تحوّل ملف المحطة الطرقية الجديدة بمدينة الجديدة إلى واحد من أكثر المشاريع إثارة للجدل بالإقليم، بعدما ظلّت هذه البناية الجاهزة مغلقة لسنوات، رغم الأموال التي صُرفت عليها والاجتماعات المتكررة التي عقدت بشأنها. تعاقب أربعة عمّال.. والواقع ثابت من خلال تتبع مسار المشروع، يتضح أنه مر عبر أربع ولايات متتالية لعمال الإقليم : الكروج، الخمليشي بالنيابة، العطفاوي، وصولا إلى سيدي صالح داحا المعين مؤخرا ... وكلهم وقفوا على المشروع دون أن ينجح أحدهم في إخراجه إلى حيّز الخدمة. زيارات ميدانية، اجتماعات تقنية، ووعود بقرب الافتتاح... لكن الوضع بقي كما هو: محطة جاهزة لكن مغلقة. شركة التنمية المحلية.. إطار وُجد ولم يفعل تم إنشاء شركة التنمية المحلية "شركة المحطة الطرقية بالجديدة" بهدف تدبير المرفق وفق مقاربة عصرية وشفافة. غير أن هذا الإجراء بقي دون أثر ملموس، وظل تدبير المشروع عالقاً بين الجماعة والقطاعات الوزارية، ما عمّق حالة الجمود. تحفظ وزارة النقل.. العقبة الأكبر تتقاطع كل التقارير حول نقطة مركزية:وزارة النقل ما تزال تتحفظ عن منح الترخيص النهائي لافتتاح المحطة، بسبب ملاحظات تقنية وتنظيمية مرتبطة بالسلامة، ومسارات الحافلات، ودفتر التحملات، ومعايير محطات الجيل الجديد. ورغم الاجتماعات المتعددة التي عقدها المسؤولون لإقناع الوزارة بالإفراج عن الترخيص، إلا أن الملف ما يزال رهين تقييمات لم تحسم منذ سنوات. حتى البرلمان لم ينجح في تحريك الملف لم يتوقف الضغط عند مستوى الجماعة أو الإقليم؛ فالموضوع وصل أكثر من مرة إلى قبة البرلمان عبر أسئلة برلمانية كتابية وملتمسات تدعو الوزارة إلى توضيح أسباب التأخير. ورغم ذلك، لم يتغير شيء، وظلت الاجابات العامة للوزارة بعيدة عن تقديم أي موعد أو التزام واضح بفتح المحطة. هذا "الصمت المؤسساتي" ساهم في ارتفاع منسوب الاستياء لدى سكان المدينة الذين يعتبرون أن حرمان الجديدة من محطة طرقية ( عصرية) لم يعد مفهوماً. مدينة متضررة.. ومرفق ينتظر القرار في الوقت الذي تتنامى فيه حركة السفر، وتزداد حاجة الساكنة والزوار إلى مرفق حديث للنقل، تستمر المحطة القديمة بشارع محمد الخامس في الاشتغال بطاقة محدودة لا تواكب توسع المدينة. أما المحطة الجديدة، التي كان يُفترض أن تكون واجهة حضرية حديثة، فقد تحولت إلى مبنى صامت يطرح أسئلة كثيرة حول نجاعة تدبير المشاريع العمومية بالإقليم. شكايات قضائية تكشف أن الملف أكبر من مجرد "تأخر إداري" تجاوز ملف المحطة الطرقية الجديدة حدود النقاش التقني والانتقادات المحلية، ليصل إلى مستوى الشكايات القضائية المباشرة التي وضعتها هيئات مدنية أمام النيابة العامة، متهمة المشروع بكونه "ورشا مشوبا بشبهات اختلالات بنيوية". وتضمنت هذه الشكايات معطيات ثقيلة تتعلق ب تفويتات عقارية مثيرة للجدل، وتغيير وُجهات الاستغلال، وصفقات يشوبها غموض في المساطر والاعتمادات المالية، وهو ما دفع لجان تفتيش مركزية إلى النزول إلى الميدان للتحقيق وجمع الوثائق. ووفق مصادر متطابقة، فقد جرى إحالة أجزاء حساسة من الملف على القضاء قصد التدقيق في مسؤوليات محتملة، وهو تطور يعكس حجم الاضطراب الذي رافق هذا المشروع منذ إطلاقه. ورغم خطورة الشبهات المثارة، ما يزال الغموض سيد الموقف، في ظل غياب أي إعلان رسمي عن مآل التحقيقات، الأمر الذي يزيد شكوك الساكنة ويعمّق الإحساس بأن تعثر افتتاح المحطة ليس وليد الصدفة، بل نتيجة اختلالات متراكمة لم يُكشف عنها بعد. فبين تحفظ وزاري، وغموض إداري، وتعاقب المسؤولين، وتدخل البرلمان دون نتيجة، يظل ملف المحطة الطرقية الجديدة نموذجاً لتعثر مشروع عمومي جاهز لكنه يفتقر إلى الجرأة القرار، في انتظار خطوة حاسمة قد تنهي سنوات الانتظار.. ✍️إدريس بن يزة