رئيس مجلس المستشارين يشيد بدعم برلمان أمريكا الوسطى للوحدة الترابية للمغرب    احتجاج موظفي المدرسة العليا للأساتذة ببني ملال بسبب تأخر صرف التعويضات    الجواهري: الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي بسبب تصاعد حالة اللايقين العالمية    جدول أعمال دورة يوليوز يكشف إفلاس مجلس جهة سوس ماسة وافتقاده للرؤية التنموية.. وأشنكلي يصدم رؤساء جماعات    كيوسك الأربعاء | تعميم استفادة قطاع التعليم الأولي من الخدمات الاجتماعية    تشغيل أول سفينتين كهربائيتين على الخط البحري طنجة-طريفة بحلول 2027    كأس العالم للأندية 2025.. تعادل بوكا جونيورز الأرجنتيني وأوكلاند سيتي النيوزلندي (1-1)    ترامب يؤكد مجددا أن المواقع النووية في إيران "دمرت بالكامل"    طقس حارة في توقعات اليوم الأربعاء    انخفاض معدل القتلى على الطرق السيارة بنسبة 50 في المائة ما بين 2015 و 2024    كأس العالم للأندية لكرة القدم.. فلامنجو البرازيلي يتعادل مع لوس أنجلوس الأمريكي (1-1)    ثلاثية تشيلسي تقصي الترجي التونسي    أموال الناظور تمول مدنا أخرى.. أين الأبناك من تنمية المنطقة ودعم الرياضة والثقافة كما أرادها جلالة الملك؟    مجموعة بريكس تدعو إلى "كسر حلقة العنف" في الشرق الأوسط    تحويل المكتب الوطني للهيدروكاربورات إلى شركة مساهمة على طاولة مجلس الحكومة    إيران تقول إنها "أرغمت" إسرائيل على وقف الحرب "من طرف واحد"    تنفيذ المرحلة الأولى من حملة الإغاثة المغربية لفائدة 1000 عائلة من النازحين في مخيمات غزة    إيران تعلن مقتل 610 أشخاص على الأقل منذ بدء الحرب مع إسرائيل    ميداوي: "النظام الأساسي" لموظفي التعليم العالي يلتزم بالمسار الطبيعي    المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يحتفي بحرف "تيفيناغ" ويرصد التحديات    والي بنك المغرب يدعو الحكومة إلى إنجاح برامج تمويل المقاولات الصغرى    حكم كندي يدير مباراة الوداد والعين    الرجاء ينال المركز الثالث بكأس التميز    أشرف حكيمي أفضل لاعب في مباراة باريس سان جيرمان أمام سياتل ساوندرز الأمريكي    توقعات استقرار التضخم بالمغرب عند 1% نهاية 2025 وارتفاعه إلى 1.8% في 2026    النفط عند أدنى مستوى في أكثر من أسبوع بعد إعلان ترامب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران    المغرب يستعين بشركات ودفاتر تحملات لمواجهة خطر النفايات الطبية    نجاح إصدار سندات ل"اتصالات المغرب"    "جبر أضرار سلفيين" ينتظر الحسم    طنجة.. كلب على متن سيارة يعض فتاة والسائق يدهس شابًا أثناء الفرار أمام سيتي مول    طنجة.. حملة أمنية تسفر عن توقيف لصوص ومروّجي مخدرات بالمدينة العتيقة    "ملعب عشوائي" يثير الجدل بالدروة    مؤسسة أحمد الوكيلي تطمح إلى إخراج "الآلة" من النخبوية الموسيقية    تقنية الهولوغرام تعيد جمهور مهرجان موازين لزمن عبد الحليم حافظ    اتفاق أمني مغربي فرنسي جديد يرسم خارطة طريق لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة    بنفيكا يزيح بايرن عن الصدارة وبوكا يودّع مونديال الأندية    بعد غياب طويل.. عودة الإعلامية لمياء بحرالدين للساحة الإعلامية بشكل جديد    لائحة لبؤات الأطلس المشاركة في "كان السيدات 2024"    الصوديوم والملح: توازن ضروري للحفاظ على الصحة    الأداء الإيجابي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    بعد مسيرة فنية حافلة.. الفنانة أمينة بركات في ذمة الله    المملكة المغربية تعرب عن إدانتها الشديدة للهجوم الصاروخي السافر الذي استهدف سيادة دولة قطر الشقيقة ومجالها الجوي    ترامب: إسرائيل وإيران انتهكتا الاتفاق    مهرجان "موازين" يتخلى عن خدمات مخرجين مغاربة ويرضخ لشروط الأجانب    العراق يعلن إعادة فتح مجاله الجوي    دراسة تكشف ارتفاع معدلات الإصابة بالتهاب المفاصل حول العالم    الإكثار من تناول الفواكه والخضروات يساعد في تحسين جودة النوم    هل تعالج الديدان السمنة؟ .. تجربة علمية تثير الدهشة    قبيل حفله بموازين.. راغب علامة في لقاء ودي مع السفير اللبناني ورجال أعمال    في برنامج مدارات بالإذاعةالوطنية : وقفات مع شعراء الزوايا في المغرب    في مهرجان موازين.. هكذا استخفت نانسي عجرم بقميص المنتخب!    قهوة بالأعشاب الطبية تثير فضول زوار معرض الصين – جنوب آسيا في كونمينغ    رمسيس بولعيون يكتب... البرلماني أبرشان... عاد إليكم من جديد.. تشاطاراا، برويطة، اسعادات الوزاااار    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى من يجهل معنى الوهابية!
