الداخلية تكشف موعد إجراء انتخابات جزئية ببنسليمان وسيدي سليمان        بركة يقطع الطريق أمام المتورطين في شبهات الفساد    بذور مقاومة للجفاف تزرع الأمل في المغرب رغم انتشارها المحدود    الرئيس الكولومبي يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل    جوهرة بناني تحتفظ بلقبها: انتصار ملفت في رالي عائشة للغزالات    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تسرب 27 الف لتر من الوقود من سفينة بميناء سبتة كاد يتسبب في كارثة بيئية    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" يعلن عن أسماء الفائزات والفائزين بجائزة "الشاعر محمد الجيدي" الإقليمية في الشعر    "دراسة": زيادة لياقة القلب تقلل خطر الوفاة بنحو 20 في المائة    توقيف الدعم المالي للأسر يجر لقجع للمساءلة    سانشيث فرسالة بمناسبة تأسيس حزب العمال الاشتراكي: حسيت بالدعم وممتن ليكم وخاصنا فالصبليون سياسة حقيقية ماشي الخداع    نادي الشباب السعودي يسعى لضم حكيم زياش    الاتحاد الفرنسي لكرة القدم يصدر قرارا مثيرا للجدل تجاه اللاعبين المسلمين بمنع ارتداء سراويل داخلية تغطي الركبة    قمة "نارية" بين حامل اللقب نهضة بركان ومتزعم البطولة الجيش الملكي في دور السدس عشر    حصيلة نصف الولاية الحكومية: تناقضات وأسئلة عالقة    صندوق النقد الدولي يشيد بقدرة الاقتصاد المغربي في مواجهة مختلف الصدمات    السجن لبارون مخدرات مغربي مقيم بشكل غير قانوني بإسبانيا    العربية للطيران ترفع عدد رحلاتها بين أكادير والرباط    عبد الجبّار السحيمي في كل الأيام!    السنغال: تفكيك موقع سري للتنقيب عن الذهب شرق البلاد واعتقال 15 أجنبيا    بعد الضجة الأخيرة حول لقاح "أسترازينيكا".. الطيب حمضي يوضح    منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ترفع توقعاتها للنمو العالمي لعامي 2024 و2025    حادثة سير تسلب حياة سيدة في مراكش    مقترح قانون لتعزيز مشاركة المواطنين في العملية التشريعية    رونالدو يقود النصر إلى نهائي كأس السعودية لمواجهة غريمه التقليدي الهلال    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    الذهب يستقر بعد تثبيت البنك المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة    السعودية تدعو طرفي الصراع في السودان إلى ضرورة تغليب مصلحة الشعب السوداني    المغرب ينافس إسبانيا على التفوق الجوي.. "الميراج" في مواجهة "يوروفايتر"    غضب رسمي أردني من "اعتداء" إسرائيليين على قافلتي مساعدات إلى غزة    ففرانسا تحكم على شيفور مغربي مهرب الحشيش فموك بغرامة قياسية فتاريخ جرائم تهريب المخدرات    نائب رئيس مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية: زعماء دول عربية قالوا لي اهلكو "حماس" دمروهم لأننا سندفع الثمن    دوري أبطال أوروبا (نصف النهاية/ذهاب): دورتموند يهزم باريس سان جرمان 1-0    دورة مدريد لكرة المضرب: الروسي روبليف ي قصي ألكاراس حامل اللقب    هل ستعود أسعار الخضر للإشتعال؟    دراسة: مجموع السجائر المستهلكة "يلتزم بالثبات" في إنجلترا    الصين: مصرع 36 شخصا اثر انهيار طريق سريع جنوب البلد    باحث إسرائيلي في الهولوكوست: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة.. وهناك أدلة كافية قبل أن صدور إدانة المحكمة الدولية    الصين تعتزم إطلاق المسبار القمري "تشانغ آه-6" في 3 ماي    اتحاد جدة صيفطو كريم بنزيما لريال مدريد وها علاش    اختفاء رئيس جماعة ينتمي لحزب "الأحرار" بآسفي بعد وضع مذكرة بحث وطنية ضده بسبب "شيكات بدون رصيد"    بالفيديو.. تعطل فرامل جرافة يتسبب في اصطدام مروع بسيارة في إقليم الحسيمة    مليلية تودع "أحوري".. الصوت النضالي لحقوق الريفيين بالمدينة المحتلة    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    البيرو..إطلاق منصة لتعلم أي لغة إشارة في العالم باستخدام الذكاء الاصطناعي    تخلف ورجعية. سلطات إيران استجوبت طاقم وممثلي فيلم "حبة الكرموس المقدس" اللي غادي يشارك ف مهرجان "كان"    مدينة طنجة عاصمة عالمية لموسيقى الجاز    «باب الحكمة» بتطوان تصدر «حكاية مشاء» للكاتب محمد لغويبي    آثار جانبية مميتة للقاح "أسترازينيكا".. فما هي أعراض الإصابة؟    أشهر عازف كمان بالمغرب.. المايسترو أحمد هبيشة يغادر إلى دار البقاء    فوزي الصقلي : المغرب بلد منفتح على العالمية    وفاة بول أوستر مؤلف "ثلاثية نيويورك" عن 77 عاما    الأمثال العامية بتطوان... (586)    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المغرب.. إسبانيا والجزائر
نشر في هسبريس يوم 23 - 03 - 2022

كان رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق جوليو أندريوتي يردد دائما أن "السياسة الخارجية الجيدة تقاس بعدد الأعداء"، فهم يقلون كلما تميزت مقاربة الدول لبعضها البعض بالحكمة والرزانة.
