الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
الاتحاد الاشتراكي
الأحداث المغربية
الأستاذ
الاقتصادية
الأول
الأيام 24
البوصلة
التجديد
التصوف
الجديدة 24
الجسور
الحدود المغربية
الحرة
الدار
الرأي المغربية
الرهان
السند
الشرق المغربية
الشمال 24
الصحراء المغربية
الصحيفة
الصويرة نيوز
الفوانيس السينمائية
القصر الكبير 24
القناة
العرائش أنفو
العلم
العمق المغربي
المساء
المسائية العربية
المغرب 24
المنتخب
النخبة
النهار المغربية
الوجدية
اليوم 24
أخبارنا
أخبار الجنوب
أخبار الناظور
أخبار اليوم
أخبار بلادي
أريفينو
أكادير 24
أكورا بريس
أنا الخبر
أنا المغرب
أون مغاربية
أيت ملول
آسفي اليوم
أسيف
اشتوكة بريس
برلمان
بزنسمان
بوابة القصر الكبير
بوابة إقليم الفقيه بن صالح
أزيلال أون لاين
بريس تطوان
بني ملال أون لاين
خنيفرة أون لاين
بوابة إقليم ميدلت
بوابة قصر السوق
بيان اليوم
تازا سيتي
تازة اليوم وغدا
تطاوين
تطوان بلوس
تطوان نيوز
تليكسبريس
تيزبريس
خريبكة أون لاين
دنيابريس
دوزيم
ديموك بريس
رسالة الأمة
رياضة.ما
ريف بوست
زابريس
زنقة 20
سلا كلوب
سوس رياضة
شباب المغرب
شبكة أندلس الإخبارية
شبكة دليل الريف
شبكة أنباء الشمال
شبكة طنجة الإخبارية
شعب بريس
شمال بوست
شمالي
شورى بريس
صحراء بريس
صوت الحرية
صوت بلادي
طنجة 24
طنجة الأدبية
طنجة نيوز
عالم برس
فبراير
قناة المهاجر
كاب 24 تيفي
كشـ24
كود
كوورة بريس
لكم
لكم الرياضة
لوفوت
محمدية بريس
مراكش بريس
مرايا برس
مغارب كم
مغرب سكوب
ميثاق الرابطة
ناظور برس
ناظور سيتي
ناظور24
نبراس الشباب
نون بريس
نيوز24
هبة سوس
هسبريس
هسبريس الرياضية
هوية بريس
وجدة نيوز
وكالة المغرب العربي
موضوع
كاتب
منطقة
Maghress
أجواء ممطرة في توقعات اليوم السبت بالمغرب
الركراكي: تعادلنا مع مالي مٌحبط لكنه سيخدمنا في ما تبقى من المنافسة
لاعبو المغرب: تعادل مالي إنذار مبكر وعلينا تصحيح الأخطاء
تعادل المغرب ومالي يثير موجة انتقادات لأداء "أسود الأطلس" وخيارات الركراكي
المغرب يكتفي بنقطة أمام مالي.. تعادل بطعم الهزيمة
سنة 2025: دينامية قوية غير مسبوقة للمغرب في مناصب المسؤولية بالمنظمات الدولية
المنتخب المالي يؤجل تأهل أسود الأطلس إلى ثمن النهائي
وزارة الداخلية: 31 دجنبر 2025 آخر أجل للتسجيل في اللوائح الانتخابية
الطقس يعلق الدراسة بسطات السبت
غوغل تعتزم تغيير سياستها الصارمة بشأن عناوين البريد الإلكتروني جي ميل
تعزيز تخليق العمليات الانتخابية أبرز رهانات انتخابات 2026
كان 2025 : تعادل أنغولا وزيمبابوي بهدف لمثله
قرار رسمي بحظر جمع وتسويق الصدفيات بسواحل تطوان وشفشاون
إدانات باعتراف إسرائيل بأرض الصومال
المضاربة في تذاكر مباريات الكان2025 تقود شخصا للاعتقال بأكادير
تارودانت .. توزيع 11 سيارة إسعاف على عدد من الجماعات
توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة
"كان المغرب".. التشكيلة الرسمية للمنتخب المغربي لمواجهة مالي
الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء
نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الجمعة إلى الأحد بعدد من المناطق
إخلاء عشرات المنازل في بلدة هولندية بعد العثور على متفجرات داخل منزل
جبهة دعم فلسطين تطالب شركة "ميرسك" بوقف استخدام موانئ المغرب في نقل مواد عسكرية لإسرائيل
