زلزال الحوز.. تعبئة متواصلة بمراكش من أجل تنفيذ عملية إعادة البناء على الوجه الأمثل    إطلاق خط بحري جديد بين المغرب وأوروبا الغربية بإشراف دي بي وورلد    تونس.. تأجيل انطلاق أسطول "الصمود العالمي" الذي ينقل مساعدات إلى قطاع غزة    آسفي.. إيقاف شخصين ظهرا في فيديو يوثق تبادلهما للعنف بالشارع العام    غزو القضاء يتواصل بإطلاق 24 قمرا اصطناعيا جديدا    رصد فلكي غير مسبوق لمذنب يقترب من المجموعة الشمسية    المكتب المسير لمولودية وجدة يعبر عن رغبته في إعادة سندباد الشرق لأمجاده    غضب وانتقادات على مواقع التواصل بعد تعليق للركراكي اعتبر مسيئاً لوجدة والشرق    الأمم المتحدة: هلال يختتم بنجاح المفاوضات بشأن الإعلان السياسي للقمة الاجتماعية الثانية المرتقبة في الدوحة    سلا.. تفكيك شبكة لترويج المخدرات وحجز أكثر من 1200 قرص مهلوس وكوكايين    "غروب".. مسرحية تفتش في وجع الإنسان وتضيء انكساراته بلوحات شعرية    إنفانتينو يحتفي بالمغرب بعد تأهله إلى مونديال 2026        المغرب يستقبل شحنات جديدة من الأعلاف الروسية    السطو المسلح يقود ستة أشخاص للإعتقال بالدار البيضاء        زيادة ملحوظة في حركة المسافرين عبر مطار الحسيمة الشريف الإدريسي    الفتح الرباطي يدخل الموسم الجديد بطموح المنافسة على الألقاب    تظاهرة حاشدة في لاهاي ضد تجريم الإقامة غير النظامية بهولندا    تواصل أشغال الربط السككي بميناء الناظور غرب المتوسط ب111 مليون درهم    المغرب يسجل واحداً من أعلى معدلات السمنة في إفريقيا.. والنساء الأكثر تضرراً    المراهق الإيطالي الراحل كارلو أكويتس يصبح أول قديس لجيل الألفية    تل أبيب: وقف الحرب مرهون بشروط    طقس الاحد .. زخات رعدية بالريف ومناطق اخرى    إقليم فكيك يتصدر مقاييس الأمطار    الجمارك تحجز باخرتين بالأبقار البرازيلية وتطالب بملياري سنتيم ضريبة    هزائم تدفع رئيس وزراء اليابان للتنحي    دراسة: عصير الشمندر يُخفّض ضغط الدم لدى كبار السن    المنتخب الوطني المغربي يصل إلى ندولا استعدادا لمواجهة زامبيا    دراسة : السلوك الاجتماعي للمصابين بطيف التوحد يتأثر بالبيئة    فيدرالية اليسار الديمقراطي تدين الملاحقات ضد مناضليها وتحذر من تقويض الديمقراطية عشية الانتخابات    متابعة رئيس جماعة سيدي قاسم بتهمة التزوير وإخفاء وثيقة    وفاة سائح مغربي وإصابة زوجته في حادث القطار المائل "غلوريا" بالعاصمة البرتغالية    لهذا حرية ناصر الزفزافي... انتصار لوحدة المغرب وفشل لمناورات الخارج    البراهمة: "استمرار اعتقال نشطاء الريف ينص جرحا مفتوحا في مسار العدالة والحقوق بالمغرب"    العصبة الاحترافية تفرج عن برنامج الجولتين الأولى والثانية من البطولة الوطنية    مهرجان البندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    منير الحدادي يفاجئ الجميع بتوقيعه لفريق إيراني    أسعار المحروقات تتراجع دوليا وتباع بضعف قيمتها محليا    المغرب.. جدل متصاعد حول التمويل العمومي للأحزاب مع اقتراب انتخابات 2026    فيليز سارسفيلد يحرز لقب كأس السوبر الأرجنتيني بفوزه على سنترال كوردوبا    إصابة سيدتين في حادث سقوط سقف جبصي داخل منزل بطنجة    المهرجان السينمائي الدولي للبندقية.. فيلم "Calle Malaga" لمريم التوزاني يفوز بجائزة الجمهور    فيلم "صوت هند رجب" عن غزة يفوز ب"الأسد الفضي" في مهرجان البندقية    إسرائيل تدمر أبراجا سكنية جديدة في غزة وتدعو لإخلاء المدينة    مهرجان اللوز بآيت تكلا بأزيلال يكرس مكانته كرافعة للتنمية والتراث المحلي    نمو مطار الحسيمة.. أزيد من 92 ألف مسافر في 8 أشهر    مختبر المغرب و البلدان المتوسطية و مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي يوقعان اتفاقية شراكة    انطلاق الدورة الخامسة للمهرجان الدولي للفن التشكيلي بتطوان    افتتاح الدورة ال13 للمهرجان الدولي "ملحونيات" بأزمور    ألمانيا تدشن الحاسوب الفائق "جوبيتر" لتعزيز قدرتها في الذكاء الاصطناعي    نقد مقال الريسوني    الصحة العالمية تقرر رفع حالة الطوارئ بخصوص جدري القردة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    مبادرة ملكية لتبسيط فقه الزكاة وإطلاق بوابة رقمية للإجابة على تساؤلات المواطنين    موجة جديدة من كوفيد-19 تضرب كاليفورنيا    لحظات من الحج : 13- هنا روضة النبي،وهناك بيت الله‮    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاماب: الإعفاءات الأخيرة أنهت زمن التساهل
نشر في كشـ24 يوم 12 - 12 - 2017

الإعفاءات الأخيرة التي طالت وزراء من الحكومة الحالية ومسؤولين مركزيين ومحليين، على خلفية تعثر مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” حدثا مهما، ميز سنة 2017 ولحظة أساسية في التعاطي مع تدبير الشأن العام وتكريس ربط المسؤولية بالمحاسبة، الذي يعد أحد الأركان الهامة في دستور المملكة.