عودة العلاقات المغربية الإسبانية إلى مجراها الطبيعي لا يمكن قراءتها سوى بعيون إيجابية، على اعتبار أنها تساهم في انفراج العلاقات بين دولتين جارتين ما يجمع بينهما أعمق بكثير مما يفرق. محاولة إيجاد سلبيات أو تأويل البيانات الرسمية بشكل مبتور، الغاية منها الانتقاص من أهمية الحدث، هي دليل على أن هناك من يؤمن بأن مصداقية الإعلاميين و"الخبراء" تجد صداها فقط في مهاجمة أي إنجاز كيفما كان نوعه. انتقاد كل شيء تقوم به الدولة هو مسيء للإعلام مثلما يسيء إليه المطبلون لها بسبب أو بدونه.
أي قراءة لهذا الحدث يجب أن تمر بفهم للتغيرات الجيو-بوليتيكية للمنطقة، التي أكدت اليوم أن المغرب في نزاع الصحراء لعب أوراقه القليلة بعقلانية رغم مجازفته بتحالفات تبدو للوهلة الأولى غير طبيعية، وربما غير مقبولة بالمرة، من طرف جزء كبير من الرأي العام الداخلي. ومع ذلك، يجب التنبيه إلى أن الطريق نحو إيجاد حل نهائي لهذا النزاع الذي طال أكثر من اللازم لا يزال في بداياته.
استدعاء الجزائر سفيرها بمدريد هو دليل آخر على أن الطرف الرئيسي في هذا النزاع لم يكن أبدا هو البوليساريو، الأمر الذي يعقد الوضع في المنطقة ويفسر سبب استمرار هذا النزاع الذي قد يخدم مصالح جد ضيقة للنظام الجزائري ولا يساهم بالمرة في إيجاد مخرج يحفظ ماء وجه الجميع. وهذا ما فهمه أخيرا الجار الإسباني حينما أكد أن الحكم الذاتي هو أفضل حل ممكن لأنه قد يشكل مخرجا مناسبا لا غالب ولا مغلوب فيه.
النظام الجزائري، للأسف الشديد، يستمر في لعب ورقة البوليساريو منذ سبعينات القرن الماضي اعتقادا منه بنجاعتها في خلق التوتر الكافي لاستنزاف المغرب، وبالتالي المساهمة في إسقاط النظام الملكي "المخزني"، حسب تعبير الآلة الإعلامية الجزائرية. بعد 47 سنة، لم يلاحظ أصحاب القرار في الجارة الشرقية أن النتائج كانت عكسية تماما.
النظام الملكي في المغرب في عز قوته اليوم ويبدو أكثر إقناعا على المستوى الدولي، كما أن إصلاحاته، سواء اعتبرناها شكلية أو عميقة، تتجلى كقدرة هائلة على التأقلم مع التحولات التي يعرفها العالم.
قضية الصحراء ساهمت كذلك في خلق إجماع وطني، كما ساعدت "النظام المخزني" على تبرير كثير من الإخفاقات والأخطاء بداعي الدفاع عن الوحدة الترابية.
أخطاء النظام الجزائري الذي أعمته الأيديولوجية فلم ير أبدا أن ما يسوقه كحرب ضد "نظام رجعي حليف للعدو الصهيوني"... إلخ من الجمل الفضفاضة التي تمتح من قاموس أكل الدهر عليه وشرب، تتجلى للمواطن العادي كحرب ضد المغاربة جميعا، بدون استثناء. طرد مواطنين أبرياء من الجزائر لأنهم مغاربة أو من أصول مغربية إبان بداية الصراع حول الصحراء، هو وصمة عار في جبين نظام عليه أن يقدم اعتذارا عن ذلك عوض المطالبة بقضايا ميتافيزيقية توجد في مخيلة القادة الجزائريين فقط.
خطأ آخر ارتكبه النظام الجزائري حينما دفع بميليشيات البوليساريو إلى مغامرة الكركرات وما تلاها من إعلان للحرب ومن معارك وهمية تسوق لها أجهزة الإعلام الجزائرية فقط، والتي كانت نقطة التحول الفارقة نحو تصور جديد ومقنع لا يجد بديلا للحكم الذاتي كحل نهائي للنزاع.
آخر الأخطاء هو إحراج إسبانيا بضيف ثقيل على مصالحها ووضعها في موقع صعب مع جارها المغرب الذي لعب كل أوراقه للوصول إلى اتفاق يخدم مصلحته. أمر طبيعي في العلاقات الدولية.
ما أردت توضيحه في هذه المقالة، هو أن النظام الجزائري في نهاية الأمر، بشعور منه أو بدونه، هو خير حليف لنظام يدعو إلى إسقاط دعائمه رغم أن أحدا لم يطلب منه ذلك. انعدام أي تصور منطقي يخدم مصالح المنطقة أسقط النظام العسكري في مستنقع لا يريد الخروج منه رغم ثبوت فشل المقاربة العدائية تجاه الجار الغربي.
في انتظار أن يفهم نظام الحكم في الجزائر كل هذه الأمور يوما ما، فإن على صاحب القرار في الرباط أن يعي أن موقف مدريد الجديد هو ورقة جيدة تخدم الملف المغربي ولكنها ليست نهاية للنزاع. لذا، وجب الكف عن تسويق الموقف الإسباني كانتصار شبيه بالفوز بكأس العالم. غالبية الرأي العام في إسبانيا، كما غالبية صناع الرأي من صحافيين وخبراء، أبانت خلال الأيام الأخيرة عن حقد دفين نحو المغرب، مما يحتم على هذا الأخير أن يساعد سانتشيز، الذي أخذ قرارا شجاعا بهذا الحجم، بعدم إحراجه أمام خصومه السياسيين، وهم كثر. يجب استحضار المثل المغربي: "لي غلب يعف" وتطبيقه بحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.