الأمطار تعزز مخزون السدود ومنشآت صغرى تصل إلى الامتلاء الكامل
السعدي يترأس مجلس إدارة دار الصانع
المحامون يطالبون بجمع عام استثنائي لمناقشة مشروع قانون المهنة
ارتفاع حصيلة قتلى المسجد في سوريا
1.2% فقط من الأطفال ذوي الإعاقة يلتحقون بالتعليم الأولي.. والقطاع يعاني من ضعف النظافة وهزالة الأجور
التهمة تعاطي الكوكايين.. إطلاق سراح رئيس فنربخشة
البيت الروسي يحتفي بسيروف: ألوان تحكي وحياة تروى
زخات قوية وتساقطات ثلجية بعدد من مناطق المملكة
الحسيمة.. انقطاع مياه الري بسبب سد واد غيس يفاقم معاناة الفلاحين ومربي الماشية
المغرب يواجه مالي وعينه على بطاقة العبور المبكر
بلمو يحيي أمسية شعرية ببهو مسرح محمد الخامس بالرباط يوم الاثنين
قطاع الصحة على صفيح ساخن وتنسيق نقابي يعلن وقفات أسبوعية وإضرابا وطنيا شاملا
لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !
تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين
محكمة صفرو تدين مغني الراب "بوز فلو" بالحبس موقوف التنفيذ وغرامة مالية
التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى
«كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة
الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس
روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان
السلطة القضائية تنضم إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات
على هامش كأس إفريقيا.. معرض ثقافي إفريقي وأجواء احتفالية تجذب الجماهير في تغازوت
تبوريشة مغربية أصيلة
إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا
الحق في المعلومة حق في القدسية!
أمريكا تستهدف "داعش" في نيجيريا
أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى
روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين
وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر
جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع
جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"
كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟
رهبة الكون تسحق غرور البشر
بلاغ بحمّى الكلام
فجيج في عيون وثائقها
دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
شحلان يراسل عمدة مراكش: مَعلمة جنان الحارثي تراث معنوي
كش24
نشر في
كشـ24
يوم 29 - 05 - 2018
السَّيِّدُ عُمْدَةُ مَرَّاكِش، سَلَامُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ تَعَالَى وَبَعْدُ. بِلغَنِي، كَكُلٍّ المُراكُشِيين، خَبَرُ القَرَارِ الَّذِي اتَّخَذَهُ الْمَجْلِسُ الجَمَاعِيُّ لِمَدِينَة مَرَّاكِش فِي دَوْرَة أَبْرِيلَ المَاضِي، وَالقَاضِي بِتَحْوِيلِ جُزْءٍ مِنْ جَنَانِ الحارثي إِلَى خَوَاصّ، وَلَعَلَّكُمْ سَيِّدِي، لَا تَعْرِفُونَ تَارِيخَ هَذَا المكَانِ.
فَقَدْ أُقيَمَ مُنْذُ الْوُجودِ الفَرَنْسِيِّ لِيَكُونَ مُتَنَفَّسًا لِأَبْنَاء مَدِينَة مَرَّاكِش، وَمَكَانًا لِبَعْضِ دُورِ الثَّقَافَةِ فِيهَا، فَفِيه كَانَتْ قَاعَةٌ لِلمُحَاضَرَاتِ كُبْرَى تُعْرَفُ بِقَاعَةِ الزُّجَاجِ، وَفِي هَذِهِ القَاعَةِ أُلْقِيَتْ أَهَمُّ المُحَاضَرَاتِ لِكِبَارِ عُلَمَاء وَأُدَبَاءِ المَغْرِبِ وَزُوَّارِ المَغْرِبِ، وَظَلَّتْ تَشْهَدُ نَشَاطًا معرفيًا حَتَّى السَّبْعِينَاتِ.