لقد عبرت القرارات غير المسبوقة أو ما بات يعرف في قاموس الممارسة السياسية الوطنية ب “الزلزال السياسي”، بالمغرب نحو مرحلة أصبح فيها مدبر الشأن العام مطالبا أكثر من أي وقت مضى بالاحترام التام للواجبات والالتزامات والنهوض بالمسؤولية على أكمل وجه.
كما تم التأكيد على أن المحاسبة لا تقتصر على فئة دون أخرى من منطلق أن الجميع سواسية أمام القانون وأن لا أحد محاط بالحماية، سواء كان مسؤولا حزبيا أو إطارا تقنوقراطيا صغيرا أو رفيع المستوى، وهو ما تم التعبير عنه بصراحة في خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش لهذه السنة، حين قال جلالته “فكما يطبق القانون على جميع المغاربة، يجب أن يطبق أولا على كل المسؤولين بدون استثناء أو تمييز، وبكافة مناطق المملكة”.
ولئن كانت هذه القرارات محطة فارقة في مسار تصحيح الإختلالات التي شابت تدبير الشأن العام بصفة عامة والمشاريع التنموية المهيكلة بصفة خاصة، ومستوى متقدما من مستويات تكريس مبدأ الحكامة والشفافية والنزاهة، فإن الآليات التي تم الاحتكام إليها لصدور هذه القرارات الكبرى، استندت بدورها إلى المقتضيات الدستورية المؤطرة لصناعة القرار وبالتالي لم يتم ترك الأمر عرضة للإرتجالاية أو المزاجية.
وعلى الرغم من أن الخلاصات المتعلقة ببرنامج “الحسيمة منارة المتوسط” التي تضمنها تقرير المفتشية العامة لوزارة الداخلية وكذا المفتشية العامة لوزارة المالية كانت واضحة وصريحة، فإن جلالة الملك حرص انطلاقا من احترام نص الوثيقة الدستورية، على تمكين المجلس الأعلى للحسابات كمؤسسة وطنية دستورية من ممارسة مهامه الرقابية انطلاقا من الفصل 147 من الدستور، الذي ينص على أن المجلس الأعلى للحسابات يمارس “مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية”.
لقد اندرجت التدابير والعقوبات التي اتخذها جلالة الملك في حق عدد من الوزراء والمسؤولين السامين في إطار الاحترام التام للقانون، انطلاقا من المهام الدستورية لجلالة الملك، باعتبار جلالته الساهر على حقوق المواطنين وصيانة مصالحهم، ولأحكام الفصل الأول من الدستور، وخاصة الفقرة الثانية منه، المتعلقة بربط المسؤولية بالمحاسبة؛ وبناء على مختلف التقارير المرفوعة من طرف المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والمجلس الأعلى للحسابات، وبعد تحديد المسؤوليات، بشكل واضح ودقيق، يأخذ بعين الاعتبار درجة التقصير في القيام بالمسؤولية.
ويشار إلى أن الإعفاءات التي اعتبرت حدثا مهما في التاريخ السياسي للبلاد، سواء من حيث الوزن السياسي للمعفيين أو من حيث عددهم، همت كلا من محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة والحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرا للصحة في الحكومة السابقة ؛ والعربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف بالتكوين المهني، بصفته مديرا عاما لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقا، وعلي الفاسي الفهري بصفته مدير المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. ولم يقتصر الإعفاء على المسؤولين الحكوميين الحاليين بل إن القرارات العقابية طالت مسؤولين في الحكومة السابقة معنيين كذلك بالاختلالات، التي شابت مشروع الحسيمة منارة المتوسط، إذ قرر جلالة الملك، تبليغهم عدم رضاه عنهم، لإخلالهم بالثقة التي وضعها فيهم، ولعدم تحملهم لمسؤولياتهم، مؤكدا أنه لن يتم إسناد أي مهمة رسمية لهم مستقبلا.
