"الكاف" يدخل على خط احتجاز السلطات الجزائرية لنهضة بركان    طنجة.. ضبط عصابة أثناء تسليم شحنة من المخدرات    الوكيل العام يثبت جريمة الاتجار بالبشر في ملف التازي وينفي التحامل ضده    النشرة الأسبوعية .. إصابات جديدة ب "كوفيد-19"    اوزين حسم الصراع مع لشكر: غانمشيو للتصويت على رئاسة لجنة العدل والتشريع    تعرض الدولي المغربي نايف أكرد للإصابة    ميراوي التزم بحل الإشكالات التي يمكن إثارتها بعد عودة طلبة الطب للدراسة (بيان)    تقرير رسمي: 82 % من الأسر المغربية تدهورت مستوى معيشتها    اليونسكو ضيف شرف الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط    تتمة لمسرحية التصعيد بينهما: إسرائيل تشن هجوماً على إيران.. ولا خسائر تُذكَر    قرار جديد لوزارة الصحة يرفع سعر دواء للسرطان بنحو 973 درهم    مجلس النواب يعقد جلسة لاستكمال هياكله    طوق أمني حول قنصلية إيران في باريس    سيول: راغبون في مشاركة المغرب بالقمة الكورية الإفريقية الأولى    الجزائر تبرر طرد صحافي بمواقف جون أفريك    "إعلان الرباط" يدعو إلى تحسين إدارة تدفقات الهجرة بإفريقيا    حماية المعطيات الشخصية تذكر بشروط تثبيت كاميرات المراقبة في أماكن العمل    موعد الجولة ال27 من البطولة ومؤجل الكأس    وفاة قنصل مغربي في هولندا والسلطات المغربية تسارع اجراءات نقل جثمانه    ارتفاع كبير في أسعار النفط والذهب عقب الهجوم على إيران    بعد النشرة الإنذارية.. تحذيرات لمستعملي الطرق بتوخي الحيطة والحذر    السجن المحلي الجديدة 2 ترد على ادعاءات سجين سابق تقول ب "تجويع السجناء"    إطلاق الرصاص على كلب لإنقاذ قاصر مختطفة    "لارام" و"سافران" تعززان شراكتهما في مجال صيانة محركات الطائرات    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني عن 81 عاما    بورصة الدار البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    سفيرة المغرب بإسبانيا تتحدث عن سبب تأخر فتح الجمارك بباب سبتة    المكتب التنفيذي ل"الكاف" يجدد دعمه لملف ترشيح المغرب وإسبانيا والبرتغال لتنظيم مونديال 2030    بسبب فيتو أمريكي: مجلس الأمن يفشل في إقرار العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة    شنقريحة وتبون ما كيعرفو لا رياضة لا جورة: سعرو ملي شافو خريطة المغرب على صدر بركان وحجزو على تونيات الفريق والكاف كيتفرج    قبل مونديال 2030.. الشركات البرتغالية تتطلع إلى تعزيز حضورها في السوق المغربية    "ميتا" طلقات مساعد الذكاء الاصطناعي المجاني فمنصاتها للتواصل الاجتماعي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    في تقليد إعلامي جميل مدير «الثقافية» يوجه رسالة شكر وعرفان إلى العاملين في القناة    طنجة .. توقيف ثلاثة أشخاص لإرتباطهم بشبكة إجرامية تنشط في المخدرات    صورة تجمع بين "ديزي دروس" وطوطو"..هل هي بداية تعاون فني بينهما    الطريق نحو المؤتمر ال18..الاستقلال يفتح باب الترشح لعضوية اللجنة التنفيذية    منظمة الصحة تعتمد لقاحا فمويا جديدا ضد الكوليرا    السودان..