الأغلبية بمجلس النواب تشيد بدعم الحكومة للمقاولات وتقرّ بضعف النمو    تقرير إخباري: عشرات التحقيقات فُتحت بعد كوارث كبرى... ونتائجها غائبة عن الرأي العام    آسفي.. تساقطات مطرية تجاوزت 60 مليمترا في 3 ساعات بوسط المدينة    أخنوش: إقرار ميثاق جديد للاستثمار هو إصلاح فارق خلال الولاية الحكومية بعد أكثر من 26 سنة من الانتظارية    بثلاثية نظيفة في شباك الإمارات... رجال السكتيوي يصلون إلى نهائي مونديال العرب    آسفي : اجتماع طارئ لتفعيل التدابير الاستعجالية للحد من آثار الفيضانات    سباطة ضمن "قائمة بوكر الطويلة"    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية وهبات رياح قوية إلى الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    المغرب يعبر الإمارات نحو نهائي كأس العرب قطر 2025    سوء أحوال الطقس.. تحذيرات رسمية للسائقين ودعوات لتأجيل التنقل غير الضروري    اكتفى بتعزية عابرة… أخنوش يمر سريعا على فاجعة آسفي في البرلمان    المؤثرات الأساسية على التخييل في السينما التاريخية    تعاون عربي في إصدار أغنية «روقان» للفنان المغربي محمد الرفاعي    فاس تحتظن الدورة ال13 لأيام التواصل السينمائي    تراجع ب5,7% في نفقات المقاصة    كأس العرب.. السكيتيوي يعلن عن التشكيلة الرسمية لمواجهة الإمارات    دورة ناجحة للجامعة الوطنية للأندية السينمائية بمكناس    انعقاد مجلس للحكومة الخميس المقبل    مركب نباتي يفتح آفاق علاج "الأكزيما العصبية"    البرلمانية الدمناتي تستفسر وزيرة المالية عن غياب الأثر الاقتصادي المباشر للدعم الحكومي على الفئات الفقيرة والهشة        التحكم في السكر يقلل خطر الوفاة القلبية    جدل واسع عقب اختيار محمد رمضان لإحياء حفل افتتاح كأس إفريقيا 2025    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. برنامج مباريات المجموعة الثانية    القوات المغربية والموريتانية ترتقي بالشراكة في التكوينات والتداريب العسكرية    الاتحاد العربي للصحافة الرياضية ينتخب مجلس إدارة جديد بقطر    "شبهة داعش" تحيط بهجوم أستراليا    إعلام إسرائيل يكشف تفاصيل عن حاخام قتل في هجوم سيدني وعلاقته بحرب غزة    بروكسل توسع عقوبات السفن الروسية    هولندا تعتقل محتجين على منشد جيش إسرائيل    ضبط مخربين في الرباط والدار البيضاء    البابا يحذر أجهزة المخابرات من إساءة استخدام برامج التجسس وتأثيرها على الحريات والديمقراطية    تقرير: ملايين المسلمين في بريطانيا عرضة لخطر سحب الجنسية    عشرات التوقيعات للمطالبة بالحرية ل"بوز فلو" ووقف متابعة الفنانين بسبب تعبيراتهم    أسعار صناعات التحويل تزيد بالمغرب    الدولار يستقر قرب أدنى مستوى له    "لارام" تُوسع شبكتها الجوية ب10 وجهات جديدة ابتداء من 2026    "البيجيدي" ينتقد توزيع الدعم على الفلاحين الصغار بمنطق الولاءات السياسية والانتماء الحزبي    كأس إفريقيا 2025: المغرب يرسخ معايير جديدة بتخصيص ملاعب تداريب حصرية لكل المنتخبات    ترامب يوقع أمراً تنفيذياً جديداً ينظم قواعد الذكاء الاصطناعي    سيول آسفي ترفع حصيلة الضحايا إلى 37 وفاة واستنفار متواصل للسلطات    التامني: عجز المستشفيات في فاجعة فيضانات آسفي مسؤولية سياسية قبل أن تكون تقنية    طقس عاصف يوقف الدراسة بالمضيق-الفنيدق    محطة القطار "الرباط الرياض" تفتتح تأهبا لاستقبال كان المغرب    عريضة توقيعات تطالب بالإفراج عن الرابور "PAUSE" وتدق ناقوس الخطر حول حرية الإبداع بالمغرب    بنسليمان تحتضن المعرض الجهوي للكتاب من 17 إلى 22 دجنبر احتفاءً بالقراءة في زمن التحول الرقمي    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    رافينيا يحسم مستقبله مع برشلونة بقرار مثير: "لن أغادر الفريق قبل التتويج بدوري أبطال أوروبا"    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    قتيلان و8 مصابين في إطلاق نار بجامعة براون الأمريكية    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ القزابري يكتب عن حال الأمة الإسلامية المستضعفة: فِقْهُ الإِخْفَاق…!