وَفِي هَذَا المكَانِ كَانَ الَمعْهَدُ المُوسِيقِيُّ الَّذِي تَخَرَّجَ مِنْهُ كِبَار مُوسِيقِيِّي المَغْرِبِ، مِثْلَ عَبْد الله عِصَامِي والميسترو أَحْمَد عَوَاطِف. وَفِيهُ شَهِدَ المسْرَحُ فَتْرَةً مِنْ أَجْمَلِ فَتَرَاتِهِ. وَفِيه كَانَتْ حَدِيقَةُ حَيْوَانٍ أَمْتَعْتَ أَطْفَالَ مَرَّاكِش حَتَّى بُعَيْدَ عَهْدِ الاِسْتِقْلَالِ.
وَكَانَ جَنَانُ الحارثي قِبْلَةً لِتَلَامِيذِ مَرَّاكِش وَآسْفِي وَالصّوِيرَة وَمَا بَيْنَ هَذِهِ المُدُن، مِمَّنْ كَانَ يَدْرُسُ فِي ثَانَوِيَّاتِ مَرَّاكِش، حَيْثُ كَانَ ملتقىَ مُرَاجِعَاتِهِمْ وَحِفْظِهمْ وَاِسْتِرَاحَة مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي دَاخِلِيَّاتِ الثَّانَوِيَّاتِ، أيَّامَ عُطَلِهِم، كَثَانَوِيَّةِ الحَسَنِ الثَّانِي (ليسِي تكْنيك)، وَاِبْن عبَّاد (ليسِي مُنْجانْ) وَمُحَمَّد الخَامِس (ليسِي سَيِّدَي مُحَمَّدٍ). بَلْ كَانَ الحارثي مُتْعَةً لِكُلٍّ المراكشيين فِي أَيَّامِ الجُمَعِ، عِنْدَمَا كَانَ جَوْقُ الحَرَس المَلَكِيّ يَمْلَأُ فَضاءاتِ عَشِيَّات هَذِهِ الجُمَعِ يُمْتِعُ أَبْنَاء المَدِينَةِ. وَكَانَ الحارثي بِصِفَةٍ عَامَّة، مَكَانَ المعْرِضِ السَّنَوِيّ الَّذِي يَشْهَدُ حَرَكَةً تِجَارِيَّةً مُرَوِّجَةً. وَكَانَ هَذَا جُزْءًا مِنْ نَشَاطِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ الوَجْهَ السَّيِّئ فِيه فِي اعتِقَادي.
مِنْ المَعْرُوفِ السَّيِّدُ العُمْدَةُ، أَنَّ الدُّوَلَ الرَّاقِيَةَ تُحَوِّلُ الأَسْوَاقَ إِلَى فَضَاءاتِ فِكْرٍ لَا فضاءات فِكْرٍ إِلَى أَسْوَاقٍ، وَأَنْتُمْ رَجُلُ التَّعْلِيمِ تَعْرِفُونَ هَذَا، أَوْ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَعْرِفُوهُ.. بِنَاءً عَلَيْهِ، وَهُنَا أَتَحَدَّثُ بِاسْمِي الخَاصّ، فَ"الحارثي" كَانَ مدرَسَتي الكُبْرَى، فَفِيه قَرَأْتُ كُلَّ مَا قَرَأْتُ، وَبِهَذِهِ الصِّفَةِ أُخَاطِبُكُمْ وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ إِذَا حَوَّلْتُمْ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ المَعْلَمَةِ إِلَى أَيِّ شَيْءٍ خَارِجٍ عَنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّكُمْ سَتَسْلُبُونَنِي حَقًّا كُنْتُ قَدْ استَرْدَدْتُهُ بِأَمْرِ يَدٍ تُمَثِّلُ السُّلْطَةَ وَفَعَلَتْ مَا فَعَلَتْ بِاِسْمِ الحَقِّ وَالقَانُونِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ وَرَاءَ هَذَا الحَقِّ كَاتِبٌ.
