والتبادل والتخاطب بين الأمم والشعوب واعتماد أدوات الإقناع والمنطق العقلاني الصحيح تتغير مخيلة التفكير والتمثل في الاتجاه الذي يخدم قضية الصحراء.
وعلى أن تحديد خارطة الطريق للتحرك الدبلوماسي الشعبي يسترعي الفهم الدقيق والمسبق لحيثيات وبناءات هذه المواقف المتبلورة على المستوى الشعبي، ودراستها وتحليلها بما يكفل تنوير الدبلوماسية الشعبية ،وجعلها في مستوى مواجهتها و ارتفاع إمكانات تقويضها، أو إحداث رجات في مضامينها وخلفياتها وسياقاتها.
فالدبلوماسية الشعبية هي بمثابة المجهود الشعبي الذي يمكن أن يوجه نحو تأكيد مغربية الصحراء،من خلال إشراك مختلف الهيئات والمنظمات الشعبية والمدنية والمراكز العلمية والجامعات والمعاهد والمنظمات النسوية والشبابية الفاعلة والمنظمات غير الحكومية والتي تشتغل وفي مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ،وحتى الاستفادة من خبرة النخبة السياسية والحزبية ،والعمل أيضا بمنطق مجموعات الصداقة وتبادل الزيارات والمشاركة في مختلف المنتديات العالمية كيفما كانت طبيعتها وصبغتها واهدافها.
ثالثا: تدابير لابد منها
لاشك إن راهنية التحديات التي تعرفها قضية الصحراء تسترعي استنفار مقومات الدبلوماسية الشعبية على الوجه الأمثل، وذلك من خلال بسط مجموعة من التدابير الضرورية لكسب رهان خدمة قضية الصحراء والتي يمكن إجمالها فيما يلي:
-ضرورة الجمع بين الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية الرسمية في سياق تكاملي من خلال العمل بشكل متوازي مع إمكانية توحيد الجهود والتحرك وفق استراتيجيات محكمة من أجل تحقيق الهدف العام، الذي هو خدمة قضية الصحراء ،فقد تختلف الطرق والمسلكيات لكن يجب أن تصب كلها في اتجاه خدمة الهدف العام ،وذلك باختلاف الفئات المستهدفة ،فالدبلوماسية الرسمية تستهدف الأنظمة السياسية في حين الدبلوماسية الشعبية تستهدف الشعوب ،فقد أثبتت التجارب الدبلوماسية الدولية أن قوة الدبلوماسية للدول تكمن في تعدد الفاعلين وبما تملكه من مستويات المأسسة.
-إن فعالية الدبلوماسية الشعبية مرتبطة بضرورة التنسيق أيضا على مستوى مكوناتها أي اعتماد مقومات التنسيق الأفقي، في سبيل خلق نسيج دبلوماسي شعبي مركب ومحصن ويملك القدرات التنظيمية والتنسيقية من اجل توحيد الجهود والإمكانات بالشكل الذي يعزز جبهتها الداخلية والجبهة الخارجية من اجل تيسير عملية حصد النتائج وتحقيق المنجزات في ملف قضية الصحراء على المستوى الدولي.
-ضمان مشاركة أوسع لمختلف القطاعات والهيئات الشعبية والمدنية في الفعل الدبلوماسي الشعبي من اجل خلق بدائل وبلورة خيارات مختلفة ومتنوعة تخدم قضية الصحراء، على أسس شفافة وواضحة دون إقصاء أو مزايدة على أي طرف من الأطراف الفاعلة في الدبلوماسية الشعبية،انسجاما مع منطق وبراديغم الصحراء قضية كل المغاربة وهي مسؤولية الجميع.
-العمل في اتجاه تعبئة مختلف إمكانات وجهود الدبلوماسية الشعبية وتوحيدها وتمكينها من أدوات الفعل الجيد ،من اجل بناء شبكة من العلاقات الشعبية والمدنية وترسيخها واستثمارها في سبيل خدمة قضية الصحراء، وبالتالي التركيز بالخصوص على شعوب الدول المعادية أكثر ،وأيضا تحصين جبهات المساندة واستمالة الأخرى المحايدة.
- إن فعالية ومردودية الفعل الدبلوماسي الشعبي تجدان سندهما في ضرورة امتلاك رؤية إستراتيجية على المدىين المتوسط والبعيد ،من خلال نهج التخطيط المسبق عن طريق تجميع المعلومات حول مختلف الهيئات الشعبية والمدنية التي تنشط ضد مغربية الصحراء لمخاطبتها وفق نشاط تحاوري /تفاوضي مكثف بدل القطع معها واعداد برنامج خاص بها ،وبذل كل الجهود لإقناعها عن العدول عن هذه المواقف المناوئة والمضادة،لان الحوار المباشر و تبادل الزيارات وعقد لقاءات مستمرة تحدث آثارا في الطرف الشعبي أو المدني المفاوض .