نشر في هوية بريس يوم 21 - 12 - 2016


هوية بريس – الشيخ عمر القزابري
بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أحبابي الكرام:
الهزيمة النفسية أشدُّ وأنْكى من الهزيمة العسكرية. ثمَّ إن الهزائم عبرَ التاريخ لم تكن ملازمةً لقوم دون آخرين.. فيومُ نصر.. ويومُ كسر.. يوم فرح.. ويوم قرح… وما أجمل ماواسى به القرءان النبيَّ صلى الله عليه وسلم وصحبه.. بعدَ الهزيمة في معركة أحد… (إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الأيام نداولها بين الناس. وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين) فمن خصائص الفتن.. التَّمحيص.. ولا تخصيصَ دون تمحيص.. والتَّخليصُ ثمرةُ الثبات.. ألا وإنَّ الفتن قد رفعت رؤوسها. وأظهرت ألوانها.. فَمِن مفتونٍ مَسلوب.. ومِن حائرٍ مَغلوب.. وَمِن لائذٍ بالله علام الغيوب.. أيها الأحباب: لا شك أن الجرح عميق.. والألمَ كبير.. ولكن المؤمن الموصول بالله.. المستقرئَ للسيرة لا يَسعُه إلا أن يكون متفائلا مؤمِّلا راجيا.. فمن دروس الماضي نحمل قناديل النور لنضيء بها عتمة الحاضر.. ألم يُحاصَر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الشِّعْب قرابة ثلاث سنوات.. لا يدخل إليهم شيء؟ ألم يُهجَّروا من ديارهم وأوطانهم؟ ألم يُضرب النبي صلى الله عليه وسلم حتى سالت دماؤه الزكية..؟ ألم يطارد في الطائف ويُغْرى به الصبيان والسفهاء حتى أدموا قدميه الشريفتين.. ألم يُقتل عمه حمزة ويُنكّل بجسده..؟ إنها دروس وعبر مفادها أن الأمر ثقيل جدا.. وأن الطريق طويل.. يحتاج إلى صبر وثبات ويقين وثقةٍ في الله عز وجل..
يقول ربنا جل وعلا (ولقد كذِّبت رسل من قبلك فصبروا على ما كُذّبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا.. ولا مبدل لكلمات الله)، وقال سبحانه وتعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم. مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله. ألا إن نصر الله قريب)، ويقول سيدنا صلى الله عليه وسلم (لقد أُخِفتُ في الله وما يخاف أحد. ولقد أوذيت في الله وما يُؤذى أحد. ولقد أتت علي ثلاثون مِن بين يوم وليلة ومالي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال).
لمَّا زادت معاناةُ المسلمين وتعرضهم للتعذيب على أيدي المشركين.. جاء سيدنا خبَّاب رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم شاكيا.. يقول رضي الله عنه: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسّدٌ بُردةً له في ظل الكعبة.. قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيجعل فيه. فيجاءُ بالمنشار فيوضع على رأسه فيُشق باثنتين وما يصدُّه ذلك عن دينه. ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم وعصب وما يصدّه ذلك عن دينه.. والله لَيُتمّن الله هذا الأمر. حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه. ولكنكم تستعجلون)، هذا الأسلوب من سيدنا خباب رضي الله عنه حين قال: ألا تستنصر لنا.. ألا تدعو لنا..؟ يوحي بما وراءه. وأنه صادرٌ من قلوبٍ أتعبها العذاب. وأنهكها الجهد. وأحاطت بها البلوى. فهي تلتمس الفرج العاجل. وتستبطئ النصر فتستدعيه.. ومع ذلك احْمرَّ وجهه صلى الله عليه وسلم.. وقعد من ضَجعتِه.. وخاطب أصحابه بهذا الأسلوب القوي المؤثر.. ثم عاتبهم على الاستعجال بقوله (ولكنكم تستعجلون).. لأنه صلى الله عليه وسلم يريد أن يربي أصحابه على أن قبل النصر البلاء والصبر.. وكذلك يريد أن يبني نفوسا بعيدة عن النياحة واللطم واجترار الأحزان..