تسجيل 391 حالة وفاة بسبب الاصابة بمرضي الكوليرا وحمى الضنك    باستثناء الزيادة.. نقابي يستبعد توصل رجال ونساء التعليم بمستحقاتهم نهاية أبريل    التراث المغربي بين النص القانوني والواقع    المدير العام لمنظمة "FAO" يشيد بتجربة المغرب في قطاعات الفلاحة والصيد البحري والغابات    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    أخْطر المُسَيَّرات من البشر !    مهرجان خريبكة الدولي يسائل الجمالية في السينما الإفريقية    ورشة في تقنيات الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية بجماعة عرباوة    ضربات تستهدف إيران وإسرائيل تلتزم الصمت    "الكاف" يحسم في موعد كأس إفريقيا 2025 بالمغرب    نصف نهائي "الفوتسال" بشبابيك مغلقة    الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يطالب بفرض عقوبات على الأندية الإسرائيلية    بيضا: أرشيف المغرب يتقدم ببطء شديد .. والتطوير يحتاج إرادة سياسية    "قط مسعور" يثير الرعب بأحد أحياء أيت ملول (فيديو)    الانتقاد يطال "نستله" بسبب إضافة السكر إلى أغذية الأطفال    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (6)    الأمثال العامية بتطوان... (575)    هاشم البسطاوي يعلق على انهيار "ولد الشينوية" خلال أداء العمرة (فيديوهات)    الأمثال العامية بتطوان... (574)    خطيب ايت ملول خطب باسم امير المؤمنين لتنتقد امير المؤمنين بحالو بحال ابو مسلم الخرساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكاية الخرافية بواحة فركلة (نموذج الذئب والقنفد)

الحكاية الخرافية عبارة عن نوع من أنواع القصص الشعبي وهي ذات عناصر محددة،















فهي شديدة القصر في أغلب نماذجها ويتفق معظم دارسيها على أن بناءها بسيط يتكون عادة من قسمين إثنين تعرض في الأول الحادثة المجسدة للمغزى ويركز في الثاني على الموقف الأخلاقي الصريح كما أن أبطالها لا أسماء لهم وهم قلة لا يتجاوزون الثلاثة في الغالب، ويتعلق الأمر بالمعتدي والضحية والوسيط، وغالبا ما يكونون من الحيوان أو النبات أو الجماد وتسقط عليهم الضرورة الخصائص البشرية رغم احتفاظهم بالسيمات الطبيعية الأصلية بل قد يكون البشر من أبطالها أيضا كما أنها تتكئ على الزمان والمكان لكن بشكل مكثف ومضغوط.(مصطفى يعلى : القصص الشعبي بالمغرب دراسة مورفولوجية ص108 )
وترمي الحكاية الخرافية من حيث وظيفتها إلى التربية الأخلاقية والوعظية أساسا وذلك عن طريق تجسيد الحكم والأمثال والمواعظ والأقوال المأثورة وما شابه ذلك مما يتطابق مع التجارب الإنسانية المتوارثة ويكرس القيم المثالية ولا غرو فقد كانت الحكاية الخرافية دائما من أهم أنماط الأدب التعليمي إطلاقا. (مصطفى يعلى : نفس المرجع )
ومما لا شك فيه أن الأدب الشعبي المغربي يزخر بكثير من الحكايات الخرافية خاصة الحيوانية منها والتي يتكلم فيها الحيوان ويصور فيها أخلاق الإنسان عبر سلوكه مع العلم أنها تختلف في التفاصيل ونوعية الشخوص وطبيعة العلاقات والمقصديات وغيرها مما يخضع للحذف والزيادة والاستبدال التشكيلي ...إلخ ومن هنا تعدد الروايات للحكاية الخرافية الواحدة بين الأمم أو داخل الأمة الواحدة. (مصطفى يعلى : نفس المرجع ، ص170 )
