بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    انطلاق المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. تكريم المعنوني وتأكيد على ربط السينما بالصناعة والإبداع    رعاية ملكية لمستقبل الماء في إفريقيا.. مؤتمر عالمي يجمع الخبراء من القارات الخمس بالمغرب    نتنياهو: معبر رفح بين غزة ومصر سيظل مغلقا حتى إشعار آخر    تحريض رسمي من الجزائر ضد المغرب... حين يفشل النظام في الدبلوماسية فيلجأ للفوضى    الصحافة الأرجنتينية: قيمة فريق "التانغو" تفوق خمس مرات "أشبال الأطلس".. لكن الحسم سيكون فوق العشب    مدرب بركان: "لن نخجل من الهزيمة"    "الأشبال" ينهون التحضيرات للقاء الأرجنتين    "جيل زد" بطنجة تجدد انتقاد الحكومة    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    هل هو انقسام داخل "جيل Z"؟.. جدل داخل الحركة بسبب تصريحات متضاربة من الشرق تعلن الانسحاب    إسرائيل تشترط استعادة جثث جميع الرهائن في غزة من حركة حماس لإعادة فتح معبر رفح    البطولة: المغرب الفاسي ينفرد بالصدارة والزمامرة يعود بالنقاط الثلاث من أكادير    شباب جهة الشرق يعلنون القطيعة مع "جيل زاد": انسحاب جماعي يكشف أزمة الثقة داخل الحركة    إدريس لشكر يؤكد أن تجديد ولايته على رأس "الاتحاد الاشتراكي" جاء بإرادة القواعد الحزبية    الوداد يكمل الاستعداد للتنافس بأكرا    شركة يابانية تختار تطوان لبناء مصنع ضخم للسجائر    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    حادث اشتعال بطارية يحول مسار طائرة صينية    جشع الباعة بالتقسيط ينفخ أسعار "اللحوم البرازيلية" في مجازر المغرب    الصعود عنوانا    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات إقدام موظف شرطة على محاولة الانتحار    الهندسة رافعة التنمية... سودو يؤكد أن المهندس المغربي في قلب مشروع مغرب 2030    أشبال الأطلس في موعد مع التاريخ أمام الأرجنتين لانتزاع المجد العالمي    المحكمة "الجنائية الدولية" تؤيد مجددا مذكرات توقيف مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    البرلمان الياباني يصوت الثلاثاء المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد    محلل برازيلي: المغرب يتوفر على فريق قادر على التتويج بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة    بالصور.. مدرسة سيدي عبدالله الإيكولوجية تخلد اليوم العالمي للتغذية    الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية    إصابة تلميذ في حادث دهس بالترامواي بعين السبع الحي المحمدي    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    مغينية: فارق السن والخبرة أثر في النتيجة لكن الأداء كان مشرفا    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    توقيع اتفاق جديد للتعاون في مجال الصيد البحري بين المغرب وروسيا    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زعيم المعارضة التركية والمتاجرة بملف اللاجئين السوريين
نشر في هوية بريس يوم 09 - 05 - 2023

كسائر الشعوب التي تشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية، ينظر الشعب التركي إلى تلك الانتخابات نظرة مفاضلة، بين من خضع للتجربة، ومن يعد بتجربة أفضل، بين المألوف والمأمول، وتدفع وراء ذلك بلا شك الأيديولوجيات والتوجهات الفكرية والسياسية. لكن هناك حوالي أربعة ملايين لاجئ سوري في تركيا، ينظرون إلى هذه الجولات الانتخابية على أنها قضية وجود وحياة، لا خيار لهم في المفاضلة، فكل أمنياتهم متعلقة بفوز أردوغان وحزبه، لاستئناف حياتهم داخل تركيا، رغم مصاعبها ومشاقها.
اللاجئون السوريون داخل تركيا يعلمون أن إخفاق هذه الجهة في الانتخابات يعني أن يصيروا في مرمى تهديدات زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، الذي دأب على أن يطلق وعوده، أو وعيده بترحيل السوريين خلال فترة عامين، إذا ما أسفرت الانتخابات عن فوزه، ثم يؤكد على ذلك في هذه الفترة التي يترقب فيها العالم بأسره مسار هذا الاستحقاق الانتخابي الذي نشهده بعد عدة أيام.
زعيم المعارضة يحاول تجميل هذا الوعد، أو الوعيد، بأنه سوف يخضع لآليات تضمن سلامة عودة اللاجئين إلى ديارهم في سوريا، وهو بالتأكيد كلام دعائي إنشائي لا يمت بصلة للواقع، الذي يُحتّم أن تكون هناك حياة سياسية وحزبية هادئة يمارس فيها الشعب دوره في حكم البلاد، قبل عودة اللاجئين، لكن بالنظر إلى الحكم الاستبدادي القمعي، وانعدام أفق الديمقراطية في سوريا، يمكن القول بيقين إن العودة الآمنة للاجئين مستحيلة. زعيم المعارضة وحلفاؤه يضغطون بقوة بورقة اللاجئين منذ فترة طويلة، وأدرجوا دعوات ترحيل السوريين في برامجهم الانتخابية، واعتبار اللاجئين سارقي قوت الأتراك، وأن وجودهم هو أحد كوارث نظام أردوغان، وأتى على حساب الحالة الاقتصادية لتركيا، وأنهم جزء من تلك الأزمة التي داهمت اقتصاد تركيا، وترتب على هذا الترويج، العديد من الحوادث العنصرية، وهو ما أرادت المعارضة إثارته لإضعاف شعبية العدالة والتنمية. مع أن الواقع يشهد بأن اللاجئين السوريين يعيشون في تركيا كثروة بشرية منتجة، يعملون ويكدون ويأكلون من عرق جباههم، وكثير منهم يستثمر في مشروعات داخل تركيا، إضافة إلى أنهم بعيدون عن مزاحمة الأتراك في الوظائف الحكومية، التي تكون لأبناء الدولة.
