قطار الموت يتجاوز قطار الحياة أيهم أسرع: قطار الخليع أم قطار ابن كيران؟ قطار الموت والدمار يشرف على إدارته السيد الخليع، والاسم مشتق من فعل خلع، أي أزال وأزاح بقوة كقولنا خلع خفيه، وخله أضراسه المؤلمة، وقد يكون مشتقا من الكلمة العامية "خلع" بمعنى أخافه وأرهبه، وقد يكون الاسم بمعنى الأكلة المغربية "الخليع" وهي معدة من اللحم المجفف والشحم الذي يطبخ على النار، وبهذه المعاني مجتمعة يكون مدير السكك الحديدية يرهب سكان القصر الكبير معرضا حياتهم للخطر، ويقتل أطفالهم ورجالهم ونساءهم، ويسحق أجسادهم، قد يحولها مجازا إلى خليع يطعم به سكان المدينة في مأتم رهيب، يوم تأبين ضحيا قطار الموت. وفي السكة الأخرى الموازية، يسير ببطء قطار العدالة والتنمية، يقوده زعيم اسمه عبد الإله بن كيران، ويتمنى المغاربة وخاصة سكان القصر الكبير أن يركبوا قطار التنمية والسلامة من الموت والأعطاب والعاهات، فأي القطارين أسرع؟ قطار الموت أم قطار التنمية والحياة؟، وأي السائقين أمهر؟ الخليع أم بنكيران؟، وأيهم أقدر على الوصول بالمواطنين إلى محطة المدينة أو إلى مقبرة الحي؟، ولكي لا نأكل الخليع جميعا - كما يقال في المثل العامي، وهو كناية عن الغفلة والخسارة - يجب أن يتدخل قائد قطار العدالة والتنمية ليحد من تدهور قطار الموت والعاهات، ويحمي سكان مدينة القصر الكبير من سوء تدبير قطاع النقل السككي، بإعادة النظر في مسار السكة وتسييجها حماية لحق المواطنين في الحياة. قطار الموت يجتاز المدينة ويشقها إلى شطرين، الشيء الذي يضاعف من نسبة الخطر والحوادث المميتة، بسبب كثافة تنقل السكان من هذه الضفة إلى تلك، مجبرين على أن يعبروا خمسة معابر، منها ثلاثة غير محروسة، وهذا وحده مؤشر يكفي لاستنتاج مستوى الوعي السلبي لدى إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية بقيمة الإنسان، ورغم أن مهندس أفكاره، وربان قطاره السيد الخليع قد زار مدينة القصر الكبير لتدشين محطة القطار بعد إعادة بنائها، وعاين بنفسه تلك الممرات غير المحروسة، ورغم تنامي نشاط قطار الموت في حصد مزيد من الأرواح البريئة، وضمها إلى سجل إنجازاته الدامية، وقائمة ضحايا حوادثه المميتة، ورغم تعدد وقفات احتجاج السكان على هذا "الإجرام" في حق سكان المدينة، فإن الحال هو الحال، وقطار الرعب لا زال يمارس هواية القتل وصناعة العاهات في أجساد بنات وأبناء ونساء ورجال مدينة القصر الكبير دون عياء أو كلل، أما إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدية فهي لايهمها سلامة السكان بقدر ما يهمها ربح الدرهم والدولار على حساب حق المواطنين في الحياة. فإلى متى تبقى هذه الممرات غير المحروسة تفضي بأبناء المدينة إلى الهلاك؟ وإلى متى يظل سكان القصر الكبير يبكون ضحاياهم وقد جفت دموعهم، ونفذ صبرهم؟، حيث أصبحوا ينظمون اعتصامات متكررة وسط سكة القطار عساهم يجبروه على الاستجابة لمطالبهم، وتخصيص حراس لتلك الممرات القاتلة، قد يقول قائل إن القطار يسير في مسار مخصص له سلفا، وأن السكان هم الذين يعترضون سبيله، ونقول إنه يتسلل كأفعى حديدية في جنح الظلام وفي واضحة النهار ليداهم أنفسا بريئة، والتي حرم الله قتلها إلا بالحق. ومن أجل حماية سكان المدينة، وبعيدا عن جدلية تحديد المسؤولية، ننتقل إلى السكة الموازية، التي يسير عليها قطار العدالة والتنمية بسرعة بطيئة، ورغم أنه يقال في قطاع النقل: " العجلة من الشيطان"، "لا تسرع يا أبي نحن في انتظارك"، نقول لربان قطار التنمية أسرع، فإن سكان القصر الكبير في خطر، وقطار الموت ألحق بهم أضرارا كثيرة، أسرع أيها الربان الماهر لتصل إلى محطة القصر في الوقت المناسب، قبل أن يتحول الاحتجاج إلى سخط، والألم إلى نكبة، والصبر إلى غليان وانفجار، بحق الميثاق الذي يؤلف بين الناخبين والمنتخبين يدعو سكان مدينة القصر الكبير ربان قطار العدالة والتنمية أن يضع حدا لتهور قطار الموت، ويدخل تعديلا على مساره المرعب داخل المدينة، أو يخصص حراسا لحماية السكان من أخطار الممرات غير المحروسة. في محطة وادي المخازن نحن في انتظارك يا ربان قطار الحياة، نستقبلك بالورد والابتهاج، ولا تدع قطار الموت يتجاوزك، لأن السكان يعترضون سبيله بالدموع والندبة والحجارة.