وعلى غرار باقي مناطق المغرب لا يخلو الوسط الشعبي بواحة فركلة من حكايات خرافية حيوانية يراد من خلالها التعبير عما يجول بخاطر الإنسان الفركلي بطريقة رمزية جميلة تحمل في طياتها جملة من العبر والمواعظ ومن أشهر الحكايات التي يتداولها الناس في واحة فركلة حكاية الذئب والقنفذ اللذان يلتقيان معا في الحكاية الواحدة ولا يفترقان، فالذئب كما هو متداول شعبيا صاحب مائة حيلة وحيلة أما القنفذ فله نصف حيلة، وقد يتمكن دائما من خلالها على التغلب على الذئب رغم قوته العضلية والفيزيولوحية ومن الحكايات ما يلي:

الحكاية الأولى:
يحكي أن القنفذ والذئب كانا يسيران في الطريق بحثا عن القوت، وبينما هما يتجادلان ويتبدلان أطراف الحديث، أحس القنفذ بأن الأرض التي يمشيان عليها رطبة – وهذا دليل على وجود شرك بها، منصوب من طرف أحد الفلاحين- فتوقف وقال للذئب: أرجوك أن تصفعني بقوة، فقال له الذئب: لماذا؟ قال: لأنني لا أستحي، فأنا أصغر منك ومع ذلك أسبقك في المشي وأتقدمك، فعلي أن أبقى خلفك احتراما لك، وفعلا صفعه الذئب ومشا وبعد بضع خطوات، سقط الذئب في الشرك كما كان متوقعا، حينها بدأ الذئب يتوسل إلى القنفذ كي ينقذه لكن هذا الأخير، سخر منه وتركه ينال جزاءه.
الحكاية الثانية:
في يوم من الأيام تشارك القنفذ والذئب في زراعة قطعة أرضية، وكانت الغلة كثيرة تلك السنة، ولما جمعوا القمح في البيدر، قال الذئب للقنفذ – وغرضه السخرية من القنفذ والاستحواذ على نصيبه- تعال نجري سباقا، والفائز يأخذ المحصول كله. ورغم محاولة القنفذ في إقناع الذئب لاقتسام المحصول، ورده عن قراره، لكن هذا الأخير أبى إلا أن يجري السباق، واتفقا لإجراء السباق في الصباح الباكر. ذهب القنفذ إلى أصدقائه ووزعهم على عدة أماكن انطلاقا من مكان السباق إلى نهايته أمام المحصول. أما الذئب الغبي فقد كان فرحا نشطا، وبدأ السباق، وكلما وجد الذئب القنفذ في مكان يقول له: ألا زلت هنا؟ ويضحك. وهكذا... وحينما وصل إلى المكان المحدد، وجد القنفذ هناك يملأ الأكياس بالقمح، أما هو فقد خرج من المسابقة خاوي الوفاض، حينها قال له القنفذ المثل الذي لا زال متداولا لحد الساعة «الحيلة أحسن من العار».
الحكاية الثالثة:
في يوم من الأيام، وبينما القنفذ والذئب يسيران في الطريق، عثرا على «متمورة»- مكان لتخزين الحبوب- مفتوحة، فقررا سرقة الحبوب، واقترح الذئب أن ينزل القنفذ بحجة أنه صغير ويمكن سحبه بسرعة، فوافقه القنفذ على اقتراحه، وفعلا اكتالا ما يكفيهما لمدة طويلة، وحينما طلب القنفذ من الذئب أن يسحبه إلى الخارج، ضحك الذئب وأخبره بأنه سيتركه هناك، فقال له القنفذ حسنا افعل ما شئت، لكن عندي طلب أخير، وهو أن تسحب هذا الدلو وتعطي ما به من حبوب لأبنائي. فحن قلب الذئب ووافق على طلبه. فسحب الدلو المملوء بالحبوب وأفرغه في كيس جديد، وحمل جميع الأكياس على ظهره. وحينما مر ببيت القنفذ وجد أبناءه يلعبون في الساحة، فبكى الذئب وقال لهم: إن هذا الكيس من الحبوب قد بعث به لكم والدكم، أما هو فرحمة الله عليه. حينها خرج القنفذ من الكيس ضاحكا وقال للذئب: كفاك مزاحا يا صديقي، لا تجعل أبنائي يقلقون بشأني فأنا مازلت حيا أرزق.