وما أثْبَتَتْهُ سُلْطَةٌ بالقَانون لا يُمْكِنُ أنْ يُزيلَهُ اجْتِماعٌ النَّاظِرون فيه يَجْهَلونَ تاريخَ الحارثي وما يَعْنِيه مَفْهُومُ "التُّراث المَعْنَوِي". لَعَلَّكُمْ سَيِّدِي تُرِيدُونَ أَنْ تَفْهَمُوا مَا أَقُولُ، وَأَلْحَقُّ فِي ذَلِكَ لكُمْ، فَأَعِيرُونِي سَمْعَكُمْ:
بَعْدَ مَا كَانَ عَلَيْهِ جَنَانُ الحارثي مِمَّا وَصْفَتُ، تَعَرَّضَ فِي العُقُودِ السَّابِع وَالثَّامِن وَحَتَّى التَّاسِعِ مِنْ القِرْنِ السَّابِق، إِلَى إِهْمَالٍ بَلِيغ، فَخُرِّبَ كُلُّ مَا كَانَ فِيه جَمِيلًا، وَأَصْبَحَتْ قَاعَةُ الزُّجَاجِ وَالمَعْهَدُ المُوسِيقِيُّ وَحَدِيقَةُ الحَيَوَانِ خَرَابًا يبابًا، وَأصْبَح الحارثي مَجْمعًا لِلقمَامَةِ، وَمُلْتَقى الشَّوَاذ، وَاقْتَسَمَ أَطْرَافَهُ لَاعِبُو الوَرَقِ وَ"الضّاما" وَمنْ لَا حَاجَة لَهُ..
هَذَا مَا وَجَدْتُ عَلَيْهِ حَالَ الحارثي عِنْدَمَا أَخَذْتُ اِبْنِي إِلَيْه، أُرِيدُ أَنْ أُطْلِعَهُ عَلَى المَعاهِدِ الَّتِي ترَبَّى فِيهَا أَبُوهُ وجِيلُ أَبِيهِ. أَقُولُ لَكُم الحَقَّ، لَقَدْ بَكَيْتُ، وَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي وَكَتَبْتُ المَقَالَةَ الَّتِي أَضَعُهَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ. تَقُولُونَ: وَبَعْدُ؟
وَبَعْدُ، كَتَبْتُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَبْكِي الحارثيَ بِ "دَمْعَةِ الكَاتِبِ" وَنُشِرَتْ المَقَالَةُ وَلَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ. صَدرَ كِتَابِي "اِبْن رُشْد وَالفِكْرُ العِبْرِيُّ الوَسِيطُ" سَنَة 1999 – وَلَعَلَّ اِبْنَ رُشْد مَرَّ مِنْ هَذَا الَمكَانِ لَمَّا كَانَتْ مَرَّاكِش زينَةَ الدُّنْيَا وَكَان القَائِمُونَ عَلَيْهَا منْ سَادَة الفِكْرِ، هَذَا مَوْضُوعٌ آخَرُ – أَقُولُ: صَدرَ كِتَابِي، وَاتَّصلَ بِي أَحَدُ أَصْدِقَائي كَانَ مِنْ مَعَارِف السيِّد وَاليّ مَرَّاكِش إِذْ ذَاكَ: السَّيِّد أَحْمَد أَمْجَاد، وَطَلَبَ مِنِّي نُسْخَةً مِنْ الكِتَابِ لِلسَّيِّدِ الوَالِي، قَلَتْ لِصَاحِبِي: خَذهَا لَهُ، قَالَ لِي: إِنَّ السَّيِّدَ الوَالِي يُرِيدُ رُؤْيَتكَ، قُلْتُ لَهُ: لَيْسَ مِنْ عَادَتِي أَنْ أَزُورَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ النَّاس وَهُم فِي مَهَامِّهِمْ. قَالَ لِي: إِنَّ الرَّجُلَ مُثَقَّفٌ قَارِئٌ جَيِّدٌ، وَقَرَأَ بَعْضًا مِمَّا كَتَبْتَ، وَيُرِيدُ الحَدِيثَ مَعَكَ فِيه.