فالابتلاء أيها الكرام قديمٌ قِدَم الدنيا.. قال تعالى: (وإن كنا لمبتلين) ولكنّ المؤمن الواثق المطمئن هو الذي يبحث في نفسه عن أسباب المحن.. لا يملأ الدنيا لَوْما وعتابا وصُراخا.. وإنما يرجع إلى نفسه مُفتشا عن عثراتها حاملا مِبْضع الإصلاح لإزالة اللوثات. فقد قال ربنا مخاطبا الرعيل الأول ومن خلالهم سائر المؤمنين (أولمَّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا.. قل هو من عند أنفسكم)، فما أصابنا اليوم فهو من عند أنفسنا.. وما غَلبَنا العدُوُّ بقوته.. وإنما غلبنا بضعفنا.. إذن فالخطوة الأولى في طريق استرداد العزة هي التوبة النصوح.. هي تعريض النفس للمحاسبة والمساءلة.. لا بد من أن نتعامل مع هذه المحن التعاملَ الأمثل البعيد عن العشوائية… وأمثلُ صور الإيجابية أن نرجع إلى الله.. وأن ندعو إلى الله بالرحمة والحلم والحكمة.. وأن لا نَسقُط في مصايد المُشكِّكَة الذين يركبون على مثل هذه الأحداث.. ليشككوا في الدين.. وليستخفوا بالإسلام وتعاليمِه.. فقد قال الله لرسوله (ولا يستخفنك الذين لا يوقنون) الثبات الثبات.. السكينة السكينة.. فإن النصرة ما كانت في يوم من الأيام عشوائية.. وإنما كانت تنطلق من أرض ثابتة راسية… كلنا مطالبٌ بالرجوع إلى الله.. وتجديدِ العهد معه.. وما أحوجنا كذلك في هذه المراحل الحرِجة إلى الرجوع إلى كتاب الله.. والعيشِ بين آياته وبيناته.. فمن جعل القرآن دليله.. هُدي وشُفي وكُفي ووُقي.. واكتسبَ مناعة روحية تصد عنه كل عوامل التشكيك والزعزعة.. إننا أهل الحق.. وإن العاقبة للمتقين.. والله ولي المؤمنين… وإن الذين رحلوا إلى ربهم في هذه المجازر البشعة نحسبهم إن شاء الله من الشهداء.. لهم أجرهم ونورهم… وإنا واثقون أن الأزمة إلى انفراج. وأن الظُّلمة إلى انبلاج.. وأن الظَّلمة إلى ارتجاج.. وأنّا إذا أصلحنا ما بيننا وبين ربنا.. أصلح الله بالنا وحالنا.. وكشف عنا كل بأساء.. وقضى لنا كل حَوْجاء..
إن الأمّة اليوم تحتاجُ إلى أن تُبصَّر بفقه المرحلة لبعثِ روح الأمل في القلوب. فلقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشّر الصحابة يوم الأحزاب بالفتح المبين.. وبخزائن كسرى وقيصر.. رغم ما كانوا فيه من شدة وخوف.. قال تعالى (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم.. وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا. هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) تحتاج الأمّة إلى من يرفع معنوياتها ويشحنها بالأمل وحسن الظن بالله.. فبعد هزيمة المسلمين في أُحُد.. وقبل أن يضعوا أسلحتهم.. وهم على ما هم فيه من همٍّ وتعب وحزن. يأتيهم الأمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يضعوا أسلحتهم وأن يخرجوا في أثر المشركين.. وهي التي تسمى بغزوة حمراء الأسد.. وكان الهدف منها مطاردة قريش ومنعها من العودة للقضاء على المسلمين.. ورفع الروح المعنوية للصحابة بعد غزوة أحُد.. ولما علمت قريش بخروج المسلمين فضلت الهرب.. وعادت للمسلمين هيبتهم… إذن فإن العزة لا تكون بالنّواح ولا الصياح ولا الفتنة ولا التشويش ولا إحداث القلاقل والبلابل.. ولكن تكون بالعلم والعمل.. والدعوة إلى الله بالحسنى.. وربط الناس بالله… وَبِبَسْط سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام الناس.. حتى يتتلمذوا على أنوارها.. ويكرعوا من حياضها..
وتأملوا يا رعاكم الله في قول ربنا (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله. وتلك الأيام نداولها بين الناس. وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين).
اللهم انصر إخواننا في الشام وفي كل مكان.. اللهم فرَجكَ الموعود للواقفين ببابك مُستنصرين.. ولمددك منتظرين.. اللهم يا ذا العزة والجبروت. عليك بكل ظالم وطاغوت.. اللهم ألِّف بين قلوب المسلمين.. ووحِّد صفوفهم.. واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.. اللهم احفظ بلدنا المغرب الحبيب من الفتن. ما ظهر منها وما بطن.. واحفظ سائر بلاد المسلمين..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.