ويتعلق الأمر بكل من رشيد بلمختار بنعبد الله، بصفته وزير التربية الوطنية والتكوين المهني سابقا ولحسن حداد بصفته، وزير السياحة سابقا؛ ولحسن السكوري، بصفته وزير الشباب والرياضة سابقا؛ ومحمد أمين الصبيحي، بصفته وزير الثقافة سابقا؛ وحكيمة الحيطي، كاتبة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة بالبيئة سابقا.
ومن جانب آخر، تجاوزت القرارات التي اتخذها صاحب الجلالة، المفهوم التقليدي لربط المسؤولية بالمحاسبة المنحصر في الإختلالات المالية والاختلاسات، مع العلم أن تقرير المجلس الأعلى برأ المعفيين من هذه التهم، إلى مفهوم أوسع يدخل إلى دائرة الحساب كل من تهاون في أداء المهمة أو حاول إلقاء المسؤولية على طرف آخر أو ساهم في تعطيل مشروع
وبالنظر لقوة “الزلزال السياسي”، فإن ارتداداته لا زالت متواصلة إلى اليوم، وهو ما يتجلى في العديد من مهام الافتحاص التي يقوم بها المجلس الأعلى للحسابات والتحقيقات التي فتحتها وزارة الداخلية على صلة بمجموعة المشاريع المتعثرة أو على ارتباط بالاحتجاجات التي عرفتها بعض المناطق على خلفية بعض الأزمات، ومنها الاحتجاجات التي عرفتها زاكورة بسبب ندرة المياه الصالحة للشرب وكذا كارثة التدافع بسبب الاستفادة من مساعدات غذائية والتي شهدتها جماعة بولعلام بالصويرة وأسفرت عن مصرع 15 سيدة، حيث يشمل التحقيق مسؤولين كبار على مستوى الإدارة الترابية والجماعات المحلية.
واستمرارا لسياسة تجسيد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، حمل بلاغ الديوان الملكي الذي صدر أمس الاثنين بمناسبة استقبال جلالة الملك لرئيس الحكومة ووزير الداخلية والرئيس الأول للمجلس الاعلى للحسابات، بحضور مستشار جلالة الملك السيد فؤاد عالي الهمة، قرارات جديدة تتماشى مع التعليمات السامية، التي سبق أن أصدرها جلالته بتاريخ 24 أكتوبر 2017، والمتعلقة بتقييم عمل المجالس الجهوية للاستثمار من طرف المجلس الأعلى للحسابات، وبقيام وزارة الداخلية بالتحريات اللازمة على الصعيد الوطني، بشأن المسؤولين التابعين لها، بمختلف درجاتهم.
وأكد البلاغ أنه تفعيلا للمبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت تقصيرهم في القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم المهنية، رفع وزير الداخلية للنظر الملكي السديد مقترحات إجراءات تأديبية في حق المسؤولين، بحيث تم توقيف والي وستة عمال عن ممارسة مهامهم، وإحالتهم على المجالس التأديبية المختصة في حين أنه بالنسبة للمسؤولين المنتمين لباقي درجات رجال السلطة فقد تم توقيف 86 رجل سلطة عن ممارسة مهامهم، في أفق عرضهم على أنظار المجالس التأديبية المختصة، قصد توقيع الجزاءات المناسبة وتوجيه توبيخ ل87 رجل سلطة.
وإلى جانب المستوى العقابي، الذي يعد أبرز أوجه ضمانات ربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن هذه القرارات الاستثنائية، وكذا الأحداث الاجتماعية التي حركتها، دفعت بمسؤولين حكوميين إلى القيام بزيارات ميدانية مكثفة للعديد من المناطق بمختلف الجهات لتفقد المشاريع الجاري تنفيذها والاستماع لحاجيات الساكنة، وهي خطوة مهمة من شأنها توفير الشروط الكفيلة بضمان تحقيق الشفافية والحكامة واحترام الالتزامات وتنفيذها على نحو أمثل.
وعلاقة بالفاعل السياسي، الذي تبقى مسؤوليته ثابتة في الفشل كما في النجاح، فقد شكل الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية نقطة انطلاق لإحداث تحول سياسي كبير بالمغرب خصوصا وأن اللغة التي جاء بها كانت “واضحة وصارمة”، حيث دعا جلالته إلى ضرورة التحلي بالموضوعية وتسمية الأمور بمسمياتها واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن المعتاد بإحداث زلزال سياسي.
ويبقى المجال السياسي بمفهومه الواسع، في حاجة إلى إصلاح حقيقي لتنمية ثقافة المواطنة وتقوية المؤسسات وتجاوز الحسابات السياسوية، بما يعيد للسياسة جاذبيتها ويقود إلى تحقيق بناء ديمقراطي على أسس سليمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.