قال المصطفى بنعلي، الأمين العام لحزب جبهة القوى الديمقراطية، إن أزمة الفلاحة بإقليم بركان "ليست أزمة جفاف أو تقلبات سوق، بل أزمة نموذج فلاحي استنفد إمكاناته"، معتبرا أن هذا النموذج فشل في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والتوازن البيئي. جاءت تصريحات بنعلي خلال إشرافه، مساء أمس الأحد، على فعاليات الأبواب المفتوحة للحزب بجماعة لعثامنة بإقليم بركان، المتزامنة مع تدشين مقر جديد للحزب، في إطار حملة "انبثاق للانخراط وتجديد الانخراط"، تحت شعار "مغرب واحد للجميع". وأوضح الأمين العام أن الفلاحة بالمنطقة تأسست على منطق التصدير والضيعات الكبرى، مقابل "تهميش الفلاح الصغير والمتوسط، وتوسيع الزراعات شديدة الاستهلاك للماء داخل حوض يعاني هشاشة مائية بنيوية"، ما أفرز وضعا متناقضا يجمع، حسب تعبيره، بين "إنتاج وفير في بعض السلاسل، وفقر فلاحي، وندرة مائية، وهشاشة اجتماعية متفاقمة". ودعا بنعلي إلى تحول استراتيجي يقوم على الانتقال من فلاحة الكم إلى فلاحة القيمة، ومن منطق الريع إلى منطق الإنصاف والاستدامة، عبر إعادة توجيه السياسات العمومية نحو دعم فعلي للفلاحين الصغار والمتوسطين، ومراجعة الخريطة الزراعية بما يراعي القدرات المائية الحقيقية، وربط الفلاحة بالصناعة الغذائية المحلية، مع إدماج البعد البيئي والتغير المناخي في صلب التخطيط. وفي محور مرتبط، أكد بنعلي أن الهجرة شكلت تاريخيا أحد مخارج التهميش وضعف فرص الشغل، وأن تحويلات واستثمارات أبناء الجهة بالخارج أسهمت في الحفاظ على توازنات اجتماعية عجزت السياسات العمومية عن تثبيتها، مشددا على أن مغاربة العالم من أبناء المنطقة "ليسوا رافدا ماليا موسميا ولا ملفا ظرفيا، بل مكون بنيوي من النسيج الاجتماعي والاقتصادي". وانتقد الأمين العام استمرار التعامل مع مغاربة العالم بمنطق إداري تجزيئي، داعيا إلى سياسة إدماج دائمة تثمن الكفاءات، وتيسر الاستثمار، وتشرك الجالية في بلورة الخيارات التنموية الترابية. على المستوى الوطني، اعتبر بنعلي أن التوتر الذي تعيشه فئات المحامين والصحافيين والمثقفين "لا يمكن اختزاله في أزمات فئوية"، بل يعكس اختلالات تعيق مسار الإصلاح والتحديث، مؤكدا أن أي إصلاح يهمش حرية الدفاع وحرية التعبير ودور الفكر النقدي يظل إصلاحا ناقصا وعاجزا عن بناء تعاقد ديمقراطي حقيقي. وشدد الأمين العام على أن شعار "مغرب واحد للجميع"، الذي يرفعه الحزب في هذه الحملة التنظيمية، يختزل رؤيته لمغرب توزع فيه ثمار التنمية بشكل عادل، وتصان فيه الحريات، وتُعزَّز المشاركة السياسية، ويشعر فيه المواطن، داخل الوطن وخارجه، بأنه معني بالمشروع الوطني نفسه. كما دعا إلى التسجيل في اللوائح الانتخابية باعتباره مدخلا أساسيا للمشاركة الديمقراطية واستعادة الثقة في المؤسسات، مؤكدا في الآن ذاته أن عملية الانخراط الحزبي تتم وفق مساطر قانونية ورقمية تضمن الشفافية وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. وتطرقت كلمات أخرى ألقيت ضمن فعاليات الأبواب المفتوحة بلعثامنة إلى التزام حزب جبهة القوى الديمقراطية بمواصلة العمل الميداني والتأطير السياسي، والدفاع عن مغرب العدالة والكرامة، والعمل عن قرب مع المواطنين من أجل تجاوز واقع "مغرب السرعتين".