نشر في هوية بريس يوم 04 - 04 - 2015


هوية بريس – السبت 04 أبريل 2015
يكاد يُجمع الدارسون المثقفون المعاصرون على أنه من العيب والضعف والخَورِ الفكري أن يحكم من يُحسب من الحاصلين على شواهد علمية معينة على أناس مواطنين مسالمين بما يُفهم منه معنى التطرف والإرهاب والتشدد، بسبب ما ترسخ في ذهنه من رواسب الإعلام الغربي الصهيوني؛ الذي يقلب الحقائق، ويسعى إلى تشويه صورة الإسلام.
وقد لا نؤاخذه بما قال علماؤنا السالفون: "الحكم على الشيء فرع عن تصوره"، ليقيننا بأن هؤلاء لا يهذبون أنفسهم بعلم السلف الصالح؛ لأن بعضهم يحسبه تراثا أصفرَ لا يتقن أهلُه إلا حديثَ الحيض والنفاس!
بيد أن الموضوعية العلمية المعاصرة تحث على القراءة والبحث في المسألة المراد انتقادُها والرد على أصحابها، قبل التصدر للهجوم السفيه الخالي من أيسر قواعد الحياد والإنصاف؛ ولا يُعقَل أن يتسم بعضُ المستشرقين السابقين المشهورين وبعضُ الباحثين الغربيين المحدَثين بالعدل والدقة في قراءة فكر الإسلاميين، سلفيين كانوا أو إخوانا أو غيرهم، بالاطلاع على تراثهم السابق والحاضر؛ لاستخلاص رؤيتهم حوله، ثم حكمِهم عليه بالوسطية أو التطرف!
وفي مقابل ذلك ينط جلُّ مثقفينا إلى تخوين الإسلاميين ووسمهم بأبشع الألفاظ وأقبح الأوصاف؛ وإن سألتَ بعضهم عن مفهوم ما انتَقدَ على خصومه الإسلاميين -وهُم لا يناقشون الغرب في إرهابه المنظم المقنن- غمغم بكلام ينم عن كونه أسطوانةً مشروخة صُنِعت لتكرر ما تسمع بلا وعي، وما تحفظ بلا فهم.
ومن ذلك اتهامهم لأهل السنة والجماعة -وهم السواد الأعظم في الأمة الإسلامية- بأنهم وهابيون!! فيا تُرى ما الوهابية؟
ينبغي جوابا على ذلك أن يفقه الذين يتهمون أهل السنة بالوهابية من هو شيخ الإسلام ابن تيمية؛ رغم أنه هو أيضا شوكة حادة في حلوق المبتدعة، وسيفٌ مصلَط من قبره ( مات سنة 728ه) على بني علمان؛ يكرهون اسمَه وما يعرِضُ من جهته من فكر سامٍ، وفهم ثاقبٍ، ونظر سديد، كما يكرهون أن يلقَوا حتفهم.
وبما أن شيخ الإسلام عَلَمٌ في رأسه نار، أجمع محبوه وخصومُه قديما وحديثا على إمامته وسعة علمه وريادته، فإن أعداء الوهابية قد يُثنون على ابن تيمية رحمه الله على توجس وتهيب أمام الملأ، وفي الآن نفسه يقدحون في الوهابية ويسفهونها ويسقطون فكرها -وهم أدعياء الحداثة والحرية- وينسبون إليها الإرهاب والتطرف!
ولذلك وجب علينا أن نخبرهم -إن كانوا جاهلين- ونعلمهم الإنصاف والعدل -إن كانوا يخسرون ميزان العلم والفهم- بأن مصطلح "الوهابية" هو نسبة إلى الشيخ الجليل والعالم الكبير محمد بن عبد الوهاب، صاحب الأيادي البيضاء على الإسلام والمسلمين، بما حارب من بدع، وترك من مصنفات السنة والخير.
وهو مصلح ربَّاني هيأه الله لتنقية الجزيرة العربية مما علق بها من شوائب وفظائع وتقليد أعور كاد يعصف ببقية الإسلام السني المعتدل الوسطي، تأثر بمنهج شيخ الإسلام ابن تيمية المتفق على أنه استمد قوته من فقه الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح (الصحابة الكرام ومن سار على هديهم واستن بسنتهم واقتفى أثرهم إلى عصر ابن تيمية، وبعده إلى زمن محمد بن عبد الوهاب، ثم إلى زمننا، وأخيرا إلى أن تقوم الساعة رغم أنوف الحاقدين الأغمار).
