تساؤلات حول فاعلية إجراءات مكافحة الغش بعد تداول صور امتحانات الباكالوريا على الإنترنت    افتتاح مركز الفرصة الثانية "الجيل الجديد" بزوادة بإقليم العرائش: خطوة لتعزيز محاربة الهدر المدرسي    استطلاع: جل المغاربة متخوفون من تأثير الغش والتسول والتحرش على صورة المغرب خلال "المونديال"    مليار مستخدم لأداة الذكاء الاصطناعي "ميتا إي آي" (زوكربيرغ)    ألونسو يتمسك بإبراهيم دياز في الريال    الحرارة تصل إلى 42 درجة بالمغرب    مجلس المنافسة ينبه "غلوفو" إلى ارتكاب ممارسات غير قانونية.. والشركة تتفاعل    زخات تؤجل منافسات جائزة التبوريدة    الكيني نغوغي وا تيونغو يفارق "الأدب الإفريقي"    "مسناوة" تفتتح فعاليات الدورة الثانية من مهرجان "أرواح غيوانية"    ما لم يُذبح بعد    كابوس إسهال المسافرين .. الأسباب وسبل الوقاية    انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي في المغرب خلال أبريل 2025    جوائز "أفريكان بانكر أواردس" تتوج فتاح، كأفضل وزيرة مالية في إفريقيا للسنة    المغرب وإسبانيا يعززان علاقاتهما الاقتصادية..    رقمنة.. السغروشني تدعو في لقاء بإستونيا إلى تعاون مثمر يغطي عددا من المجالات    حسنية أكادير تطرح تذاكر مواجهة السد الحاسمة أمام رجاء بني ملال    رونار يكشف كواليس خاصة عن أشرف حكيمي ويصفه ب"الأفضل عالميًا"    وداد طنجة لم يتقبل قرار هزيمته أمام شباب الريف ويعلن اللجوء للاستئناف    الركراكي: سأترك منصبي لغوارديولا أو أنشيلوتي إذا قادا المغرب للفوز بكأس إفريقيا    رئيس جماعة الداخلة يستقبل وفد جمعية الجماعات الرومانية في إطار زيارة عمل لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات    إيلون ماسك يؤكد خروجه من الحكومة الأميركية    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة بالدار البيضاء    مصرع شخصين في حادثة سير مميتة نواحي أوريكا    اتهامات بتسخير آليات عمومية في جماعة آيت سغروشن لخدمة "أهداف انتخابية"    %10 من سكان غزة ضحايا الإبادة الإسرائيلية    إسرائيل تعلن إقامة 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية    لارغيت يكشف كواليس غير معروفة عن اختيار حكيمي تمثيل المغرب عِوض إسبانيا    المدافع جوناثان تاه يوقع مع بايرن ميونيخ حتى 2029    بلجيكا ترصد مبيدا ممنوعا في شحنة مشمش مغربي مجمد    الإعلان عن تنظيم الدورة التاسعة للجائزة الوطنية لأمهر الصناع برسم سنة 2025    الرباط: وزير الخارجية المصري يجدد التزام مصر بدعم سيادة الدول ووحدتها الترابية    الناظور.. افتتاح معمل "أليون" الصيني المتخصص في صناعة شفرات توربينات الرياح    تحطم طائرة تدريب دورية في كوريا على متنها 4 أشخاص    فرنسا تُصعد ضد الجزائر.. تهديد بتجميد أصول مسؤولين جزائريين ودراسة تعليق امتيازات اتفاقية 1968    السعودية تفرج عن "رجل دين إيراني"    كوت ديفوار تجدد أمام لجنة ال24-الصحراء تأكيد "دعمها الكامل" للمبادرة المغربية للحكم الذاتي    سؤال الأنوار وعوائق التنوير في العالم العربي الإسلامي    طقس حار يعم عددا من مناطق المملكة اليوم الخميس    المغرب يتربع على عرش السياحة الإقليمية: تراجع مصري وتركي أمام الزحف السياحي نحو المملكة    توقيف المتورط في اندلاع حريق بغابة هوارة بطنجة    جائزة الملك فيصل تدشن في إسبانيا كتاب رياض الشعراء في قصور الحمراء    ميناء طنجة المتوسط يواصل ريادته.. 1.12 مليار درهم رقم معاملات في الربع الأول من 2025    من الرباط.. مصر تجدد دعمها لمبادئ السيادة والوحدة الترابية: رسالة استراتيجية مزدوجة في مضمونها وتوقيتها    بحضور الرباعي المغربي.. الأهلي يتوج بلقب الدوري المصري للمرة 45 في تاريخه    شاب ينهي حياته بطريقة مأساوية بطنجة    من طريق المدرسة إلى غرفة العمليات.. جريمة سرقة تغيّر حياة تلميذة في طنجة    بوريطة لا زال مٌصرا على تسمية "حرب الإبادة" في غزة ب "الإعتداءات"    الصين تفتح أبوابها أمام الخليجيين دون تأشيرة اعتبارًا من يونيو المقبل    ضمنها تعزيز المناعة.. هذه فوائد شرب الماء من الأواني الفخارية    من تهافت الفلاسفة إلى "تهافت اللحامة"    بن كيران وسكر "ستيڤيا"    تشييع جثمان الفنانة نعيمة بوحمالة    حمضي يعطي إرشادات ذهبية تقي من موجات الحرارة    موريتانيا تكشف حقيقة سقوط طائرة الحجاج    كيف تحمون أنفسكم من موجات الحر؟    الخوف كوسيلة للهيمنة: كيف شوّه بعض رجال الدين صورة الله؟ بقلم // محمد بوفتاس    السعودية: 107 آلاف طائف في الساعة يستوعبها صحن المطاف في الحرم المكي    









نقطة نظام
نشر في هوية بريس يوم 28 - 01 - 2022

كثر الكلام فجأة عن الفساد داخل الجامعة المغربية، وبوتيرة غير مسبوقة، مما يضع ألف علامة استفهام عن الدوافع الحقيقية وراء هذه الحملة المسعورة، ووراء إطلاق ما حقه التنسيب، وتعميم ما حقه التخصيص، ناسين أو بالأحرى متناسين قداسة ونبل الرسالة العلمية والتربوية، التي يتشرف بحملها بكفاءة وأمانة عدد كبير من السادة الأساتذة رجالا ونساء، وإن أساء إليها بعض السفهاء، وخرج عن سننها -بفتح السين- بعض الأنذال الأشقياء.