الحكاية الرابعة:
كان القنفذ والذئب يسيران في الطريق، فوجدا قطعة من اللحم على الناصية، فقال الذئب: الأكبر سنا يأكلها. فرد القنفذ قائلا: نعم، لذا أعطني دليلا يؤكد لي أنك أكبر مني سنا. فقال الذئب: لقد فتحت عيني على الحياة حينما كانوا يحفرون البحر، حينها بدأ القنفذ بالبكاء والنحيب. فقال له الذئب كفاك بكاء إن قطعة اللحم من نصيبي. فقال له القنفذ: أنا أبكي لأنك ذكرتني بولدي الحسن والحسين، اللذين ماتا أثناء حفر البحر. وهكذا تغلب ذكاء القنفذ مرة أخرى على مكر الذئب وخبثه.
الحكاية الخامسة:
في يوم من الأيام ذهب القنفذ والذئب إلى بستان من العنب، وكي لا يراهما الفلاح، دخلا من فتحة ضيقة، وبينما هما يأكلان العنب، كان القنفذ حذرا، وكان يلجأ بين الفينة والأخرى إلى قياس جسمه مع الفتحة حتى لا يتورط أثناء الخروج، أما الذئب فقد انبهر لكثرة العنب ولذته، ودفعه شرهه إلى التهام كل ما وجده بطريقه دون التفكير في عاقبة الأمر، وحينما أحسا بقدوم الفلاح نحوهما خرج القنفذ مسرعا، لكن الذئب لم يستطع الخروج، فظل يستعطف القنفذ ويستجديه، إلى أن نصحه بافتعال الموت، وحينما وصل الفلاح، وجد الذئب مستلقيا على ظهره ببطن منتفخة، والذباب يحوم حوله، فاعتقده ميتا، فرمى به خارجا وهو يسب ويشتم. حينها نطق القنفذ بحكمة قائلا: «الكرش غرارة ورباطها عقل».
الحكاية السادسة:
كان القنفذ والذئب يسيران في صحراء قاحلة، فأصيب بعطش فضيع، وبينما هما على هذه الحال وجدا بئرا في طريقهما، فقال الذئب للقنفذ: انزل أنت وأحضر لنا الماء، وسأسحبك. فنزل القنفذ فروى عطشه، وملأ الدلو للذئب، وحينما فرغ الذئب من الشرب أراد أن يترك القنفذ عالقا في البئر، وحينما هب بالذهاب سمع القنفذ يضحك فقال له الذئب ما بك؟ رد عليه القنفذ: لقد وجدت بالبئر خروفا وأنا فرح الآن أتمتع بأكله، لذا استعمل الدول وتعال لتتمتع بالأكل والشرب، رحب الذئب بذلك واستعمل الدلو للنزول، وفي وسط الطريق التقى مع القنفذ صاعدا لأنه أخف وزنا من الذئب، فسأله هذا الأخير: إلى أين أنت ذاهب فرد القنفذ بحكمه المعتادة: «هذه هي الدنيا شي طالع شي هابط»، فبقي هذا المثل متداولا لحد الآن.
انطلاقا من هذه الحكايات التي تعتبر نقطة من بحر الحكايات الخرافية التي بزخر بها تراث منطقتنا العريق يتبين لنا على أن الحكاية الخرافية الحيوانية تلعب دورا تعليميا مهما من خلال الأمثال والحكم المستنبطة منها، وللإشارة فقد عرف الإنسان استخدام الحيوانات كرموز أدبية في وقت مبكر يعود إلى عصور ما قبل التاريخ ويقصد بهذه الأعمال التي تستتر وراء رموز الحيوانات الحقيقية أو المتخيلة أن تكون رموزا للأخلاق والمثل الدينية وقد شكلت هذه الأعمال وثائق مهمة لدراسة عقلية وأخلاق القرون الوسطى وقدمت نموذجا للأساليب الأدبية التي تعتمد على الاستعارات الرمزية. (وائل بركات: الحيوانات الرامزة الموسوعة العربية www.arab-ency.com).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.