المغرب يحتفي بجهود القوات المسلحة    العلمي يزور الصين مع وفد برلماني    مبيعات الاسمنت تتجاوز 4,10 مليون طن نهاية شهر أبريل    الطلب والدولار يخفضان أسعار النفط    شح الوقود يهدد خدمات الصحة بغزة    ماركا.. إبراهيم دياز قطعة أساسية في تشيكلة ريال مدريد    الزمالك يشهر ورقة المعاملة بالمثل في وجه بركان    مندوبية السجون توضح بخصوص تشغيل سجناء لفائدة بارونات المخدرات    توقيف عشريني قام بدهس 3 أشخاص بأكادير بواسطة سيارة    هام لتلاميذ البكالوريا بالناظور.. هذه هي تواريخ الامتحانات والإعلان عن نتائجها    المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة يحتفي بالسينما المالية    محامو المغرب يدخلون على خطّ اعتقال محامية في تونس.. "اعتقال الدهماني عمل سلطوي وقمعي مرفوض"    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    ثاني أكسيد الكربون.. إقرار قواعد أوروبية أكثر صرامة بالنسبة للمركبات الثقيلة    توقعات أحوال الطقس غدا الثلاثاء    من البحر إلى المحيط.. لماذا يتحول مسار الهجرة من المغرب إلى أوروبا؟    إضراب وطني يفرغ المستشفيات من الأطباء والممرضين.. والنقابات تدعو لإنزال وطني    سي مهدي يثور في وجه بنسعيد    حماقات النظام العسكري الجزائري تصل للبطولة الوطنية    كيف يستعد المغرب للعرس الكروي الإفريقي 2025 والعالمي 2030… ساري يجيب "رسالة24"    الارتفاع يطبع تداولات بورصة الدار البيضاء    الدار البيضاء تحتفي باليوم الوطني للمسرح    شطيرة نقانق عملاقة تزين ساحة "تايمز سكوير" بنيويورك    تحقيق السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي    من يجبر بخاطر المتقاعدين المغاربة؟!    تحليل آليات التأثير الثقافي في عصر الرقمنة    قنصلية متنقلة لفائدة مغاربة إسبانيا    بنموسى يكشف أسباب تسقيف سن ولوج مباريات التعليم    مصر تُهدد بإنهاء "كامب ديفيد" إذا لم تنسحب إسرائيل من رفح    كأس الكونفدرالية الإفريقية: نهضة بركان يفوز على الزمالك المصري في ذهاب النهائي (2-1)    تليسكوب "ليزا"...    الأساطير التي نحيا بها    الدرس الكبير    السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب    هل انفصلت فاطمة الزهراء لحرش عن زوجها؟    ليلة ثالثة من الأضواء القطبية مع استمرار عاصفة شمسية "تاريخية"    تراجع صرف الدولار واليورو بموسكو    الاعلان عن اختفاء قاصر من بليونش بعد محاولة هجرة إلى سبتة سباحة    الاشتراكيون يفوزون في انتخابات إقليم كتالونيا الإسباني    "المراهنة على فوضى المناخ".. تقرير يفضح تورط المصارف العالمية الكبرى في تمويل شركات الوقود الأحفوري    فيلم الحساب يتوج بالجائزة الكبرى في برنامج Ciné Café    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    لماذا قرر حزب بهاراتيا جاناتا الهندي الحاكم أن لا يخوض الانتخابات في إقليم كشمير؟    ما الذي قاله مدرب نهضة بركان بعد الانتصار على الزمالك المصري؟    "إغلاق المعبر يعني أن أفقد قدمي الثانية" شهادات لبي بي سي من مرضى ومصابين في رفح    كرة اليد.. اتحاد طنجة يتأهل لربع نهائي كأس العرش    إبراهيم صلاح ينقذ "رين" من خسارة    دفاتر النقيب المحامي محمد الصديقي تكشف خبايا مغربية عقب تحقيق الاستقلال    لقاء لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار بفاس حول الحصيلة المرحلية للعمل الحكومي    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الخفي"
نشر في خريبكة أون لاين يوم 22 - 10 - 2012

صباحا .. حرص على أن يكون أول الواصلين إلى مقر المصلحة و لسان حاله يردد مبدأ تشربه من الصغر "إلي بغا يقضي غرضه .. يفيق بكري " تناول بضع لقيمات على عجل و خرج ..
رتب بقية ملابسه و أفكاره و أوراقه في الطريق التي كانت خطواته تلتهمها كجائع لم يصدق أن تصل إلى يديه كسرة خبز صغيرة ،فانقض عليها يزدردها بنهم.. طيلة الطريق ظل يسابق من يمشون أمامه و كلما رأى احدهم مسرعا في نفس طريقه كان يردد بتحسر واضح..-"أويلي ..يا ويلي .. تعطلت ..سبقني".و كان يزيد من نهمه في التهام الطريق التي بدأت تبدو أطول على غير عادتها.وصل إلى باب المصلحة أخيرا،ووقف يلتقط أنفاسه تلفت حوله تأكد من انه من أوائل الواصلين فتنفس الصعداء –"الحمد لله ..لاباس بعدا".