وعملا بالقاعدة الأصولية: "الشاذ يؤخذ به ولا يقاس عليه"، فإني أرى في تقديري المتواضع أن ما يؤخذ به في هذه (النازلة أوالناذلة) هو وضع ذلك الفساد النسبي، أخلاقيا كان أو غير أخلاقي، في سياقه العام، أي في سياق بواعث وجوده، وهي كثيرة بلا شك، غير أن من أبرزها: "الفساد النسقي" الذي أريد له أن يعم مؤسسات الدولة والمجتمع ككل؛ بحيث يحارب النزهاء والأمناء في جميع الإدارات والمسؤوليات، ويطلق العنان للمفسدين والرويبضات، حتى بات من ينتصر للأخلاق والقيم كالنعجة الجرباء منبوذا مستبعدا، ومن يذبحها ذبحا مرغوبا مقدما.
وظهر ذلك للعيان حتى في أوثق الوزارات صلة بالمقدس، والتي تسعى إلى تجميد الخطاب الديني -في الجامع والمجتمع ثم الجامعة- باسم تجديده. أي نعم، تجميد الخطاب الديني عن ملامسة القضايا الحقيقية والأمراض المتفشية، وحصره في إطار الشكلانية والسطحية و(الشطحية)، ومن تجرأ على أن يخرج من بيت الطاعة، يتم توقيفه بجرة قلم، حتى اختلطت علينا ألفاظ: "التوقيف"، و"التوفيق"، و"الأوقاف"، وكأنها -وليست في اللغة كذلك- من جذر واحد، لا يقبل بغير تقديم "القاف" على "الفاء": "وقف".
فالمسألة إذا لا تتعلق بأزمة أخلاق هنا أو هناك، بل بأزمة أخلاقية أريد لها أن تعم المجتمع بأسره، وتسلخه عن هويته وأصالته، والفاعلون في المشهد يمسكون بالأزرار من وراء البحار، ساعين إلى تنميط القيم وقواعد السلوك الإنساني بتوظيف مدروس ومحكم لوسائل إعلامية وإعلانية ومعلوماتية وغيرها، غاية في التأثير والخطورة، وهو ما نلحظ آثاره في فضائنا العام؛ بحيث لا تكاد تخطئ العين مظاهره وتجلياته في معظم التعبيرات الخارجية لبني جلدتنا؛ ولذلك ما أخطأ من اعتبر مجتمعاتنا تعيش المرحلة الاستعمارية الثالثة بعد الاستعمار العسكري والاستعمار الاقتصادي، وهي مرحلة أخطر وأشد؛ لكونها استعمارا شاملا وشموليا.
وجراء التطبيع النفسي والسلوكي مع القيم الدخيلة الفاسدة؛ نقع فريسة ما اصطلح عليه د.عبد الوهاب المسيري بالعلمنة الشاملة للسلوك، وساق له أمثلة كثيرة في الجنس واللباس والطعام والعمل ولغة التواصل وأوقات الفراغ والسياحة والرياضة وغيرها.
ونتيجة هذا الغزو الثقافي القيمي، الذي صادف قابلية للاستعمار لدينا، وإحساسا بالدونية، ورغبة جامحة في تقليد الغالب، وليتنا قلدناه فيما ينفع، أصبحنا للأسف الشديد أمام مجتمع مبرمج، وإنسام موجه ذي البعد الواحد، وهو البعد المادي الطبيعي؛ فهو من جهة إنسان اقتصادي، لا غاية له إلا تحقيق الربح والمنفعة المادية، ومن جهة أخرى إنسان جسدي غرائزي، لا هم له إلا البحث عن اللذة الحسية.
والخطير في الأمر توظيف "العلم" وأهله في خدمة تلك الأهداف الخسيسة، بوعي أو بغير وعي من المنتسبين إليه، حتى باتت الثورة العلمية المعاصرة متحكما فيها بنسبة كبيرة من مؤسسات استعمارية مؤدلجة، لا تتمتع بحيادية العلم المفترضة وموضوعيته. فكان ما كان مما تطاير دخانه اليوم من امتداد الفساد الأخلاقي والمالي ليطال بعضا من كيان النخبة، المفروض فيها الممانعة والمقاومة لكل أشكال الفساد، بل المنتظر منها تحصين المجتمع من الوقوع فريسة المسخ الثقافي والفجور الأخلاقي.. وتبقى القبعة مرفوعة لكل إطار تربوي نظيف ومخلص، وكما نقول باللسان المغربي الدارج: "ما عمر لملح ما كتدود"، فاللهم رد كيد الشامتين في نحورهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.