أَلَحَّ صَاحِبِي، وَعِنْدَهَا بَرَقْتْ فِي ذِهْني فِكْرَةٌ. إِنَّ السَّيِّدَ الوَالِي صَاحَبُ الأَمْرِ فِي مَرَّاكِش، وَكَتَبْتُ مَقَالًا أَبْكِي فِيه "الحارثي" لَمْ يَجِدْ أُذْنًا صَاغِيَةً، فَلِمَاذَا لَا أُحَاوِرُ السَّيِّدَ الوَالِي الذِي أُهْدِيه كتابَ ابن رُشْدٍ، فِي شَأْنِ مَدِينَة أَكْبَر مَشَارِيعِ اِبْن رُشْدٍ الفِكْرِيَّة الفَلْسَفِيَّة: "شروح أرسطو".
وَقَدْ كَانَ الفَيْلَسُوفُ رَحِمَهُ الله، لَا يَتْرُكُ مِثْلَ هَذِهِ المُنَاسَبَات لِقَضَاءِ مَصَالِحِ أَهْلِ بَلَدِهِ، قَالَ فِيهُ عَبْدُ الوَاحِدِ المراكشي: "تَأَثَّلْتْ لَهُ [ اِبْنُ رُشْدٍ ] عِنْدَ المُلُوكِ وَجَاهَةٌ عَظِيمَةٌ لَمْ يَصْرِفْهَا فِي تَرْقِيعٍ حَالٍ وَلَا جَمْعِ مَالٍ، إِنَّمَا قَصَرهَا عَلَى مَصَالِحِ أَهْلِ بَلَدِهِ خَاصَّةً وَمَنَافِع النَّاسِ عَامَّةً". سَيْراً على نَهْجِ مَنْ تَتَلْمَذْتُ عَلَيْه، قَبِلَتُ زِيَارَةَ الوَالِي وَأَنَا "لَا أُرِيدُ تَرْقِيعَ حَالٍ وَلَا جَمْعِ مَالٍ"، بَلْ أَرَدْتُ مَصْلَحَةَ بَلَدِي، كَمَا كَانَ يَفْعَلُ اِبْنُ رُشْدٍ، وَحَمَلَتُ نُسْخَة مِنْ مَقَالِي "جِنَانُ الحارثي دَمْعَة فِي عَيْنِ الكَاتِبِ" وَزُرْتُ الواليَّ.
الحَقُّ يُقَالُ، إِنَّ الرَّجُلَ كَانَ عَلَى مَعْرِفَةٍ جَيِّدَة بِحَضَارَةِ الأَنْدَلُسِ وَتَارِيخ فِكْرِها. وَأَخَذَ بِنَا الحَدِيثُ شِعَابَهُ ووِهادَهُ، حَتَّى مَرَّ مِنْ الوَقْتِ وَقَّتٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّ أَصْحَابَ المَسْئُولِيَّاتِ يَجُودُونَ بِمِثْلِهِ. اِنْتَهَى الحَدِيثُ، وَوَقَفْتُ لِأُودِعَ، وَقَبْلَ أَنْ أَضَعَ نُسْخَةً مِن الَمقَالَةَ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَبْعَدَنِي السَّيِّدُ الوَالِي عَنْ مُرَافِقِي وَسَأَلَ: "ألسِّي أَحْمَد أَشْ خَصّ الخَاطَرْ"، فَاجَأَنِي السُّؤَالُ، وَبِسُرْعَةٍ اِمْتَدَّتْ يَدِي وَكَأَنَهَا تَرْتَعِدُ إِلَى نُسْخَةِ مَقَالِي وَقُلْتَ لَهُ: "أَرْجُو أَنْ تَقْرَأَ هَذَا المَقَالَ السَّيِّد الوالي، هَذَا هُوَّ اِللِّي تَيْخصْني جَزاكَ اللهُ خَيْراً".