وقد أستحضر للتدليل على كلامي، كلامَ من يثق به هؤلاء -لأنك إن احتججتَ بمفكر مسلم أو باحث منصف فاهم، ردوا نقلكَ وقولَه، واتهموكما معا بالوهابية أو التعاطف معها- وهو رأيُ المستشرق المجري الشهير جولد سيهر؛ القائل في كتابه "الشريعة والإسلام" بعد أن ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في كلام طويل: "ومن أثر مذهبه، قيام إحدى الحركات الدينية الحديثة في الإسلام، وهي حركة الوهابيين التي قامت في أواسط القرن الثامن عشر" (ص:265).
وقال أيضا: "والحركة الوهابية هي التحقيق العملي لانتقادات ابن تيمية واحتجاجاته الحنبلية على البدع المخالفة للسنة التي أقرها الإجماع، وعلى الصيغ الاعتقادية التي تقررت خلال التطور التاريخي للإسلام، وعلى البدع المستحدثة في الحياة اليومية" (ص:267).
وليتأمل القارئ المنصف العاقل أن دعوة محمد بن عبد الوهاب هي -بشهادة ألد أعداء الإسلام من المستشرقين- دعوة إلى الرجوع إلى الينبوع الأصلي لشريعتنا السمحة، وإلى حقيقة التوحيد التي سطرها القرآن الكريم، وعاش عليها رسولنا العظيم، وسار عليها الرعيل الأول الفهيم.
لذلك قال أحد العلماء ردا على المتهمينَهُ بالوهابية:
إن كان تابعُ أحمدٍ متوهبا***فأنا المقر بأنني وهابي
وفرق ما بين جولد سيهر وبين كثير من مثقفينا المهازيل علميا وثقافيا، أن الأول خاض معارك تراثية إسلامية، وولج مضمار تاريخنا القديم، قارئا منعما نظره، منتقدا جسورا، على اطلاع واسع لا يُنكر، وهو ما دفعه -خوفا من إنكار مستشرقين منصفين إن هو حرف الحقائق الإسلامية المعلومة لديهم- إلى الإقرار رغما عنه بالواقع التاريخي الإسلامي كما هو.
أما الآخرون من بني جلدتنا، فهم لم يقرؤوا كتاب "التوحيد" لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وربما لم يكلفوا أنفسهم جهد تتبع مسار حياته، وأسس دعوته، ومنطلقه في الإصلاح، بيد أنهم سمعوا يوما ما وكرر على أسماعهم كلمة " وهابية "، فقرنوها -كما أراد منهم من جذرها في فكر الأمة- بالتخلف والتزمت والتطرف!!
وإلى هؤلاء أنقل هذا الكلام القوي الرصين القاسي على قلوبهم، الهادم لتصورهم البئيس، والمرسخ لحقيقة دعوة ابن عبد الوهاب كما هي، لا كما يُرادُ تصويرُها للمسلمين، وفيها تعليم لمن يظن نفسه باحثا قارئا، يقول (جولد سيهر):
" وإذا أردنا البحث في علاقة الإسلام السني بالحركة الوهابية، نجد أنه مما يسترعي انتباهنا خاصة، من وجهة النظر الخاصة بالتاريخ الديني، الحقيقة التالية:
يجب على من ينصب نفسه للحكم على الحوادث الإسلامية أن يعتبر الوهابيين أنصارا للديانة الإسلامية على الصورة التي وضعها لها النبي والصحابة، فمرادُ الوهابيين وغايتُهم إنما هي إعادة الإسلام الأول كما كان" (ص:269).
وقد يطول بنا الكلام إن شئنا تتبع ما قيل في دعوة محمد بن عبد الوهاب عليه الرحمات المتتاليات، لذلك أحيل من شاء أن يعرف حق المعرفة هذا الإمامَ مهضومَ الحق إلى كتاب جليل، فصل فيه مؤلفُه الهنديُّ حياةَ الشيخ وطلبه للعلم وبداية دعوته وتضافر جهود المصلحين إلى جانبه، من علماء وأمراء وشيوخ قبائل… واسمه: "محمد بن عبد الوهاب: مصلح مفترى عليه" للأستاذ مسعود الندوي الهندي، ترجمة وتعليق: عبد العليم عبد العظيم البستوي، مراجعة وتقديم: علامة المغرب الشيخ الدكتور محمد تقي الدين الهلالي رحمه الله.
ففي هذا الكتاب كفاية لمن لا يعلم، وهداية لمن اعتدى وظلم.
1- والملاحظ أن جولد سيهر يقر بفضل وحقيقة دعوة محمد بن عبد الوهاب، وإن كان يسخط عليها سخطا عارما، يستشف من ثنايا كلامه، وهو من أوائل من أطلق على هذا الصحوة المباركة لفظ "الوهابية"، وكذلك مصطلح "الحنبلية" نسبة إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، على أهل السنة المتمسكين بالحديث الصحيح وضرورة اعتباره منطلقا وأساسا لكل تغيير يمس الأمة الإسلامية، فلينتبه القارئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.