-استثمار مختلف المنتديات واللقاءات الشعبية والمدنية ذات الطابع العلمي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي على المستوى الدولي والجهوي والإقليمي للدفاع والتأكيد على مغربية الصحراء ،خصوصا وأن هذه المنتديات تظل مرتعا تنشط فيه مختلف هيئات البوليساريو ،والهيئات التي تدعمها وتجدها فضاءا خصبا للتعبير والترويج لطروحاتها المناوئة للمغرب،وفي سياق التحركات الشبابية على جميع المستويات وفي ظل مشاركة الشباب الحزبي،وأيضا الشباب الذي يمثل جمعيات تعمل في مختلف المجالات، في الأنشطة والملتقيات الثقافية والاجتماعية، تستدعي الضرورة العملية الاستغلال الأمثل لهذا المعطى في سبيل بلورة فعل دبلوماسي شعبي شبابي داعم لقضية الصحراء.
-تبني خطاب ورسائل اتصالية واضحة وذات مصداقية وشفافة وقائمة على براهين موضوعية وأسانيد تاريخية وقانونية بإمكانها أن تفند المزاعم المعارضة ،والتي من شأنها تدفع بالعديد من المنظمات غير الحكومية والجمعيات والمراكز العلمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والمنظمات الشبابية والنسوية،والقطاع الخاص من تغيير اتجاهاتها والضغط على المؤسسات الرسمية التي تمثلها من تغيير مواقفها بخصوص الصحراء المغربية.
-وفي سياق البحث عن أدوات تفعيل الدبلوماسية الشعبية وتمكينها من موجبات فعالية الخطاب الذي تنهجه في الدفاع عن قضية الصحراء لابد من توفير وسائل الإعلام المختلفة والمتنوعة لإعانتها ومساعدتها على تمرير رسالتها على المستوى الدولي وتمكينها من مصادر التمويل المالي والدعم اللوجيستيكي،وتوفير أدلة إرشادية وكتيبات تحتوي على معلومات دقيقة ومفصلة يتم فيه شرح مختلف البراهين والأسانيد التاريخية والعلمية والقانونية ،والمقاربة الحقوقية والتنموية المنتهجة في مناطق جنوب المغرب.
-استثمار مختلف الجهود التي تبذلها الجالية المغربية بالخارج والمنتشرة في مجموعة من دول العالم على مستوى ممارسة الدبلوماسية الشعبية للتعريف بعدالة قضية الصحراء المغربية ،وذلك من خلال التنسيق بين المجلس الأعلى للجالية المغربية ومختلف السفارات والقنصليات ،ومن خلال نهج إستراتيجية محكمة تمكن هذه الفعاليات الشعبية والمدنية بالخارج من مختلف أدوات العمل والتحرك والنشاط المستمر ،فالعمل الميداني الذي يستهدفه الفعل الدبلوماسي الشعبي اثبت النجاعة على وقع التجريب والممارسة الفعلية.
-الاستغلال الأمثل لمختلف وسائط الإعلام المرئي والسمعي والمقروء وتوجيهه في خدمة النشاط الدبلوماسي الشعبي،وذلك في سبيل توجيه رسالة إعلامية هادفة إلى الرأي العام الخارجي،وأيضا استعمال البيئة السبرانية أو العالم الافتراضي للتواصل والاتصال بالنظر إلى المرونة، والسرعة اللتان يتميز بهما ،في ظل بوادر تشكل ما يسمى بالدبلوماسية الافتراضية أو الالكترونية،وفي ظل انتشار وسائط التواصل الاجتماعي والمنتديات الحوارية والنقاشية التي تسهل عملية الولوج إليها وتجاوز مختلف الحدود الجغرافية والتكاليف المالية وصعوبات التنقل،وبالتالي فهذه البيئة الانترنيتية ساهمت إلى حد كبير في إنتاج ما يسمى بالإعلام الشعبي،وبالتالي وجود سهولة في فتح جبهات لمواجهة الأكاذيب التي يتم تسويقها من الأطراف المناوئة والمعارضة لمغربية الصحراء،وبالتالي إعادة ترتيب الحقائق في ذهنية هذه الأطراف مما سينعكس على سلوكياتها في التعامل مع ملف الصحراء.
على سبيل الختم:
إن التغيرات الجديدة والتبدلات الواقعة على مستوى المنتظم الدولي يجعل من مسالة البحث عن هوية جديدة للدبلوماسية المغربية في التعاطي مع قضية الصحراء من خلال هجر تلك المقاربة الإقصائية للفاعلين الدبلوماسيين،مسالة ملحة ومطلب غير قابل التأجيل،فلا يجب أن نظل حبيسي هذه الدبلوماسية الرسمية المغلقة والتدبير السري لملف قضية الصحراء مادمنا نعتبرها في أدبياتنا القضية الأولى التي يجب أن تظل بمنأى عن أي مزايدات أو تنازلات أو تسويفات ،وعليه فإذا كانت مسارات تطور الدبلوماسية الحديثة يشهد على هذه الولادة الجديدة للدبلوماسية الشعبية التي أصبحت تثبت جدوائيتها في معترك الدبلوماسية على المستوى الدولي، فإن الدبلوماسية المغربية يجب أن تتعزز أكثر بالفعل الدبلوماسي الشعبي لتجاوز الكثير من العثرات ومن اجل تعزيز القوة الإقناعية والتأثيرية للفعل الدبلوماسي المرتبط بقضية الصحراء بصفة عامة ،شريطة أن يتم استثمار هذه الدبلوماسية الشعبية وفق أسسها الصحيحة، دون تحوير أو تخاذل لأن الأمر يتعلق بدرجة أولى بقضية الوحدة الترابية،التي تتطلب نوع من الإجماع وتوحيد جبهة الدفاع الدبلوماسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.