أرْجَعَنِي إِلَى المَكْتَبِ، وَألْقَى نَظْرَةً عَلَى المَقَالِ، وَرَفع الهَاتِفَ يُرِيدُ أَنْ يُكَلِّمَ شَخْصًا ثُمَّ وَضَعَهُ. قَالَ لِي: "سَأَنْظُرُ فِي الأَمْرِ". لَمْ يَمُرَّ مِنْ الوَقْتِ إِلَّا قَلِيلٌ، حَتَّى أَخْبرنِي صَاحِبِي بِأَنَّ السَّيِّد الوَالِي "حَرَّرَ" الحارثي مِنْ" مُسْتَعْمِرِيهِ" وَأَنَّ إِصْلَاحَاتهُ سَتَبْدَأُ… عَادَ للحارثي رواؤُه وَجَمَالُه، وَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْ بَرْنَامَجِ السَّيِّدِ الوَالِي أَنْ يُعِيدَ لِقَاعَةِ الزُّجَاجِ وَالمَعْهَدِ المُوسِيقِي سَالِفَ عَهْدِهِما لَوْلَا اِنْقِضَاء مَأْمُورِيَّتِهِ فِي مَرَّاكِش..
مَا كُنْتُ فِي يَوْمٍ مِنْ الأَيَّامِ، سَيِّدِي العُمْدَةُ، أُفَكِّرُ فِي أَن أَرْوي هَذَا الأَمْرَ لِلنَّاسِ كَافَّة، فَقَدْ كَانَ مِنْ خَاصَّتِي، غَيْرَ أَنْ مَا عَزَمْتُمْ عَلَيْهِ فِي شَأْنِ الحارثي، جَعَلَنِي أَتَخَلَّى عَنْ خُصُوصِيَّاتِي لِأُدَافِعَ عَنْ حَقٍّ، وَهَذِهِ هِيَ آلِيَّاتُ دِفَاعِي عَنْ مَا اسْتَرْجَعْتُهُ بِوَصْفِي كَاتِبًا حَيْثُ وَقَّعَتْ المَقَالَة بِقَولِي "مَا ضَاعَ حَقٌّ وَرَاءَهُ كَاتِبٌ".
أَيَحِقُّ لِأُسْتَاذٍ وَهُوَ صَاحِبُ عَقِيدَةٍ، أَنْ يَنْزِعَ منْ شَخْصٍ ملْكًا عَامًا دَافَعَ عَنْهُ بِقَلَمِهِ الخَاصِّ لِيُرْجِعَهُ إِلَى أَجْيَالٍ مِنْ أَبْنَاءِ مَرَّاكِش، أَنَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَالجُلُّ مِنْهُمْ كَانَ بِفَضْل مَا قَرَأَ فِي الحارثي، يَشْغَلُ مَنَاصِبَ كُبْرَى فِي الدَّوْلَةِ أَوْ لَا يَزَالُ؟ سَيَكُونُ عَارًا عَلَى صَاحِبِ عَقِيدَةٍ أُسْتَاذٍ أَنْ "يَبِيعَ" جُزْءًا مِنْ هَذَا الصَّرْحِ الجَمِيل إِلَى خَوَاصّ، يُتاجِرُونَ فِيه بِمُقْتَضى مَا تَجْرِي عَلَيه قَوَاعِدُ التِّجَارَةِ، سَيَكُونُ مِنْ العَارِ، أَنْ يُكَدِّرَ صَفْوَ هَذَا الفَضَاءِ الّذِي يَحْمِلُ إِلَيْهُ طِفْلٌ أَوْ شَابٌّ، كَمَا فَعْلَتُ وَفَعَلَتْ أَجْيَالٌ مِثْلِي، كِتَابًا لِيَقْرَأْهُ فِي هُدُوءٍ، فَيَجِد نَفْسَهُ بِين رَفْس القُدُومِ وغَمْغَماتِ الْهَوامِّ وَفَرِّ وَكَرٍّ الشَّاحِنَاتِ مُحَمِّلَاتٍ بِالشَّايِ والإبْزارٍ شَىأْنَ "لَبِّسْرِياتْ".