أعاد ترتيب نفسه ،و راجع أوراقه للمرة العاشرة ربما هذا الصباح كل شيء على ما يرام وقف على أهبة الاستعداد مقابل باب المصلحة الموصد وقف كجندي ينتظر أمرا معينا لينفذه.. إلى جانبه وقف شخص آخر فهتف – "السلامو عليكم".. لم يجبه الأخر بل ظل يلتقط أنفاسه و هو يراجع ملفه فحول نظره عنه إلى بقية المتقاطرين على المكان صاروا كالذباب الآن لكن لا يهم وصلت مع الأوائل خاطب نفسه .. بعد ساعة أو بضع الساعة استيقظ المكان من سباته و تحول رويدا رويدا إلى فضاء يمتلئ اصواتا و بشرا ..بدأ الموظفون في التوافد على المصلحة تسمر مع الكثيرين أمام الباب مباشرة و كلما مر به موظف كان يهمس:
- "السلامو عليكم.." لكن لم يكن يتلقى أي جواب .. ما بهم هؤلاء البشر السلام ديال الله ...دلف مع أول الداخلين إلى المصلحة و ووقف بجانب الموظف الذي ظل للحظات يعالج بابا مهترئا بمفتاحه و هو يصر أسنانه غيظا صامتا و ردد – "السلامو.. عليكم" نفس الرد الذي طفق يتلقاه منذ الصباح .. صمت بحجم المسافات التي صارت تفصل بين هؤلاء البشر. صمت فتحه ذاك الصباح على الكثير من الوساوس .. ما إن فتح الباب حتى كان بملفه أمام المنضدة مباشرة
- السلامو .. عليكم خويا هاد الوريقات بغيت ... ضاعت بقية الجملة في حلقه الموظف لم يكلف نفسه حتى رفع بصره إليه تنبه إلى أن صوته كان فارغا شفافا كأنه بلا صدى .. كأنه يخرج من جسد أخر .. بدا شك ما يخامره شيئا فشيئا –ماالذي يحدث هذا النهار .. اش واقع
- حاول التنحنح و اعادة نفس الجملة لكن معالمها هذه المرة ضاعت في ضوضاء صوت اجش انبرى من خلف كتفه مباشرة
- سي عبد العليم الله يسعد الصباح ..
- صباح الخير .. رد الموظف وهو يرفع عينيه اخيرا عن بضعة اوراق تراكمت امامه ... اهلااا سي الحاج كي داير
- مد يده ليصافح "اللقب" و للحظات فقط خيل لصاحبنا أن يد الموظف عبرته لتستقر في اليد الممدودة من خلفه ..كانه لا مرئي تماما كانه الوحيد الذي يعي وجوده ..
تلفت يمنة و يسرة لعله يجد جوابا ما في أعين من يحيطون به لكن راعه أن يجد نظراتهم تائهة في مجالات ما حوله، بتاتا لم تستقر عينه في عين أي شخص منهم بالإضافة إلى أن نظراتهم عليه كانت شبه ساهمة بوجوم مريب يحيط بها بل أنها كانت تعبره ببساطة دون الوقوف عند المساحة التي يشغلها جسده ..
-ما الذي يحدث ااش وااقع؟؟كأنني صرت لا مرئيا.
تزايدت سرعة نبضات قلبه و غلى الدم في رأسه غيظا و هو يرى الأيادي تعبره الواحدة تلو الأخرى لتستقر في يد الموظف و هو واقف في مكانه فتنحنح و هو يدفع بملف أوراقه ليضعه على سطح المكتب لكن الجموع خلفه شرعت تبتلعه ببطء ..شرعت تمتصه لتلقي به إلى الخلف بعيد دقائق معدودات و جد نفسه في مؤخرة الرتل بملفه المنفوش ،حاول العودة جاهدا إلى مكانه في المقدمة لكن المناكب صارت تعلو و تعلو و الأجساد صارت أكثر تلاحما في فوضويتها الصاخبة و هي تعتصر المساحات الضيقة جدا بينها لتصير كتلة واحدة من الظهور و الروائح و الأصوات بدا كطفل صغير يحاول اختلاس النظر لمشاهدة "الحلقة" لكن الأجساد أمامه تسد عليه مجال الرؤيا تذكر طفولته و تلك اللحظة التي كانت تمتد فيها يد ما لترفعه إلى أعلى ليتفرج .. تمنى أن تمتد تلك اليد من جديد لترفعه لكن لا جدوى لا أمل ..
-وا الإخوة راني جيت مع الأولين .. وا الخوت ...وااا ضاعت هذه الجملة أيضا كمثيلاتها في نفس الصخب تعرّقت جبهته و تهيجت أوداجه فشرع يقفز رافعا عقيرته بالصراخ–واسي عبد العليم و اا سي عبد العليم ...،ملوحا بملفه لكن جمله هذه المرة اختنقت في الفضاء الذي صاريعج بأصوات الدراهم و هي ترن و تطن متنقلة من جيب إلى يد و من يد إلى .. يد أخرى ..و صوت الأختام و هي تهوي بعصبية على الأوراق لتترك فيها بقعا حمراء قانية ..
تأكدت كل مخاوفه دفعة واحدة وهو يردد بعد فشل جميع محاولاته
-ويلي لقد صرت لامرئيا ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.