هذا الإصرار من قبل زعيم حزب الشعب على إدراج قضية ترحيل اللاجئين السوريين في قلب الدعاية الانتخابية، يثير التساؤلات حول المغزى من ذلك، ولماذا يعتبرها قضية مصيرية إلى هذا الحد؟
نستطيع أن ندرك المغزى من خلال النظر في واقع النظام الحاكم والمعارضة، فالنظام الذي يقود تركيا منذ عقدين له رصيده من الإنجازات في الواقع، فلو اقتصر زعيم المعارضة على وعود انتخابية بالارتقاء بالاقتصاد التركي والأحوال المعيشية للأتراك، فسوف يكون مجرد وعود إصلاحية مأمولة مقابل رصيد واقعي، فبالتالي لن يجتذب هذا الطرح الناخبين، لكنه في ما يتعلق بقضية اللاجئين يتعهد بترحيلهم لتخفيف العبء الاقتصادي على الدولة، وليتنعم الأتراك بمواردهم من دون شراكة، وذلك بعد أن جاهد بشدة لربط وجود السوريين بالأزمة الاقتصادية، ومن ثم يمكن أن يرى الأتراك في هذا الأمر حلا عاجلا للأزمة، باعتباره هدفا قريبا للغاية. وبالنظر كذلك إلى توجهات التركيبة السكانية يمكن أن نفهم المغزى، فمثل هذه الوعود التي أطلقها كليتشدار أوغلو بترحيل اللاجئين، سوف تجتذب شرائح واسعة من الناخبين أصحاب الاتجاه القومي، الذين لا تتجاوز اهتماماتهم هذا الإطار القومي، ولا يكترثون بالعمق العربي وميراث المزيج الحضاري بين العرب والأتراك، ولا بالهوية الإسلامية الجامعة، ويشاركهم هذه النظرة أيضا العلمانيون الأتراك، الذين يجتذبهم مثل هذا الطرح. السبب الآخر يتمثل في كوْن ملف اللاجئين السوريين جزءا من ملف أشمل يتعلق بموقف العدالة والتنمية من الأزمة السورية والصراع الدائر على أرض سوريا بين نظام بشار والمعارضة، فأحد أبرز الأمور التي يطرق عليها زعيم حزب الشعب وحلفاؤه، التنديد بدعم أردوغان للمعارضة وعدم التزام الحياد، واعتباره تدخلا سافرا في شؤون الدول يضر بالأمن القومي التركي والمصالح التركية، فيما تعهد زعيم المعارضة بإعادة العلاقات وتطبيعها مع نظام الأسد حال فوزه، ومن ثَمّ لا يمكن فصل مسألة اللاجئين عن الملف العام للشأن السوري الذي تتعامل معه المعارضة. ومن الأسباب أيضا، أن قضية ترحيل اللاجئين ورقة رابحة في يد زعيم المعارضة لابتزاز الاتحاد الأوروبي، الذي يطمع في الخلاص من هذا الخطر الحدودي الذي يهدده، وأعني خطر احتمالات تدفق اللاجئين إلى أوروبا من خلال البوابة التركية، فعلى الرغم من أن هناك اتفاقا بين أوروبا والحكومة التركية بشأن اللاجئين، إلا أن أوروبا لم تنفك عن استشعار الخطر، ولذلك سيكون في ترحيلهم درءا لهذا الخطر كلية، ومن ثم يطمع زعيم الشعب الجمهوري في الدعم الأوروبي تحت هذه المظلة.
ومن جهة أخرى، سيسعى كمال كليتشدار حال فوزه إلى ابتزاز الاتحاد الأوروبي لدعمه في بناء المدارس والطرق والمنازل للسوريين في بلدهم، والمستفيد من الدعم هو الحكومة والمقاولون الأتراك الذين سيتولون عمليات الإنشاء والبناء وإعادة الإعمار بدعم أوروبي، وقد أطلق الرجل تهديده للاتحاد الأوروبي بشكل علني في هذا الشأن، حيث قال: «إن لم يقدم الاتحاد الأوروبي الدعم اللازم، فلن أحتفظ بهؤلاء الناس (يعني السوريين) هنا، بل سأفتح الحدود وليذهبوا إلى أي مكان يريدونه»، وهو تهديد صريح بمرور اللاجئين السوريين إلى قلب أوروبا حال تخلي الاتحاد الأوروبي عن دعمه.
إنه لأمر مؤسف أن يكون مصير اللاجئين السوريين الفارين من بطش بشار، مرتهنٌ باستحقاق انتخابي للبلد المضيف، لذلك يبتهل السوريون إلى فوز أردوغان وحزبه أملا في البقاء على الأراضي التركية، فهم يعلمون تماما ذلك المصير الأسود الذي ينتظرهم في بلادهم حال عودتهم، في ظل حكم بشار الأسد، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتبة أردنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.