سَيَكُونُ عَارًا عَلَى صَاحِبِ عَقِيدَةٍ أُسْتَاذٍ، أَنْ يُحَوِّلَ فَضَاء هُوَ أَوْلَى بِالفِكْرِ والتَّدَبُّرِ لِيُصْبِحَ سُوقًا. لَا نُرِيدُ أَيُّهَا السَّيِّد، أَنْ يُصْبِحَ الأُسْتَاذُ الَّذِي يَبْنِي النُّفُوسَ وَالعُقُولَ، مُقَاوِلًا يُلَوِّثُ لِبَاسَهُ الأَنِيقَ بِسَقَطِ "السِّيمَا" وَبُرادَةِ الحَدِيدِ. نُرِيدُ مِنْ الأُسْتَاذِ أَنْ يُتَمِّمَ مَا فَعله رَجُلُ قَانُونٍ عِنْدَمَا أَعَادَ رُوَاءَ الحارثي إِلَيْه، فَيُتمِّمَ المبْدوءَ، بِأَنْ يُعِيدَ بِنَاء قَاعَةِ الزُّجَاجِ، وَقَدْ شَهِدْت أَيَّامَ فَرَنْسَا وَبُعَيْدَ الاِسْتِقْلَالِ مِنْ أَعْرَاسِ الثَّقَافَةِ مَا شَهِدتْ، وَهِيَ بِهَذَا اِرْثٌ لَنا لَا حَقّ لِأَحَدٍ فِي تَكدير صَفْوِه، فَيَكُونُ لكُمْ الفَضْلُ فِي إحْيَاء مَوَاتِها.
نُرِيدُ مِنْ الأُسْتَاذِ صَاحِب العَقِيدَةِ، أَنْ يُعِيدَ بِنَاء مَعْهَدِ المُوسِيقَى، لِتُرَبَّى الأَنْفُسُ عَلَى التَّقْوَى وَالعَدْلِ وَرِفْعَةِ الهِمَّةِ، فَيَكُون لكُمْ الفَضْلُ فِي تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، لَا أَنْ يُهَدِّمَ هَذَا الْمَعْلَمَ لِيُصْبِحَ "مَقْهًى" تُحْتَسىَي فِيهُ كُؤُوسُ الشَّايِ واللهُ أعلم ماذَا.
نُرِيدُ للحارثي أَنْ يَعُودَ لما كَانَ عَلَيْهِ، حَيْثُ تَفَّيَأه تَلَامِذَةُ ثَانَوِيَّاتٍ مِنْ أَرْباضِ مَرَّاكِش وَنَوَاحِيهَا، بَعْد عَيَاءٍ مِنْ طُقُوسِ دَاخِلِيَّات الثَّانَوِيَّاتِ، وَالأَوْلَى أَنْ تَشْعُروا أَنْتُم بِالضَبْطِ بِهَذَا الأَمْرِ.. السَّيِّدُ العُمْدَةُ، لَا يَحِقُّ لكُمْ أَنْ تَنْزِعُوا مِنِّي وَمِنْ أَبْنَاءِ مَرَّاكِش، مِنْ جيليَ وَمِمَّنْ هُم قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ بَعْدَهُ، حَقَّنا هَذَا، فَقَدْ اِسْتَرْجَعْتُهُ بِقَلَمِي وَبِحَقِّ أَبْنَاءِ مَرَّاكِش مِنْ جِيلِي. وَبَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ شَرَفُ الأسْتاذِيَّة وَحَقُّ القَلَمِ وَوَاجِبُ اِحْتِرَامٍ مَا اسْتَرَّدهُ مَنْ هَمَّهُمْ أَمْرُ مرَّاكِش.
سَيِّدِي لَا تَقُولُوا هَذَا شَأْنٌ ثَقَافِيٌّ فَهُوَ "مَتْحَفٌ". فَبِمُجَرَّدٍ مَا يُصْبِحُ فِي الأَمْرِ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ للشَّايِ والتوَابِلِ فَإِنَّهُ "سُيبير مَا رَشِّي super marché" لَا عَلَاقَة لَهُ بِالثَّقَافَةِ. فَلتَفْتَحُوا هَذَا "المَتْحَفَ" فِي مَكَان آخَرَ بَعِيدًا عَنْ جَنَانِ الحارثي، وَلَا أَحَدَ مِنْ أَمْثَالِي يَتَدَخَّلُ فِي شَأْنِكُمْ، إِذَا اِبْتَعَدْتُمْ عَنْ صِفَتِكُمْ أُسْتَاذًا يُرَبِّي النُّفُوسَ وَصِرْتُمْ إِنْسَانًا يَهْتَمُّ بِتَنْمِيَةِ الفُلُوسِ.
إِنَّ أَصْحَابَ المَشْرُوعِ حَرَّفُوا "مَفْهُومَ التُّرَاثِ المَعْنَوِيّ" عَنْ مَوَاضِعِهِ، إِذْ أَرَادُوا زَوَالَ رَمَزِيَّةِ المَعْهَدِ المُوسِيقِي الْعَتِيد والحارثي العَرِيقِ، وهو تُرَاثٌ مَعْنَوِيٌّ، بِبِنَاءِ إسْمَنْتِيٍّ حَدِيدِيٍ يُصْبِحُ مَقْهًى لِلشَّايِ أَوْ لِمَا شَاءَ اللهُ. أَيُّ تُرَاثٍ مَعْنَوِيٍّ هَذَا؟ إِنْ مَا يُفْهَمُ مِنْ تَصَوُّرِ أَصْحَابِ المَشْرُوعِ، هُوَ مَتْجَرٌ كَبِيرٌ لِلبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَمَا يُفْهَم مِنْ مُوَافَقَة المُوَافِقِينَ علَى المَشْروع، وَقَدْ وَضَعْنَا فِيهِمْ ثِقَثَنَا، هُوَ كَيْفَ تُقَسَّمُ المَدَاخِلُ؟ ثُمَّ وَالعَجَبُ هُنَا، مَنْ نَحْنُ فِي صُنَّاعِ الشَّايِ حَتَّى تَلَْبسنَا الْحَمَيَّةُ فَنَبْنِي لَهُ مَتْحَفًا؟
أَلَيْسَتْ الصِّينُ أُولَى مِنَّا بذَلِكَ وفي أرْضِها لا أَرضِ الحارثي؟ أوْ عَلَيْنَا أَنْ نَتْرُكَ الصِّينَ تُقِيمُ المَعَاهِدَ المُوسِيقِيَّةَ فَلَا رِبْحَ فِيهَا كَما تَرَى ذلكِ خِبْرَةُ القَائِمِين على المشْروعِ الطَّويلَةُ في مَجَالِ تَسْويقِ الشَّاي" وَنَبْنِي نَحْنُ الأَسْمَنْتَ وَالحَدِيدَ بِاسْمِ التُّراثِ المَعْنَوِيّ؟ يا أصْحابَ المَشْروع، إذا أَرَدْتُم الحِفَاظَ عَلَى التُّراثِ المَعْنَوي، فَجَدِّدوا الَمعْهَدَ المُوسِيقِيّ وَخَصِّصوا جناحاً منه للشَّاي بالمجان. لاَ حَقَّ لِمَنْ لا يَمْلِكُ، أنْ يُعْطِيَّ لِمَنْ لا يَسْتَحِقُّ.
*مؤرخ وجامعي
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
شحلان يراسل عمدة مراكش: مَعلمة جنان الحارثي تراث معنوي
رسالة مفتوحة إلى السيد عمدة مدينة مراكش
جنان الحارثي دمعة في عين الكاتب
مَقَالَةٌ فِي فَلْسَفَةِ السَّفْسَطَة.الوَهْمُ الكَبِيرُ أَوَ هِيَ لُعْبَةُ الشَّيْطَانِ؟
محمد حلمي: الشاعر منشد الحرية
أبلغ عن إشهار غير لائق